أشاد عددٌ من الإعلاميين والمفكرين، في تصريحات متفرقة ل 24، بالمبادرة التي أطلقتها دولة الإمارات العربية المتحدة، حول "دور الإعلام في نشر قيم التسامح ومكافحة التطرف"، لاسيّما في ذلك التوقيت الذي تعاني فيه دول المنطقة من وبال التطرف الناتج عن الفهم الخاطئ للدين، والتشدد في تطبيقه. وجاءت المبادرة التي أطلقتها الإمارات خلال الدورة ال 46 لمجلس وزراء الإعلام العرب، مركزة على ضرورة العمل من أجل بناء استراتيجية إعلامية لنشر ثقافة التسامح ومكافحة التطرف، وذلك للعمل من خلال تلك الاستراتيجية على تحقيق مجموعة من الأهداف يأتي في مقدمتها بناء رأي عام مساند لقيم التسامح نظرياً وتطبيقياً على مستوى الأفراد والجماعات، وتعزيز التواصل والحوار بين الشعوب العربية والإسلامية والشعوب الأخرى من خلال التعريف بالجوانب السمحة للحضارة العربية الإسلامية التي تتنافى مع ممارسات التعصب والإرهاب والتطرف، إضافة إلى تشجيع المواهب الفكرية والإعلامية العربية على إنتاج محتويات إعلامية تعزز قيم التسامح والاعتراف بالآخر. بلورة المحتوى الإعلامي وفي هذا السياق، أثنى الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة الدكتور صفوت العالم، على المبادرة التي أطلقتها دولة الإمارات بشأن مكافحة التطرف ونشر قيم التسامح، لافتاً إلى أن العالم العربي في حاجة لتلك المبادرة بصورة كبيرة، لاسيّما مع تردي دور الإعلام وموقفه في السنوات الأخيرة. وقال العالم ل 24 إن المبادرة تحتاج إلى أن تحدد ركائز لبلورة المحتوى الإعلامي المقدم للمواطن العربي، وتقديمها لمحاور لتطوير وتغيير الأداء الإعلامي بما يتواكب مع المرحلة ومتغيراتها. ولفت أيضاً إلى أن النظر إلى تعامل دولة الإمارات مع مواطنيها والمقيمين داخل الحدود الإماراتية يعكس قدر التسامح المجتمعي وتطبيق مفهوم المواطنة، بما يكشف أن ثقافة التسامح سائدة في دول العالم العربي، ولكنها تحتاج للتوضيح، مع الأزمات المتكررة التي تعرضت لها الدول العربية. وشدد الأستاذ بكلية الإعلام على ضرورة التعاون المشترك بين دول العالم العربي، لتبني تلك المبادرة وتنفيذها عن طريق آليات محددة، تحمي بدورها الإسلام من الاستقطاب وكذلك تحقق الهدف المرجو منه، وذلك عن طريق وضع رؤية استراتيجية متكاملة للأداء الإعلامي والمضمون وكل أساليب التواصل والتعاملات التي تتم داخل الآلة الإعلامية. قيم إيجابية بدوره، أكدت الكاتبة الصحفية سكينة فؤاد، أن المبادرة طيبة و تدعو لقيم عربية أصيلة، من التسامح ونشر الثقات التي تمنع صناعة وتربية أجيال يسهل تضليلها، وزراعة البذور السامة للتطرف، بسبب الفهم الخطأ للدين. وأوضحت فؤاد في تصريحات خاصة ل 24، أن المبادرة جاءت في توقيت تحتاج فيه الأمة إلى القيم الإيجابية، من أجل محاربة الفكر المتطرف الذي أوقع المنطقة في أزماتها الحالية، وهو الأمر الذي يتطلب بالفعل إلى تكامل قوى الإعلام العربي، مشيرة إلى أن الأمة العربية، بها قوى إعلام يمكن الاعتماد عليها في تنفيذ هذه المبادرة من خلال إعادة نشر هذه القيم. وأشارت إلى أن استدعاء قوى الإعلام لتحقيق المبادرة، لا يتعارض بأي حال من الأحوال مع تطبيق القوانين، على كل من أساء أو استخدم الدين، في ارتكاب خطايا في حق الأمة العربية. حكمة الإمارات إلى هذا، رأي مراقبون، أن ذلك العصر الذي أصبح فيه الإعلام ووسائله المختلفة هو المتحكم، في اتجاهات وتفكير الجمهور بصورة كبيرة، جعلت من الالتفات لقيام هذه الأداة الخطيرة، بدور إيجابي في استئصال أحد أكبر المشكلات التي تواجه المنطقة العربية في الوقت الحالي وهو التطرف والإرهاب، أمر ضروري، من خلال استغلال الإعلام في تقديم الخطاب الديني المتوازن، بالتزامن مع دور العبادة في نفس الصدد، فضلا عن البرامج التي تخاطب العقل بصورة راقية، أمور كان لابد النظر إليها بصورة جادة، كحل أساسي وجذري في مواجهة التطرف والإرهاب. فيما جاءت ملامح المبادرة التي قدمتها الإمارات، مشدد على ضرورة عدم إفساح المجال إعلاميّا للخطاب الديني المتشدد وعدم المساهمة عن غير قصد في نشره وفي المقابل إفساح المجال للخطاب الديني المعتدل والمتسامح والوسطي، والعمل على تطوير الخطاب الإعلامي بحيث يصبح أكثر احتضانّا لقيم التسامح ومكافحة التطرّف واستيعاب الآخر والعيش المشترك. وبحسب ما اقترحته دولة الإمارات، فسيتم الدعوة لعدة مبادرات إعلامية لتحقيق تلك الأهداف المذكورة، منها إطلاق قنوات ومؤسسات صحفية وإلكترونية متخصصة في بناء ثقافة التسامح ومكافحة الفكر الإرهابي والمتطرف باللغة العربية، وتكون موجهة لجميع شرائح المجتمع. تفعيل المبادرة وفي هذا السياق، قال الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة صلاح عيسى، ل 24، إن روح المبادرة تأتي في اتساق مع ما تحتاجه المرحلة من تطور واستعادة روح التسامح ونبذ التطرف ومكافحته، لاسيما بعد تعرض المنطقة لهزات عديدة نظرا لاتساع رقعة التطرف والعنف. ولفت إلى أن التوقيت الذي خرجت به المبادرة يعكس حكمة دولة الإمارات والقائمين عليها، وعلى جميع الإعلاميين والعاملين بالصحافة عامة مراعاة الأصول العامة للمهنة، وحماية العالم العربي من فتنة الشائعات. فيما شدد الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة على ضرورة تفعيل المبادرة عن طريق التكاتف بين مجالس الصحافة والإعلام في دول العالم العربي والتعاون نحو مشروع إعلامي موحد يعكس رؤية العالم العربي التي أصبح متوحداً بعض الشيء كما هو واضح بالمشهد السياسي والاقتصادي.