عاجل | أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر.. أرقام قياسية يحققها المعدن الأصفر    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر 2025    بعد ليلة دامية، القوات السورية والفصائل الكردية تتوصل إلى اتفاق في حلب    مشيرة إسماعيل: عشت أجواء حرب أكتوبر وسط الجنود على الجبهة وحضرت كل المعارك من تاني يوم (فيديو)    ماجد الكدواني: شخصيتي في «فيها إيه يعني» تشبهني.. إنسان عاوز يرضي الكل    هل يمكن ل غادة عادل الدخول في قصة حب جديدة؟.. الفنانة ترد    استطلاعات رأي: غالبية الفرنسيين يؤيدون استقالة ماكرون من منصبه    بعثة منتخب مصر تصل إلى المغرب لمواجهة جيبوتي في تصفيات كأس العالم (صور)    «بعد 3 ماتشات في الدوري».. إبراهيم سعيد: الغرور أصاب الزمالك واحتفلوا بالدوري مبكرا    أبو ريدة يصل المغرب ويستقبل بعثة منتخب مصر استعدادًا لمواجهة جيبوتي    بلاغ كاذب.. حقيقة احتجاز طفل داخل ماسورة غاز بناهيا | صور    تحميل التقييمات الأسبوعية 2025-2026 لجميع المراحل الدراسية (PDF).. رابط مباشر    بعد تغيير أسعار الفائدة.. أعلى عائد على شهادات الادخار المتاحة حاليًا بالبنوك (تفاصيل)    وزيرة التخطيط: هدفنا تحسين جودة حياة المواطن.. وسقف الاستثمارات الحكومية رفع مساهمة القطاع الخاص ل57%    نائب رئيس حزب المؤتمر: الشراكة المصرية السعودية ركيزة استقرار الشرق الأوسط    «وهم».. عرض جديد يضيء خشبة المعهد العالي للفنون المسرحية ضمن مهرجان نقابة المهن التمثيلية    جريمة في قلب التاريخ.. سرقة لوحة أثرية من سقارة بطريقة غامضة    ترامب يُعلن عن مفاوضات مع الديمقراطيين لإنهاء الإغلاق الحكومي في البلاد    قرار جديد بشأن البلوجر دونا محمد بتهمة نشر فيديوهات خادشة    تحرك أمني عاجل بعد بلاغ وجود أطفال داخل ماسورة غاز في الجيزة (صور)    توتر متجدد بين موسكو وواشنطن بعد تصريحات ترامب حول تسليح أوكرانيا    النيابة الإدارية تُهنئ الرئيس السيسي بذكرى انتصارات أكتوبر    منسيات 6 أكتوبر .. الاحتفاء بالفريق "الشاذلي" يُنسب إلى "مرسي" و"المزرعة الصينية" تفتقد القائد "عبد رب النبي حافظ"    التموين: صادرات السكر البني إلى دول الكوميسا بلغت 40 ألف طن العام الماضي    البيت الأبيض يرفض تأكيد أو نفي إرسال قوات أمريكية إلى فنزويلا    أيمن عاشور: خالد العناني أول عربي يفوز بمنصب المدير العام لليونسكو بتصويت غير مسبوق منذ 80 عاماً    «أكتوبر صوت النصر».. الجيزة تحتفل بذكرى الانتصار ال52 بروح وطنية في مراكز الشباب    الأهلي يكافئ الشحات بعقده الجديد    اشتغالة تطوير الإعلام!    تسليم التابلت لطلاب أولى ثانوي 2025-2026.. تعرف على رسوم التأمين وخطوات الاستلام    محافظ الفيوم يشهد احتفالية الذكرى ال52 لانتصارات أكتوبر المجيدة    حزب "المصريين": كلمة السيسي في ذكرى نصر أكتوبر اتسمت بقوة التأثير وعمق الرسالة    «عيدك في الجنة يا نور عيني».. الناجية من«جريمة نبروه» تحيي ذكرى ميلاد ابنة زوجها برسالة مؤثرة    هدد خطيبته بنشر صورها على الواتساب.. السجن عامين مع الغرامة لشاب في قنا    بالصور.. إزالة 500 حالة إشغال بشارعي اللبيني والمريوطية فيصل    شواطئ مطروح ليلة اكتمال القمر وطقس معتدل    أسعار الحديد في أسيوط اليوم الثلاثاء 7102025    وثائقي أمريكي يكشف أسرار حرب أكتوبر: تفاصيل نجاح استراتيجية السادات في خداع إسرائيل وانهيار أسطورة «الجيش الذي لا يُقهر»    روسيا: إسقاط 8 مسيّرات وصواريخ أوكرانية في هجمات ليلية    عيار 21 الآن يسجل رقمًا قياسيًا جديدًا.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 7-10-2025 في الصاغة    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر 2025    تعرف على موعد بدء تدريبات المعلمين الجدد ضمن مسابقة 30 الف معلم بقنا    بعض الأخبار سيئة.. حظ برج الدلو اليوم 7 أكتوبر    إنعام محمد على: مسلسل «أم كلثوم» كان معركة مع الشكوك والهجوم.. وصابرين انتصرت في أصعب اختبار    نائب وزير الصحة يحيل الطاقم الإداري بمستشفى كفر الشيخ للتحقيق    «هيفضل طازة ومش هيسود طول السنة».. أفضل طريقة لتخزين الرمان    ميثاق حقوق طفل السكر.. وعن سلامة صحة الأطفال    بمكونات في المنزل.. خطوات فعالة لتنظيف شباك المطبخ    ميدو: صلاح يتعرض لحملة شرسة لتشويه صورته    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يخوض مرانه الأول بالمغرب    الصباحي يوضح قانونية تغيير مسدد ركلة الجزاء بعد قرار الإعادة    مواقيت الصلاه غدا الثلاثاء 7 اكتوبر 2025فى المنيا.....تعرف عليها بدقه    للمرأة الحامل، أطعمة مهدئة للمعدة تناوليها بعد التقيؤ    هل الزواج العُرفي يكون شرعيًا حال اكتمال جميع الشروط؟.. نقيب المأذونين يوضح    أمين الفتوى: وحدة الصف والوعي بقيمة الوطن هما سر النصر في أكتوبر المجيد    هاني تمام: حب الوطن من الإيمان وحسن التخطيط والثقة بالله سر النصر في أكتوبر    هل يحق للزوج الحصول على أموال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    حوار| من الطائرة الانتحارية إلى صيحات النصر.. بطل الصاعقة يكشف كواليس حرب الاستنزاف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاعتبار.. والمعتبرون
نشر في الفجر يوم 01 - 02 - 2016

روى ابن حبان في صحيحه وابن مردويه وابن المنذر أن عائشة سئلت عن أعجب ما رأت من النبي صلى الله عليه وسلام فساقت حديثا جاء في آخره: ... فجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فلما رآه يبكي قال: يا رسول الله لم تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم وما تأخر؟ قال:[أفلا أكون عبدا شكورا؟ لقد نزلت علي الليلة آية ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها {إن في خلق السموات والأرض} الآية كلها".
التفكر من أعظم العبادات؛ كما قال عمر بن عبد العزيز: "التفكر في نعم الله عز وجل من أعظم العبادة".
وقال عامر بن عبد قيس: سمعت غير واحد ولا أثنين ولا ثلاثة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يقول: "إن ضياء الإيمان أو نور الإيمان التفكر".
قال الحسن: تفكر ساعة خير من قيام ليلة.
وذلك أن التفكر طريق الاعتبار.. وقد امتدح الله المعتبرين فقال بعد أن ذكر نهاية قوم لوط: {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ. إن في ذلك لآيات للمتوسمين}(الحجر:74، 75 ).. والمتوسمون: هم المعتبرون الذين يأخذون العبرة وينتفعون بها.
فما هي العبرة؟ وما أنواعها؟ وما هو موقف المؤمن منها؟
العبرة لغة: الدرس والعظة
واصطلاحا: أحداث ووقائع تجري بأمر الله، وهي شاهد على صدق سنن الله التي بنى عليها الكون وسيره بها. وهي من أعظم مقاصد قصص القرآن الكريم: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ۚ وَجَاءَكَ فِي هَٰذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ}(هود:120)
وينبغي أن تعلم أنه لا ينتفع بالعبرة إلا العقلاء: أصحاب النظر الكريم، والرأي السديد، والعقل الرشيد. من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، ومن كان في قلبه خشية من العزيز الحميد {إن في ذلك لعبرة لمن يخشى}، {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب}، {فاعتبروا يا أولي الأبصار}.
وصنفان من الناس لا ينتفعون بالعبرة أبدا: المتكبرون والمعطلون.
فالمتكبر: يرى الكل حقيرا إذا قاسه بنفسه، فهو أعلى من أن يعتبر بحدث أو يهزه موقف.. وهؤلاء محرومون من الفهم، مصروفون عن الحق مخذولون عن التوفيق: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا}(الأعراف:146).
ثم المعطلون لأسماعهم وأبصارهم وعقولهم، فهم كالحيوان لا يعتبر بالحدث الذي يجري أمامه.. يرى الخطر بعينه والناس هلكى ثم يعود بعد ذلك فيفعل الفعل نفسه.. وهؤلاء هم المرشحون لنار جهنم {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}(الأعراف:179).
أنواع العبرة:
أولها: العبرة في بيان قدرة الحق سبحانه
وأعظم ما يكون ذلك بالنظر في مصنوعات الله والتفكر في مخلوقاته.. فالصنعة تدل على الصانع، ودقة الخلق تدل على عظمة الخالق.. ورب العزة سبحانه يدعونا لنتأمل في خلقنا، وفي خلق السموات والأرض، وخلق النبات، والبحار، والحيوان. قال تعالى: {وفي أنفسكم أفلا تبصرون}، {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب}، {انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه}، {وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين} (النحل:66).
يقول بعض العلماء: "إن الغذاء إذا طبخ في المعدة انصرف كل شيء إلى سبيله، فينصرف الدم إلى العروق واللبن إلى الضرع، والبول إلى المثانة، والروث إلى الأمعاء ثم المخرج، فلا يمتزج شيء منها بغيره، بل ولا يأخذ واحد منها من الآخر رائحة أو تشوبه منه شائبة؛ فتبارك الله أحسن الخالقين".
ثانيا: الاعتبار بهلاك الظلمة والطغاة
اعلم أن للكرسي شهوة هي أشد من شهوة المال والنساء والولد، والحاكم إن لم يكن عنده من الدين ما يحفظ له توازنه وعقله أصيب بجنون العظمة حتى يرى نفسه فوق مستوى البشر، فربما قال {أنا ربكم الأعلى} كما قال فرعون، أو كما قال النمرود { أنا أحيي وأميت}.
أو يظن أن عقله يتسع لأن يشرع للبشرية منهجا أحسن من منهج الله أو يساويه أو يدانيه، أو يستورد لهم من قوانين الخلق ما يظنه فوق شريعة الرب، وهذا أعظم الظلم وأبينه كما قال عز وجل: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ}(الأنعام:93).
فتأمل في عاقبتهم واعتبر: أما فرعون فأغرقه الله في اليم {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ}(الذاريات:40)، وجعل من جثته وجيفته آية وعظة وعبرة لكل الطغاة بعده {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً}(يونس:92).. فما أعظمها من عبرة ولكن أين من يعتبر؟ {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ}(يونس:92).
وأما النمرود فكما يقول ابن كثير: سلط الله عليه بعوضة دخلت في أنفه وصعدت إلى دماغه؛ فكان لا يستريح حتى يضرب رأسه في الحيطان أو يضربه خدمه ومن حوله بالنعال.
وكم من طاغية أحاط نفسه بمن يظن أنهم يحمونه، وسور على نفسه بألف سور لتحفظه من أهل الأرض، {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ}(النحل:26).
ثالثا: الاعتبار بزوال الأمم
فمن سنن الله في كونه أن أحوال الناس معلقة بإيمانهم فإذا غيروا غير الله عليهم.. فإن هم آمنوا بالله أنزل لهم المطر، وأنبت لهم الزرع، وأحفل لهم الضرع، أطعمهم من جوع، وآمنهم من خوف، فإذا غيروا وعصوا وظلموا وكفروا نعمته؛ أهلكهم بذنوبهم وظلمهم.. فأمسك عنهم القطر، وأبدلهم بعد الأمن خوفا، وبدل الرزق جوعا، وبدل النعمة نقمة {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}(النحل:112).
لَمَّا فُتِحَتْ قُبْرُصُ فُرِّقَ بَيْنَ أَهْلِهَا فَبَكَى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، قال جبير بن نفير: رَأَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ جَالِسًا وَحْدَهُ يَبْكِي، فَقُلْتُ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ، مَا يُبْكِيكَ فِي يَوْمٍ أَعَزَّ اللَّهُ فِيهِ الإِسْلامَ وَأَهْلَهُ؟ قَال: "وَيْحَكَ يَا جُبَيْرُ، مَا أَهْوَنَ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ إِذَا هُمْ تَرَكُوا أَمْرَهُ، بَيْنَا هِيَ أُمَّةٌ قَاهِرَةٌ ظَاهِرَةٌ لَهُمُ الْمُلْكُ تَرَكُوا أَمْرَ اللَّهِ فَصَارُوا إِلَى مَا تَرَى".
رابعا: العبرة بمن استطال على الناس بجاهه وماله:
بعض الذين فاجأتهم النعمة نظروا إلى البشر نظرة ازدراء واحتقار، وظنوا أنهم فوق بقية الناس اعتزازا بأموالهم أو بجنسياتهم أو قومياتهم أو إقليمياتهم.. وهؤلاء ضرب الله لهم مثلا بقارون {كان من قوم موسى فبغى عليهم وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ . وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ . قال إنما أوتيته على علم عندي}(القصص:76، 78) فنسب النعمة لنفسه ولم ينسبها لرب العزة سبحانه..
فكيف كانت العاقبة؟ {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ}(القصص:81).
خامسا: العبرة بعاقبة أكل الحرام:
فأكل الحرام مفسدة، وهو مهلكة في الآخرة فكل جسم نبت من سحت فالنار أولى به، وقل أن يدخل الحرام على الحلال إلا ويفسده ويمحقه.
ذكروا أن إخوة كانت لهم بقرة يخلطون لبنها بالماء ويبيعونه للناس، واستمروا على هذا الحال زمنا.. ثم أرسل الله سيلا فحمل البقرة فغرقت فماتت، فقال لهم العقلاء: ما بعتموه للناس أقساطا جمعه الله لكم فأغرق لكم به البقرة.
الدافع إلى الحرام ربما يكون البحث عن تأمين المستقبل للأبناء ليوفر لهم الأب المستقبل المشرق المضيء، ورب العزة سبحانه يخبرنا أن خير ضمانة لحفظ الأبناء أنما هي التقوى.. من خاف على عقبه وعقب عقبه فليتق الله {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}(النساء:9).
سادسا: ومن العبرة أن العاقبة لمن اتقى وصبر
فهذا يوسف عليه السلام حسده أخوته وهموا بقتله {اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم}، ويرمونه في الجب، وتمضي الأيام ويمكن الله له في الأرض، بل ويأتيه أخوته أذلة صاغرين، {قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ ۖ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَٰذَا أَخِي ۖ قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا ۖ إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ](يوسف:90).
موقف المؤمن من العبرة.
أما موقف المؤمن من هذه الآيات والشواهد والعبر:
أولا: أن يعلم أن المتصرف الحقيقي في الكون هو الله:
يظهر هذا من قصة موسى وفرعون ففيها تحد للفلسفة العقلية فتأمل معي: لقد أُعلِم فرعون أن هلاكه سيكون على يد مولود من بني إسرائيل، فأمر بأن يقتل كل مولود ذكر، فشاء الله أن يولد وأراد فرعون ألا يولد.. فولد. وأراد الله أن يعيش وأراد فرعون ألا يعيش. فكان ما أراد الله بل ويعيش في بيت فرعون وكنفه ويربيه بيده. ثم خرج موسى طريدا شريدا فآواه الله وأمنه وزوجه، وعاد إلى فرعون نبيا داعيا وهو مطلوب الدم يدخل على أعظم ملوك الأرض ويخرج بعد ذلك منتصرا.
خرج مع قومه بني إسرائيل حتى بلغو البحر وأدركه فرعون وجنوده، كل قوانين الأرض تحكم أنه هالك لا محالة، وخار قومه وتيقنوا الهلكة وقالوا: {إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين} فكانت النجاة لموسى ومن معه، وكانت الهلكة لفرعون ومن معه. إن في ذلك لآيات لأولي النهى.
ثانيا: أن تزن الأمور بحقائقها لا بمجرد ظواهرها:
المسلمون في حنين كانوا كثرة وقالوا: "لن نهزم اليوم من قلة"؛ فهزموا شر هزيمة. وفي بدر كانوا قلة ونصرهم الله وهم أذلة!!
فليست الأمور توزن بالقلة والكثرة الظاهرة، بل قلة معها الله منصورة لا محالة، وكثرة معها الشيطان مقهورة لا محالة {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (الطلاق:3)، {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ}(البقرة:249).
أخيرا: لا تحزن لفرحة ظالم أو لغلبة باطل:
لأنها فرحة زائلة وغلبة مؤقتة؛ فإذا كان للباطل جولة فإن للحق جولات، ودولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة، والحق أبلج والباطل لجلج.. وقد ذيل الله كثيرا من الآيات بقوله عن الكفار: {حبطت أعمالهم}.
وأصل الحبط والحبوط: أن تأكل الدابة شيئا فتنتفخ وربما تموت، فيظن من رآها من قصار النظر أن انتفاخها دليل عافيتها وقوتها، ولكنها في الحقيقة تحمل سبب هلاكها في نفسها، وكذلك الباطل يظن من رأى غلبته أنه باق لا يزول، وربما ظن البعض أن الواقع لا يتغير وأن الغلبة لأعداء الله، ولكن يأبى الله إلا أن ينصر دينه وأهله وحزبه {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ}(الأنبياء:18).
اللهم إنا نسألك أن تنصر الإسلام وتعز المسلمين، وأن تعلي كلمة الحق والدين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.