أحيانا كثيرة يلاعبنا القدر وينقلنا من الجنة إلى النار أو العكس، فلا يعلم أحد منا قدره، فأوقات تجعلنا فى سابع سماء ثم تلقينا ضربة تجعلنا نسقط إلى سابع أرض، وهذا ما فعلته الأيام مع الأم التى ملئت شاشة السينما المصرية بحدة صوتها وقوة شخصيتها لتظهر دائما بالأم المتسلطة مع إنها تقف خلف الكواليس لتبكى من تقلب الدهر وغدره _ إنها الفنانة القديرة زوزو ماضى . أسمها الحقيقى فتنة داود سليمان أبوماضي ولدت فى 14 ديسمبر 1914 بإحدى مدن الصعيد يرجح أنها المنيا أو بنى سويف من أسرة راقية تمتد أصولها إلى الشاعر اللبنانى إيليا أبو ماضى، درست فتنة فى إحدى المدارس الفرنسية التى كانت منتشرة آنذاك فى صعيد مصر فأتقنت ثلاث من اللغات الأجنبية كما كانت بارعة فى العزف على البيانو . تزوجت فتنة فى سن صغيرجدا حيث أنها حين أكملت الخامسة عشر من عمرها وجدت نفسها أما لطفلين من أبن عمها الذى أجبرها أبيها على الزواج منه، وذات يوم قرأت زوزو أعلان فى مجلة الصباح يطلب فيه المخرج محمد كريم وجوه جديدة فأسرعت زوزو بأرسال صورتها فقد كانت تتمنى أن تصبح فنانة مشهورة, وبالفعل أرسل محمد كريم في طلبها والتقى بها في مكتب مصطفى القشاشي صاحب مجلة الصباح ، ولكن كريم طلب موافقة أسرتها على العمل بالسينما إلا أن والدها رفض وبشدة بل وفرض عليها حراسة مشددة حتى لا تخرج من البيت ولكنها استطاعت إقناع زوجها بأن يعطيها الفرصة وبالفعل حصلت على موافقته وسافرت إلى القاهرة واستأجرت غرفة مفروشة وسط المدينة ولم تكن تملك سوى 270 قرشاً وأنطلقت إلى عالم الفن . لتبدأ زوزو فى الدخول عالم السينما بأولى أدوارها عام1938 أمام الفنان محمد عبد الوهاب في دور شقيقته بفيلم يحيا الحب مع ليلى مراد، ثم التحقت بفرقة الشاعرخليل مطران الفرقة القومية ثم فرقة رمسيس في العام 1940 وبلغ ما قدمته من مسرحيات في حياتها ما يقرب من 70 عرضا مسرحياً منها الست هدى و النائب العام و قطر الندى أمام يوسف وهبي والذي قدمت معه أيضاً مسرحيات عديدة منها بنات الريف و كرسي الاعتراف و بنت الهوى و نرجس .. كما شاركت أيضاً في العديد من المسلسلات التلفزيونية والإذاعية منها نادية و شيء في صدري . وواصلت المضي في طريق الفن واتجهت إلى ستوديو مصر وقابلت مديره حسني نجيب والذى عرض عليها بطولة فيلمين بعد أن تشاجر المخرج إبراهيم عمارة مع فاطمة رشدي وأعلن عدم استطاعته العمل معها فكان فرشح له حسني نجيب الوجه الجديد زوزو ماضي للقيام ببطولة الفيلمين الزلة الكبرى 1945امام أنور وجدي وحسين رياض , وفيلم العقاب 1948 وقبضت قيمة القسط الأول مائتي جنيه وإن كانت قد قامت فيما بينهما بالمشاركة في عدد من الأفلام السينمائية, وقد كان آخر أفلامها على شاشة السينما المصرية هو القضية رقم واحد في عام 1982 م. أما عن حياتها الخاصة فقد تركت زوزو زوجها من أجل الفن وأنفصلت عنه فى منتصف الخمسينيات ,وفي عام 1955 ألتقت في إحدى السهرات الفنية برجل أعمال اسمه كمال عبد العزيز وتزوجته بعد عشرة أيام من معرفتها به ولهذا لم تكن تعلم أي شيء عن عمله وتجارته, وبعد تسعة أشهر فقط ألقى القبض عليها وزوجها ضمن عصابة لتجارة وتهريب المخدرات وقضت تسعة أشهر في الحبس الاحتياطي إلى أن صدر الحكم ببرأتها وأفرج عنها في مارس 1957 فيما قضت بالأشغال الشاقة المؤبدة على زوجها كمال عبد العزيز, وعندما أفرج عنها قامت بتوزيع كل ملابسها على المسجونات قبل مغادرتها السجن وبعد خروجها توجهت فوراً إلى منزل ابنتها ايفون ماضي, ثم حصلت في العام 1958 على الطلاق من زوجها رجل الأعمال المسجون كمال عبد العزيز. وتتحدث زوزو عن تجربتها بمرارة فتقول : فشلت كزوجة بعد أن نقمت على زوجي، ابن عمي، وتمردت عليه، وفشلت كسيدة منزل فلم أستطع أن أدير بيتي أو بيت أبي بعد وفاة أمي وهربت من الجو العائلي إلى طريق الفن . وعلى الرغم من ندمها على ما فات إلا أن الأقدار أذاقت الفنانة المصرية من ذات الكأس، حيث عانت الفنانة جحود ابنتها إيفون، التي ضاقت من القيود وسافرت إلى إيطاليا لتحيا هناك حياة السهر والاستهتار، وعندما عادت إلى مصر لم تخبر والدتها واستكملت حياتها العابث , وحينما علمت زوزو بخروج ابنتها عن الضوابط الأخلاقية، حاولت إعادتها إلى صوابها ولكن الابنة لم تستمع وثارت عليها وتركت المنزل، فقررت الأم الانتحار بالحبوب المنومة ولكن وصول الخادم وصديقها المصور محمد عز العرب بعد وقت قصير أنقذها من الموت بأعجوبة وكان ذلك في 15 مارس عام 1955. وبعد يوم واحد من محاولة الانتحار الفاشلة عادت زوزو بروح يائسة إلى حياتها الطبيعية ولم تجد من صاحب سوى السيجارة والكأس، وظلت زوزو فى عملها بالفن حتى توفيت الفنانة زوزو ماضي سنة 1982. من أعمالها الفنية: نادية، شيء في صدري، يحيا الحب، الأبرياء، غرام وانتقام، مدينة الغجر، قتلت ولدي، الفنان العظيم، الذلة الكبرى، بنات الريف، مجد ودموع، النفخة الكدابة ، أرض النيل، أول نظرة، ضربة القدر، أمل ضائع، العقاب، اللعب بالنار، الصيت ولاّ الغنى، نرجس، قسمة ونصيب، شباب في العاصمة، البحث عن فضيحة، ومضى قطار العمر، أنا لا عاقلة ولا مجنونة .