تعيش الجزائر معركة كسر عظم بين الأحزاب المعارضة والأحزاب الموالية للسلطة، ودعت المعارضة صراحة إلى تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة على اعتبار أن بوتفليقة انتهى ولم يعد يصلح للحكم. أما أحزاب الموالاة فما زالت تعتبر “شرعية” بوتفليقة خطا أحمر. ودعت هيئة التشاور والمتابعة، المنبثقة عن تكتل المعارضة، في اجتماعها الأخير بالعاصمة، إلى تنظيم انتخابات رئاسية مسبقة، وفق آليات تنتزع عملية الإشراف والتنظيم من وصاية وزارة الداخلية.
وشددت - بحسب جريدة العرب اللندنية - على إنشاء هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات، وإعداد دستور توافقي بعد الانتخابات الرئاسية، ووضع أجندة لمسار انتخابي جديد، في إشارة إلى المجالس المحلية والبرلمان اللذين يسيطر عليهما أنصار بوتفليقة.
وقال مراقبون محليون إن الملف الصحي لبوتفليقة، هو الذي أثار معركة كسر العظم بين الفريقين، فالمعارضة التي كانت تدفع في اتجاه تفعيل المادة 88 من الدستور، لإثبات حالة الشغور في قصر المرادية، بسبب الوضع الصحي لبوتفليقة، رفعت الآن سقف مطالبها وبدأت تضغط من أجل تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة.
وهو ما أزعج معسكر الموالاة الذي يكون قد استشعر المخاطر المحيطة به، وبادر على لسان الرجل الأول في الحزب الحاكم (عمار سعداني) إلى التسطير على الخطوط الحمراء، ورفض أي خوض في شرعية بوتفليقة.
وجاء بيان هيئة التشاور والمتابعة، ليعلن رفضه أي حلول وسطى في إشارة إلى مبادرة “الإجماع الوطني” التي كانت السلطة تراهن عليها للخروج من حالة الانسداد السياسي، بطبخ صفقة سياسية بين الحزب الحاكم (جبهة التحرير الوطني) وعميد أحزاب المعارضة (جبهة القوى الاشتراكية).
وقال رئيس جبهة الجزائر الجديدة، وأحد أعضاء هيئة التشاور والمتابعة، جمال بن عبدالسلام، ل”العرب”، إن مبادرة الإجماع الوطني مآلها الفشل، خاصة أن حزب جبهة القوى الاشتراكية يحاول جر المعارضة إلى صفقة هدفها ضمان استمرار النظام على حساب مطالب التغيير الديمقراطي. التشاور والمتابعة أكدت على تماسكها والتشبث بقناعاتها، في الوقت الذي فشلت فيه محاولات التشويش على مبادرة الانتقال الديمقراطي، بإطلاق مبادرة أخرى كان الغرض منها تشتيت صفوف هيئتنا، وها هو السحر ينقلب على الساحر، فالداعي إلى الإجماع هو من افتقد صفة الإجماع”، ويقصد بذلك حزب جبهة القوى الاشتراكية، صاحب مبادرة الإجماع الوطني.
واستند بيان هيئة التشاور والمتابعة، في الوصول إلى رفع سقف مطالبه، إلى ما أسماه “أزمة الحكم والوضعية السياسية الخطيرة في البلاد، نتيجة الشلل الذي تعرفه مؤسسات الدولة، الناجم عن فساد النظام السياسي”.
إلى ذلك، صعّد الأمين العام للحزب الحاكم عمار سعداني من وتيرة تحركه ضد المعارضة داخل الحزب الحاكم، والمعارضة الحزبية، حيث باشر حملته بفتح النار على نجل وزير الدفاع الأسبق، اللواء خالد نزار، ومالك الصحيفة الإلكترونية “ألجيري باتريوتيك”، متهما إياه بالعمالة للمخابرات الفرنسية، ومتوعدا بمقاضاته على خلفية نشر الصحيفة ملفا حول ما أسمته “فضائح سعداني في فرنسا”.
وكشف سعداني، بعد لقاء جمعه مع رئيس حزب الحركة الشعبية الجزائرية، عمارة بن يونس، عن مساع يقوم بها لتشكيل تكتل رئاسي جديد للدفاع عن شرعية بوتفليقة.
وفي محاولة لتبرير التعتيم على سفر بوتفليقة إلى مستشفى غرونوبل الفرنسية، صرح عمارة بن يونس، على هامش لقائه بسعداني أن: “ملف الرئيس ليس نشرة للأحوال الجوية تصدر الرئاسة بشأنها بيانات أربع مرات في اليوم”.