رئيس جامعة المنوفية يستقبل الأنبا بنيامين مطران المنوفية للتهنئة بعيد الأضحى المبارك    الإجازات الرسمية المقبلة في 2025.. إليك القائمة الكاملة    قفزة جديدة في سعر الفضة اليوم الثلاثاء 10 يونيو 2025    رئيس الوزراء يستعرض الفرص الاستثمارية بقطاعي السياحة والآثار    نائب رئيس حزب المؤتمر: الاستيلاء على السفينة مادلين قرصنة دولية وجريمة ضد الإنسانية    أوكرانيا تستعد لتجنيد من بلغوا 18 عامًا    تفاصيل مطالبة الرئيس الأوكراني للغرب بالرد على روسيا بعد الهجوم العنيف على كييف    ترامب: لوس أنجلوس كادت أن تحترق "بالكامل" لولا إرسال قوات أمنية    تشكيل الإمارات الرسمي لمواجهة قيرغيزستان في تصفيات كأس العالم    ظهرت الآن.. اعرف نتيجة سنوات النقل بمحافظة القاهرة 2025    استعلام مخالفات المرور 2025.. دليلك الشامل للخطوات والأسعار برقم السيارة    السكة الحديد: قطارات إضافية لتسهيل عودة المسافرين بعد عيد الأضحى    المشروع X لكريم عبد العزيز يحصد 90 مليون جنيه خلال إجازة عيد الأضحى    محافظ الغربية: تقديم 56 ألف خدمة طبية خلال إجازة عيد الأضحى    3 شهداء ومصابون في قصف الاحتلال خيمة تؤوي نازحين بمواصي خان يونس    سوريا.. ضبط أسلحة واعتقال خارجين عن القانون بريف حمص    تنفيذ خطوط مياه شرب وصرف رئيسية وشبكات ومحطة محولات كهرباء وطرق بالعبور الجديدة    شروط جديدة لاستحقاق خدمات التأمين الصحي وعقوبة الحصول عليها بالمخالفة؟    البابا تواضروس يتلقى تقريرا عن الخدمة في إيبارشية روما    بعد صدور التعديلات رسميا، تعرف على شكل النظام الانتخابي الجديد    آخر مستجدات جهود تجديد الخطاب الديني وتحسين أحوال الأئمة وتأهيلهم تنفيذًا لتوجيهات السيسي    عروض فلكلورية في احتفالات قصور الثقافة بعيد الأضحى في السويس    معجزة الأهرامات الخالدة في العدد الجديد من مجلة "مصر المحروسة"    التضامن الاجتماعي: فريق التدخل السريع تعامل مع 561 بلاغا في مختلف المحافظات خلال شهر مايو    البورصة تربح 21 مليار جنيه في ختام تعاملات أولى جلساتها عقب انتهاء إجازة العيد    الحكومة تجهز فرصا استثمارية في القطاع الصحي للسنوات العشر المقبلة    "نادي حياتي".. هويسن يتحدث عن طموحاته مع ريال مدريد    المؤبد ل 8 متهمين لشروعهم في قتل شخصين بالقليوبية    مجهول يقتل شابا بالرصاص بمحطة سكة حديد جرجا في سوهاج    الزمالك يخطط لضم مدافع فاركو    محافظ الفيوم: إزالة 19 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية خلال إجازة العيد    كل أخبار العين الإماراتي فى كأس العالم للأندية على اليوم السابع    وجبات غذائية خاصة لبعثة الأهلي لمواجهة الرطوبة في ميامي    أسماء جلال تتصدر الترند في حفل زفاف أمينة خليل باليونان | صور    نوال الزغبي تحضر مفأجاة لجمهورها في باريس    ماجد الكدواني ضيف معتز التوني في برنامج فضفضت أوي..غدا    «هنو» يتفقد قصر ثقافة الفيوم للوقوف على مراحل تنفيذ مشروع التطوير ورفع الكفاءة    امتحانات الثانوية العامة 2025.. استمرار قبول الاعتذارات للخميس المقبل    ضبط المتهم بإصابة شاب وتلميذ بطلقات نارية في حفل زفاف بقنا    الحكومة تستعد للإعلان عن القضاء على مرض الجذام    الحكومة تجهز فرصًا استثمارية في القطاع الصحي للسنوات العشر المقبلة    مستشفى القلب بجامعة أسيوط يستقبل 1856 حالة خلال شهر    «الإفتاء» توضح حكم الزواج من ذوي الهمم وأصحاب القصور الذهني    وزير المالية ل الجمارك: العمل على راحة الحجاج.. وأولوية خاصة لكبار السن والحالات المرضية    المأذونين عبر تليفزيون اليوم السابع: زواج شاب "داون" من فتاة يجوز شرعاً    الحكومة اليابانية تطرح 200 ألف طن إضافية من مخزون الأرز لكبح جماح الأسعار    الأطباء: نتابع واقعة عيادة قوص ونناشد تحري الدقة في تناول المعلومات    شيكابالا لإدارة الزمالك: لن أعتزل والفريق سيعانى فى غيابى (فيديو)    حِجر إسماعيل..نصف دائرة في الحرم تسكنها بركة النبوة وذاكرة السماء    وزير الري يشيد بجهود العاملين خلال عطلة عيد الأضحى    "بطريقة طريفة".. لاعبو الأهلي يرحبون بزيزو (فيديو)    إمام عاشور: الأهلي غيّرني    وزيرة إسبانية تدين اختطاف السفينة مادلين : يتطلب رد أوروبى حازم    فتح باب التقديم لوظيفة مدير عام المجازر والصحة العامة بمديرية الطب البيطري بالغربية (الشروط)    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في محافظة قنا    السيطرة على حريق شب داخل فيلا بالتجمع    "خسارة للأهلي".. نتائج مباريات الإثنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلوكيات الحاج
نشر في الفجر يوم 18 - 09 - 2015

يجنح كثير من الناس في عرض العبادات بشقها الفقهي منفصلاً عن شقها الإيماني والتزكوي، ومن آثار هذا أن تخرج العبادة بلا روح، فتؤدى كحركات أكثر من كونها عبادة، مع كون العبادة أداء شيء افترضه الله تعالى، يتقدم به المسلم إلى ربه عز وجل ، وكل عبادة يجب أن تحقق جزءًا من عبودية العبد لربه سبحانه وتعالى ؛ فالعبادة من العبد إلى المعبود؛ فالحج يجب فيه أداء الفريضة وإتيان النسك على الوجه المطلوب من المسلم، كما أنه يجب أن يصاحبها سلوك المسلم.
ربط القرآن بين العبادة وأخلاقها
ومن اللافت للنظر في القرآن الكريم أن الله تعالى ما ربط بين العبادة والأخلاق والسلوكيات، كما ربط بينها وبين الحج.
فبعد الحديث عن الحج {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: 27]، قال: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: 30]. فحرم الله تعالى عبادة الأوثان كما حرم قول الزور، وقرنه بالشرك به عز وجل.

ومن الأمور التي حرمها الله تعالى في الحج المعاصي، وخاصة السباب والشتم والقذف، قال تعالى: {فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197]. وقد جاء في صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر". فحرم الله تعالى الجماع والكلام حوله وذكر النساء، كما حرم الفسوق والسباب، كما حرم أيضًا المجادلة بغير حق؛ حتى يكون المسلم نقيًّا من كل شائبة تشوبه؛ من قلبه بالشرك، ومن لسانه بالسباب والمجادلة الباطلة؛ لأن لهذا أثرًا على القلب. ولذا بعدما ذكر الله تعالى: {فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ}، قال: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الألْبَابِ} [البقرة: 197]. فكان البُعد عن السلوكيات الخاطئة مما يخرجه الإنسان بلسانه أو بجوارحه، مما يرزق المرء التقوى؛ لما لأقوال اللسان وأفعال الجوارح من الأثر في القلب، الذي هو محل التقوى.

وفسر بعض المفسرين قوله: "ولا جدال" أي: لا مخاصمة؛ لأن أماكن الحج لا تجوز فيها المخاصمة، وفسره بعضهم بالمراء، وبعضهم بالغضب، وقد يعبر عنه بكل ما فيه شر في التعامل مع الغير؛ لكي يكون الحج عبادة في ذاته، ويحمل في طياته المعاملة الحسنة مع الغير كأثر من آثاره؛ ليتربى المسلم على الأخلاق الحسنة في الحج، ويطبقها أيضًا فيما بعد الحج، فيخرج من الحج حسن الخُلُق كثمرة من ثماره الطيبة.

الرسول معلم الأخلاق في الحج
ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه السلوك في الحج كما يعلمهم الأحكام والفقه؛ فعن أسماء بنت أبي بكر قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجاجًا، حتى إذا كنا بالعرج نزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فجلستْ عائشة إلى جنب رسول الله وجلستُ إلى جنب أبي، وكانت زمالة أبي بكر رضي الله عنه وزمالة رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدة مع غلام أبي بكر، فجلس أبو بكر رضي الله عنه ينتظره إلى أن يطلع عليه، فاطلع وليس معه بعيره، فقال: أين بعيرك؟ فقال: أضللته البارحة. فقال أبو بكر رضي الله عنه : بعير واحد تضله؟! فطفق يضربه ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتبسَّم ويقول: "انظروا إلى هذا الْمُحرِم ما يصنع".
فكره الرسول صلى الله عليه وسلم ضرب الغلمان في الحج؛ لأن المسلم عليه أن يعيش روح الحج وجوَّه، وأن ينزل نفسه عما يشوبها في الأحوال العادية، وليرتفع درجة أعلى من درجته. وكان هذا الإرشاد النبوي يحقق علو السلوك والتعامل مع الغير حتى مع صحابي كأبي بكر رضي الله عنه ، مع ما عُرف عنه من حُسن الأخلاق.
ولكي نستفيد من هذا الأمر بشكلٍ عملي، نورد بعض الصور التي يفعلها الناس من السلوكيات الخاطئة، منها على سبيل المثال:
التزاحم في الطواف
التزاحم في الطواف، وعدم الترفق بالنساء وكبار السن؛ فربما أدى ذلك إلى وقوع النساء، أو وقوع كبار السن مطروحين أرضًا، ويأتي ذلك حرصًا من كثير من الناس على أن يكون قريبًا جدًّا من الكعبة، وأن يتعلق بأستارها، والقرب من الكعبة والتعلق بالأستار لا بأس به، بل هو مما يثير شعائر الحب والشوق، ويظهر التضرع والتقرب إلى الله تعالى في بيته الحرام، غير أن الحرص على هذا القرب والتعلق بأستار الكعبة لا ينبغي أن يكون على حساب إيذاء الناس؛ لأن القرب والتعلق أمر مندوب إليه، وإيذاء الناس محظور شرعًا، كما أنه يذهب روح عبادة الطواف؛ فإن وجد الإنسان فرصة للقرب والتعلق فلا بأس، وإن كان الطواف فيه زحام شديد؛ فمساحة الطواف حول الكعبة غير قليلة، وليعِشِ المسلم الطواف بروحه وجوهره حتى يؤتي ثمرته في قلبه.
التقاتل لتقبيل الحجر الأسود
ومن الأمور التي تظهر في الطواف أيضًا الإصرار على الوصول للحجر الأسود، وتقبيله بدلاً من لمسه أو الإشارة إليه، حتى يكاد بعض الناس أن يغمى عليه في محاولة الوصول. ولقد رأيت بعيني أحد الناس ممسكًا الحجر الأسود وهو يقبِّله بعنف لفترة طويلة جدًّا، وبحكم كوني شابًّا وقد استطعت أن أكون قريبًا منه خاطبته: يا أخي، لقد قبلت الحجر، فاترك لغيرك فرصة. فقال لي بصوت عالٍ: "يا عم روح، هي دي فيها غيري". فتركت محاولة التقبيل، وطفت بالبيت مكتفيًا بالإشارة إلى الحجر، وهو كافٍ كما يقول الفقهاء.
ويمكن ترك تقبيل الحجر في الأوقات التي يقلُّ فيها الزحام؛ كوقت ما قبل الفجر، فيمكن للمرء أن يذهب قبل الفجر ويطوف بالبيت؛ فالطواف سنة دخول البيت الحرام، أو ما بعد الفجر، أو أي وقت يرى فيه أنه يمكن له التقبيل أو اللمس.
التزاحم عند رمي الجمار
ومن السلوكيات التي يحرص عليها الناس رمي الجمار بنوع من التشنج، وكأنه يضرب الشيطان فعلاً، وهو في الحقيقة رمز لإرغام الشيطان، وهذه العبادة، وهي عبادة رمي الجمار ترغيم للشيطان، لكن هذا الترغيم لا يأتي من التشنج والتزاحم الشديد الذي يسبب -في أحايين ليست بالقليلة- وفاة بعض الناس، ويمكن هنا الاعتماد على الرأي الفقهي القائل بجواز الإنابة في الرمي، خاصة عن النساء والأطفال، كما يمكن التوسعة في وقت الرمي بخلاف ما قاله جمهور الفقهاء؛ فمن المعلوم أن رمي الجمار في الأيام الثلاثة يكون بعد الزوال على رأي جمهور الفقهاء، ولكن أجاز الأحناف وبعض الفقهاء المعاصرين كالشيخ الغزالي والقرضاوي وابن جبرين وغيرهم بجواز الرمي قبل الزوال؛ تيسيرًا على الناس.
على عرفات
ومن أبرز السلوكيات التي تظهر مخالفة أدب الإسلام ما يفعله بعض الحجاج في الوقوف على عرفات؛ حتى وصل الحال ببعضهم أن يأتي بعض المنكرات على عرفات، كشرب الدخان بأنواعه، والمزاح الكثير بالأيدي، وغيرها من المخالفات السلوكية في عرفات، وإن كان الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "الحج عرفة"؛ فإن هذا يعني أن يشغل المسلم نفسه في يوم عرفة بكثرة الطاعة والدعاء والتضرع والتذلل لله رب العالمين، عسى الله تعالى أن يجعله من عباده المقبولين. فليتحلَّ كل حاج بالرحمة والسكينة والتلطف مع الغير، والحرص على إخوانه حتى يخرج بثمرة الحج "من حج فلم يرفث ولم يفسق، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه"، كما أخبر المعصوم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.