يسعى الرئيس عبد الفتاح السيسى، إلى رسم خريطة للعلاقات الخارجية لمصر تتسم بالتنوع والتوازن، وتهدف إلى استعادة دور مصر الأفريقي والإقليمي، حيث من المقرر أن يزور السيسى العاصمة الهندية "نيودلهى" يوم 25 أكتوبر الجاري. وقالت الصحيفة الهندية «تايمز أوف إنديا»، إن الرئيس المصرى أكد حضوره القمة الهندية الإفريقية الثالثة، التى تستضيفها مدينة «نيودلهى» الهندية فى الفترة بين 26 إلى 29 أكتوبر الجاري. وكشفت الصحيفة أن السيسى أثناء لقائه مع رئيسة وزراء الهند ناريندرا مودي أكد على الحضور عقب اجتماع بينهما فى نيويورك، على هامش مشاركتهما فى الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي، وكانت "مودى" دعت السيسى لحضور القمة خلال زيارتها لمصر أغسطس الماضي.
واستطلعت الفجر آراء بعض الخبراء، حول أسرار زيارة السيسي، وخاصة أن الهند من الدول المتقدمة في شتى المجالات ولديها اقتصادي قوى، وأكد الدكتور مصطفى علوى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن زيارة السيسى للهند فى هذا التوقيت، هى بالطبع زيارة مهمة وإيجابية، لافتا إلى أنه يجب أن يذهب الرئيس والوفد المرافق له، ولديهم رؤية وتصورات للاستفادة من التجربة الهندية فى مجالات محددة، فى مقدمتها المنظومة التعليمية والتطوير التكنولوجي وتحقيق العدالة الاجتماعية، إلى جانب التجربة السياسية الديمقراطية والدستورية.
وتابع"علوى": فى زيارتي الأخيرة للهند، وجدت أنهم يتفاخرون بدستور بلادهم، وحولوا مقر رئيس اللجنة التى صاغته إلى مزار سياحى، موضحا أن هذا الدستور كتب منذ عام 1948، أى بعد استقلال الهند بعام واحد، ولم يتغير حتى الآن، بينما لدينا فى مصر 3 دساتير كتبت فى السنوات الخمسة الأخيرة، ومازال هناك جدل حول تعديل الدستور الأخير.
وأشار إلى أن التجربة الهندية ديمقراطية تستحق التعلم منها، وتقوم على حزبين كبار وأحزاب أخرى لايقل عدد أعضاء كل حزب عن 300 ألف مواطن، ويشترط أن يغطى الدولة بأكملها، بينما لدينا فى مصر أحزاب تتكون من عائلة واحدة، حيث يشترط أن تضم 5 آلاف عضو مؤسس فقط.
وأضاف: أقترح تشكيل لجنة ثنائية مصرية هندية، لمتابعة تنفيذ ماتم طرحه خلال الزيارة، تضم شخصيات قادرة على وضع إستراتيجية حقيقية وخطة زمنية لتحويل الأفكار والبروتوكولات إلى واقع، خاصة فيما يتعلق بالربط بين تطوير التعليم والبحث العلمى وبين تحقيق الديمقراطية السياسية والنهضة الثقافية، موضحا أن الهند استطاعت عن طريق تطوير التعليم والبحث العلمى، أن تحقق العدالة الاجتماعية، من خلال تحقيق فرص عمل مجزية ماديا واجتماعيا لأبناء الطبقات الفقيرة، إلى جانب الارتقاء بالثقافة والفنون والفكر بالتوازي مع البحث العلمى والتطوير التكنولوجى، حتى أصبحت لديها "بوليود"، عاصمة السينما الثانية التى تنافس هوليوود الأمريكية.
ومن جانبه قال الدكتور بشير عبد الفتاح الباحث والمحلل السياسي بالأهرام، إن زيارة الرئيس السيسى للهند، تأتى استكمالا لمساعيه من أجل تنويع العلاقات المصرية، حتى لاتكون منحصرة فى دول المعسكر الغربي" أمريكا وأوروبا"، موضحا أن مراكز القوى فى العالم الآن موزعة ما بين المعسكر الغربى، ودول "البريكس" روسياوالهند والصين وجنوب أفريقيا والبرازيل، التى تمثل اقتصاديات صاعدة بقوة، و تقترب من أن تدخل نادى الكبار على مستوى العالم.
وأضاف"عبد الفتاح" إن الهند حاليا أصبح لها دور يتصاعد بقوة، على جميع الأصعدة الاقتصادية والعسكرية والسياسية، مشيرا إلى أهمية أن تستعيد مصر دورها الإقليمي ومكانتها الإفريقية من خلال المشاركة فى تلك التجمعات الإفريقية مع الدول الشرقية القوية.
وفى سياق متصل قال الدكتور محمود أبو العنين مدير مركز البحوث والدراسات الإفريقية سابقاً، أن الهند دولة كبيرة واستطاعت أن تبنى اقتصادها على أساسيات قوية، مشيراً إلى أهمية دول النمور الآسيوية بشكل عام، حيث أن مصر تحتاج لتوازن علاقتها الدولية عن طريق توطيد علاقتها بدول آسيا.
وأضاف "أبو العينين" إن الميزان التجارى للهند مع القارة الإفريقية ارتفع إلى أكثر من 60 مليار دولار فى السنة، كما أن مصر لها نسبة كبيرة من هذه التجارة مع الهند.
وتابع: أن هناك العديد من المجالات التى يمكن أن تستفيد مصر من الهند فيها، مثل الصناعات الكيماوية وصناعة المنسوجات، بالإضافة إلى المشروعات الصغيرة والمتوسطة والصناعات الغذائية، حيث استطاعت الهند الاكتفاء ذاتياً فى مجال الصناعات الغذائية والتصدير للخارج، على الرغم من تعداد سكانها الذى وصل إلى المليار نسمة.
وعلى الصعيد الاقتصادي قال الدكتور فخرى الفقى الخبير الاقتصادي الدولى إن مصر تعمل على ضبط ميزان علاقاتها الخارجية عن طريق توطيد علاقتها بدول شرق آسيا، مشيراً إلى أهمية تلك الدول وتجاربها على المستوى الاقتصادى.
وأضاف "الفقى" أن الهند ستفيد مصر فى العديد من المجالات، مثل مجال النقل وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، حيث أن الهند من الدول التى حققت نجاح باهر فى هذا المجال، إلى جانب خبراتها فى صناعة السيارات و توليد الطاقة، وكذلك صناعة الغزل والنسيج.