«التنظيم والإدارة» يتيح الاستعلام عن نتيجة امتحان مسابقة وظائف الشهر العقاري    أطفال غزة يستقبلون عيد الأضحى بابتسامة منقوصة    تداول بضائع وحاويات 41 سفينة من ميناء دمياط    عيار 21 الآن.. تحديث جديد في أسعار الذهب اليوم خلال منتصف التعاملات    كيف تستعد الغرفة التجارية بالجيزة لاستقبال عيد الأضحى المبارك؟    رئيس المجلس الأوروبي: كل دول الاتحاد تدعم تخصيص 50 مليار دولار لأوكرانيا    الأمين العام لحلف الناتو: توصلنا لخطة كاملة لدعم أوكرانيا تمهيدا لقرارات أخرى سيتم اتخاذها في قمة واشنطن    "الشؤون الإسلامية" تستقبل ألف حاج من ذوي الجرحى والمصابين من قطاع غزة    كوريا الجنوبية والولايات المتحدة واليابان تجري أول مناورات ثلاثية في أواخر يونيو    حالة الطقس في مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة    بدء تصعيد حجاج السياحة من مكة المكرمة إلى عرفات (صور)    وزيرة الثقافة تُعلن برنامج الاحتفال بعيد الأضحى المبارك    أعمال اليوم الثامن من شهر ذي الحجة.. اعرف العبادات المستحبة    «الإسكان»: إجراء التجارب النهائية لتشغيل محطة الرميلة 4 شرق مطروح لتحلية المياه    الفرق يتجاوز 30 دقيقة.. تعرف على موعد صلاة عيد الأضحى في محافظات مصر    موعد مباراة منتخب ألمانيا واسكتلندا والقنوات الناقلة في افتتاح كأس أمم أوروبا.. معلق وتشكيل اليوم    "قومي المرأة": 42 وحدة مناهضة للعنف ضد المرأة بالجامعات و15 بالمستشفيات الجامعية    ختام فعاليات دورة التعقيم المركزي بمستشفيات الدقهلية    منطقة القليوبية تحتفل بختام الموسم الرياضي وتكرم رموز الكرة الطائرة    ترتيب هدافي الدوري المصري قبل مباريات اليوم الجمعة 14- 6- 2024    البنك المركزي يطرح أذون خزانة ب50 مليار جنيه.. خبير يشرح التفاصيل    التخطيط: 6 مليارات جنيه لتنفيذ 175 مشروعًا تنمويًا في البحر الأحمر بخطة 23/2024    لجنة الاستثمار بغرفة القاهرة تعقد أولي اجتماعاتها لمناقشة خطة العمل    حاكم إقليم دارفور أركو مناوي يعلن مقتل قائد متحركات الدعم السريع بالفاشر علي يعقوب    27 ألف جنيه إيرادات فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة في يوم واحد    فيديو جديد.. حنان ترك تهنئ جمهورها بعيد الأضحى المبارك    ذكرى ميلاد صاحبة أجمل عيون.. زبيدة ثروت «شمس لا تغيب»    رسائل تهنئة عيد الأضحى 2024 «عساكم من عواده».. أرسلها لأصحابك وأهلك    إدخال 149 شاحنة قطاع غزة عبر بوابة معبر كرم أبوسالم    محافظة القاهرة تخصص 257 ساحة لأداء صلاة العيد    مقام سيدنا إبراهيم والحجر الأسود في الفيلم الوثائقي «أيام الله الحج»    وزير الري يوجه برفع درجة الاستعداد وتفعيل غرف الطوارئ بالمحافظات خلال العيد    «هيئة الدواء»: 4 خدمات إلكترونية للإبلاغ عن نواقص الأدوية والمخالفات الصيدلية    «بالطشة ولا الصلصة».. طريقة عمل الفشة بمذاق شهي لعيد الأضحى    فحص 694 مواطنا في قافلة متكاملة بجامعة المنوفية    نصائح للحفاظ على وزنك في عيد الأضحى.. احرص عليها    مياه سوهاج تكثف حملاتها التوعوية للمواطنين استعدادا لاستقبال عيد الأضحى    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد الكبير بالمحلة    القبض على 8 أشخاص فى أمريكا على علاقة بداعش يثير مخاوف تجدد الهجمات الإرهابية    ماس كهربائي كلمة السر في اشتعال حريق بغية حمام في أوسيم    وزيرة التضامن تعلن بدء تصعيد حجاج الجمعيات الأهلية إلى عرفات    عيار 18 الآن.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 14-6-2024 في محافظة المنيا    فرج عامر: أوافق على مقترح الدوري البلجيكي.. ولا أستطيع الحديث عن عبد القادر وخالد عبد الفتاح    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى الهرم    فيلم شقو يتذيل قائمة الأفلام بدور العرض بعد تحقيق 8 آلاف جنيه في 24 ساعة    شبح المجاعة يضرب غزة    مصطفى فتحي يكشف حقيقة بكاءه في مباراة بيراميدز وسموحة    «لن نراعيه»| رئيس وكالة مكافحة المنشطات يُفجر مفاجأة جديدة بشأن أزمة رمضان صبحي    «ما تضيعوش من إيديك».. تعرف على فضل الصيام والدعاء في يوم عرفة    تشكيل الاهلي أمام فاركو في الدوري المصري    أفضل دعاء للميت في يوم التروية.. اللهم اغفر له وارحمه    حاتم صلاح: فكرة عصابة الماكس جذبتني منذ اللحظة الأولى    محافظ شمال سيناء يعتمد درجات تنسيق القبول بالثانوي العام    يورو 2024| عواجيز بطولة الأمم الأوروبية.. «بيبي» 41 عامًا ينفرد بالصدارة    الحركة الوطنية يفتتح ثلاث مقرات جديدة في الشرقية ويعقد مؤتمر جماهيري    إنبي: العروض الخارجية تحدد موقفنا من انتقال محمد حمدي للأهلي أو الزمالك    حظك اليوم وتوقعات برجك 14 يونيو 2024.. «تحذير للأسد ونصائح مهمّة للحمل»    كتل هوائية ساخنة تضرب البلاد.. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم الجمعة (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المتدبرين
نشر في الفجر يوم 02 - 12 - 2015

حثَّ الله -عزَّ وجلَّ- على تدبّر مواعظ القرآن، وبيَّن أنه لا عُذر في ترك التدبر(تفسير القرطبي: (18/44).قال تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}(ص: 29).
لكنَّه بيَّن أن هذا التدبر له شروط ومعالم ينبغي للمتدبر أن يحققها ليحصل بها أثر التدبر وثمرته.
ومن خلال التأمل في كتاب الله نجد أن آية سورة (ق) وهي قوله تعالى: {إنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}[ق: 37]، قد أشارت إلى هذه الشروط إجمالاً، وعلى ذلك سيتمحور الحديث عن هذه الشروط في ضوء هذه الآية الكريمة، ويمكن أن نجعل هذه الشروط تحت هذه المعالم الرئيسة، وهي:
أولاً: أن يكون المتدبر حي القلب .
ثانياً: أن يفعل المتدبر الأسباب المعينة على التدبر.
ثالثاً: أن يجتنب المتدبر الأمور التي تصرف عن التدبر.
وهذه الشروط تندرج تحتها أسباب ولوازم كثيرة، وهي شروط نسبية تتفاوت من شخص إلى آخر تزيد وتنقص؛ بسبب تفاوت العقول والأفهام وفعل الأسباب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (هذا مع أن الناس متباينون في نفس أن يعقلوا الأشياء من بين كامل وناقص، وفيما يعقلونه من بين قليل وكثير وجليل ودقيق وغير ذلك...). فبحسب تحقيق هذه الشروط وأسبابها تكون نتيجة التدبر من زيادة أو نقصان، وتفصيل ذلك فيما يلي:
فكون المتدبر حي القلب : فهذا ظاهر من الآية، وقد نصَّ غير واحد من المفسرين كقتادة، ومقاتل بن سليمان، وغيرهما، على أن المراد بالقلب هنا: القلب الحي؛ فالرجل الحيُّ القلب مستعد، فإذا تليت عليه الآيات، أصغى بسمعه، وألقى السمع وأحضر قلبه، ولم يشغله بغير فهم ما يسمعه، فهو شاهد القلب ، ملقي السمع، فهذا هو الذي ينتفع بالآيات المتلوة والمشهودة، فإن كان القلب غائباً أو مسافراً في الأماني والشهوات والخيالات؛ فإنه لا يحصل به الانتفاع، ولذلك نجد أن القرآن الكريم أشار إلى أن أقفال القلوب مانع رئيس من التدبر، فقال موبخاً المنافقين: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}(محمد: 24).
قال ابن القيم : (قوله: {لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ} فهذا هو المحل القابل، والمراد به القلب الحي الذي يعقل عن الله، كما قال تعالى: {إنْ هُوَ إلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ 69 لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا} [يس: 69 - 70] أي حي القلب )(الفوائد:ص3).
ومن لوازم هذا الشرط المهم -حياة القلب وشهوده- أعمال القلب الأخرى: كالإيمان بالله، وإخلاص القصد، واليقين ، والإنابة إلى الله، واستشعار عظمة القرآن.. وبالمقابل أيضاً يلزم من ذلك تطهيره من أقفال التدبر: من الشواغل، ومن الغل والحسد والرياء والنفاق .. إلخ.
فإذا حقق المتدبر هذا الشرط وما يلزم منه من اللوازم، بحيث يصبح قلبه حياً شاهداً طاهراً، فإنه -بإذن الله- سينتفع بآيات الله المتلوة والمشهودة، ولن يشبع من كلام الله كما ذكره أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه بقوله: (لو طهرت قلوبنا ما شبعت من كلام الله عزوجل).
أمَّا كون المتدبر يفعل الأسباب المعينة على التدبر، فدلالته أخذت من قوله تعالى: {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}[ق: 37]، فإلقاء السمع من أهم الشروط، ولا يتم التدبر إلا به، كما أن إلقاء السمع ثمرته العمل بما سمعه المرء، وإلا فما فائدة السمع إذن؟!.
وقد أمرنا القرآن بالاستماع إلى آياته والإنصات لها بقوله: {وَإذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[الأعراف: 204] ، أي: أصغوا له سمعكم لتتفهموا آياته، وتعتبروا بمواعظه، وأنصتوا إليه لتعقلوه وتتدبروه، ولا تلغوا فيه فلا تعقلوه، ولهذا قال الإمام وهب بن منبه - رحمه الله: (من أدب الاستماع: سكون الجوارح، وغض البصر، والإصغاء بالسمع، وحضور العقل، والعزم على العمل).
قال القرطبي معلقاً: (وذلك هو الاستماع كما يحب الله تعالى، وهو أن يكف العبد جوارحه، ولا يشغلها فيشتغل قلبه عما يسمع، ويغض طرفه فلا يلهو قلبه بما يرى، ويحصر عقله فلا يحدِّث نفسه بشيء سوى ما يستمع إليه، ويعزم على أن يفهم فيعمل بما يفهم).
فإلقاء السمع إذن يستوجب العمل، لكن هذا السمع لن يكون مؤثراً حتى يعقل المتدبر ما يسمع، كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: (فالذي يَسمَعُ ما جاءت به الرسل سَمعاً يَعقلُ به ما قَالُوهُ يَنجُو. وَإلا فالسَّمعُ بلا عَقلٍ لا يَنفعُهُ.. وكذلك العقلُ بلا سَمعٍ لِمَا جَاءَت به الرسل لا ينفع).
وقال تلميذه ابن القيم : (فجمع سبحانه بين السمع والعقل، وأقام بهما حجته على عباده، فلا ينفك أحدهما عن صاحبه أصلاً، فالكتاب المنزل والعقل المدْرِك حجة الله على خلقه).
قال سفيان بن عيينة - رحمه الله: (أول العلم الاستماع، ثم الفهم، ثم الحفظ، ثم العمل، ثم النشر؛ فإذا استمع العبد إلى كتاب الله تعالى وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- بنية صادقة على ما يحب الله؛ أفهمه كما يحب، وجعل له في قلبه نوراً).
ولن يعقل هذا المتدبر إلا بقيامه بعمل الأسباب المعينة على عقل هذا المسموع الذي هو القرآن، وأسباب ذلك كثيرة، من أهمها: معرفة اللسان العربي، حيث ذكر العز بن عبد السلام أن تدبر القرآن وفهم معانيه لا يأتي إلا بمعرفة اللغة، ومنها أيضاً: مراعاة الأحوال المناسبة للقراءة والسماع، ومنها البسملة، والاستعاذة من الشيطان ، والترتيل؛ لأن ذلك أدعى للعقل والفهم، والترديد للآيات، فهو يزيد الفهم لكلام الله؛ كل على حسب قدرته وتفهمه بشرط العلم الصحيح والفهم الصحيح كما قرَّره العلامة الشنقيطي(أضواء البيان: (7/4459)).
فالاستماع السليم هو الذي يورث التلاوة الصحيحة والفهم الصحيح، إذ إن القرآن أخذ بالتلقي، وعندئذٍ يشترك اللسان والعقل والقلب ، فحظ اللسان : تصحيح الحروف بالترتيل، وحظ العقل: تفسير المعاني، وحظ القلب : الاتعاظ والتأثر بالانزجار والائتمار؛ فاللسان يرتل، والعقل يترجم، والقلب يتعظ.
ومن جميل ما يُستشهد به في هذه المسألة ما قاله ابن بطال معلقاً على حديث قراءة ابن مسعود - رضي الله عنه - وقول صلى الله عليه وسلم له: "إني أحب أن أسمعه من غيري".. قال: (يحتمل أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أحب أن يسمعه من غيره ليكون عرض القرآن سنة يُحتذى بها، كما يحتمل أن يكون كي يتدبره ويتفهمه).
أمَّا كون المتدبر يتجنَّب الأمور التي تصرف عن التدبر، وهو ما يعبّر عنه علماء الأصول: بانتفاء الموانع، وهو شرط من الشروط الأصلية، فالأحكام توجد بوجود الشروط، وتنتفي لوجود الموانع.
وآية سورة (ص) وهي قوله تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [ص: 29] دالة على ذلك لزوماً، فالقلب الحي، والاستماع السليم، والقلب الشاهد؛ لا توجد إلا بتحقق شروط التدبر وانتفاء موانعه، وعلى ذلك: فكل شيء لا يتم الانتفاع به إلا بتحقيق شروطه وانتفاء موانعه، ومن ذلك تدبر القرآن، وإلا فكيف يكون القلب حياً وهو منكب على الشهوات أو الشبهات؟!
والموانع التي يجب على المتدبر اجتنابها صنوف وأضرب، وهي غالباً ما تندرج تحت سببين رئيسين: إما وقوع المرء بالشبهات مثل الجلوس مع أهل البدع ، واتباع المتشابه، وقصر الآيات على أحوال خاصة... إلخ.
أو وقوع المرء في الشهوات: كالإصرار على المعاصي والذنوب ، واستماع الغناء ، والانشغال بالدنيا ، واتباع الهوى... إلخ.
ومن جوامع ابن القيم ما ذكره في كتابه الفوائد وهو يتكلم عن هذه الشروط بكلام مختصر مفيد، حيث يقول: (والمقصود أنك متى ما أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه، وألقِ سمعك، واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه إليه، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله، قال تعالى: {إنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}[ق: 37]، وذلك أن تمام التأثير لما كان موقوفاً على مؤثر مقتض، ومحل قابل، وشرط لحصول الأثر، وانتفاء المانع الذي يمنع منه، تضمنت الآية بيان ذلك كله بأوجز لفظ وأبينه وأدله على المراد.
فقوله تعالى: {إنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى} إشارة إلى ما تقدم من أول السورة إلى ها هنا، وهذا هو المؤثر.
وقوله: {لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ}، فهذا هو المحل القابل، والمراد به القلب الحي الذي يعقل عن الله، كما قال تعالى: {إنْ هُوَ إلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ 69 لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا} [يس: 69 - 70]، أي: حي القلب .
وقوله: {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ}، أي: وجَّه سمعه وأصغى حاسة سمعه إلى ما يقال له، وهذا شرط التأثر بالكلام، وقوله: {وَهُوَ شَهِيدٌ}، أي: شاهد القلب حاضر غير غائب.
قال ابن قتيبة - رحمه الله: (استمع كتاب الله وهو شاهد القلب والفهم، ليس بغافل ولا ساهٍ)، وهو إشارة إلى المانع من حصول التأثير، وهو سهو القلب وغيبته عن تعقل ما يقال له، والنظر فيه وتأمله.
فإذا حصل المؤثر وهو القرآن، والمحل القابل وهو القلب الحي، ووجد الشرط وهو الإصغاء، وانتفى المانع وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب وانصرافه عنه إلى شيء آخر؛ حصل الأثر وهو الانتفاع والتذكر).
وإني موصيك ونفسي أيها القارئ الكريم...، بأن تراعي هذه المعالم بصدق وإيمان وقبول تام؛ لتظفر بالتدبّر الأمثل لكتاب الله عز وجل، فإن من أفضل ما يُفنى به العمر ويُقضى فيه الأجل تدبر كتاب الله، إذ به تكمن الغاية الكبرى من إنزاله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَإنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}(الزخرف: 44).
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.