رغم محاولة وزارة الداخلية، تحسين أداء ضباطها على مستوى سجل حقوق الإنسان، بمطالبة الضباط بحسن معاملة الموطنين حتى لو كانوا متهمين أو متورطين فى جرائم، إضافة لتطوير مناهج التدريس فى كلية الشرطة، واستحداث منصب مساعد الوزير لشئون حقوق الإنسان، إلا أن مسلسل سقوط الضباط فى وقائع تعذيب متهمين أو إساءة معاملة مواطنين، ينسف هذه الجهود التى تحاول فى المقام الأول تغيير الصورة النمطية للشرطة. وخلال السنوات التى أعقبت الثورة، استطاعت الوزارة أن تحظى بتقدير وتعاطف المواطنين بسبب استعادة الأمن، فى الشوارع بشكل كبير، وسقوط أعداد كبيرة من ضباط وأفراد الشرطة، شهداء فى مواجهة إرهاب جماعة الإخوان وأنصارها، ولكن قبل أن ترحل سنة 2015، تحولت مشاعر المواطنين من التقدير والامتنان إلى رجال الأمن إلى الغضب من الاستهانة بحياة المواطنين وكرامتهم بعد وفاة عدد من المواطنين بعد دخولهم الأقسام كمتهمين إلى جانب وجود اتهامات لضباط باستخدام التعذيب والإهانة ضد آخرين. يقدر مركز «النديم» لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، عدد القضايا المتهم فيها ضباط بتعذيب متهمين أو مشتبه فيهم أو سجناء داخل الأقسام والسجون ب289 قضية تعذيب، والمركز معروف بتخصصه فى هذا المجال، فى المقابل ترى وزارة الداخلية أن الرقم مبالغ فيه ومناف للحقيقة، وتقدر من جانبها حصيلة الاتهامات ب42 واقعة اتهام بالتعذيب داخل الأقسام، رافضة وصف تلك الحالات بالقتل، لعدم وجود أدلة مؤكدة أنها لا تتستر على أى شرطى ثبت تورطه فى تعذيب أو أى تجاوز ضد مواطن. وقال مصدر بوزارة الداخلية إن هناك بالفعل 19 حالة وفاة داخل الأقسام ولكنها وفاة طبيعية، وتم وقف 4 ضباط عن العمل على ذمة اتهامهم بتعذيب بعض المتهمين، لأن الوزارة لن تتستر على التجاوزات لأنها فى النهاية تسىء لآلاف الضباط ومئات الآلاف من الأفراد العاملين فيها. وكشف المصدر أن سجلات الوزارة سجلت هذه الوقائع منها اتهام رجال الشرطة بمنع حصول متهمين اثنين على العلاج اللازم لهما، وهما: المتهم صلاح الباسوسى، محام، كان متهماً فى قضية جنائية، وتوفى بمركز شرطة كفر الدواروالذى لفظ أنفاسه الأخيرة متأثراً بإصابته بفيروس سى، والثانى عماد حسن، لعدم إسعافه فى سجن العقرب، ورفض طلب نقله إلى المستشفى. وأضاف المصدر: إنه تم اتهام أمين شرطة بقسم شرطة العجوزة بقتل الطالب محمد عطية، 20 سنة مقيم فى كرداسة، على خلفية اتهام الأخير فى قضية انتماء لجماعة الإخوان، وكان المتهم تم نقله لمستشفى إمبابة ولقى مصرعه بعد إطلاق الأمين الرصاص عليه مدعياً محاولته الهروب. وتم اتهام ضابط شرطة بمرور الجيزة بقتل راكب سيارة أجرة الفيوم أثناء مرورها بشارع الهرم، حيث حاول كمين أمنى إيقاف السيارة لأنه غير مصرح بدخولها ميدان الجيزة، خاف السائق وهرب بالسيارة فأطلق الضابط الرصاص فأصاب الراكب فى وجهه، كما قتل رقيب شرطة بمديرية أمن المنوفية، مواطنا على خلفية مشاجرة بينهما، حيث يخضع للتحقيق بمعرفة النيابة العامة. وفى فبراير الماضى، تم اتهام ضابط مباحث قسم شرطة روض الفرج، بالتسبب فى وفاة متهم بعد تعذيبه للحصول على اعتراف منه بالقوة، ولكن المحتجز فارق الحياة، وفى أغسطس الماضى، لقى متهم مصرعه خلال القبض عليه على خلفية اتهامه بالقتل العمد، حيث سقط ميتاً فى قسم شرطة عين شمس أثناء انتزاع اعترافاته. وفى الشهر نفسه لقى أحمد حامد، 36 سنة، عامل، مصرعه فى قسم شرطة مركز الفيوم، واتهم أقاربه الشرطة بتعذيبه، لأنه دخل القسم معافى من أى مرض قبل وفاته، وتوفى متهم آخر داخل قسم شرطة بولاق الدكرور، فى إبريل الماضى، واتهمت أسرته الشرطة بتعذيبه، فيما أكدت الوزارة أن الوفاة طبيعية نتيجة إصابته بهبوط حاد فى الدورة الدموية، وفى نفس الشهر، لقى متهم فى قضية تعاطى مخدرات، مصرعه قبل عرضه على النيابة وقالت أسرته إن سبب الوفاة تعرضه للتعذيب على يد رئيس المباحث. وفى واقعة شبيهة لمقتل خالد سعيد، اتهمت أسرة متهم بحيازة مخدر حشيش، فى مارس الماضى، رئيس مباحث قسم شرطة الهرم، بقتل نجلها، ولا تزال الواقعة قيد المداولة بالمحاكم.، وشهد نوفمبر الجارى أكثر من واقعة اتهام ضباط الشرطة بالتعذيب الذى انتهى بموت الضحايا، منها اتهام أسرة مصطفى سيد قنديل، 30 سنة، خريج جامعة الأزهر، لرئيس مباحث قسم شرطة حدائق القبة، ومعاونيه بتعذيب نجلها والتسبب فى وفاته لوجود علامات وسحجات متفرقة بجسده. ولقى شاب يدعى عمرو سعد أبوشنب، مصرعه، بعد القبض عليه وعلى والدته على خلفية اتهامهما بسرقة محل موبايلات.