وكأنها كانت مفاجأة عندما كشفت الدكتورة «آنا ألكسندر» زوجة النائب عمرو حمزاوى الأولى (ألمانية الجنسية) أن زوجها كان يقول لها إنه عمل مع جمال مبارك فى مصر، وأنه طلب أن يكون وزيرا فى الحكومة، كما أنه تلقى وعدا بذلك، ثم قرر أن يسافر لاستكمال دراسته إلى حين يتم تنفيذ الوعد، وأنه بقى على اتصال مع جمال مبارك حتى بعد أن سافر إلى واشنطن، وأنها كانت تقرأ رسائل بريد إلكترونى متبادلة بينهما. ما أشارت إليه زوجة حمزاوى الأولى كان قد صرح به الدكتور مصطفى الفقى منذ شهور فى برنامج القاهرة اليوم مع عمرو أديب – الفيديو موجود على اليوتيوب – حين قرر أن الحزب كان قد طلب من الدكتور حسن نافعة الذى كان كادرا بالحزب وقتها أن يمدها ببعض الشباب من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وكان حمزاوى واحدا من هؤلاء. الأسبوع الماضى نشرت الصحف تصريحا للدكتور مصطفى الفقى، كان عنوانه «الفقى: عمرو حمزاوى لم يكن عضوا بالحزب الوطنى أو لجنة السياسات» لكن متن الخبر، كان على العكس من ذلك تماما، فرغم أن الخبر نسب لمصطفى الفقى قوله: ما يردده البعض حاليا عن أن الدكتور عمرو حمزاوى كان عضوا بالحزب الوطنى وأمانته السياسية غير صحيح بالمرة، فإنه يقول نصا إنه استعان به فى عام 2003 كأكاديمى ضمن لجنة مصر والعالم للاستفادة من دراساته عن الحرب الأمريكية على العراق والأوضاع العربية والدولية، وذلك بشكل مؤقت. بعيدا عن التناقض فى الخبر المنسوب للدكتور مصطفى الفقى – نشرته اليوم السابع وأخبار اليوم بنفس الصيغة وهو ما يجعلنى أتشكك فى أن الدكتور الفقى صرح بنفس الكلام للجريدتين إلا أن يكون هناك من أرسلهما بنفس الصيغة إلى الجريدتين، وهو ما حدث على الأرجح – فإن هناك ما يثبت أن عمرو حمزاوى لم يكن عضوا عابرا فى الحزب الوطنى ولجنة السياسات التى كانت مهمتها الأساسية تمهيد الأرض أمام جمال مبارك ليصل إلى كرسى الرئاسة. الوثيقة الأولى عبارة عن القرار رقم 93 لسنة 2003، وهو القرار الذى عين بمقتضاه عمرو حمزاوى فى لجنة مصر والعالم وبتوقيع من الأمين العام للحزب السيد صفوت الشريف – المحبوس حاليا على ذمة اتهامه فى موقعة الجمل. يقول القرار «بعد الاطلاع على القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية وتعديلاته وعلى النظام الأساسى للحزب الوطنى الديمقراطى وعلى ترشيح أمين السياسات وموافقة هيئة مكتب الأمانة العامة وبناء على ما عرضه الأمين العام وأمين التنظيم، تم تعيين أعضاء لجنة مصر والعالم على النحو التالى». فى القائمة التى تضم أسماء أعضاء لجنة مصر والعالم، إحدى لجان أمانة السياسات يأتى اسم الدكتور عمرو حمزاوى رقم ( 21) وفى المادة الثانية من القرار أنه يعمل به من تاريخ صدوره. عمرو حمزاوى لم يدخل لجنة مصر والعالم بشكل عابر، ولكن كان ذلك بترشيح مباشر من أمين السياسات جمال مبارك، ومما يؤكد أنه كان متواجدا وعضوا عاملا أنه كان يحضر اجتماعات اللجنة، وكان يتم التوقيع أمام اسمه بكلمة حضور. والوثيقة الثانية تشير إلى ذلك وهى عبارة عن كشف توقيع السادة الأعضاء فى لجنة مصر والعالم الساعة السابعة يوم 17 سبتمبر 2003.. فى هذا الاجتماع على سبيل المثال اعتذر عن الحضور الدكتور عبد المنعم سعيد واعتذر السفير الدكتور محمد شاكر لوجوده فى الخارج، واعتذرت كذلك الدكتورة هالة مصطفى لسفرها إلى الخارج. الوثيقة الثالثة عبارة عن احصاء لعدد الاجتماعات التى حضرها عمرو حمزاوى فى لجنة مصر والعالم، ويلاحظ أنه حضر 3 اجتماعات من سبعة تم عقدها، وكتبت أمام اسمه ملاحظة نصها: «تصادف سفره إلى ألمانيا أثناء الاجتماعات». لا يمكن أن نتعامل مع انضمام عمرو حمزاوى إلى أمانة السياسات على أنه جريمة، لكن إصراره على انكار أنه فعل ذلك هو ما يعتبر جريمة كاملة الأركان، كان يمكن أن يتطهر وتنتهى القصة، لكنه حاول أن يناور ويسرب للصحف أخبارا يؤكد من خلالها أنه لم يعمل مع الحزب الوطنى ولم يقترب منه على الإطلاق. الواقع يقول إن عمرو لم يعمل مع الحزب الوطنى فقط، ولكنه كان طامعا كبيرا فى الصعود والترقى، وقد ساءه جدا أن يصعد الدكتور محمد كمال وهو قريب من دفعته فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ويصل إلى أن يكون إلى جوار جمال مبارك، وهو مجرد عضو فى لجنة. كان عمرو حمزاوى يرى أنه أكثر كفاءة من محمد كمال.. وأنه يستحق أن يكون الأقرب منه إلى جمال مبارك، دون أن يراعى أن كمال اقترب لأنه لم يكن بنفس طموحه وشرهه للسلطة، وهو ما رصدته عيون قيادات الوطنى.. فسمحوا لشخصية مثل محمد كمال طائعة وتابعة بالمرور، بينما عطلوا صعود شخصية نهمة للسلطة مثل حمزاوى. يوحى حمزاوى بأنه كان مجرد متطوع بالعمل فى الحزب الوطنى، وأنه سافر إلى أمريكا ليبتعد عن الحزب الوطنى، رغم أن ما جرى أن الأكاديمى الشاب والطموح كان يساهم وبشكل كبير فى مهمة الترويج لجمال مبارك فى الأوساط العلمية والسياسية الأمريكية، وهو ما أشارت إليه زوجته الأولى التى نهتم بما قالته عن الجانب السياسى فى حياة عمرو، فكلامها عن حياته الشخصية وأسراره لا يهمنا من قريب أو بعيد. حمزاوى فى النهاية سياسى لامع الآن.. ظهر بقوة خلال أيام الثورة.. استطاع أن يحقق نجاحا كاسحا فى دائرة مصر الجديدة طاردا الإخوان منها.. أداؤه تحت قبة البرلمان مميز لا يستطيع أحد أن يشكك فى ذلك.. لكن هذا كله لا ينفى أنه كان أحد أدوات جمال مبارك.. وأن الثورة لو كانت تأخرت قليلا.. لكنا رأينا حمزاوى أحد وزراء جمال مبارك ورجاله المقربين.. فالأكاديمى الشاب كان سيحصل حتما على كل الخدمات المعلنة والخفية التى قدمها إلى جمال مبارك.. وهو ما يمكن أن نكشفه قريبا.