وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط يشيد بقمة «شرم الشيخ للسلام»    أمطار في هذه الأماكن وسحب منخفضة.. الأرصاد تكشف طقس الساعات المقبلة    تهشم سيارة الفنانة هالة صدقي في حادث تصادم بالشيخ زايد    إسرائيل تتسلم 4 توابيت ل رفات الرهائن المتوفين (فيديو)    صحيفة أجنبية: أوروبا تواجه خطر تهديد بنيتها الأمنية منذ الحرب العالمية لتضارب المصالح    حقيقة إلقاء جماهير الإمارات آيفون على اللاعبين بعد ابتعاد حلم المونديال    نجم الزمالك السابق يكشف عن «أزمة الرشاوي» في قطاع ناشئين الأبيض    رمضان السيد: ظهور أسامة نبيه في هذا التوقيت كان خطأ    زيادة كبيرة في عيار 21 بالمصنعية.. أسعار الذهب ترتفع 600 للجنيه اليوم الأربعاء بالصاغة    الأخضر يهبط لأدنى مستوى.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 15-10-2025    هتكلفك غالي.. أخطاء شائعة تؤدي إلى تلف غسالة الأطباق    ظهور دم في البول.. متى يكون الأمر بسيطًا ومتى يكون خطرا على حياتك؟    وزير العمل: محاضر السلامة المهنية تصل إلى 100 ألف جنيه    ارتفاع مفاجئ في الضاني وانخفاض الكندوز، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    تعرف على المنتخبات المتأهلة لكأس العالم بعد صعود إنجلترا والسعودية    رونالدو يحقق رقما قياسيا جديدا في تصفيات كأس العالم    نتيجة وملخص أهداف مباراة إيطاليا والكيان الصهيوني في تصفيات كأس العالم 2026    أحمد نبيل كوكا يطلب أكثر من 30 مليون جنيه لتجديد عقده مع الأهلي    بالصور.. محافظ الغربية في جولة بمولد السيد البدوي بمدينة طنطا    تباين أداء الأسهم الأمريكية خلال تعاملات اليوم    السجن المؤبد وغرامة 100 ألف جنيه لتاجر مخدرات في قنا    عمقها 30 مترًا.. وفاة 3 شباب انهارت عليهم حفرة خلال التنقيب عن الآثار بالفيوم    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل طالبة بولاق الدكرور هنا فرج    وفاة طالب صعقا بالكهرباء داخل معهد ديني بالمنيا    سوق الفيلم الأوروبي في مهرجان برلين السينمائي يُطلق أكاديمية توزيع «صندوق أدوات الأفلام»    اليوم، إغلاق الزيارة بالمتحف المصري الكبير استعدادًا للافتتاح الرسمي    رابطة العالم الإسلامي تتطلع لمخرجات قمة شرم الشيخ لتخفيف معاناة غزة    صندوق النقد الدولي يرفع توقعاته لنمو اقتصاد الإمارات إلى 4.8% في العام الحالي    وكيل صحة كفر الشيخ يتفقد وحدة طب الأسرة بقرية المرازقة    إسبانيا تكتسح بلغاريا برباعية في تصفيات المونديال    مصرع شخصين في تصادم سيارتي نقل على الطريق الصحراوي الغربي بالمنيا    رسميًا.. موعد امتحانات الترم الأول 2025-2026 في المدارس والجامعات وإجازة نصف العام تبدأ هذا اليوم    مندوب فلسطين بالجامعة العربية: قمة شرم الشيخ محطة فارقة وضعت حدا للعدوان    كوت ديفوار تعود إلى كأس العالم بعد غياب 12 عاما    ازدحام مروري سيعرقل مسارك.. حظ برج القوس اليوم 15 أكتوبر    «توت عنخ آمون يناديني».. الكلمات الأخيرة ل «كارنافون» ممول اكتشاف المقبرة الملكية (فيديو)    لدورها الريادي في نشر المعرفة: مكتبة مصر العامة بقنا تحصد جائزة «مكتبة العام المتنقلة 2025»    معرض حى القاهرة الدولى للفنون فى نسخته الخامسة لمنطقة وسط البلد لعرض أعمال ل16 فنانا    أكرم القصاص: على الفصائل الفلسطينية إعادة ترتيب أولوياتها وتوحيد الصف    كم تبلغ تكلفة إعادة إعمار غزة؟ مندوب فلسطين يكشف    مصر ومؤتمر السلام بشرم الشيخ: من الدبلوماسية الهادئة إلى توظيف الزخم سياسيا واقتصاديا وسياحيا.. وجود القاهرة على أى طاولة تفاوض لم يعد خيارا بل ضرورة.. وتصريحات ترامب عن الجريمة فى بلاده اعتراف أن مصر بيئة آمنة    أسعار الموز والتفاح والفاكهة في الأسواق اليوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025    ترامب يكشف تفاصيل محادثته مع حماس بشأن نزع السلاح: سنتدخل بالقوة لو لم يفعلوا    في 3 أيام .. وصفة بسيطة لتطويل الأظافر وتقويتها    باختصار.. أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. تجدد الاشتباكات بين القوات الأفغانية والباكستانية.. نتنياهو: لن ندخر أى جهد لإعادة رفات المحتجزين فى غزة.. 90% من شوارع قطاع غزة تضررت جراء الحرب    هل شراء شقة عبر البنك يُعد ربا؟.. أمين الفتوى يوضح    متى يكون سجود السهو قبل السلام؟.. أمين الفتوى يوضح حكم من نسي التشهد الأوسط    السفير صلاح حليمة: الاحتجاجات في مدغشقر تطورت إلى استيلاء على السلطة بحماية النخبة    الجامعة الأمريكية تنظم المؤتمر ال 19 للرابطة الأكاديمية الدولية للإعلام    مدير مكتب تأهيل الخصوص في تزوير كروت ذوي الإعاقة: «طلعتها لناس مكنش ليهم محل إقامة عندي» (نص التحقيقات)    طريقة عمل شيبسي صحي في المنزل.. بدون أضرار    ورشة عمل لاتحاد مجالس الدولة والمحاكم العليا الإدارية الإفريقية    ب36 شخصية رفيعة.. قارة آسيا تتصدر الحاصلين على قلادة النيل    دار الإفتاء توضح حكم تنفيذ وصية الميت بقطع الرحم أو منع شخص من حضور الجنازة    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في الشرقية    جامعة جنوب الوادي تنظم ندوة حول "التنمر الإلكتروني"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في محافظة الأقصر    إثيوبيا ترد على تصريحات الرئيس السيسي: مستعدون للانخراط في مفاوضات مسئولة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المُخْبِتُونَ يَعْبُدونَ اللَّهَ بِصَمْتٍ
نشر في الفجر يوم 29 - 06 - 2015

يبدأ هذا الجزء منَ القرآن الكريم ، منْ الآية [ 6 ] من سورة هود [ 93 ] ، وحتى الآية [ 52 ] من سورة يوسف ، وممّا ورَد فيه :
( أَخْبَتُوا إلى رَبِّهِمْ )[ هود 23 ] :
المُخْبِتُونَ : هُمُ الذينَ يَعْبُدونَ اللَّهَ بِصَمْتٍ وَبِتَواضُعٍ كَامِلٍ، دونَ اعتِراضٍ وَلَوْ بالنَفْسِ : ( وَبَشِّرِ المُخْبِتينَ الذينَ إذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلوبُهُمْ والصَابرينَ على مَا أصابهُمْ والمُقيميْ الصَلاةَ ومِمّا رزقْناهُمْ يُنفقونَ )[ الحج 24 / 25 ] ، ( إنَّ الذينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَالِحَاتِ وَ أَخْبَتُوا إلى رَبِّهِمْ أولَئِكَ أَصْحَابُ الجنّةِ )[ هود 23 ] ، وَ هُمْ أهْلُ العلْم حصراً : ( وَ لِيَعْلَمَ الذينَ أوتُوا العِلْمَ أنّهُ الحَقّ مِنْ ربّهِمْ فَتُخْبِتَ لهُ قُلُوبُهُمْ )[ الحج 54] .
(واصْنَعِ الفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَ وَحْيِنَا)[هود 37] :
( وَ أُوحِيَ إلى نُوحٍ أَنْه لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ وَ اصْنَعِ الفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْني فِي الذينَ ظَلَمُوا إنَّهُمْ مُغْرَقُونَ )[ هود 36 / 37 ] ، كلمة (مُغْرَقُونَ ) : جاءت بصيغَةِ اسْم المفعول ، أيْ أنَّ الغَرَقَ حَاصِلٌ لَهُمْ لاَ مَحَالَة ، لِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ : سَيَغْرَقُون.
كانَتْ سَفينَةُ نُوحٍ عليه السلامُ ، سَفينَةً مُتواضِعَةً في مُواصَفاتِهَا ، بَناهَا شَخْصٌ واحِدٌ هُوَ نُوحٌ : ( فَأَوْحَيْنَا إلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الفُلْكَ )[ المؤمنون 27 ] ، ( وَاصْنَعِ الفُلْكَ بأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا )[ هود 37 ] ، (وَ يَصْنَعِ الفُلْكَ )[ هود 38 ] ، فَقَدْ كانَتْ سَفينَةً صَغيرَةً مِنْ نَوْعِ الفُلْكِ: (فأَنْجَيْنَاهُ وَالذينَ مَعَهُ في الفُلْكِ )[ الأعراف 64]، ( فأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ في الفُلْكِ )[ الشعراء 119] ، وَقَدْ كانَتْ عِبارَةً عَنْ ألْواحٍ خَشَبيَّةٍ مَشْدُودَةٍ لِبَعْضِهَا بالحِبَالِ، [ لَمْ تُسْتَخْدَمْ فيهَا مَسَاميرُ الحَديدِ ] : (وَحَمَلْنَاهُ عَلى ذَاتِ أَلْواحٍ وَ دُسُرٍ) [القمر 13 ] ، الدِسَارُ هوَ : حَبْلُ السفينَةِ، وَ سَفينَةٌ بِهَذِهِ المُواصَفاتِ ، لاَ يُمْكِنُهَا أَنْ تَحْمِلَ مِنْ جَميعِ أَصْنافِ الحَيوانَاتِ وَ الطيورِ وَ الحَشَراتِ الموجُودَةِ عَلى الأَرْضِ ، زَوْجَيْنِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ ، إذْ لاَ يُمْكِنُ لأَيِّ سَفينَةٍ ، حَتّى مِنْ سُفُنِ الوَقْتِ الحَاضِرِ العِمْلاقَةِ ، أَنْ تَحْمِلَ كُلَّ هَذا العَدَدِ الهائِلِ مِنَ المخْلوقاتِ [ فَأصْنافُ الحَشَراتِ وَ الطيورِ مَثَلاً تَزيدُ عَلى مئَاتِ الآلافِ مِنَ الأنْواعِ ] ، هَذا عَدا عَنْ تأمينِ المَنَاخِ المُلاَئِمِ داخِلَ السَفينَةِ لِكُلِّ نَوعٍ عَلى حِدَة [ الدَبُّ القُطْبيُّ مَثَلاً يَحْتاجُ لِمناخٍ بَارِدٍ جِداً ] ، نَاهيكَ عَنْ تَأمينِ الغِذاءِ المَطْلوبِ لِكُلِّ نَوْعٍ ، عَدا عَنْ تَأمينِ الحِمايَةِ اللاَّزِمَةِ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنَ الأَنْواعِ الأُخْرى ، [ مِثْلَ حِمايَةِ الغَنَمِ مِنَ الذِئْبِ ، وَ الفأْرِ مِنَ الهِرِّ ] ، ثُمَّ إنَّ جَمْعَ وَ إمْساكَ كُلِّ مَخْلوقاتِ الأَرْضِ ، أمْرٌ مَسْتحيلٌ ، خَاصّةً الحَيواناتُ الخَطِرَةُ ، هَذا إذا تَجَاوَزْنا مَوْضوعَ الذهَابِ إلى مَواطِنِهَا الأَصْليَّةِ [ الكنْغَرُ مَثَلاً في اسْتراليا ] ، كُلُّ هَذا إذا فَرَضْنا جَدَلاً أنَّ نُوحَاً عليهِ السلام يَمْتَلِكُ جَداوِلَ إحْصائيَّةٍ ضَخْمةٍ ، فيهَا تَصْنيفٌ لِكُلِّ أنْواعِ المَخْلوقاتِ مَعَ صُوَرِهَا [ للتَعَرُّفِ عَليْهَا ] لِعَدَمِ نِسْيانِ نَوْعٍ مِنَ الأَنْواعِ ، كُلُّ هَذا يَدُلُّنَا بِشَكْلٍ واضِحٍ عَلى أنَّ الأَزْواجَ التي حَمَلَها نُوحٌ في سَفينَتِهِ المُتواضِعَةِ : ( فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ )[ المؤمنون 27 ] ، كانَتْ أزْواجُ الأنْعَامِ الثَمانيَةِ اللازِمَةِ لَهُ وَمَنْ مَعَهُ بَعْدَ انْتِهَاءِ الطُوفانِ ، وَالوارِدَةُ بقَوْلِهِ تعالى : ( وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْواجٍ )[ الزمر 6 ] ، (ثَمَانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ المَعِزِ اثْنَيْنِ 000 وَمِنَ الإبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ البَقَرِ اثْنَيْنِ )[ الأنعام 143 ] .
(إنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) [هود 46]:
أنَّ عَمليّةَ التَنْقِيَةِ قَدْ شَمَلَتْ أُسْرَةَ نوحٍ بالذاتِ ، فَقَدْ تَمّ القَضَاءُ عَلى امْرأتِهِ وَأحَدِ أبْنائِهِ : ( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذينَ كَفَروا امْرَأتَ نُوحٍ )[ التحريم 10 ] ، (وَ نَادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إنَّ ابْني مِنْ أَهْلي 000 قَالَ يَا نُوحُ إنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ )[ هود 45 / 46 ] ، نلاحظ أن الله سبحانه قد قال لنوح : ( إنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ) وهذا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ بِعِبادِهِ ، أنّهُ لمْ يَقُلْ لِنوحٍ : [ إنّ ابْنَكَ كَافِرٌ ] ، لِمَا لِهَذِهِ العِبارَة مِنْ أثَرٍ بالِغٍ في نَفْسِ نَبيّ مِثْلَ نوح ، وَ مِنْ رَحْمَتِهِ تعالى بِعِبادِهِ أنَّهُ لَمْ يُغْرِقْ ابنَ نوحٍ أمَامَ عَيْنِ والِدِهِ ، بَلْ أَغْرَقَهُ بَعيداً عَنْهُ : ( وَ حَالَ بَيْنَهُمَا المَوْجُ فَكَانَ مِنَ المُغْرَقينَ )[ هود 43 ] ، وَ هَذِهِ التَنْقيَةُ كانَتْ ضَروريَّةً في سُلالَةِ نوحٍ بالذاتِ ، حَيْثُ بَقِيَتْ سُلالَتُهُ آخِرَ الأمْرِ : ( وَ جَعَلْنَا ذُريَّتَهُ هُمُ البَاقينَ )[ الصافات 77 ] .
( نَاقَةَ اللّه )[ هود 64 ] :
ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً لِلْنَاسِ نَاقَةَ النبي صَالِح عليه السلام ، وَ بِمَا أَنَّهَا [ نَاقَةَ اللّهِ ] ، لِذَا يَجِبُ أَنْ تُتْرَكَ وَ شَأْنَهَا تَسْرَحُ في الطَبيعَةِ ، دُونَ أَنْ يُؤْذِيَهَا أَحَدٌ : (وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَروهَا تَأْكُلُ في أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَريبٌ )[ هود 64 ] ، وَ جَميْعُ المَخْلُوقَاتِ الأُخْرى ، مِثْلَ العَصَافيْرِ وَ الطُيُورِ وَ حَتّى المَخْلُوقَاتِ البَرِيَّةِ مِثْلَ الدِبَبَةُ وَ النُمُورِ وَحَيَوانَاتِ [ السِيْركِ ] .... ، أَلَيْسَتْ مَخْلُوقَاتُ اللّهِ ؟ ؟ ! ، فَلِمَاذَا نَسْجُنُها في الأقْفَاصِ ثُمَّ نَتَفَرَّجُ عَلَيْهَا ذَلِيْلَةً حَزِيْنَةً ، بِبِرودَةِ أَعْصَابٍ خَالِيَةٍ مِنْ أيِّ إحْسَاسٍ بِمَشَاعِرِهَا ، أَلَيْسَتْ أُمَمَاً مِثْلنَا : (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ في الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيْرُ بِجَنَاحَيْهِ إلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ )[ الأنعام 38 ] ، وَاللّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الذي تَكَفَّلَ بِتَرْبِيَتِها وَ رِعَايَتِها : (وَمَا مِنْ دابَّةٍ إلاّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِها إنَّ رَبّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقيم) [ هود 56 ]، كَمَا تَكَفَّلَ المَوْلى بِإطْعَامِهَا جَميْعَاً: (وَمَا مِنْ دابَّةٍ في الأَرْضِ إلاّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا)[ هود 6 ] ، بَعْدَ كُلِّ هَذَا الإِيْضَاحِ مِنَ المَوْلى ، ماَ زِلْنَا نَقْتُلُ وَ نَسْجُنُ وَ نُعَذّبُ مَخْلُوقَاتِ اللّهِ، فَكَيْفَ نَرْتَاحُ لِمَنْظَرِ العِصَافيرِ في القَفَصِ ! ، ألَيْسَ مَكانَها الطبيعيّ عَلى الأشْجَارِ ، لِمَاذَا تَهْرُبُ مِنَّا الطُيُورُ ، وَ قَدْ ذَكَرَ لَنَا المَوْلى سُبْحَانَهُ مِثَالاً رائِعَاً عَنْ دَاوودَ عليْهِ السلام وَشِدَّةِ رِفْقِهِ بالطُيُورِ، بِحَيْثُ كَانَتْ تَأْتي إلَيْهِ مُسْرِعَةً: (وَالطَيْرَ مَحْشُورةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ )[ ص 19 ] .
المُؤْتَفِكَةَ: المُنْقَلِبَةَ رأساً على عَقبْ
(يُجَادِلُنَا في قَوْمِ لُوطٍ )[ هود 74 ] :
قوم لوط عليه السلام ، هُمُ الذينَ سَكَنوا في قَرْيَةِ [ سَدُومْ ] ، التي تَقَعُ حَالياً تَحْتَ جَنُوبِ البَحْرِ المَيِّتِ بِفِلَسْطينَ، وَقَدِ ابْتَكَروا للمَرَّةِ الأُولى اللّواطَةَ [ نِسْبَةً لِقَوْمِ لُوْطْ ] وَهِيَ مُعَاشَرَةُ الذُكُورِ جِنْسيّاً دُونَ الإنَاثِ : (وَلُوطَاً إذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ العَالَمينَ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِسَاء بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ )[ الأعراف 81 ] ، (وَلُوطَاً إذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا من أَحَدٍ مِنَ العَالَمين إنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِجَالَ )[ العنكبوت 28 ] (أتَأْتُونَ الذُكْرانَ مِنَ العَالَمينَ )[ الشعراء 165] ، وَمَارَسُوا اللُّواطَةَ عَلَناً في ناديهِمْ : (وَتَأْتونَ في نَاديكُمُ المُنْكَرَ )[ العنكبوت 29 ] ، لِذَلِكَ أهْلَكَهُمُ اللَّهُ بعِقابٍ مُتَمَيَّزٍ في شِدَّتِهِ وَقَسْوَتِهِ، إذْ قَلَبَ قَرْيَتَهُمْ رَأْسَاً عَلى عَقِبٍ : (وَالمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى)[ النجم 53 ] ، المُؤْتَفِكَةَ : المُنْقَلِبَةَ رأساً على عَقبْ وهي قَريَةُ سَدوم ، ثُمَّ أَحْرَقَ الجُثَثَ بِحِجَارَةٍ حَارِقَةٍ مِنَ السَمَاءِ، وَبَعْدَ ذَلِكَ غَطَّى المَنْطِقَةَ بِمِياهٍ شَديدَةِ المُلُوحَةِ [البَحْرُ المَيِّتُ ] ، وَرُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ بِسَبَبِ إصَابَتِهِمْ بأمْراضٍ مُعْدِيَةٍ حتَّى بَعْدَ الوَفاةِ، وَلَمْ تَنْفَعْ شَفاعَةُ إبْراهيمَ عليه السلام لَهُمْ، فَقَدْ عاشُوا عَلى زَمَنِ إبراهيمَ حَوالي 1700 قَبْلَ الميلاَدِ: (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إبْراهِيمَ الرَوْعُ وَجَاءَتْهُ البُشرى يُجَادِلُنَا في قَوْمِ لُوطٍ ... يَا إبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذا إنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَ إنَّهُمْ آتيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدودٍ ... فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَ أَمْطَرْنا عَلَيْهِا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ)[ هود 74 ] ، ( فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ ) [ الحجر 76 ] ، ( وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَسَاءَ مَطَرُ المُنْذَرينَ )[ الشعراء 173 ][ النمل 58 ] ، (القَرْيَةِ التي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السُوءِ )[ الفرقان 40 ] ، وَكَانَ عليه السلام مُبْغِضَاً أَشَدَّ البُغْضِ لِمَا كَانَ يَقُومُ بِهِ قَوْمُهُ مِنْ مُعَاشَرَةٍ الذُكُورِ جِنْسيَّاً تارِكينَ مُعَاشَرَةَ النِسَاءِ: (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ المُرْسَلِينَ إذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلاَ تَتَّقُونَ 000 أَتَأْتُونَ الذُكْرانَ مِنَ العَالَمِينَ وَتَذَرونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادون ... قَالَ إنَّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ القَالينَ )[ الشعراء 160 ] ، القَالينَ : المُبْغِضينَ أشدَّ البُغْضِ ، وَكَانَتْ سَدُومُ تَقَعُ عَلى طَريقِ القَوافِلِ الدائم الحركة : (وَ إنَّهَا لَبِسَبيلٍ مُقِيْمٍ )[ الحِجْر 76 ] ، فَكَانُوا يَقْطَعُونَ الطَريقَ وَ يُمَارِسُونَ الجِنْسَ مَعَ ذُكُورِ القَوافِلِ: (وَتَقْطَعُونَ السَبيلَ )[ العنكبوت 29 ] .
(بَقِيَّتُ اللّهِ خَيْرٌ لَكُمْ)[ هود 86] :
أيْ : مَا أَبْقَاهُ اللهُ لَكُمْ مِنَ الحَلاَلِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنَ الأُمُورِ التي حَرَّمَهَا عَلَيْكُمْ، وَجَمْعُها باقِياتُ: (وَالبَاقِيَاتُ الصَالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ )[ الكهف 46 ][ مريم 76 ] ، (مِنَ القُرونِ مِنْ قبْلِكُمْ أُولوا بَقِيَّةٍ يَنْهَونَ عَنِ الفَسَادِ في الأرْضِ )[ هود 116] .
(أَحْسَنَ القَصَصِ)[يوسف 3] :
تُعْتَبَرُ سُورَةُ يُوسُفَ عليه السلام التي هِيَ أَحْسُنُ القَصَصِ : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القَصَصِ )[ يوسف 3 ] ، فَهي السُورَةُ الوحيدةُ مِنْ بَيْنِ كُلِّ سُوَر القرآنِ الكَريمِ التي اقْتَصَرَتْ عَلى قِصَّةِ يوسُفَ عليه السلام ، وَهيَ القِصَّةُ الوحيدَةُ المُجْتَمِعَةُ في مَوْقَعٍ واحِدٍ، فَأَيُّ سُورَةٍ أُخْرى تَحْمِلُ اسْمَ نَبِيٍّ لَمْ تَنْفَرِدْ بالحديثِ عَنْ ذَلِكَ النَبيِّ وَهِيَ شَامِلَةٌ لِكُلِّ جَوَانِبِ الحَيَاةِ ، وَتَعْتَمِدُ أَصْلاً عَلى رُؤيَا نَبيٍّ هُوَ يوسُفُ وَتَدُورُ أَحْدَاثُهَا في القَرْنِ 17 قَبْلَ الميلاَدِ، كَمَا نُلاَحِظُ أَنَّ شَخْصِيَّةَ يوسُفَ تَشُعُّ بِمَعَانٍ عَديدَةٍ يَنْفَرِدُ بِهَا يوسُفُ مِنْ حَيْثُ :
جَمَالُ هَذِهِ الشَخْصِيَّةِ : ففي الحَديثِ الشَريفِ أَنَّهُ أُوتيَ شَطْرَ [ نِصْفَ ] الحُسْنِ ، وَ رُبَّمَا ورِثَ هَذا الجمَالَ عَنْ زَوْجَةِ إبراهيمَ سَارةُ التي هِيَ أُمُّ جَدّتِهِ : ( فَلَمّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَ قطَّعْنَ أَيْدِيَهُنّ وَ قُلْنَ حَاشَى لِلَّهِ مَا هَذا بَشَراً إنْ هَذا إلاَّ مَلَكٌ كَريمٌ )[ يوسف 31 ] ، وَ لَمّا أعْطى اللهُ هَذا الجمَال إلى يوسُفَ ابتَلاهُ بالرِقِّ والعُبوديَّةِ : (وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً 000 وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدودَةٍ وَكَانوا فيهِ مِنَ الزاهِدينَ )[ يوسف 19 / 20 ] ، ويبقى الجمالُ مَحبوباً بينَ الناسِ .
ثَبَاتُ هَذِهِ الشَخْصيَّةِ : فَقَدْ كانَ طوالَ حَيَاتهِ مِنَ المُحْسِنينَ ، وفي الحديث الشريف الإحسانُ : [ أن تعبُد الله كأنّكَ تراه ][ رواه البخاري برقم 50] ، فَقَبْلَ السِجْنِ : ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْمَاً وَكَذَلِكَ نَجْزي المُحْسِنينَ )[ يوسف 22 ] ، ثُمَّ في السِجْنِ : حَيْثُ يَقُولُ لَهُ صَاحبَيْ السِجْنِ : ( إنَّا نَرَاكَ مِنَ المُحْسِنينَ )[ يوسف 36 ] ، وَ عِنْدَمَا أَصْبَحَ عَزيزَ مِصْرَ حَيْثُ يَقُولُ لَهُ إخْوتُهُ أيْضَاً : ( إنَّا نَرَاكَ مِنَ المُحْسِنينَ )[ يوسف 78 ] ، كَمَا كَانَ مِنَ الصَادِقينَ : ( وَ هُوَ مِنَ الصَادِقينَ)[ يوسف 27 ] ، وَ لَمْ يَقُلْ : صَادِقَاً ، وَلكِنْ قَالَ : مِنَ الصَادقينَ.
صَبْرُ هَذِهِ الشَخْصيَّةِ : ( قَالَ ربّ السِجْنُ أَحَبُّ إليَّ مِمَّا يَدْعُونَني إلَيْهِ )[ يوسف 33 ] ، ثُمّ رَفضَهُ الخُروجَ مِنَ السِجنِ بَعْدَ سَنواتٍ مِنَ السِجْنِ الانْفِراديّ: ( فَلَبِثَ فِي السِجْنِ بِضْعَ سِنينَ )[ يوسف 42 ] ، وَفي ذَلِكَ يَقُولُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم : [000 وَ لَوْ لَبِثْتُ في السِجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ يُوسُفَ لأَجَبْتُ الدَاعي ][ رواه مسلم في الإيْمان، والبخاري في الأنبياء عن أبي هريرة رضي الله عنه ] .
تَوَكُّلُ هَذِهِ الشَخْصيَّةِ عَلى اللَّهِ : (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائي إبْراهِيمَ وَإسْحَاقَ وَ يَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلى النَاسِ ) [ يوسف 38 ] .
انْتِصَارُ هَذِهِ الشَخْصيَّةِ عَلى غَريزَةِ الجِنْسِ : (وَرَاودتْهُ التي هُوَ في بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلّقَت الأَبْوابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ )[ يوسف 23 ]، وَانتصَارهَا عَلى حِقْدِ الإخْوَةِ : ( قَالَ لاَ تَثْريبَ عَلَيْكُمُ اليَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الراحِمِين َ)[ يوسف 92 ] ، لذلك يجبُ دراسة شَخصيّة يوسف منَ النواحي [ النفسيّة ] ، فعندما اتّهمه أخوتُهُ بالسرقة وأمَامَ حَاشيته : (قالوا: إنْ يَسْرقْ فقدْ سَرَقَ أخٌ لهُ مِنْ قَبْلُ )[ يوسف 77 ] ، ولكنّ يوسُفَ عليه السلام لمْ يبدُ حتّى على ملامحه أيّ آثار: ( فأسَرّها يوسُفُ في نفسه ولمْ يُبْدِها لهُمْ )[ يوسف 77 ] ، وأخيراً انتصَارُ هذه الشخصيّة عَلى نَزْغِ الشَيْطانِ : (مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَيْطَانُ بَيْني وَ بَيْنَ إخْوَتي)[ يوسف 100 ] .
وَ تُعْطي سُورَةُ يُوسُفَ تَوْثيقاً تَاريخياً مهمّاً في التَاريخِ المصْرِيِّ، حَيْثُ نُلاَحِظُ أَنَّ السُورَةَ لَمْ تَذْكُرْ كَلِمَةَ فِرْعَوْنَ ، بَلْ ذَكَرَتْ كَلِمَةَ : الملِكِ : (وَقَالَ المَلِكُ إنّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ )[ يوسف 43 ] ، فَفي فترةِ [ 1615 1560 ] قَبْلَ الميلاَدِ ، دَخَلَ العَمَالِقَةُ الهكْسُوسُ إلى مِصْرَ وَحَكَمُوهَا خِلاَلَ تِلْكَ الفَتْرَةِ ، وَالحَاكِمُ الهِكْسُوسِيُّ يُدْعَى الملِكُ وَلَيْسَ فِرْعَوْنُ ، وَفي تِلْكَ الفَتْرَةِ دَخَلَ يُوسُفُ وَإخْوَتُهُ إلى مِصْرَ ، وَفي عَامِ 1560 قَبْلَ الميلاَدِ قَامَ الفِرْعَوْنُ [ إحْموسْ الأَوَّلُ ] بِطَرْدِ الهِكْسُوسِ مِنْ مِصْرَ، وَأعَادَ حُكْمَ الفَرَاعِنَةِ .
(وَقَالَ نِسْوَةٌ )[ يوسف 30 ] :
مِنَ المواضيعِ اللُّغَويَّةِ المُلْفِتَةِ للنَظَرِ في سُورَةِ يَوسُفَ مَا وَرَدَ في الآيةِ : (وَ قَالَ نِسْوَةٌ )[ يوسف 30 ] ، فَكَلِمَةُ : [ قالَ ] هِيَ لِلمُذَكَّرِ ، بَيْنَمَا القَائِلُونَ هُمْ نِسْوَةٌ ، فَلِمَاذا لَمْ يَقُلْ : ( وَقَالَتْ نِسْوَةٌ ) ، وَ السَبَبُ هُوَ : أَنَّ القُرآنَ حِينمَا يَسْتَخْدِمُ الفِعْلَ بِصيغَةِ المُذَكَّرِ بينمَا الفاعِلُ مُؤَنَّثٌ، فإنّه يَدُلُّ عَلى [ قِلَّةِ ] عَدَدِ الفَاعِلينَ ، فَعَدَدُ النِسْوَةِ اللَّواتي تَحَدَّثْنَ كَانَ عَدَداً قَليلاً، وَلَيْسَ كُلُّ نِسَاءِ المدينَةِ وَإلاَّ لأَصْبَحَتْ فَضيحَةً لامْرَأَةِ العَزيز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.