في أول رد فعل عربي حقيقي على التدخل الإيراني السافر في شؤون المنطقة العربية، أعلنت مملكة البحرين قطع العلاقات مع إيران، حيث استدعت المملكة سفيرها لدى إيران، ومنحت القائم بأعمال السفير الإيراني لديها مهلة 72 ساعة لمغادرة البحرين. ويأتي ذلك بعد ساعات من إعلان السلطات البحرينية اكتشاف مخزون من الأسلحة، واعتقال عدة أشخاص للاشتباه في صلتهم بإيران والعراق، حيث اتهمت الخارجية البحرينيةإيران بإثارة الفتنة والتحريض على العنف في البحرين. وكان السبب نفسه، وهو تزويد إيران لعملائها بالأسلحة، هو الذي جعل اليمن، هو الآخر، يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية أيضا مع إيران، بعد أن أعلنت قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن إحباط محاولة تهريب أسلحة للميليشيات الحوثية عن طريق سفينة صيد إيرانية على بعد 150 ميلاً جنوب شرق مدينة صلالة العمانية. حيث كان على متن السفينة 14 إيرانيا بقيادة القبطان بخش جتكال، وتم تفتيش السفينة وضبط عدد من القذائف والصواريخ بداخلها بهدف دعم ميليشيات الحوثي وصالح. هذان الموقفان السريعان من البحرينوإيران هما الرد الحقيقي، الذي قد يُشعر إيران بأن العالم العربي لا يحتاج العلاقات معها طالما كانت دولة مشاكسة للأنظمة العربية، لها اهداف توسعية في المنطقة، وما عدا ذلك من تصريحات وإدانة وشجب أصبح لايفيد في شيء مع إيران. وإذا كان قدر مملكة البحرين أن تكون حائط الصد العربي الأول أمام العدو الصفوي الإيراني، فإن هذا لا يعني ألا تحذو بقية دول الخليج حذو المملكة الصغيرة، لاسيما بالنظر إلى عضويتها في مجلس التعاون الخليجي ومكانتها في المجلس الخليجي التي تلي السعودية مباشرة، فخطوة البحرين بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران لا تمثل البحرين فقط، وإنما تمثل جميع أبناء الخليج وليس البحرينيين وحدهم، فوحدة المصير المشترك تدفع جميع دول الخليج إلى الترحيب بها، وتحمّل تبعات هذه الخطوة السياسية والعسكرية، فدواعي النسب والدين والتاريخ تلح بأن تكون هذه الخطوة بداية تتبعها مواقف مشابهة بالفعل لشقيقات البحرين في مجلس التعاون الخليجي. الحل أمام الصلافة الإيرانية هو مقاطعتها وعدم التطبيع معها وفرض عزلة عليها في المنطقة العربية، تماما كما هو الحال مع إسرائيل، وليس هذا فحسب بل اتخاذ مواقف سياسية شديدة اللهجة من الدول التي ترعى إيران، لاسيما الولاياتالمتحدة، الأم الجديدة لإيران بعد تبنيها طويلا لإسرائيل! فالخليج يعيش حالة حرب حقيقية مع الجمهورية الفارسية لا مكان فيها لأنصاف الحلول أو الحلول الدبلوماسية، بل تستدعي المواجهة واتخاذ القرارات الحاسمة. ولعل الخطوة البحرينية سبقها ومهد لها عملية "عاصفة الحزم" ضد الحوثيين في اليمن، بقيادة التحالف العربي، الذي تشكل البحرين أحد أهم تشكيلاته القتالية، وهي العملية التي كشفت أن القوة العسكرية والحزم وحده هو الذي يردع إيران، فلم يتمكن الحوثيين من إقامة دولتهم الشيعية في اليمن. الخطوة البحرينية، ليست مجرد قطع للعلاقات الدبلوماسية مع إيران، وإنما هي بداية التصدي بحزم وقوة للمشروع التوسعي الفارسي، الذي يهدد الأمن والاستقرار والوحدة المجتمعية لمملكة البحرين ودول الخليج العربي كافة. ولعل تبعات هذه الخطوة قد تأخذ شكلا أكثر إيجابية وتأثيرا على العالم العربي، فالخطوة حتما ستدعمها دول الخليج العربي، لكن رد الفعل الإيراني قد يكون عنيفا، وهو ما سيتطلب قربا عربيا وتلاحما أكثر، الأمر الذي قد يفضي إلى ميلاد المشروع العربي من رحم اللحظة التاريخية الحرجة التي تمر بها المنطقة، لاسيما وان المشروع العربي "القومي" القديم، الذي أرساه الرئيس جمال عبد الناصر، ولد هو الآخر من رحم الأزمة التي كانت تمر بها الدول العربية من حقبات استعمارية طويلة، وهو ما يمكن الحدوث مجددا لاسيما بعد الخطوة البحرينية التي حركت المياه الراكدة في المنطقة، وعبرت عن رغبة كل عربي بقرارها الشجاع.