عبرت صحيفة "الميرور" البريطانية عن تشاؤم يسود الأوساط الرياضية في إنجلترا من جمهور وإعلام في قدرة منتخب الأسود الثلاثة على التألق في نهائيات أمم أوروبا 2016 التي ستقام على الأراضي الفرنسية، وتحقيقه لنتائج مميزة أفضل من تلك التي سجلها في النسخ السابقة مستبعدة قدرة أبناء المدرب روي هودجسون على التتويج باللقب الأوروبي للمرة الأولى في تاريخه. وبحسب الصحيفة فإن مصدر وسبب التشاؤم هو السهولة التي وجدها المنتخب الإنجليزي في بلوغ النهائيات ، بعدما حقق العلامة الكاملة وسجل عشر انتصارات في عشر جولات في مجموعته.
وبناء على تاريخ المنتخب الإنجليزي في بطولات أمم أوروبا ، فإن تأهله السهل في التصفيات يجعله يخرج من النهائيات مبكراً، وعلى العكس فإن تألقه في نهائيات مونديال 1990 وبلوغه المربع الذهبي جاء بعدما تأهل رفقة المنتخب الألماني كأفضل منتخبين حلاً ثانياً في مجموعتيهما.
هذا واستعرضت الصحيفة في تقرير لها تجارب المنتخب الإنجليزي في بطولة أمم أوروبا منذ بطولة بلجيكا عام 1980 وحتى البطولة الأخيرة لعام 2012 التي احتضنتها بولندا وأوكرانيا معاً لتصل إلى حقيقة يصعب على عشاق الأسود الثلاثة تجرعها، والتي مفادها أن المنتخب الإنجليزي أصبح يخرج مبكراً من النهائيات كلما وجد سهولة في التصفيات.
وفي بطولة عام 1980 تأهل المنتخب الإنجليزي بسهولة بعدما حقق سبع انتصارات في ثمان مباريات، إلا أنه في النهائيات خرج من الدور الأول بعدما حل ثالثاً في مجموعته خلف بلجيكا وإيطاليا بسبب الخسارة من الأزوري بهدف قاتل على الرغم من تعادله أمام بلجيكا وفوزه على إسبانيا.
وبعدما غاب عن نهائيات بطولة فرنسا 1984، عاد المنتخب الإنجليزي ليشارك في نهائيات يورو 1988 التي جرت بألمانياالغربية ، حيث جاء بلوغه للنهائيات بعدما سجل نتائج مميزة في الأدوار النهائية ، ضمن مجموعته حيث خسر نقطة واحدة بتعادله مع تركيا سلبياً، وليتفائل الجمهور بقدرة أبناء المدرب الراحل بوبي روبسون على العودة من ألمانيا بالتاج الأوروبي الأول غير أن تفاؤلهم تحول إلى خيبة أمل ، بعدما خسرت إنكلترا مبارياتها الثلاثة أمام جمهورية إيرلندا ثم هولندا وأخيراً من الاتحاد السوفياتي لتغادر أجواء البطولة من دورها الأول.
و في نسخة عام 1992 التي جرت بالسويد تأهلت أيضاً إنجلترا بسهولة في التصفيات بعد تجاوزها إيرلنداوتركيا وبولندا وفي النهائيات، حيث تفاؤل الإنكليز بتحقيق اللقب الضائع ، إلا أن كتيبة المدرب غراهام تايلور-خلف بوبي روبسون- فشلت في ترجمة التفاؤل إلى واقع ، لتخرج من الدور الأول بعدما حلت في ذيل في مجموعتها خلف السويد والدنمارك وفرنسا بتعادلها في مبارتين وخسارة الثالثة.
وفي البطولة القارية التي جرت 2004 واستضافتها البرتغال، فقد تأهلت إنجلترا بمرورها من التصفيات الأولية ، بعدما فرضت نفسها في مجموعتها السهلة ، حيث حصدت 20 نقطة من أصل 24 ممكنة ، لينجح المنتخب الإنجليزي بقيادة المدرب السويدي سفين جوران ايريكسون في تجاوز دوري المجموعات ، إلا ان مغامرتها توقفت في الدور الثاني على يد أصحاب الضيافة المنتخب البرتغالي بعدما خرجت بركلات الترجيح.
وغاب المنتخب الإنجليزي عن بطولة أمم أوروبا التي جرت أحداثها في سويسرا والنمسا عام 2008 ثم عاد ليتأهل إلى نهائيات الدورة الأخيرة 2012 بعدما تألق بشكل لافت في التصفيات تحت إشراف المدرب الايطالي فابيو كابيلو، وتمكن من فرض هيمنته على منتخبات مجموعته التي ضمت سويسرا والجبل الاسود وويلز وبلغاريا .
وقبل إقامة الأدوار النهائية بأشهر قليلة ، قدم المدرب الإيطالي كابيلو إستقالته، ليحل محله روي هدجسون ، حيث أبدى الإنجليز تفاؤلهم بتحقيق إنجاز جديد وإنهاء حالة الصيام التي تعيشها الكرة الإنجليزية على مستوى منتخبها الأول منذ 1966 وهو تاريخ تتويجها بلقب المونديال ، غير أن هذه الآمال تبخرت ، ليكتفِ المنتخب الإنجليزي بالتأهل للدور ربع النهائي الذي خسره أمام منتخب ايطاليا بركلات الترجيح .
و مما زاد من حدة التشاؤم لدى الشارع الإنجليزي ان منتخبات أوروبية كبيرة تعرضت لنفس السيناريو، عندما وجدت سهولة في مباريات التصفيات الأولية ثم تعرضت للخروج المبكر في النهائيات.
فالمنتخب الفرنسي عاش التجربة في بطولة 1992 بقيادة المدرب ميشال بلاتيني الذي لم يخسر أي مباراة قرابة الثلاثة أعوام غير أنه أقصي من الدور الأول في النهائيات بالسويد ، رغم أنه كان ضمن أقوى المرشحين للظفر بالبطولة.
وفي البطولة التي اقيمت بالبرتغال عام 2004 ، تكرر السيناريو الحزين ، حيث بلغت فرنسا النهائيات بسهولة بقيادة نجمها زين الدين زيدان لكنها وجدت صعوبة في تجاوز الدور الأول ، قبل أن يخرج من الدور الموالي أمام المنتخب المفأجاة "اليونان" بهدف دون رد.
كما عاش منتخب التشيك نفس التجربة المريرة خلال جيله الذهبي الذي بلغ به نهائي كأس أمم أوروبا 1996، ففي تصفيات دورة عام 2000 سجلت جمهورية التشيك العلامة الكاملة بأكبر رصيد تهديفي، وبفارق كبير بلغ 12 نقطة عن وصيفه في المجموعة ، حيث راهن كافة المتابعين على تألقه في النهائيات غير أن توقعاتهم اصطدمت بنتائج كارثية حققها المنتخب التشيكي من خلال خروجه المبكر من الدور الأول عقب خسارته لمبارتين.
ويبقى الوسط الكروي في إنجلترا يتمسك ببصيص من الأمل من الناحية النفسية بناء على تجارب لمنتخبات أخرى تألقت في التصفيات واستمر توهجها حتى النهائيات ، بعدما حققت نتائج جيدة ، يأتي على رأسها المنتخب الإسباني الذي فرض نفسه بطلاً لمجموعته في تصفيات أمم أوروبا 2012 ثم نجح في إحراز اللقب بفوزه في النهائي على حساب نظيره الإيطالي برباعية نظيفة ليصبح أول منتخب أوروبي يفوز بأمم أوروبا ثم كأس العالم ثم أمم أوروبا مجدداً.