أما احترام القضاء فهو فرض عين، لا خوف من تهديدات سيادة المستشار، لكنه فرض، لأنه نقطة ثبات لهذا الوطن، إذا ما انهارت فلن يتم فقط قطع أقدامنا كما هددنا سيادة المستشار، بل سيتم قطع أقدام الجميع فيها، وأولهم سيادة المستشار شخصيا. وإن كان سيادة المستشار قد توقف عند قلة تتحدث عن الحكم، واعتبر الأمر إهانة، فهو لم يلحظ أن الأكثرية كانت تتحدث عما هو خلف الحكم، وكانت فى معرض حديثها هذا تدعم القضاء المصرى، وتقول إنه تم تضليله وتوثيق ذراعيه بحجب الأدلة عنه وعدم الاستجابة لاستغاثة النيابة من كون لا أحد يساعدها فى مهمتها. حديث حضرتك يا سيادة المستشار مقدمة لعين حمراء أسأت حضرتك توجيهها ناحية من لا يستحق، وبدلا من أن تدعم الشعب الذى يعمل القضاء فى خدمته عبّرت لنا عن أن القضاء سيكون له نصيب يقترب من ثلث القهر الذى نتعرض له، هكذا تكتمل الصورة، قهر بالقضاء وقهر بالدين وقهر بالميرى، ولا ينقصنا سوى القهر بفانلة المنتخب، يا سيادة المستشار نحن لم ننتهِ بعد من مأساة «يا واد يا مؤمن» تقوم حضرتك تطلع لنا ب«يا واد يا جامد»؟ أما حديث حضرتك عن النائب مصطفى بكرى فقد أبهرنى الصراحة، خصوصا فى المقطع العالمى الذى شبهته فيه بالسنهورى باشا، ومن المؤكد أن أحفاد وعائلة السنهورى باشا يحمدون الله على وفاة الباشا حتى لا يعيش هذه اللحظة. السنهورى باشا الذى طالب فى عز مجد الثورة بعودة الجيش إلى ثكناته! السنهورى باشا وزير المعارف الحاصل على أكثر من دكتوراه ورئيس مجلس الدولة الذى قام بإلغاء الكثير من قرارات جمال عبد الناصر! السنهورى باشا الذى اشتهر بأنه الرجل الذى علَّم العرب القانون وصنع دساتير أكثر من أربع دول عربية! السنهورى باشا الذى أسس قانون الإصلاح الزراعى الذى خدم فلاحى مصر! هل كنت تقصد هذا السنهورى يا سيادة المستشار، أم أنك كنت تقصد «سنهورى» آخر، أصل السنهورية بطنين والبطن قلابة كما يعرف الجميع؟! من حق حضرتك أن تشكر النائب بكرى على موقف تراه سيادتك صحيحا من وجهة نظرك ويستحق الإشادة، لكن كون هذا الموقف يجعلك تساوى بين بكرى والسنهورى، فهذا أكبر دليل على أن مؤتمر حضرتك الصحفى كان قائما على المبالغة والانفعال. أما المبالغة فيؤسفنى أن أقول لحضرتك إنها لم تفاجئنى، حيث سبق لحضرتك أن شاركت فى المبالغة فى الاعتذار للسعودية وحكومتها وسفيرها، تلك المبالغة التى قهرت كثيرين منا، خصوصا أنها جاءت على يد الصفوة. لن أقول لحضرتك إن القانون يحظر على رجال القضاء والنيابة العامة الاتصال بالسفارات العربية والأجنبية، وإن حضرتك تقود 40 قاضيا لتقديم الاعتذار، أقحمت القضاء فى السياسة، لكن إذا كنت حضرتك تخاف على هيبة القضاء المصرى من أبناء بلدك، ألم يكن من الأولى أن تخاف على هيبته وأنت تُقبِّل رأس السفير وأنت غير مضطر إلى ذلك؟ أما تهديد حضرتك بمقاطعة الإشراف على الانتخابات فلا أستطيع أن أراه بمنحى عن تصريحك بأن «القضاة لو يعلمون أن هؤلاء النواب سيكونون هم اختيار الشعب ما شاركوا فى الإشراف على العملية الانتخابية»، يا سيادة المستشار إذا كنت حضرتك ترى أن إشراف القضاء على الانتخابات يجب أن يكون مرهونا باختيار معين يستحق التعب، فاسمح لى حضرتك، لقد وضعت بتصريحك هذا القضاء فى موضع شبهة، لأن الانتخابات لو تمت إعادتها بإشرافكم وجاءت بنواب من نوعية أخرى (فلول مثلا) فسيكون هناك شك أن للقضاء دورا فى الأمر، وهو ما لا أرضاه لسمعة القضاء المصرى العظيم ولا يرضاه السنهورى باشا فى تر