بعد الاتفاق النووي ورفع العقوبات الاقتصادية الدولية، طوت طهران صفحة هامة من صفحات الخلافات الخارجية، لتفتح صفحة أخرى، أشد خطورة وحساسية، الانتخابات البرلمانية المقررة ل26 فبراير التي يبدو أنها تتجه إلى تفجير الوضع الداخلي المتأزم أصلاً، بعد إقصاء 99% من المرشحين «الإصلاحيين» ومنعهم من التقدم لهذه الانتخابات، ما يعني إحكام الطوق أكثر على زعيم التيار «الإصلاحي» الحالي، الرئيس حسن روحاني، وإطلاق يد المعسكر المتشدد في الحياة العامة والسياسية، مع ما يعني ذلك من مشاكل جديدة في الداخل والخارج. وأثار قرار المجلس الذي يتألف من 12 ممثلاً ينتمون للتيار المتشدد في إيران، امتعاضاً كبيراً بين المرشحين والممثلين للتيار الإصلاحي والتحرري في إيران، ووضع روحاني الذي كان يأمل في فوز معسكره في انتخابات البرلمان المقبلة، في ورطة حقيقية، بعد أيام قليلة من دخول الاتفاق النووي مع القوى الكبرى حيز التنفيذ، ورفع العقوبات الاقتصادية والتجارية والمالية ضد طهران. وفق «24» تضاؤل حظوظ ولكن روحاني يجد حظوظ معسكره في الفوز، شبه معدومة بعد منع هذا العدد الضخم من الترشح للمنافسة على مقاعد البرلمان المائتين والتسعين، ولكنه أيضاً يجد نفسه في موقع لا يُحسد عليه، وهو الذي كان يعتقد أن رفع العقوبات الاقتصادية ضد بلاده، سيمنحه هوامش أوسع من المناورة، ولكن التيار المتشدد لم يقل بعد كلمته الأخيرة، خاصة عندما يتعلق الأمر بمحاولة إقصائه عن صناعة القرار في البلاد، حتى 2021، تاريخ الانتخابات البرلمانية القادمة، وخاصةً فتح المجال أمام تنفيذ بعض الإصلاحات السياسية والاجتماعية تنفيذاً لوعود روحاني الانتخابية قبل وصوله إلى الرئاسة، مستفيداً من المناخ الجديد الذي تعيشه إيران بعد الاتفاق النووي. مجالس سلطة ولكن وبعد رفض هذا العدد الضخم من المترشحين، حسب الصحيفة فإن حظوظ روحاني في الفوز منفرداً أو بالتحالف مع بعض الوجوه المنفتحة داخل المعسكر المتشدد في طهران، خاصة في مدينة العاصمة نفسها التي تشكل 30 نائباً في البرلمان، قد تضاءلت، ما يعني أنه لن ينجح في إدخال إصلاحات تشريعية على عمل البرلمان نفسه، ومن وراء البرلمان، إدخال تعديلات على مجلس الخبراء، جهاز السلطة الحقيقي في إيران، الذي يختار في صورة شغور منصب المرشد الأعلى، الزعيم والقائد الحقيقي لإيران، وبالنظر إلى الوضع الصحي للمرشد الحالي علي خامنئي، فإن طموحات روحاني الإصلاحي، معرضة للانتكاس سريعاً، بما سيعصف بمستقبله السياسي أيضاً إذا فشل في الحد من هيمنة التيار المتشدد في البرلمان القادم. وبفشله في إصلاح المجالس الكثيرة التي تتحكم في القرار والسياسة الإيرانية، مثل مجلس تشخيص مصلحة النظام، ومجلس الخبراء، ومجلس الأوصياء، التي تشكل المفاصل الحقيقية للسلطة والخاضعة للمرشد الأعلى، أو المتحالفة معه، لن ينجح روحاني، في تحقيق أي تقدم في الحياة السياسية الداخلية فضلاً عن الحياة الاقتصادية بعد رفع العقوبات في ظل الوعود التي قدمها قبل وصوله إلى الرئاسة والشعارات التي رفعها بعد الاتفاق النووي، ما يُهدد بظهور مشاكل جديدة واضطرابات سياسية مماثلة لما حصل في 2009 بعد الانتخابات البرلمانية، أيضاً والهجمة التي طالت التيار الإصلاحي يومها.