أما هى ففى رحاب الله سبحانه وتعالى بعيداً عن كل ما يحدث فى عالمنا، ولكنى لا أصدق أنها أوصت بعدم إقامة عزاء، وأرى أن جنازتها لم تكن لائقة بها، بل وكل القرارات التى اتخذت بعد وفاتها. كان الصحيح فور وفاة فاتن حمامة أن تعلن الأسرة الخبر رسمياً عن طريق وكالة أنباء الشرق الأوسط، وأن تكون الجنازة بعد يوم أو اثنين بالتنسيق مع وزارة الداخلية لتكون مثل جنازة أم كلثوم الموثقة بالسينما، وكانت جنازة رسمية وشعبية منظمة مثل جنازات كل الشخصيات الكبيرة، ولإتاحة الفرصة لمن يريد المشاركة فيها من خارج مصر، وأن يقام العزاء فى نفس يوم تشييع الجنازة.
وكان هذا يتفق مع شخصية فاتن حمامة التى عرف عنها حب النظام والنظافة والأناقة فى كل شىء، لقد كانت الجنازة عشوائية، ولم تكن الفنانة الكبيرة تكره أى شىء قدر كراهية العشوائية: حتى علم مصر الذى كان على التابوت أثناء الصلاة سقط فى الطريق إلى السيارة التى حملته إلى المقبرة، وحتى فى المدافن كانت الفوضى شاملة، وبالطبع لم يكن هناك وقت لكتابة أن هذه مقبرة فاتن حمامة، وكذلك لإقامة شاهد المقبرة وتاريخ ميلادها ووفاتها، وكم كانت المذيعة التليفزيونية بوسى شلبى على حق عندما قارنت بين جنازة فاتن فى القاهرة وجنازة صباح فى بيروت، وتحسرت على حالنا فى مصر.
كانت جنازة نجيب محفوظ، أكبر رموز الأدب العربى والعالم، عشوائية أيضاً، والمقارنة بين جنازتى أم كلثوم وعبدالحليم حافظ فى سبعينيات القرن الماضى، وجنازتى نجيب محفوظ وفاتن حمامة فى مطلع القرن الجديد، تبدو كأننا كنا فى مصر أخرى.
والآن السؤال عن متحف فاتن حمامة، وقد سألنى الكاتب والأديب والمذيع التليفزيونى محمود الوروارى عندما استضافنى فى برنامجه «الحدث المصرى»، على قناة العربية الحدث، يوم جنازة الراحلة الكبيرة عن مسؤولية الحكومة، ممثلة فى وزارة الثقافة، عن إقامة ذلك المتحف، وكانت إجابتى بل هى مسؤولية عائلة فاتن، وبالتحديد ابنتها نادية عزالدين ذوالفقار، وابنها طارق عمر الشريف، فليس لدىَّ أى أمل فى أن يقام هذا المتحف بواسطة وزارة الثقافة.
المطلوب فيلا صغيرة تشتريها العائلة أو يتبرع بها أحد كبار رجال أو نساء الاقتصاد، وسوف يكون التمويل ميسوراً بعد ذلك لإقامة متحف فاتن حمامة فى القاهرة.