على بعد خطوات من مقلب قمامة، تجلس «المعلمة» هيام، تعطى أوامرها لمساعديها من «النباشين» وتوزع أدوارهم فى العمل، فهى تؤمن بالتخصص، ولذلك خصصت لكل نوع من المخلفات سواء بلاستيك أو زجاج أو غيرهما.. أحد مساعديها. هيام التى لم تتعد عامها الأربعين تتخذ من مقلب القمامة بمنطقة البصراوى بإمبابة، نقطة ارتكازها، فهى لا تبتعد عنه، حيث تجد فيه المكان الأمثل ل»لقمة العيش» كونه يمتاز بتزايد القمامة يوميا وسط تجاهل من الحى، ويعمل معها 6 أفراد، مهمتهم فرز القمامة، وفصلها كل عنصر على حدى سواء «البلاستيك، وعلب الصفيح، والزجاج»، بعد ذلك تقوم هى ببيعها. تقول هيام «أعيش فى منطقة إمبابة منذ الصغر، ومتزوجة، لكن زوجى مريض بالفشل الكلوى، وأتولى الإنفاق عليه وابنى الذى يدرس فى الصف الثالث الإعدادى». ترفض هيام الاستعانة بابنها فى العمل، «مبحبش أخده معايا الشغل عشان عاوزاه يعيش عيشة أحسن من اللى أنا عشتها». تبدأ هيام يومها مبكرا، حيث تستيقظ فى تمام الساعة 8 صباحا، وتذهب إلى مقلب القمامة، حيث ينتظرها مساعدوها الستة أمام المقلب، الذين تقسمهم إلى ثلاث مجموعات، الأولى لفرز الزجاج، والثانية للصفيح والثالثة للألمونيوم، ويقوم كل فريق بتجميع حصيلته فى جوال كبير، وفى تمام الساعة 12 ظهرا، يتوقف الجميع عن العمل لتناول وجبة الإفطار. تضيف هيام «كل ثلاث ساعات تزداد القمامة، لأن أهالى الحى يقومون بإلقاء القمامة داخل المقلب طول الوقت، إضافة إلى المحلات التى تلقى مخلفاتها داخل المقلب، مشيرة إلى أن موسم الصيف افضل بكثير من الشتاء حيث تزيد كمية القمامة. تعتبر هيام جمع القمامة المهنة الأنسب لها، بالمقارنة بالأموال التى تتحصل عليها، «مفيش شغل تانى هيكسبنى 500 جنيه صافى كل يوم بعد بيع حصيلة اليوم، ومهمتى بس إنى أقعد على الكرسى وأشرف على صبيانى اللى بياخد كل واحد منهم يومية 50 جنيهاً». أكثر ما يؤرق المعلمة هيام، المشادات التى تحدث يوميا بينها وأهالى الحى، الذين يرون أنها السبب الرئيسى فى تراكم القمامة، لأنها لا تجمعها وإنما «تنبش» فقط عن المعادن التى تفيدها، «الناس بتتخانق معايا رغم أن الزبالة بالنسبة لنا باب رزق ربنا بعته لينا لو رفضناه نبقى شوية كفار». على الجانب الآخر وجدنا من بين مساعدى أم سيد التى قالت: لم أجد سوى المعلمة هيام لألجأ اليها لعلاج ابنى، وبالفعل هى الوحيدة التى تتولى الانفاق على علاجه وتعطينى ضعف «اليومية»، لذلك نطلق عليها «الإمبراطورة» لأنها تخاف علينا وتهتم بصحتنا ولا تسمح بأى شخص غريب بالاستيلاء على المقلب منها.