كشفت صحيفة "الأخبار" اللبنانية نقلا عن مصادر دبلوماسية عربية أن العاصمة العمانية تشهد منذ نحو ۱۰ أيام، أكثر المحادثات كثافة بشأن ملف اليمن، موضحة أن الجانبين الأمريكي والإيراني يشاركان بقوة في هذه الاتصالات التي يتولى فيها الطرف العماني دور الوسيط مع دول مجلس التعاون و في مقدمتها السعودية، التي حرص وزير خارجية ايران الإسلامية محمد جواد ظريف أمس على دعوتها إلى حوار ثنائي عوض الذهاب بعيداً إلى كامب ديفيد. وأشارت المصادر إلى أن ملف سفينة المساعدات الإيرانية التي أعلن قبل نحو أسبوعين توجهها إلى اليمن، کان مدخلاً لاتصالات مع الولاياتالمتحدة وأطراف أخرى ، أفسحت في المجال أمام عرض الکثير من الأفکار حول الأزمة اليمنية. وأوضحت المصادر أن "الأمريکيين کانوا شديدي الحذر من مواجهة مع الإيرانيين في البحر، وأنهم أبلغوا الجانب السعودي أنهم سيبذلون ما بوسعهم لمنع المواجهة". وأضافت المصادر: "عندما بادر الأميرکيون إلى مطالبة إيران بالتنازل عن شرط الوصول مباشرة إلى الشواطئ اليمنية من دون الأخذ بالاعتبار الوجود العسکري للسعوديين وحلفائهم، إنما أرفقوا هذا الطلب بعرض إطلاق محادثات تقوم على مبدأ الإقرار بأن الحوار اليمني – اليمني هو الأساس. وقد أسهم الموقف الأميرکي في تسهيل عمل الوسيط العماني، الذي وجه الدعوات لکثير من الأطراف لزيارة مسقط". وبحسب المصادر نفسها، فإن "وفداً من أنصار الله وصل إلى مسقط، و أجرى محادثات مع الوسيط العماني، وإن شخصيات يمنية بعضها معارض للسعودية وبعضها الآخر على علاقة غير ودية مع انصار الله شارکت في الاتصالات، وإن الجانبين الأمريکي والإيراني يلعبان دوراً مرکزياً في تجسير الهوة بشأن مبادرة تفتح الباب أمام وقف العدوان". وقالت المصادر إن "البنود الأساسية للمبادرة تقوم على فکرة وقف إطلاق النار مع انسحاب الحوثيين من المدن، وهو أمر وافق عليه الحوثيون، لکنهم سألوا عن هوية الجهة العسکرية والأمنية التي ستملأ الفراغ بعد خروجهم، خصوصاً أن الجانب الآخر يرفض إسناد الدور حصراً إلى قوات الجيش الذي يعتبرونه في خدمة أنصار الله أو يتبع لتعليمات الرئيس السابق علي عبد الله صالح". وبحسب المصادر، فإن "الوسطاء لعبوا دوراً کبيراً في انتزاع خطوات کبيرة لمنع تفاقم الوضع الإنساني في اليمن، وإن علاجات تمت لملف النفط والطاقة وإن العلاجات الکاملة للملف الإنساني لا تزال عالقة بسبب استمرار الغارات الجوية للسعودية". ووسط هذه الاتصالات، بدا أن الرياض غير مرحبة على الإطلاق بذهاب اليمنيين إلى جنيف، لأنها وجدت أن رعاية الأممالمتحدة ستفقدها الکثير من الأوراق، وأن البحث السياسي قد ينطلق من حيث انتهت إليه مبادرة المبعوث الأممي السابق جمال بن عمر. في هذا الوقت، قارن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، بين الإرهاب والطائفية، في کلمته بافتتاح اجتماع وزراء خارجية الدول الإسلامية في الکويت، قائلاً إن "قوى إقليمية" تقودهما لتهديد وحدة بلدان المنطقة. و قال الجبير إن التفجير الذي استهدف مسجد القديح في القطيف "إعتداء إرهابي آثم يتنافى مع القيم الإسلامية والإنسانية"، مضيفاً أن جهود المملکة "لن تتوقف يوماً عن محاربة الإرهاب". في المقابل، حث وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف السعودية على إنهاء عدوانها على اليمن، قائلاً إن الصراع "سيجلب الضرر" على المملکة. وأضاف، في الاجتماع نفسه بالکويت: "نقول لأشقائنا السعوديين إننا نريد مستقبلاً أکثر إشراقاً لکل الدول في المنطقة ، وما يفعلونه في اليمن سيجلب الضرر عليهم في نهاية الأمر". وطمأن ظريف الدول العربية إلى أن إيران ليست لديها مشاريع لإحياء إمبراطوريتها التاريخية التي امتدت لمساحة کبيرة في الشرق الأوسط، مشيراً الى أن توصل طهران لاتفاق نووي مع القوى العالمية سيساعد على تحقيق السلام في المنطقة. وفي إشارة إلى قمة کامب ديفيد الأخيرة بين الولاياتالمتحدة والدول الخليجية، قال ظريف: "لماذا تذهبون إلى کامب ديفيد في حين أننا إلى جوارکم ونريد إقامة علاقات طيبة فيما لا تريد أميرکا لکم الخير وتسعى وراء مصالحها"؟. وأضاف أيضا أن طهران ترغب أيضاً في إقامة علاقات طيبة مع السعودية، لکن الحرب لن تحل الأزمة في اليمن.