سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأحد 25 مايو 2025    محافظ أسيوط: طرح لحوم طازجة ومجمدة بأسعار مخفضة استعدادا لعيد الأضحى    الدكتور هاني سويلم يتابع حالة الري بالبحيرة خلال فترة أقصى الاحتياجات المائية الحالية    افتتاح أول مصنع لإنتاج كباسات أجهزة التبريد في مصر باستثمارات 5 ملايين دولار    وزير الزراعة يتفقد المزارع والمشروعات الإنتاجية بدير مارمينا بالإسكندرية    موسكو تعلن إسقاط 95 طائرة مسيرة أوكرانية خلال 4 ساعات    المنتدى الاقتصادى الأبرز.. أخر مستجدات تعزيز العلاقات الاستراتيجية المصرية الأمريكية    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    مسئولون أوكرانيون ل"أسوشيتيد برس": روسيا تشن هجوما صاروخيا ضخما على كييف لليلة الثانية على التوالي    محافظ أسيوط يتفقد مستشفى الرمد.. ويلتقي بعض المرضى للاطمئنان على الخدمات المقدمة لهم    موعد مباراة الأهلي وفاركو في ختام منافسات الدوري والقناة الناقلة    قبل 3 أسابيع من مواجهة الأهلي .. ميسي ينقذ إنتر ميامي من الهزيمة فى الدوري الأمريكي (فيديو)    درجات الحرارة اليوم الأحد في مصر    يا رايحين للنبي الغالي.. التضامن تواصل تفويج حجاج الجمعيات الأهلية إلى الأراضي المقدسة.. تيسيرات في إجراءات السفر بالمطارات.. وباصات خاصة لنقل ضيوف الرحمن للفنادق (صور)    اليوم.. نظر تظلم هيفاء وهبي على قرار منعها من الغناء في مصر    بكاء كيت بلانشيت وجعفر بناهي لحظة فوزه بالسعفة الذهبية في مهرجان كان (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    جامعة القاهرة تنظم ملتقى التوظيف 2025    الكشف على 680 مواطنا خلال قافلة طبية مجانية بقرية العروبة بالبحيرة    موعد إعلان بطل دوري 2025 بعد رفض المحكمة الرياضية الشق المستعجل لبيراميدز .. اعرف التفاصيل    أسعار البيض اليوم الأحد 25 مايو    نموذج امتحان الأحياء الثانوية الأزهرية 2025 بنظام البوكليت (كل ما تريد معرفته عن الامتحانات)    "مساهمات كثيرة".. ماذا قدم محمد صلاح في مبارياته أمام كريستال بالاس؟    إصابة عدة أشخاص في أوكرانيا بعد ليلة ثانية من هجمات المسيرات الروسية    تمهيدًا لتعميم التجربة.. مطار الغردقة الدولي يُطلق خدمة جديدة لذوي الهمم    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 25 مايو    نموذج امتحان الجبر والهندسة الفراغية الثانوية الأزهرية 2025.. تفاصيل امتحانات طلاب الأزهر    ما هو ثواب ذبح الأضحية والطريقة المثلى لتوزيعها.. دار الإفتاء توضح    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. مرتضى منصور يعلن توليه قضية الطفل أدهم.. عمرو أديب يستعرض مكالمة مزعجة على الهواء    إعلام: عطل في اتصالات مروحية عسكرية يعطل هبوط الطائرات في واشنطن    مصرع ميكانيكي سقط من الطابق الخامس هربًا من الديون بسوهاج    مي عبد الحميد: تنفيذ أكثر من 54 ألف وحدة إسكان أخضر.. ونستهدف خفض الطاقة والانبعاثات    مستشفى دمياط التخصصي: حالة الطفلة ريتال في تحسن ملحوظ    نائب إندونيسي يشيد بالتقدم الروسي في محطات الطاقة النووية وتقنيات الطاقة المتجددة    بعد فيديو اعتداء طفل المرور على زميله بالمقطم.. قرارات عاجلة للنيابة    هل يجوز شراء الأضحية بالتقسيط.. دار الإفتاء توضح    إلغوا مكالمات التسويق العقاري.. عمرو أديب لمسؤولي تنظيم الاتصالات:«انتو مش علشان تخدوا قرشين تنكدوا علينا» (فيديو)    استشهاد 5 فلسطينيين فى غارة للاحتلال على دير البلح    هل يتنازل "مستقبل وطن" عن الأغلبية لصالح "الجبهة الوطنية" في البرلمان المقبل؟.. الخولي يجيب    «هذه فلسفة إطلالاتي».. ياسمين صبري تكشف سر أناقتها في مهرجان كان (فيديو)    قساوسة ويهود في منزل الشيخ محمد رفعت (3)    النائب حسام الخولي: تقسيم الدوائر الانتخابية تستهدف التمثيل العادل للسكان    «أضرارها تفوق السجائر العادية».. وزارة الصحة تحذر من استخدام «الأيكوس»    الأردن وجرينادا يوقعان بيانا مشتركا لإقامة علاقات دبلوماسية بين الجانبين    نائب رئيس الوزراء الأسبق: العدالة لا تعني استخدام «مسطرة واحدة» مع كل حالات الإيجار القديم    «أحدهما مثل الصحف».. بيسيرو يكشف عن الفارق بين الأهلي والزمالك    نسرين طافش بإطلالة صيفية وجوري بكر جريئة.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    استقرار مادي وفرص للسفر.. حظ برج القوس اليوم 25 مايو    ميدو: الزمالك يمر بمرحلة تاريخية.. وسنعيد هيكلة قطاع كرة القدم    رحلة "سفاح المعمورة".. 4 سنوات من جرائم قتل موكليه وزوجته حتى المحاكمة    اليوم| فصل جديد في دعوى الفنانة زينة ضد أحمد عز لزيادة نفقة توأمها    وأنفقوا في سبيل الله.. معانٍ رائعة للآية الكريمة يوضحها أ.د. سلامة داود رئيس جامعة الأزهر    «الداخلية» تكشف تفاصيل حادث انفجار المنيا: أنبوبة بوتاجاز السبب    حلم السداسية مستمر.. باريس سان جيرمان بطل كأس فرنسا    ميلان يختتم موسمه بفوز ثمين على مونزا بثنائية نظيفة في الدوري الإيطالي    ناجي الشهابي: الانتخابات البرلمانية المقبلة عرس انتخابي ديمقراطي    للحفاظ على كفاءته ومظهره العام.. خطوات بسيطة لتنظيف البوتجاز بأقل تكلفة    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفسير الشعراوي للآية 195 من سورة "البقرة"
نشر في الفجر يوم 17 - 04 - 2015

قال تعالى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.. [البقرة : 195].
وهذه الآية جاءت بعد آيات القتال، ومعناها: أعدوا أنفسكم للقتال في سبيل الله.
وقوله الحق: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التهلكة} تقتضي منا أن نعرف أن كلمة (تهلكة) على وزن تَفْعُله ولا نظير لها في اللغة العربية إلا هذا اللفظ، لا يوجد على وزن تَفْعُله في اللغة العربية سوى كلمة (تهْلُكة)، والتهلكة هي الهلاك، والهلاك هو خروج الشيء عن حال إصلاحه بحيث لا يُدرى أين يذهب، ومثال ذلك هلاك الإنسان يكون بخروج روحه. والحق يقول: {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ ويحيى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ}.. [الأنفال: 42].
فالهلاك ضد الحياة، وعلى الإنسان أن يعرف أن الحياة ليست هي الحس والحركة التي نراها، إنما حياة كل شيء بحساب معين فحياة الحيوان لها قانونها، وحياة النبات لها قانونها، وحياة الجماد لها قانونها، بدليل أن الحق سبحانه وتعالى جعل (يهلك) أمام (يحيى) وهو سبحانه القائل: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ}.. [القصص: 88].
فلسنا نحن فقط الذين يهلكون، ولا الحيوانات، ولا النباتات وإنما كل شيء بما فيه الجماد، كأن الجماد يهلك مثلنا، وما دام يهلك فله حياة ولكن ليست مثل حياتنا، وإنما حياة بقانونه هو، فكل شيء مخلوق لمهمة يؤديها، فهذه هي حياته.
وقوله الحق: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التهلكة} يكشف لنا بعضاً من روائع الأداء البياني في القرآن؛ ففي الجملة الواحدة تعطيك الشيء ومقابل الشيء، وهذا أمر لا نجده في أساليب البشر؛ فالحق في هذه الآية يقول لنا: {وَأَنْفِقُواْ فِي سَبِيلِ الله} أي أنفقوا في الجهاد، كما يقول بعدها: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التهلكة} لماذا؟ لأن الإنفاق هو إخراج المال إلى الغير الذي يؤدي لك مهمة تفيد في الإعداد لسبيل الله، كصناعة الأسلحة أو الإمدادات التموينية، أو تجهيز مبانٍ وحصون، هذه أوجه أنفاق المال.
والحق يقول: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التهلكة}. وكلمة (ألقى) تفيد أن هناك شيئا عالياً وشيئاً أسفل منه، فكأن الله يقول: لا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة، وهل سيلقي الواحد منا نفسه إلى التهلكة، أو أن يلقي نفسه في التهلكة بين عدوه؟ لا، إن اليد المغلولة عن الإنفاق في سبيل الله هي التي تُلقي بصاحبها إلى التهلكة؛ لأنه إن امتنع عن ذلك اجترأ العدو عليه، وما دام العدو قد اجترأ على المؤمنين فسوف يفتنهم في دينهم، وإذا فتنهم في دينهم فقد هلكوا.
إذن فالاستعداد للحرب أنفى للحرب، وعندما يراك العدو قوياً فهو يهابك ويتراجع عن قتالك.
والحق سبحانه كما يريد منا في تشريع القتال أن نقاتل يأمرنا أن نزن أمر القتال وزناً دقيقاً بحسم، فلا تأخذنا الأريحية الاكذبة ولا الحمية الرعناء، فيكون المعنى: ولا تقبلوا على القتال إلا إن كان غالب الظن أنكم ستنتصرون، فحزم الإقدام قد يطلب منك أن تقيس الأمور بدقة، فالشجاعة قد تقتضي منك أن تحجم وتمتنع عن القتال في بعض الأحيان، لتنتصر من بعد ذلك ساعة يكمل الإعداد له.
والمعنى الأول يجعلك تنفق في سبيل الله ولا تلقي بيدك إلى التهلكة بترك القتال.
والمعنى الثاني أي لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة بأن تقبلوا على القتال بلا داع أو بلا إعداد كافٍ. إن الحق يريد من المؤمنين أن يزنوا المسائل وزناً يجعلهم لا يتركون الجهاد فيهلكوا؛ لأن خصمهم سيجترئ عليهم، ولا يحببهم في أن يلقوا بأيديهم إلى القتال لمجرد الرغبة في القتال دون الاستعداد له. وهذا هو الحزم الإيماني، إنها جملة واحدة أعطتنا عدة معان.
ويذيل الحق الآية الكريمة بقوله: {وأحسنوا إِنَّ الله يُحِبُّ المحسنين} الحق يقول: {وأحسنوا}. والإحسان كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن تعبد الله أي تطيع أوامره كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك».
مشكلة الناس هذه الأيام أنهم يتشبهون ب (فإنه يراك)، فعملوا الدوائر التليفزيونية المغلقة في المحلات الكبرى حتى تتم مراقبة سير العمل في أرجاء المحل، هذه فعل البشر. لكن انظر إلى تسامي الإيمان، إنه يأمرك أنت أن ترى الله، فلا تؤد العمل أداء شكلياً يرفع عنك العتب، بل عليك أن تؤدي العمل بقصد الإحسان في العمل.
والإحسان في كل شيء هو إتقانه إتقاناً بحيث يصنع الإنسان لغيره ما يحب أن يصنعه غيره له، ولو تعامل الناس على هذا الأساس لامتازت كل الصناعات، لكن إذا ساد الغش فأنت تغش غيرك، وغيرك يغشك، وبعد ذلك كلنا نجأر بالشكوى، وعلينا إذن أن نحسن في كل شيء: مثلا نحسن في الإنفاق، ولن نحسن في الإنفاق إلا إذا أحسنا في الكدح الذي يأتي بثمرة ما ننفق؛ لأن الكدح ثمرته مال، ولا إنفاق إلا بمال، فتخرج من عائد كدحك لتصرفه في المناسب من الأمور.
ودائرة الإحسان لا تقتصر على القتال فقط، فالأمر هنا عام، ولا تعتقد أنه أمر في زاوية من زوايا الدين جاءت لتخدم جزئية من جزئيات الحياة، إنما كل زاوية من زوايا الدين جاءت لتخدم كل جزئيات الحياة، فالإحسان إذا كان بالمال فهذا يقتضي أن يحسن الإنسان الحركة في الأرض، ويعمل عملاً يكفيه ويكفي من يعول، ثم يفيض لديه ما يحسن به.
إذا لم يتوافر المال، فعليك أن تُحسن بجاهك وتشفع لغيرك، والجاه قد قومه الإسلام أي جعل له قيمة، فعلى صاحب الجاه أن يشفع بجاهه ليساعد أصحاب الحقوق في الحصول على حقوقهم، وعلى الوجيه أيضا أن يأخذ الضعيف في جواره ويحميه من عسف وظلم القوي، وعليه بجاهه أن يقيم العدل في البيئة التي يعيش فيها.
والوجاهة تعني أن يكون للإنسان احترام أو وزن أو تقدير، وهذه الأشياء لها مسبقات في إحسان الشخص، لا يأخذها بلا سبب، إنما سبقها عمل جعل له وجاهة عند الناس. فالناس في العادة لا يحترمون إلا من يكون له لون من الفضل عليهم، فكأنه احترام مدفوع الثمن، وليس احتراماً مجانيّاً. وقد يكون الإحسان بالعلم. أو بفضل القوة، بإعانة الضعيف. أو بإكساب الخبرة للآخرين. أو بتفريج كربة عن مسلم.
إذن وجوه الإحسان في الأشياء كثيرة، وكلها تخدم قضية الإيمان. وعندما يرى الكافر المؤمنين وكل واحد منهم يحسن عمله فإن ذلك يغريه بالإيمان. وإذا سألنا: ما الذي زهد دنيانا المعاصرة في ديننا؟ فسوف نجد أن العالم ينظر إلى دين الله من خلال حركة المسلمين، وهي حركة غير إسلامية في غالبيتها. صحيح أن بعضاً من عقلاء الغرب وفلاسفته لا يأخذون الدين من حركة المسلمين، وهذا منتهى العدالة منهم لأنه ربما كان بعض المسلمين غير ملتزمين بدينه، فلا يأخذ أحد الإسلام منه لمجرد أنه مسلم.
وأتباع الديانات الأخرى يعرفون أن هناك أفعالاً جرمها دينهم. وما دام هناك أفعال جرمها الدين وسن لها عقوبة فذلك دليل على أنها قد تقع، فأنت عندما ترى شخصاً ينتسب إلى الإسلام ويسرق، هل تقول: إن المسلمين لصوص. لا، إن عليك أن تنظر إلى تشريعات الإسلام هل جرمت السارق أو لم تجرمه؟ فلا يقولن أحد: انظر إلى حال المسلمين، ولكن لننظر إلى قوانين الإسلام، لأن الله قدر على البشر أن يقوموا بالأفعال حسنها وسيئها، ولذلك أثاب على العمل الصالح وعاقب على العمل السييء.
والعقلاء والمفكرون يأخذون الدين من مبادئ الدين نفسه، ولا يأخذونه من سلوك الناس، فقد يجوز أن تقع عين المراقب على مُخالف في مسألة يحرمها الدين. فلا تأخذ الفعل الخاطئ على أنه الإسلام، وإنما خذه على أنه خارج على الإسلام.
وساعة يرانا العالم محسنين في كل شيء فنحن نعطيهم الأسوة التي كان عليها أجدادنا، وجعلت الإسلام يمتد ذلك المد الخرافي الأسطوري حتى وصل في نصف قرن إلى آخر الدنيا في الشرق، وإلى آخرها في الغرب، وبعد ذلك ينحسر سياسياً عن الأرض، ولكن يظل كدين، وبقى من الإسلام هذا النظام الذي يجذب له الناس. إن الإسلام له مناعة في خميرته الذاتية إنه يحمل مقومات بقائه وصلاحيته، وهو الذي يجذب غير المسلمين له فيؤمنون به، وليس المسلمون هم الذين يجذبون الناس للإسلام.
ولذلك أقول: لو أن التمثيل السياسي للأمم الإسلامية في البلاد غير الإسلامية المتحضرة قد أخذ بمبادئ الإسلام لكان أسوة حسنة. وانظر إلى عاصمة واحدة من عواصم الدول الغربية تجد فيها أكثر من ثلاث وستين سفارة إسلامية، وكل سفارة يعمل فيها جهاز يزيد على العشرين، هب أن هؤلاء كانوا أسوة إسلامية في السلوك والمعاملات في عاصمة غير إسلامية، حينئذ يجد أهل ذلك البلد جالية إسلامية ملتزمة ولم تفتنها زخارف المدنية: لا يشربون الخمر، ولا يرقصون، ولا يترددون على الأماكن السيئة السمعة، ولا تتبرج نساؤهم، بالله ألا يلفت النظر سلوكُ هؤلاء؟
لكن ما يحدث للأسف هو أن أهل الغرب على باطلهم غلبوا بني الإسلام على حقهم وأخذوهم إلى تحللهم، وهذا الاتباع الأعمى يجعل الغربيين يقولون: لو كان في الإسلام مناعة لحفظ أبناءه من الوقوع فيما وقعنا فيه.
إذن الإحسان من المسلمين أكبر دعاية ودعوة إلى دين الإسلام. إن الحق يقول: {إِنَّ الله يُحِبُّ المحسنين} والحب كما نعرفه هو ميل قلب المحب إلى المحبوب، وذلك الأمر يكون بالنسبة للبشر، لكن بالنسبة للحق هو تودد الخالق بالرحمة والكرامة على المخلوق، والحق سبحانه وتعالى يحب من عباده أن يكونوا على خُلقه، فكما أن الله أحسن كل شيء خلقه {الذي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} يريد من عباده وقد تفضل عليهم بالعقل المفكر فيخطط، وبالطاقات فتبرز التفكير إلى عمل يريد الحق منا أن يكون رائدنا في كل عمل أن نحسنه، حتى نكون متخلقين بأخلاق الله، فتشيع كلمة (الله) هذا اللفظ الكريم الذي يستقبل به الإنسان كل جميل في أي صنعة فيقول: (الله).
إذن تشيع كلمة (الله) نغمة في الوجود تعليقاً على كل شيء حسن، حتى الذي لا يؤمن بذلك الإله يقول أيضاً: (الله)، كأن الفطرة التي فطر الله الناس عليها تنطق بأن كل حسن يجب أن يُنسب إلى الله سواء كان الله هو الذي فعل مباشرة كالأسباب والكونيات والنواميس، أو خلق الذي فعل الحسن، فكل الأمور تؤول إلى الله.
ولو علم الذين لا يحسنون أعمالهم بماذا يحرمون الوجود لتحسروا على أنفسهم، وليتهم يحرمون الوجود من كلمة (الله)، ولكنهم يجعلون مكان (الله) كلمة خبيثة فيشيعون القبح في الوجود، وحين يشيع القبح في الوجود يكون الإنسان في عمومه هو الخاسر.
فقول الله: {إِنَّ الله يُحِبُّ المحسنين} تشجيع لكل من يلي عملاً أن يحسنه ليكون على أخلاق الله. وبعد ذلك يقول الحق: {وَأَتِمُّواْ الحج والعمرة للَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا استيسر مِنَ الهدي وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حتى يَبْلُغَ الهدي مَحِلَّهُ...}.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.