على مدار الأشهر الثلاث الماضية تسببت تصريحات "هشام جنينة" المتعلقة بالفساد في إثارة الكثير من الجدل إلى أن أوقفت لجنة تقصى الحقائق التي شكلها رئيس الجمهورية ذلك الجدل بنشر تقريرها اليوم بإدانة جنينة واتهامه بالتضليل. "الفجر" قامت برصد قصة "هشام جنينة" وتصريحاته حول الفساد من البداية حتى اليوم الذي انتهى بقرار لجنة تقصي الحقائق بإدانته. - البداية ب"تصريح جنينة" المثير للجدل بدأت القصة بتوالي تصريحات "هشام جنينة" في الفترة الأخيرة عن وجود إهدار مال وفساد بالدولة خلال عام 2015 يصل إلى 600 مليار جنية...وقال "جنينة" في إحدى تصريحاته: "إنه من الصعب حصر حجم تكلفة الفساد داخل المؤسسات المصرية، ولكننا ومن خلال التقارير الرقابية التي يشرف عليها أعضاء الجهاز، يمكننا أن نقول إن تلك التكلفة تجاوزت خلال عام 2015، 600 مليار جنيه، وأن أعضاء المركزي للمحاسبات يتبادلون التقارير الرقابية مع المسؤولين في الجهات الرقابية". - اتهامات تلاحق " جنينة" مع المطالبة بالتحقيق معه وما إن خرج "جنينة" بتصريحه المثير للجدل حتى توالت التعليقات عن حقيقة تلك التصريحات وحقيقة خروجها في ذلك التوقيت...فازدادت التساؤلات حول الكثيرين وأبرزهم الإعلاميين، ومن بين الذين قاموا بتوجيه الاتهامات للمستشار جنينة جاء المحامي "سمير صبري" الذي تقدم ببلاغ ضد هشام جنينة لارتكابه جريمة إذاعة أخبار كاذبة من شأنها الإضرار بالاقتصاد القومي المصري وتقديمه للمحاكمة العاجلة. فيما قام بعض الإعلاميين بطرح العديد من التساؤلات التي كانت أبرزها.. "هل في مصر أموال بهذا الحجم حتى تتم سرقتها وتبديدها بهذا الشكل؟ وأي قطاعات الدولة يوجد بها 600 مليار جنيه؟ ومن هؤلاء الذين سرقوا وأفسدوا بهذا الشكل خلال عام واحد وهو 2015؟". - رد "جنينة" على الاتهامات التي تلاحقه وكان المستشار "هشام جنينة" يكتفي في كل مناسبة يثار حوله فيها أو حول عمله جدل، إما بتحريك دعوى قضائية ضد منتقديه، وإما بفيض آخر من الاتهامات التي يكيلها لمؤسسات الدولة بالفساد، الذى يحرص على أن يشيعها ويذيعها من خلال مؤتمرات صحفية صاخبة قبلما يتم التأكد من تلك الاتهامات أو إحالتها للنيابة العمومية أو المحاكم. - التدخل الرئاسي لحل الأزمة وبعد الجدل الذي أثير حول تصريحات "جنينة" تدخل الرئيس "عبد الفتاح السيسي" لحل الأزمة، حيث أنه قام بتكليف لجنة تقصى حقائق تضم عدداً من المسئولين بوزارات العدل والتخطيط والمالية والداخلية وبرئاسة رئيس هيئة الرقابة الإدارية وعضوية السيد نائب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، وذلك للوقوف على حقيقة ما نشرته وسائل الإعلام في 24/12/2015 من تصريحات منسوبة للسيد رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، عن اكتشافه وقائع فساد خلال عام 2015 تجاوزت قيمتها 600 مليار جنيه. - تقرير اللجنة وكشف حقيقة الفساد وقد مارست اللجنة عملها على مدار 14 يوماً لكشف حقيقة تلك التصريحات، وانتهت من تقريرها منذ ساعات و التي أكدت فيه الآتي:- أولاً: التضليل والتضخيم حجم وقيمة ما سمى بالفساد، وذلك بتكوين وتجميع بعض الأرقام أكثر من مرة وتحت مسميات عدة في أكثر من موضع وامتداداً لأسلوب التضليل والتضخيم تم احتساب مبلغ 174 مليار جنيه تمثل تعديات بمدينة السادات كأموال مهدرة على الدولة، على الرغم من إثبات إزالة أجهزة الدولة لتلك التعديات بالكامل عام 2015. ثانياً: فقدان المصداقية حينما يتم ترتيب وتجميع مفتعل لوقائع حدثت منذ عشرات السنوات وإثبات إستمرارها دون تصويب كذريعة لإدراجها المغرض ضمن عام 2015، وكمثال صارح على ذلك تضمين واقعة التعدي على أراضي الأوقاف منذ عشرينيات القرن الماضي ومخالفات مبان بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة منذ عام 1979.فضلاً عن عدم تعرض الدراسة غير المدققه لأية وقائع تخص الفترة الزمنية للعام الحالى، خاصة وإنه قد تبين عدم الإنتهاء حتى تاريخه من إعداد التقارير السنوية المجمعة عن العام المالى 2013/2014 وكذا عام 2014/2015 ثالثاً: الإغفال المتعمد فيما تم إتخاذه من قرارات حيال ملاحظات سبق إثباتها فى تقارير الأعوام الماضية وتم الرد عليها وإحالة بعضها لجهات التحقيق عند المقتضى، سواء النيابة العامة أو النيابة الإدارية، وتم إتخاذ إجراءات حاسمة إما بالحفظ أو الإحالة للمحاكمات، وصدر أحكام فى بعضها بالبراءة أو الإدانة والأمثلة أيضاً عديدة. رابعاً: إساءة توظيف الأرقام والسياسات مما يظهر الإيجابيات بشكل سلبى ومنها على سبيل المثال: 1- اعتبار تأخر سداد مديونيات الشركاء الأجانب بقطاع البترول وجدولتها فساداً يتمثل فص قيمة فواتير الجدولة نظراً لغياب أو تغييب الحس الاقتصادي لأوضاع البلاد الاقتصادية، وما تعرضت له هذه الشركات من خسائر نتيجة الأحداث السياسية ودعاوى التحكيم. 2- إدراج مبلغ 134.64 مليار جنيه لعدم التزام هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة منذ إنشائها عام 1979 بتخصيص مساحة 5 كيلو متر حول كل مدينة كأراضي بناء، مما عطل الاستفادة بقيمة تلك المساحات دون مراعاة أن تلك التقارير غير الدقيقة والتصريحات غير المسئولة يمكن أن تستخدمها المنظمات الدولية فى ترتيب وتصنيف الدول، والتى تعد أهم مدخلات تتخذ على أساسها مؤسسات التموين الدولية قراراتها خامساً: إساءة استخدام كلمة الفساد ووضعها في مواضع أبعاد ما تكون عما أقرته القوانين والمواثيق الوطنية والدولية والتعميم والخلط بين الوقائع والإجراءات وبين ما تم حسمه وما لم يتم حسمه وبين ما هو عام وما هو خاص الأمر الذى يصور كل الجهود والمبادرات التي تبذلها الدولة على أنه لا طائل من وراءها، وهنا يثور التساؤل حول أهداف وجدوى إطلاق ذلك التصريح، علماً أن الدراسة معدة بالإشتراك مع جهات أجنبية مما قد يضر بالمناخ السياسى والإقتصادى للدولة فى الوقت الذى تسعى فيه بكل السبل لجذب الإستثمارات لتوفير فرص عمل وحياة كريمة لمواطنيها، هذا وقد تلقت اللجنة أثناء عملها العديد من المراسلات والشكاوى من داخل الجهاز المركزى للمحاسبات حول سياسات ومقترحات تتعلق بغياب العدالة وعدم الشفافية. - الرئيس يورط "جنينة" وبعد الانتهاء من التقرير أرسلته لجنة تقصي الحقائق إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي بدوره أرسله أيضاً إلى رئيس مجلس النواب، وتكليف اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد برئاسة رئيس مجلس الوزراء والتي تضم كافة الجهات المعنية بمراجعة كافة البنود التي شملتها الدراسة محل الفحص تفصيلاً والتأكد من اتخاذ الإجراءات القانونية فى كل واقعة ويبقى القول الكلمة مسئولية .. والمحاسبة واجبة والمعرفة من حق الشعب لذلك تم نشر قرار اللجنة". - تعليق "جنينة" وتهديده بالكشف عن الفساد بعد 25 يناير ومن جانبه علق المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، على التقرير قائلاً إن هناك رد من الجهاز المركزي للمحاسبات على التقرير من خلال بيان رسمي، بالإضافة إلى عرضها على وسائل الإعلام ولجنة تقصي الحقائق والبرلمان، من خلال تقارير موثقة عقب احتفالات الدولة بثورة 25 يناير الجاري وعيد الشرطة.