تغرق أغلب آثار القاهرة وبخاصة الموجود منها بمنطقة الدرب الأحمر في الإهمال ومقالب القمامة، حيث لم تعد الأسبلة والكتاتيب التي نشأت في عهد المماليك والتي تشهد على عصراً كاملاً مكاناً لتقديم المساعدة للأهالي أو لتعليم الأطفال كما كان في سابق العهد، لتكون حالياً مأوىً للحشرات والزواحف فضلاً عن إمتلائها بالقمامة. وقامت "الفجر" برصد حالة تلك الأماكن بمنطقة الدرب الأحمر، وما وصلت إليه من إهمال بسبب المواطنين لعدم وعيهم أهميتها، أو المسئولين الذين نسوها ووضعوها خارج أجندات أعمالهم. وأدى انتشار القمامة داخل بعض الأماكن الأثرية إلى تصدعها، وتآكل جدرانها، فيما كان بعضها الآخر أشبه ببيوت الأشباح، فلا يستطيع أحد الدخول له أو مجرد النظر داخله من خلال أحد نوافذه، فلم يرى سوى قمامة وثعابين وزواحف. اسطبل المارداني في حارة متفرعة من شارع التبانة بالدرب الأحمر، يقع اسطبل الماردني للخيول، وهو ملاحق لمسجد "الطُنبُغا المارداني"، أحد أعرق مساجد قلب القاهرة، والذي كان يعد منبراً للعلم وتبادل المعارف والحل والعقد، وأنشئ عام 740ه 1340م على يد الأمير علاء الدين الطُنبُغا بن عبد الله المارداني، الساقي المعروف بالطنبغا المارداني، أحد مماليك السلطان الناصر محمد بن قلاوون. عند دخول الحارة وجدنا مبناً قديماً تصدع نصفه والنصف الآخر تحمله العواميد الخشبية حتى لا ينهار، وتملأه أكوام القمامة بالداخل، حيث اتخذه أهالي المنطقة مقلباً للقمامة. وأوضح احد سكان المنطقة، أن جدران الاسطبل أصيبت بالتصدع منذ عام 48 في فترة الحرب اثر تعرض المنطقة لانفجارات، لافتاً إلى أنه منذ هذا الوقت بدأ انهياره وأهمل من الدولة. وأضاف أن وزارة الآثار قامت بإعادة تأهيل المكان مرة أخرى منذ أربعة سنوات وترميمه ولكنها لم تستمر حتى أصبح المكان في حالة سيئة، مشدداً على ضرورة أن تهتم الجهات المختصة بالمكان وإصلاحه لقيمته التاريخية واستغلاله في جذب السائحين لمصر. سبيل إبراهيم أغا أنشأه إبراهيم أغا مستحفظان، عام 1051ه/ 1641م، ويقع في الدرب الأحمر، وهو سبيل ملحق بمدفن. أما عن حال السبيل اليوم، فهو مغلق وتغطيه الأتربة ويسوده الظلام كما تكسوا جدرانه خيوط العنكبوت، وفي خارجه تحيطه صناديق القمامة التي يلقيها سكان المنطقة لتملء المكان. وحول أحوال المكان بدأ محمود فتحي، ذو الخمسين عام، من مواليد الدرب الأحمر، حديثه قائلاً: "دي حضارة بلدنا والآثار بتهملها"، مشيراً إلى أن الآثار الموجودة بمنطقة الدرب الأحمر مهملة وبجانب أغلبها تلقى قمامة، ومشدداً على ضرورة ترميمها. وتابع وفي عينه نظرة استنكار لأحوال المكان: "من يوم ما اتولدت الدرب الأحمر والجمالية والغورية والموسكي فيهم آثار مش موجودة برا مصر.. المفروض يكون بجانبها ورد لجذب السائحين". سبيل ومدفن عمر أغا يقع هذا السبيل في شارع باب الوزير بمنطقة الدررب الأحمر، وعلى واجهته الشمالية مكتوب نصاً " بني وأنشأ هذا السبيل طالباً للثواب من الملك الوهاب وهو الجناب العالي الأمير عمر أغا سقاه الله الكئوس في يوم العطش الأكبر تقبل الله حسناته لا إله إلا الله. ورفع في الدارين درجاته، تم في سنة 1063. محمد رسول الله". أنشأه الأمير عمر أغا سنة 1652م (1063ه) ويعلوه قاعات سكنية، والسّبيل مُلحق بمنازل وقبة ضريحية وبه شباكين لتسبيل ماء الشرب. لم يختلف حال السبيل عن باقي المباني المهملة التي تغطيها الأتربة وخيوط العنكبوت، وتملأها أكوام القمامة، والتي أرجع أحد سكان المنطقة، سبب انتشار القمامة وتشويه المكان إلى عدم وعي سكان المنطقة بأهمية وتاريخ المكان، قائلاً: "دي مش مسئولية الحي لأنه بيقوم بدوره والأهالي بيرموا الزبالة جواه ".