منذ قرابة ال 15 عاماً ، إذا ما كنت تبحث عن سيارة عائلية مدمجة تلبى احتياجاتك الأساسية ولا تحلق بميزانيتك المالية بعيداً ، فما كان عليك إلا إلقاء كافة أوراقك وكافة التحليلات والنصائح والاختيارات الاحترافية التى يتشدق بها محترفى عالم السيارات ، لتبدأ فى جولة تسوق حرة لاختيار نموذج من فصيلة كاملة من السيارات باختلاف الأوجه تجرى فى عروقها نفس الدماء التى صارت ببصمة جينية واحدة . وظل الحال كما هو لسنوات دون تغيير ، فموجة التعديلات النصفية ، أو صف الأجيال الجديدة الذى يستعد كل بداية للموسم للمنافسة لعدة أعوام فى فئة السيارات المدمجة ، يبدأ بمجرد تطوير بسيط يصبح موضة يجب على كافة المشاركين فى كعكة المبيعات أن يلتزموا بها ليبدأ عرض جديد من عروض التقليدية ذات الملامح المحفوظة ، حتى ظهرت فورد فوكاس والتى جاءت نتيجة تخلى فورد عن ما لديها من أعمال فى تلك الفئة فى مقابل تغيير جذرى وطفرة جينية جديدة أثبتت لثلاثة أجيال متتالية أنها كانت خطوة صائبة غيرت كثيراً فى ملامح فورد . فورد فوكاس .. تجربة القيادةقبل البدء فى تجربة قيادة فورد فوكاس ، أردنا فى آي فرات – أوتو إيدج أن ننتقى جيداً من أين نبدأ ومن أين يمكن أن نضع الخطوط العريضة لتقييمنا لكل ما تحتويه تلك الفئة من سيارات ، رغبة فى رسم قاعدة ذات حدود واضحة لكل نقاط التفوق والضعف التى نود أن نتخذها كمرجع مستقبلى لكافة تجاربنا القيادية للسيارات الاقتصادية المدمجة ، حتى يتعرف علينا قراءنا فى الوقت الذى نتعرف فيه على معيار الفشل والتفوق الذى سنرسمه بمساعدة فوكاس ، والتى بحق لم نجد أفضل منها للقيام بتلك المهمة الصعبة . فبداية من وصول فوكاس إلى ورشة العمل ، وإقامتها الرائعة معنا لمدة 30 يوماً تعرفنا فيها على بعضنا البعض جيداً ، وحتى بعد رحيل تلك الرائعة عنا لم نكن لفوكاس والمكتب الإقليمى لفورد الشرق الأوسط ، جنباً إلى جنب مع شركة توكيلات الجزيرة للسيارات وكلاء فورد فى المملكة العربية السعودية إلا كل احترام ، لما قدموه لنا من مساعدة وما بذلوه من جهد ليساعدونا على أداء المهمة كما نريد . فقد كانت تجربة مثيرة لا نطيق صبراً حتى نشارككم إياها . فورد فوكاس ... الجيل الثالثقبل أن نبدأ فى تفحص جسد فوكاس وقدراتها العضلية ، دعونا نصطحبكم فى جولة سريعة داخل هذا المبنى الأمريكى الفاخر والذى يحمل شعار فورد الأزرق بيضاوى الشكل ، والذى بدأت بين أروقته اجتماعات التجهيز والأسكتشات الأولية لفوكاس فى النبض بالحياة ، تحديداً منذ عام 1998 حيث بدأت فوكاس رحلتها الأولى ، ومروراً بجيلين رائعين بإجمالى مبيعات تخطى ال 10 مليون سيارة وحتى الوصول إلى جيلها الجديد والذى يعد الثالث . فبعد العرض الأول خلال معرض ديترويت للسيارات عام 2011 ، وصلت فوكاس إلى صالات العرض وفى استقبالها صفوف عدة من المنافسين تنوعت جنسياتهم بين الأمريكية والكورية واليابانية وحتى الألمانية ، كل يبحث عن موقع خاص يمكن من خلاله اجتذاب العملاء وضمان ولائهم فى فئة يصعب فيها إرضاء العميل . وقبل أن ندخل فى تفاصيل تلك المنافسة ، عليك أن تتعرف أولاً على فئة السيدان المدمج والتى تعد مميزة للغاية بسبب تنوع متطلبات العملاء فيها مع وجود حدود صارمة للقيمة السعرية بعكس تلك الفئات الفاخرة أو الرياضية ، فهاهنا يبحث العميل المستهدف عن التصميم الجيد والأمان المرتفع والأداء المرضى كل فى قالب عملى يسمح له بالانتقال هو وأسرته فى راحة ، ولن تنجح تلك الخلطة السحرية أن لم تضع عليها سعر تثبت عليه الأعين ولا تتسع بمجرد ملاقاته . فورد فوكاس ... الشخصية والتصميمعلى عكس العديد من المنافسين لم تبحث فورد فوكاس عن منهج تسويقى خاص تجد من خلاله النجاح ومن ثم تلتزم به إلى نهاية الطريق ، فهى سيارة بنيت على مبدأ التحرر والخروج عن المألوف وهو ما يجعلك تشعر معها فى كل جيل جديد بمزيد من التحرر وكأنك تتعرف عليها لأول مرة ، وهو ما لم يكن يحدث فى تلك الفئة الاقتصادية من السيارات سابقاً . فكون فورد فوكاس سيارة مدمجة لم يمنعها من البحث عن خطوط تصميمية خاصة بين إسكتشات التصميم الخاصة بشقيقاتها الكبار ، فهى رغم اختلاف بصمتها التصميمية عن بعض طرازات الشركة إلا أنها تحمل نفس الخطوط البارزة التى تعتلى غطاء المحرك وتنساب حول المصابيح الأمامية متصدرة المشهد ، وحتى الوصول إلى علامة فورد الكبيرة والتى تتصدر الشبكة الأمامية بكل فخر . فتحات التهوية الأمامية الكبيرة وخطوط الجانبين إضافة إلى العجلات المعدنية الكبيرة بقياس 16 بوصة ، جاءت كذلك لتؤكد تلك الشخصية القوية مع الحفاظ على وقار فوكاس عبر الانسيابية الواضحة فى الأبواب والتى تنتهى بالوصول إلى المصابيح الخلفية كبيرة الحجم والمرتفعة إلى الأعلى لتحسن زاوية رؤيتها للسائقين من خلفك . واحدة من الابتكارات الرائعة التى قدمتها فورد فى تصميم فوكاس لتساعدها على تحسين معدلات استهلاك الوقود ، هو فتحات التبريد القابلة للغلق ، وهى فتحات تتفتح وتغلق خلف شبكات التهوية الأمامية لتمرر الهواء لتبريد السيارة ومن ثم تغلق بعد إتمام التبريد لتجعل السيارة أكثر انسيابية وأكثر توفيراً للوقود . أثناء تحركنا بفوكاس وعلى الرغم من كونها ليست واحدة من تلك السيارات ذات الخطوط الملفتة أو المحركات المتوحشة ، إلا أنها كانت تدير الرؤوس بشكل مميز ، ربما لما تحمله من علامة ذات سمعة جيدة فى المملكة ، وربما لحداثة الطراز فى الأسواق ، لكن تجربة قيادة فوكاس فى شوارع الرياض كانت أكثر من ممتعة بالنسبة لنا ، ولو طال الوقت لاستغللناها فى حملة دعائية لآي فرات – أوتو إيدج لجذب انتباه الشباب . على كل ، نعلم أن التصميم قد لا يبدو مميزاً بالنسبة للبعض ، إلا انه واقعياً احد أكثر تصميمات تلك الفئة عصرية وتوسطية دون مبالغة فى استعراض الخطوط ودون انسيابية تقتلك مللا فى محاولة لإيجاد كلمات تصفها . المقصورة والتجهيزاتداخل فوكاس انتقلت تجربتنا إلى واقع أكثر روعة من خارجها ، فبعيداً عن حرارة جو الرياض وعن الضوضاء ، عملت فورد بجد على إخراج مقصورة أكثر من رائعة لفوكاس ، لا نبالغ أن وصفناها بالأفضل على الإطلاق فى تلك الفئة ، أفضل حتى من اقرب منافسيها الألمان . فهى تمتاز بخامات وجودة تصنيع جيدة جداً بالنسبة لتلك الفئة ، إضافة إلى تصميمها العصرى الجذاب والذى يقدم مزيج رائع بين شبابية فيستا الرائعة وحداثة وجودة شقيقاتها الكبار أمثال فيوجن ومونديو ، لتضعك فى تجربة خاصة قد تكون سبباً فى إنهاءك قرار الشراء فى لحظات ، فتلك المقصورة تبدو وكأنها صممت لتتولى مهمة تسويق السيارة بدلاً عن مسؤولى فورد للمبيعات !! . فمنذ اللحظات الأولى لم نجد أيه صعوبة فى التعامل مع اى من أدوات لوحة العدادات الخاصة بفورد فوكاس على الرغم من كونها المرة الأولى التى نقود فيها هذا الجيل ، كل شئ مرتب وتماماً حيث تتوقعه ، مع لمسة استعراضية حتماً ستستهوى محبى التقنية عن طريق بسط أزرار الوظائف على شكل جناحين يتصدران الكونسول الوسطى ومن حولهم فتحات التكييف كبيرة الحجم والتى تسمح لكمية كافية من هواء المكيف ثنائى المناطق لتبريد مقصورة فورد فوكاس سريعاً . كذلك سيثير إعجابك لوحة العدادات التلسكوبية والتى تمنع متطفلى المقعد الجانبى من توجيه إرشادات القيادة إليك ، وشاشة المعلومات الصغيرة فى المنتصف والتى تزودك بأهم المعلومات حول الرحلة ومعدل استهلاك الوقود واهم ما تحتاجه خلال التنقل ، وهى مميزات هامة بالنسبة لفورد فى قطاع اهتمامها بسلامة الركاب ، وهو اهتمام طال عجلة القيادة لتتحول الى ما يشبه مقبض تحكم سحرى ستجد فيه كافة الأزرار التى قد تحتاجها أثناء قيادتك للسيارة كى لا تحتاج لرفع يديك عنها أثناء القيادة . فمن خلال عجلة القيادة يمكنك التحكم فى النظام الصوتى ومثبت السرعة والمكالمات الواردة أو الصادرة ، إضافة إلى تفعيل نظام الأوامر الصوتية الذى يوفر عليك عناء الضغط على هذه الأزرار لإتمام مهامك ، وهى فرصة جيدة للمرح مع فوكاس بالمناسبة ! ، إلا إذا كنت من هواة استخدام مكابح اليد مبتكرة التصميم والتى ترتفع إلى الأعلى ، فهى أيضاً طريقة جيدة للمرح مع فوكاس !! . المقاعد الأمامية فى فوكاس تدعم البدن جيداً وتوفر مستوى جيد من الراحة سيسعدك كثيراً إذا ما استمتعت به ، إلى جانب مستوى العزل الجيد جداً للمقصورة والذى سيجعل الطرق الغير ممهدة كلياً والضوضاء فى الخارج واحدة من آخر المشكلات التى قد تهتم بها ، فحقيقة ومنذ البداية توقعنا أن يكون نظام التعليق فى فوكاس أكثر قسوة مما وجدنا نظراً لشخصية السيارة التى تميل إلى الرياضية ، إلا أن الأداء كان جيداً بالنسبة لنا . فى الخلف كذلك سيحظى الركاب بوضعية جلوس جيدة مع فوكاس ، وعلى الرغم من غلبة الانحناءات الحادة التى تتبع مدرسة الكوبيه فى سقف السيارة خاصة فى المنطقة الخلفية ، إلا أن مستوى الراحة الذى تقدمه فوكاس للركاب يعد متميزاً كثيراً مقارنة ببعض المنافسين ممن يستحيل استخدام مقاعدهم الخلفية آدمياً ! . فنظام التعليق الخلفى متعدد الوصلات والذى تستخدمه فورد منذ الجيل الأول لفوكاس والمسمى ( ControlBlade ) أتاح حرية كبيرة لامتصاص كل من العجلات الخلفية لعيوب الطريق مما قلل من مستوى تفاعل المقصورة مع ما يحدث خارجها وهى واحدة من أهم النقاط التى أسعدتنا فى تجربة فورد فوكاس الجديدة . احد النقاط الجديرة بالذكر هى العملية النسبية التى تتمتع بها تلك السيارة سواء داخل المقصورة بوجود حوامل الأكواب بعدد كافى فى الأمام والخلف ومساحات التخزين والتى تمتد إلى الأبواب ، وحتى الوصول إلى حقيبة الأمتعة الخلفية التى تتسع ل 374 لتر من الأمتعة إضافة إلى قدرتها على التمدد بعد طى المقاعد الخلفية لاستقبال المزيد . المحرك والأداءعلى الرغم من كونها واحدة من عائلة لطالما عرفت باستعراض عضلاتها فى كافة المناسبات ، إلا أن فورد فوكاس لم تنسى يوماً هويتها الخاصة والتى تميل إلى جانب الاقتصادية أكثر من شقيقاتها ، لتحصل لنفسها على محرك رباعى الاسطوانات سعة 2 لتر من عائلة Duratec ، وهو كافى لدفع 160 حصان من القوة إلى العجلات الأمامية إضافة إلى 198 نيوتن . متر من العزم ، وهى أرقام بحسب التجربة تكفى لدفع فوكاس إلى سرعة 100 كم فى الساعة خلال حوالى 9 ثوانى ولكن لم تسمح لنا الفرصة لاختبار سرعتها القصوى ، فعلى اى حال تلك ليست إحدى النقاط الجوهرية فى تلك الفئة . استجابة محرك فورد فوكاس الجديدة تعد جيدة جداً خاصة مع ناقل الحركة الأوتوماتيكى ثنائى القابض ذو الست سرعات والذى ابهرنا استجابته ونعومة انتقاله بين السرعات والتوقيت الممتاز لاختيار السرعة التالية أو السابقة دون تدخل منك ، علماً بأننا لسنا من هواة نواقل الحركة الأوتوماتيكية ، وهو ما دفعنا لاستخدام نظام نقل الحركة اليدوى الذى يتم التحكم فيه من خلال زر على الجانب الأيسر من عصا نقل الحركة . على الرغم من كون تلك الفكرة جديدة من نوعها إلا أنها لم توفر كامل الشعور بالتجربة الرياضية ، فهى لا تعطيك هذا الإحساس بنقل السرعات والذى قد توفره على سبيل المثال بدالات السرعة خلف عجلة القيادة ، إلا أن زحام الأدوات المتعلقة بعجلة القيادة على الأرجح كان السبب فى الاستغناء عن تلك الميزة والاستعاضة عنها بهذا الزر . جانب آخر من جوانب الأداء الرائعة التى تتمتع بها فورد فوكاس ، نظام " advanced Torque Vectoring Control system " ، وهو نظام يتابع العجلات الأمامية طوال الوقت ويتدخل فى المنعطفات ليفعل المكابح بمقدار بسيط على العجلات الداخلية الأمامية ( الأمامية اليسرى حين تتجه إلى اليسار والعكس ) ليزيد من العزم المرسل إلى العجلة المقابلة مما يحسن من قدرة السيارة على قطع المنعطفات وزيادة تحكم السائق فيها . أما نظام التوجيه فى فورد فوكاس فيحتاج إلى وقفة قوية ، فعجلة القيادة هى الرابط الحقيقى بينك وبين السيارة ، منها يتم توجيه أهم الأوامر ويتم التعامل مع كافة الظروف ، وهى جزء حساس يجب أن يصل بينه وبين السائق تفاعل معين حتى تكتمل تجربة القيادة المتميزة ، وهو تماماً ما وجدناه فى فورد فوكاس . فلننحى كافة المنافسين جانباً حتى من يستخدم منهم نظام توجيه كهربائى ، فليس منهم من استطاع الوصول بهذا النظام فى تلك الفئة إلى نفس مستوى فوكاس من إبهارنا ، المقود بالضبط كما نفضله ، ليس زلقاً مرهف الأحاسيس كطفل أطلقته وسط ساحة من الألعاب وتحاول يائساً السيطرة عليه ، وليس كهلاً عنيداً تحاول إقناعه انه قد ضل الطريق وان وجهتك التى تبحث عنها قد ولت منذ عدة كيلومترات . فهو دقيق التوجيه دون ردود أفعال غير متوقعة ، وثابت فى يديك دون أن تجد عناء فى إدارته ، ويرسل إليك رد الفعل الكافى لتتعرف على ما يدور تحت العجلات الأمامية للسيارة بالتفصيل ، ليغمرك إحساس رائع بالتحكم الكامل فى الأمور ، وهى معادلة نجحت فورد فى تحقيقها بفضل نظام التوجيه الكهربائى الجديد والمزود بمجموعة مستشعرات تتابع السرعة وردود أفعال السائق وكذلك حالة الطريق باستمرار لتضمن أفضل استجابة وأفضل ردود أفعال على المقود . الخلاصة فورد فوكاس سيارة متفوقة ، استفادت مما لديها من شخصية أمريكية فريدة ، ومزجتها بتلك الروح الأوروبية التى تفتقدها تلك الفئة بشدة لتخرج إلينا بفكر جديد لم يخلق فقط لمجرد تلبية الحاجة إلى سيارة عائلية أو شبابية للتنقل ، بل إلى تجربة قيادة فريدة توفى كافة احتياجاتك العملية وتبقى متيقظة معك طوال الليل استعداداً لأى مغامرة تتولى فيها مهمة إبهارك بقدراتها القيادية ومتعة الجلوس خلف مقودها لدرجة قد تنسيك اى من فاتنات فورد تلك التى تديرها من مقعدك .