لم تأتى نتائج إنتخابات البرلمان التركى لتحمل مفاجأت من العيار الثقيل، وإنما كما توقع معظم الخبراء، ونشرت بوابة " الفجر" أراءهم بالأمس، فى سياق تقرير بعنوان" سيناريو إسقاط إردوغان فى إنتخابات البرلمان التركى".
حيث إتجهت التحليلات إلى أن حزب العدالة والتنمية "الإردوغانى"، لن يحصد ثلثى المقاعد ليتمكن من تعديل الدستور، وتحويل الدولة من النظام البرلمانى إلى الرئاسى، كما لن يحصد أغلبية المقاعد، ليتسنى له تشكيل الحكومة بمفرده.
فى البداية قال الدكتور جهاد عودة أستاذ العلاقات الدولية بجامعة حلوان، إن النتائج أظهرت حصول "العدالة والتنمية" على نحو 41% من الأصوات بما يوازي 258 مقعدا، بينما كان يحتاج إلى 367 مقعدا، بما يعادل ثلثى البرلمان حتى يعدل الدستور.
وأضاف عودة أن طموح رجب طيب كان يتجه لأن ينقل الصلاحيات الأوسع من البرلمان والحكومة، إليه كرئيس للجمهورية، كما فعل فلاديمير بوتين فى روسيا، حين تحول من رئاسة الحكومة إلى رئاسة الدولة، وحصل على ما يسمح له بتعديل النظام السياسى لبلاده.
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن هذا التراجع الإنتخابي يمكن إعتباره الأول للحزب الذي فاز في جميع الإنتخابات ابتداء منذ عام 2002، وهو ما يمثل هزيمة للطموحات الإردوغانية المتنامية، فى مقابل تصاعد للمد المدنى اليسارى والقومى الذى يسميه المفكرون الأتراك" التيار الأتاتوركى".
حيث جاءت النتائج بحصول حزب الشعب الجمهوري على 25% ب 132 مقعدا، فيما حصلت الحركة القومية على 16,5% ب 81 مقعدا، وحصل حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد لحقوق الأكراد على 13% ب 79 مقعدا، ليتجاوز عتبة 10% اللازمة لدخول البرلمان، وبالتالي سيكون أول تكتل أو حزب سياسي كردي يدخل البرلمان.
وشدد أستاذ السياسة الدولية على أنه توقع وصول الأكراد للبرلمان، هذه المرة تحديدا، كما توقع أن حزب إردوغان لن يحصد الأغلبية المطلقة، وسيحتاج للدخول فى تحالف مع حزب أخر حتى يشكل الحكومة، وهو ما سيحدث وفقا لتلك النتائج.
ومن جانبه قال الكاتب السياسى والمؤرخ حلمى النمنم، رئيس مجلس إدارة دار الكتب والوثائق، إنه إذا كتب مقالا عن هذه النتائج، سيكون عنوانه" هزيمة إردوغان"، لافتا إلى أن تلك الأرقام بالنسبة لشخص متغطرس ومتعجرف مثله تساوى هزيمة ساحقة، حال مقارنتها بطموحاته للإستئثار بثلثى المقاعد، حيث أراد أن يحكم الدولة بنظام ديكتاتورى شمولى فاشى، بطريقة حكم الفرد الأوحد، بأن يكون هو رئيس الجمهورية ورئيس الحزب الحاكم والمهيمن على البرلمان والحكومة، على غرار الحزب الوطنى فى مصر، وما كان يريد أن يفعله حزب الإخوان فى عهد مرسى.
وأضاف النمنم إنه لم يتوقع سقوطا كاملا لحزب إردوغان لأن النتائج فى الديموقراطيات، لا تقاس بتلك الطريقة، مشددا على أن نظامه بالفعل قمعى يكبت الحريات ويضطهد الصحفيين والنشطاء، ويستفز الجيش بتسليح المتشددين فى سوريا وغيرها، كل هذا صحيح، ولكن هناك إصلاحات إقتصادية حقيقية، لافتا إلى أن هذا لا ينفى وجود فساد.
ومن جانبه توقع السفير نبيل بدر مساعد وزير الخارجية الأسبق، وسفير مصر لدى سوريا سابقا، أن يشهد البرلمان التركى الجديد مواجهات ومناكفات بين التيار اليسارى وتيار إردوغان المحسوب على اليمين الليبرالى المتأسلم، كما سيشهد إعتراضات كردية على ممارسات نظام إردوغان، حال إثبات علاقاته بالمتشددين والجماعات الإرهابية فى سوريا والعراق.
ولم يستبعد بدر أن يعمل النواب الأكراد على تجميع الأدلة التى تثبت ذلك، وتقديمها للبرلمان، مثلما شهد ضده ضباط من الجيش أمام جهات التحقيق، وأكدوا على إرساله السلاح للمتشددين فى سوريا، رغم أنه نفى ذلك وزعم أنها مساعدات إنسانية.
وأشار الخبير الدبلوماسى إلى أن دخول تيارات أخرى فى الحكومة الإئتلافية من المنتظر أن تحاول تغيير سياستها، أو تؤدى لصراعات داخل الحكومة، وربما تحدث خلافات حول تشكيل الحكومة نفسها، وعلى إردوغان أن يتحالف مع حزب أخر ليشكلا الحكومة معا.