غلق باب التصويت في لجان الاقتراع بسفارات وقنصليات مصر بنيوزيلندا وأستراليا وكوريا والابان.. وبدء الفرز    المشاط: الاقتصاد المصري دخل مرحلة تحول حقيقي منذ مارس 2024    رانيا المشاط ل «خارجية الشيوخ»: اقتصاد مصر دخل مرحلة تحول حقيقى منذ مارس 2024    نائب محافظ الجيزة يتفقد المراحل النهائية لتشغيل محطة رفع الصرف الصحى بدهشور    ليبيا ترسل خبراء إلى تركيا لمتابعة التحقيق بحادثة الطائرة    روسيا: حريق في ميناء تيمريوك النفطي إثر هجوم بطائرة مسيرة    ويتكوف يبلغ الوسطاء وإسرائيل بموعد بدء المرحلة الثانية من اتفاق غزة    حال التأهل.. موقع إحصائي يكشف منافس مصر القادم في دور ال16    انتشال آخر جثة لسيدة من أسفل أنقاض عقار إمبابة المنهار    رئيس صندوق التنمية الحضرية يستعرض صورَ مشروعات إعادة إحياء عددٍ من المناطق بالقاهرة التاريخية قبل التطوير وبعده    عاجل- المركز الإعلامي لمجلس الوزراء ينفي بيع مصانع الغزل والنسيج ويؤكد استمرار المشروع القومي للتطوير دون المساس بالملكية    وزير الخارجية: التزام مصر الراسخ بحماية حقوقها والحفاظ على استقرار الدول المجاورة    برلماني: الوطنية للانتخابات وضعت خارطة طريق "العبور الآمن" للدولة المصرية    رئيس جامعة طنطا يجري جولة تفقدية موسعة لمتابعة سير أعمال الامتحانات    استشهاد لبنانيين اثنين إثر غارة إسرائيلية استهدفت سيارة بقضاء الهرمل    أشرف حكيمي يدعو كيليان مبابي وديمبيلي لحضور مباراة المغرب ضد مالي    الجيش السوداني يصدّ محاولة اختراق للدعم السريع قرب الحدود مع مصر وقصف جوي يحسم المعركة    الذهب يختتم 2025 بمكاسب تاريخية تفوق 70% واستقرار عالمي خلال عطلات نهاية العام    الجزائرى محمد بن خماسة آخر عقبات الإسماعيلى لفتح القيد في يناير    اتحاد الكرة يحذر من انتهاك حقوقه التجارية ويهدد باتخاذ إجراءات قانونية    المنيا تنفرد بتطبيق نظام الباركود للمحاصيل الحقلية    محافظ الفيوم يعتمد جدول امتحانات النقل لمدارس التعليم الفني    رفع آثار انقلاب سيارة ربع نقل محملة بالموز وإعادة الحركة بالطريق الزراعي في طوخ    محافظة قنا تواصل تطوير طريق قنا–الأقصر الزراعي بإنارة حديثة وتهذيب الأشجار    كوروكوتشو: مصر واليابان تبنيان جسرًا علميًا لإحياء مركب خوفو| حوار    بعد 25 سنة زواج.. حقيقة طلاق لميس الحديدي وعمرو أديب رسمياً    صندوق التنمية الحضرية يعد قائمة ب 170 فرصة استثمارية في المحافظات    إزالة مقبرة أحمد شوقي.. ماذا كُتب على شاهد قبر أمير الشعراء؟    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    محافظ الدقهلية: تقديم أكثر من 13 مليون خدمة صحية خلال 4 أشهر    ما هو ارتجاع المريء عند الأطفال، وطرق التعامل معه؟    جامعة بدر تستضيف النسخة 52 من المؤتمر الدولي لرابطة العلماء المصريين بأمريكا وكندا    البابا تواضروس يهنئ بطريرك الكاثوليك بمناسبة عيد الميلاد    بشير التابعي يشيد بدور إمام عاشور: عنصر حاسم في تشكيلة المنتخب    مدينة الأبحاث العلمية تفتتح المعرض التمهيدي لطلاب STEM المؤهل للمعرض الدولي للعلوم والهندسة ISEF–2026    معارك انتخابية ساخنة فى 7 دوائر بسوهاج    إيرادات الأفلام.. طلقني يزيح الست من صدارة شباك التذاكر وخريطة رأس السنة يحتل المركز الخامس    وزارة الثقافة تنظم "مهرجان الكريسماس بالعربي" على مسارح دار الأوبرا    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    ادِّعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها.. الأزهر للفتوي يوضح    ضبط 19 شركة سياحية بدون ترخيص بتهمة النصب على المواطنين    تأجيل محاكمة رئيس اتحاد السباحة وآخرين بتهمة الإهمال والتسبب في وفاة السباح الطفل يوسف    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي    محافظ الوادى الجديد يلتقى المستشار الثقافى للسفارة الهندية بالقاهرة    رجال سلة الأهلي يصلون الغردقة لمواجهة الاتحاد السكندري بكأس السوبر المصري    إيبوه نوح.. شاب غانى يدعى النبوة ويبنى سفنا لإنقاذ البشر من نهاية العالم    مصادرة 1000 لتر سولار مجهول المصدر و18 محضرا بحملة تموينية بالشرقية    سيول وثلوج بدءاً من الغد.. منخفض جوى فى طريقه إلى لبنان    شوبير يكشف موقف "الشحات وعبد القادر" من التجديد مع الأهلي    الصحة تعلن اختتام البرنامج التدريبي لترصد العدوى المكتسبة    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    هل يجب الاستنجاء قبل كل وضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    إسرائيل تمطر "سد المنطرة" بريف القنيطرة في سوريا بالقنابل (فيديو)    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ركائز لتعزيز أخلاقنا
نشر في الفجر يوم 30 - 10 - 2015

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
أحبتنا الكرام: إن حياة الأمة الإسلامية مشابهة لحياة كل الأمم من حيث أنها تكمن في ديمومة تمسكها بمثلها العليا، وأخلاقها المثلى التي ترسم لها غاياتها في الحياة، فتحفزها للثبات على المبادئ التي عاشت وضحَّت من أجلها الأجيال المتلاحقة، وعلى البحث عما يعززها ويقويها، أو الثورة على كل ما يخالف الدين والفطر السوية السليمة، وصدق القائل:
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وكل من يحاول أن يخالف ذلك فينكس أخلاقها، ويأتي بزبالة الأمم والمجتمعات قاصداً غرسها بين أبناء الأمة؛ فأولئك هم الأعداء، وهذا شأنهم وسبيلهم؛ ولذا كان لزاماً على الأمة أفراداً، ومؤسسات، وحكومات أن تقف سداً منيعاً ضد كل من يريد خدش أخلاقها وقيمها، أو مسها بسوء كائنا ًمن كان.
وحيث أن الحرب ضد ديننا وإيماننا وأخلاقنا حرب شعواء، سخّر فيها الأعداء كل إمكاناتهم وقدراتهم حتى نخرج من عز الشرف إلى ذل الشهوات، ومن دائرة الفضيلة إلى مستنقع الرذيلة؛ كان لا بد من التنبه لذلك الأمر، والتمسك الشديد بالأخلاق الإسلامية السامية.
وإذا كان هناك من وضع أسسا نظرية للأخلاق، نابعة من عقله البشري المحدود، فقد وضع الله لنا القيم الثابتة، والأخلاق الراسخة من خلال القرآن الكريم، والسنة المطهرة، وحثنا الإسلام على الكثير والكثير من مكارم الأخلاق التي منها على سبيل المثال لا الحصر: الصدق، والأمانة، والحلم، والأناة، والشجاعة، والمروءة، والمودة، والصبر، والإحسان، والتروي، والاعتدال، والكرم، والإيثار، والرفق، والعدل، والحياء، والشكر، وحفظ اللسان، والعفة، والوفاء، والشورى، والتواضع، والعزة، والستر، والعفو، والتعاون، والرحمة، والبر، والقناعة، والرضا؛ فكان لابد لهذه الأخلاق من ناصر ينصرها، وقوة تدعمها، وعزيمة تفعلها، وركائز تعززها؛ حتى تصبح ممارسة طبيعية تحيا بها الأمة والمجتمع، وإن أهم تلك الركائز المطلوبة:
الركيزة الأولى : الإيمان بالله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم:
بامتثال الأوامر، واجتناب النواهي؛ فإنه ما من خير ينتفع به الناس، ويرغبون به، إلا وقد دلهم شرع الله عليه، وأمرهم به، وما من شر يكرهه الناس ويسخطونه؛ إلا وقد حذرهم الله منه، رأفة منه سبحانه وتعالى ورحمة وقد جاء في الحديث الذي رواه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم. " ( رواه مسلم).
والأخلاق الفاضلة من صميم أوامر الله ورسوله، حث الله ورسوله على التزامها، ومثال ذلك ما ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق".(رواه أحمد). والنصوص الواردة في الترغيب بها، وترك ما يضادها ويخالفها، كثيرة لا تحصى، ومن ذلك نهيه سبحانه عن الوقوع في الكبائر كشرب الخمر، والزنا، وأكل المال الحرام، وقتل النفس المحرمة وغيره.
وقد رغَّب النبي عليه الصلاة والسلام في التزام الأخلاق الفاضلة، وذكر أنها سبب لدخول الجنة، والقرب منه صلى الله عليه وسلم فيها، ولذلك ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يُدخل الناس الجنة؟ قال:"تقوى الله، وحسن الخلق".(البخاري في الأدب المفرد).
وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:"إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، وإن أبغضكم إليَّ، وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة: الثرثارون، والمتشدقون، والمتفيهقون، قالوا: يا رسول الله قد علمنا الثرثارين، والمتشدقين، فما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون".( الترمذي وصححه الألباني).
الركيزة الثانية : تقوية الوازع الديني، والتخويف من سوء الأخلاق:
الوازع الديني يُلزِم الشخص بمعرفة حدود الحلال والحرام، وأن يكون لديه من الخوف والجزع من الله سبحانه وتعالى ما يردعه من الوقوع في المخالفة والمحظور، ويبعده عن الانزلاق في مهاوي الفتن والشهوات، ويجعل لديه دافعاً كي يتعلم مسؤولياته، ونستطيع أن نقول حقيقة: إن الوازع الديني له دور كبير جداً في هذا الجانب، فإن الصلاة وهي أجل العبادات تؤدي المحافظة عليها إلى ابتعاد العبد عن الفواحش والنفرة من المعاصي:(وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)(العنكبوت).
الركيزة الثالثة: الخطاب الديني، وأثره في تعزيز الأخلاق:
ولعل من أبرز أنواع الخطاب الديني: خطبة الجمعة، والدروس المنهجية سواء في المدارس، أو في المساجد، والمحاضرات العامة على تنوع موضوعاتها، والمواعظ ، والمناسبات العامة، والاحتفالات، والمؤتمرات، والبرامج الإذاعية والتلفازية وغيرها.
ويقوم الوعظ والإرشاد الديني بدور محوري في محاربة كل أنواع الانحلال الخلقي في المجتمع الإسلامي، حيث يقع على عاتق الدعاة في كل حين عبء التغيير للمنكر مع الأمر بالمعروف كأصل من أصول الإسلام التي أمر بها يقول الحق سبحانه وتعالى: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}(لقمان:23)، وفي هذا المعنى نذكر حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه".(رواه مسلم).
كما حذّر الإسلام من أن عدم تغيير المنكرات يعم بسببه العذاب كل المجتمع إن لم يحاولوا تغييره، ويمثل الانحلال الخلقي شقين كبيرين يتمثل أحدهما: في ترك المأمورات كالواجبات والمستحبات من الفضائل الأخلاقية، وأما الأخر فيكون في فعل المنهيات كالوقوع في المحرمات، وقبائح الأخلاق.
الركيزة الرابعة: وسائل الإعلام ودورها في تعزيز الأخلاق:
أينما وجد إعلام هادف، وجد مجتمع ذو فضيلة وأخلاق سامية، وعلى العكس تماماً فأي مجتمع له إعلام ساقط في محتواه ورسالته التي يقدمها تجد مجتمعاً يغلب عليه الانحلال الخلقي، والبعد الديني ، والتأثر بالحضارة الزائفة، ولما كان الإعلام بهذا الخطر الشديد، استغله أعداء الأمة الإسلامية في جعله سلاحاً يستخدمه القاصي والداني، بل جعلوه حاجة عصرية لا يستغني عنها الإنسان، والذي يشاهده الجميع من خلال هذه الوسائل لا يجد إلا إعلاماً بعيداً عن كل خلق وفضيلة، لا يربي إلا على إثارة الشهوات، وترك الفضائل، وتعليم الجريمة إلا ما رحم ربك والله المستعان.
الركيزة الخامسة: تجفيف منابع الفساد وما يدعو إلى الانحلال والرذيلة:
ولما كان الفساد والمنكر يظهر بصورة تشتهيها النفوس الضعيفة، وتستسيغها القلوب الفارغة؛ فتنخدع بها، وذلك مصداقاً لما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات".(رواه مسلم).
وأنجع علاج وأنفعه هو ما كان للمنكر والباطل صاداً ورادعاً، ولأهله داعياً وناصحاً، وإن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
الركيزة السادسة: التعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق:
النصيحة هي من أهم ركائز هذا الدين، فقد جعلها النبي صلى الله عليه وسلم الدين كله، بقوله صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة". لما لها من أثر في تقويم السلوك، وتهذيب الأخلاق، وتسوية المعوجين الذين يحيدون عن الحق والصراط المستقيم، قال المناوي رحمه الله: "بالنصيحة يحصل التحابب والائتلاف، وبضدها يكون التباغض والاختلاف" فيض القدير (6/268). وقال رحمه الله: "وأقصى موجبات التحابب أن يرى الإنسان لأخيه ما يراه لنفسه" ثم نقل قول العلماء: "ما في مكارم الأخلاق أدق ولا أخفى ولا أعظم من النصيحة".
ولعل الجامع الرئيس لهذه الركائز كلها هو عملية التربية، فمن خلالها نستطيع غرس كل الركائز السابقة وغيرها.
هذا والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.