نافعة : "مصر ما يتنصبش عليها".. وسنسترد ثرواتنا زهران : "السيسي" يعيد النظر فيما تم التفريط فيه سلامة: القمة الثلاثية لم تتناول إعادة ترسيم الحدود حلمي : السيادة في مصر لن تتخلى عن أي أرض عرفان : إسرائيل تسعى للسيطرة على المياه الإقليمية وقبرص تساعدها قنديل : إقليم البحر المتوسط سيظل محل نزاع
عادت قضية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص واليونان لتفرض نفسها مرة أخرى مع القمة الثلاثية التى عقدها الرئيس عبد الفتاح السيسي مع رؤساء الدولتين الأوروبيتين لبحث سبل التعاون والمصالح المشتركة.
وكانت الحكومتين المصرية واليونانية قد وقعتا في عام 2003 مذكرة تفاهم حول ترسيم حدود المنطقتين الاقتصاديتين الخالصتين بين الدولتين أثارت العديد من الإنتقادات والإتهامات للحكومة المصرية بالتفريط فى حقوقها وسط تصاعد الإهتمام باكتشافات الغاز في شرق المتوسط و اكتشافات حقول هائلة للغاز في حقل "اولمپي" للغاز - جنوب كريت"، والذى يعد خامس أكبر أحتياطى غاز طبيعى على مستوى العالم وفقاً لإحصائيات هيئة الجيولوجيا التابعة للحكومة الأمريكية التى قدرت احتياطات الغاز الطبيعى فيه بحوالى 3.7 مليار متر مكعب ومخزون البترول بحوالى 1.7 مليار برميل .
والمثير للتوتر هو وجود حدود بحرية مختلفة فى المنطقة و حقول بحرية مجاورة و منها بلوك 12 على الجانب القبرصى و هو يبعد 34 كيلو متر فقط من حقل أسمه Leviathan- Feld الذى تقوم إسرائيل وقبرص اليونانية باستغلاله وسط تأكيدات بوقوعه داخل الحدود البحرية المصرية.
وإذا استعرضنا الحدود البحرية سنجدها تقع فى شكل مستطيل عرضه (بين قبرص واليونان) 297 ميل بحري، وارتفاعه (بين مصر وتركيا) 274 ميل بحري، وبالتالى فإن الحدود الرئيسية تقع بين مصر وتركيا لأنهما الأقرب تماساً وفقاً للقانون الدولى.
ولكن طبيعة الوضع السياسى المتوتر بين الحكومتين المصرية والتركية جعل القاهرة تعلق أهمية كبيرة على التعاون مع بلدي الجوار الأوروپيين، قبرص واليونان، في ظل حقيقة أن الرئاسة القادمة للاتحاد الاوروپي ستكون لليونان، فى الوقت نفسه تبحث أثينا عن تأمين اتصالات جيدة على المستوى السياسي مع القاهرة، بالرغم من وعيها بأن أزمة العلاقات بين تركيا ومصر قد تكون ذات طبيعة مؤقتة وفي النهاية لن يكون لها أثر على القضية الرئيسية في العلاقات الثنائية فيما يخص ترسيم مناطق الحدود البحرية.
هذا وقد أثارت مطامع اليونان مخاوف المصريين من التنازل عن بعض الحقوق نكاية فى تركيا وهو ما نفته الخارجية المصرية مؤكدة أن ترسيم الحدود هو قضية أمن قومى مصرى لا يمكن التفريط او التهاون فيها لأية أسباب أو حسابات، وهو ما أكده خبراء بأن توتر العلاقات الحادث مع تركيا هو مسألة مؤقتة ، وان ترسيم الحدود يخضع للقانون الدولى.
وكانت الأزمة قد بلغت ذورتها مع مطلع العام 2012 حين أعلنت شركة "نوبل إنرجى"الأمريكية، التى تعمل مع قبرص وإسرائيل، عن اكتشاف احتياطيات هائلة من الغاز فى مياه المتوسط ، وفى حينها أكد خبير البترول المهندس إبراهيم زهران أن الحكومة الإسرائيلية تميل إلى سياسة فرض الأمر الواقع، وأن تل أبيب لا تنتظر ترسيم الحدود البحرية لأنها فى الأصل غير موقعة على اتفاقية الأممالمتحدة لترسيم أعالى البحار ، و أتهم وزارة الخارجية بالتقاعس عن المطالبة بترسيم الحدود البحرية مع الدول المختلفة فى منطقة البحر المتوسط، محذراً من حدوث مشكلة على غرار مفاوضات اتقافيات حوض النيل والتى تم تجاهلها حتى حدثت المشكلة وأصبحت إثيوبيا تفرض أمراً واقعاً وترغب فى تغيير عمليات اقتسام مياه النيل. ودعا زهران، الحكومة إلى انتهاج سياسة تركيا فى تحذير شركات البترول العالمية بعدم العمل فى مناطق الإمتيازات البحرية التى لم يتم ترسيم الحدود بشأنها، مشيراً إلى أن هذه السياسة ساعدت أنقرة على تجنب توسع إسرائيل وقبرص فى عمليات التنقيب. و قال د.رمضان أبوالعلا، أستاذ هندسة البترول بجامعة "فاروس" بالإسكندرية ، إسرائيل تأمل من خلال اكتشافات الغاز المتتالية فى البحر المتوسط تعزيز اعتماد الدول الأوروبية عليها كدولة مصدرة للغاز بديلاً عن الغاز الروسى، والنفط العربى، بما يجعلها تلعب دوراً سياسياً واقتصادياً يمكنها من تغيير خريطة المواقف السياسية فى المنطقة ودعا وزارة الخارجية المصرية إلى الإسراع فى ترسيم الحدود البحرية لمصربهدف حفظ الحقوق المصرية.
فيما حذر د.نايل الشافعى، مستشار الهيئة الفيدرالية الأمريكية للاتصالات، من مساعى 3 دول للاستيلاء على الاحتياطى المصرى، فى منطقة شرق المتوسط، والذى يقدر بمئات المليارات من الدولارات، أن حقلى الغاز الملاصقين لمنطقة "لفياثان" الذى اكتشفته إسرائيل فى 2010، وأفروديت الذى اكتشفته قبرص فى 2011 باحتياطات تقدر قيمتها ب200 مليار دولار، يقعان فى المياه الإقليمية الخالصة لمصر، شرق البحر الأبيض المتوسط ، إسرائيل تعمل داخل حدود مصر، واستولت على منطقة تنقيب غازها، بمساندة قبرصية، معتمدة على رسم الحدود البحرية بين قبرص ومصر بشكل خاطئ، موضحاً أن حقل "لفياثان" ، يبعد عن دمياط 190 كيلو متراً وعن "حيفا" الفلسطينيةالمحتلة، داخل الحدود الإسرئيلية 235 كيلو متراً، الخط الافتراضى بين حدود مصر البحرية القبرصية، رسمته تل أبيب ونيقوسيا فى غياب القاهرة بهدف إبعاد مصر عن جبل "راتوستينوس" المنطقة الغنية بالغاز الطبيعى، حتى يكون لإسرائيل حق التنقيب فيها، رغم أنها ضمن الحدود المصرية. وحذر الخبير من رغبة اليونان، فى الاستيلاء على منطقة "أوليمبى" الطبيعية، بالقرب من مرسى مطروح، مطالباً الحكومة بالحذر عند التوقيع على أى اتفاقيات معها، مشيراً إلى أن مناقشات البرلمان اليونانى، تعول على منطقة "أوليمبى" لتنمية اقتصاد بلادها المتعثر. وشدد "الشافعى" على ضرورة ترسيم الحدود البحرية مع ال9 دول، خاصة إسرائيل وقبرص واليونان، للحفاظ على ثرواتنا الطبيعية. ومن جانبه قال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، "مصر ما بيتنصبش عليها"، موضحاً أن نظام الرئيس الأسبق "حسني مبارك" من خلال التوقيع على هذه الاتفاقية قام بالتفريط والتنازل عن حقوقنا، نافياً أن يكون قد تم النصب عليه لأنه وقع عليها بإرادته. وأشار نافعة، في تصريح خاص ل"الفجر"، إلى أن البيان الختامي للقمة الثلاثية التي تم انعقادها بالقاهرة مطلع الأسبوع الماضى ، يوحي بأن القانون الدولي هو الذي سيسري، بين الدول المتفقة على إعادة ترسيم الحدود بما يساعد على حصول كل طرف على حقه.
وعن إمكانية استرداد هذه المساحات، توقع نافعة، أن يتم استردادها في الفترة القادمة أو أن يتم استغلالها استغلال مُشترك اذا كانت تقع على الحدود المتاخمة، قائلاً: "اذا كانت أجزاء من هذه المساحات داخل الأراضي المصرية والباقي داخل الأراضي القبرصية والإسرائيلية، يمكن الاتفاق على استغلال هذه الآبار من خلال شركات مشتركة ويتم الاتفاق على الطريقة التي توزع بها الأنصبة بشكل عام، اذا حسنت النوايا". وثمن نافعة، القمة الثلاثية الأخيرة مؤكداً أنها ذات أهمية كبيرة لما تشكله من ضغط على تركيا لتغيير سياستها واصرارها على التدخل في الشؤون الداخلية المصرية، وتقديم دعم غير محدود لجماعة الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى أن هناك مشكلات تتعلق باستغلال المياه الإقليمية في الحصول على الثروات الطبيعية في قاع البحار وحقول الغاز، ومشكلات بين مصر وقبرص، مؤكداً أن حلها سوف يؤدي إلى استعادة حقوق تبدو ضائعة بالنسبة لمصر، فضلاً عن أنها تشكل أداة ضغط أيضًا على إسرائيل حتى لا تتواطأ مع تركيا في استغلال ثروات هي من حق مصر . وأضاف أستاذ العلوم السياسية، أن هناك مجموعة من القضايا المهمة التي يمكن حلها وترتيبها إذا قويت العلاقات بين الدول الثلاثة، لافتاً إلى أن القرب الجغرافي والثروات المشتركة والارتباطات التاريخية بين هذه الدول يمكن أن تشكل محور مهم وقوي بشرط أن يستخدم استخدام رشيد ليفعل وأن لا يكون مجرد انفعال مؤقت أو أداة سريعة لتحقيق أغراض تكتيكية يعني يمكن أن يتحول إلى محور استراتيجي مهم.
واتفق معه جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية والبرلماني السابق، الذي أكد أيضاً أن الرئيس الأسبق حسني مبارك قد فرط في حقوق مصر حينما وقع على الاتفاقية، موضحاً أنه كان بها نوع من التسهيل والتسيب الغير مبررين، في حين أنه كان متاح للدولة تحديد المساحات، ولم يكتشف حينها وجود الآبار البترولية لكن كان هناك احتمالية لوجودها. وطالب في تصريح خاص ل"الفجر"، أن يتم محاسبة وزراء الخارجية والنقل والبترول في هذا الوقت، والأجهزة السيادية، نتيجة التوقيع على هذه الاتفاقية، مستطرداً : "في مصر لا نرى من يحاسب، ولا يحاسب الا الصغار". وأوضح زهران، أن الاتفاقية قد مررت على مجلس الشعب وقتها إلى الحكومة، ووقع عليها رئيس الجمهورية دون عرض تفاصيلها على المجلس، مشدداً على ضرورة إعادة النظر فيها والرجوع إلى الحقوق وما يترتب عليها من حقوق أخرى تتعلق بالبترول. وأضاف أن الاتفاق الذي تم بين الرئيس السيسي ونظرائه القبرصي واليوناني، خطوة ايجابية لأن الرئيس يعيد النظر فيما تم التفريط فيه، ويحاول استعادة حق مصر في الغاز ومطالبة الآخرين بهذه الحقوق . الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي، وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أن يكون لقاء الرئيس السيسي بالرئيسين القبرصي واليوناني تناولوا خلاله إعادة ترسيم الحدود، أو محاربة تركيا، مؤكداً أن كل التناول الإعلامي لهذا الأمر مغلوط وهو خارج اطار المباحثات التي تمت، ومشيراً إلى أن مصر أنهت المباحثات حول الحدود البحرية مع اسرائيل وقبرص. وأكد سلامة في تصريح خاص ل"الفجر"، أن القمة الثلاثية بين الرؤساء الثلاثة الهدف الرئيسي منها توطيد أطر التعاون المشترك ما بين الدول الثلاثة، وأنها لا تستهدف من قريب أو بعيد معاداة أي دولة أخرى في المنطقة، وحتى تركيا، مشيراً إلى أن البيان المشترك الذي صدر عن هذه القمة قال أن المباحثات لم تتطرق لأي تدابير أو إجراءات مشتركة لهذه الدول الثلاث تجاه تركيا . أما بخصوص إعادة تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة في البحر المتوسط وهي أحد القضايا الجوهرية لمصر، فأكد سلامة، أن البيان الرسمي المصري الذي صدر بعد هذه الجولة من المباحثات المشتركة المهمة لرؤساء الدول الثلاثة، يؤكد أنه لم يتم التطرق لمسألة إعادة تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة بين الدول الثلاث. فيما أكد الدكتور نبيل أحمد حلمي، أستاذ القانون الدولي، أنه لا يوجد أي دولة تستطيع أن تتعدى على أراضي أو ثروات دولة أخرى لمجرد توقيع اتفاق فيما بينهم، موضحاً أن أي دولة تعتدي على حقوق أخرى يعتبرها القانون معتدية، مؤكداً : "مصر الآن قوية ولا يستطيع أحد الاعتداء عليها". وأضاف حلمي في تصريح خاص ل"الفجر"، أن مصر سيادتها كاملة على أراضيها ولم تستطيع دولة أن تأخذ أي أرض الا بحقوقها اذا كان لها حقوق بهذا الشأن، لافتاً إلى أن الفيصل هو القانون واحترامه، ومؤكداً أن السيادة في مصر لن تتخلى عن أي أرض ليست من حق أي شخص، وليس هناك أراضي للدولة اليونانية في مصر. وتابع : "لا اتصور ان تعيد مصر الاتفاقية لتسترجع الأراضي مرة أخرى، ولا يوجد أي اتجاه للتخلي عن اتفاقيات، بالعكس مصر عقب ثورة 30 يونيو أعلنت عن التزامها بالاتفاقيات الدولية التي دخلت فيها من قبل". وأوضح أستاذ القانون الدولي في تصريحه قائلاً : "أي موافقه على الاتفاقيات أو التراجع عنها لابد أن يمر من خلال القضاء، والموافقة تكون من خلال مجلس الوزراء أولا لأنه المختص في هذا الشأن" فيما أكد دكتور جمال عرفان، أستاذ الجغرافيا بجامعة القاهرة ، والخبير في الترسيم الحدودي ، إن مصر وقعت إتفاقية مع قبرص واليونان في عام 2004 وكانت بمثابة اتفاق لتحديد وترسيم مناطق حقوق الدول الثلاث في الغاز الطبيعي المستخرج من شرق البحر المتوسط، ونصت الإتفاقية على ان الدولة التى تجد إن الدول الاخرى تريد الإستحواذ على حصر المياة الإقليمية فعليها التحرك ومن حقها أن تلغي تلك الإتفاقية كاملة . واوضح "عرفان " إن المياة الإقليمية وإقليم البحر المتوسط لست مشكلتة الحقيقية في الوقت الحالي بين مصر وتركياوقبرص واليونان ، بل هناك طرف خفي وهو "إسرائيل " يسعى إلى السيطرة على تلك المياة لخدمة مصالحة الحالية والمستقبلية ،مشيرًا إن قبرص تساعد إسرائيل على ذلك وهناك إتفاقية بينهم بإستخراج الغاز الطبيعي المسال من تلك المنطقة وبيعه في السوق الدولي والحصول على منفعة مشتركة بينهم متجاهلين مصر وتركيا . وتابع أستاذ الجغرافيا ، إن الترسيم الحدودي الجديد الذي تنوى مصر تقديمة خلال القمة المصرية القبرصية اليونانية ، ستجعل الغاز الطبيعي المستخرج من حقل "لفيتان" تحت سيطرة قبرص او إسرائيل بمعنى افضل ، ويُقدر حجم احتياطيات هذا الحقل من الغاز نحو 16 مليار متر مكعب، إلى فلسطين والأردن بمقدار 6 مليار متر مكعب، وتصدير 6 مليار متر مكعب إلى تركيا، والكمية الأخرى يتم إرسالها إلى أوروبا عبر الأراضي التركية. قال اللواء البحري ، يسري قنديل ، الخبير العسكري ، إن علاقة مصر باليونان متواجدة في مصر من قبل الثورة وخاصًه في مجال البحرية المصرية ، مشيرًا ان القوات البحرية المصرية كانت تتدرب مع القوات اليونانية في إطار الإستخدام السياسي لقوات البحرية التى تعد من أهم علاقات المياة الإقليمية وأوضح"قنديل " أن البحرية المصرية منفتحة على العالم، ولديها خبرات كثيرة، وكان ذلك واضح في المهام التي كانت تقوم بها البحرية المصرية في حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر ، مشددًا إن اليونان ومصلحتها مع المياة الإقليمية في مصر تعود إلى عصور قديمة ، فالمياة الخاصة بمصر تريد إسرائيل تمريرها من خلال قبرص لكي تصل إلى ليونان وفقًا لمصالحهم الخاصة دون ان يكون ذلك بأي عائد لمصر . وتابع "الخبير العسكري " إن هناك إتفاقية بين مصر وقبرص وهذة الإتفاقية بها ترسيم الحدود المصرية مع قبرص ، مشيرًا إن تلك الإتفاقية كانت وقتها لخدمة قطاع البحري في الدولتين ولست لإستغلال دولة لصالح الاخرى . وأشار قنديل ، إن هناك فرق بين الحدود الإقتصادية لمصر عن الحدود المياة الإقليمية لها ، لذلك فإسرائيل تحاول ان تستغل ذلك من أجل نسب اراضي وقطاعات هي في الاساس من تقسيم مصر في المياة الإقليمية إلى نفسها ، لافتًا إن إقليم البحر المتوسط الذي يجمع بين مصر وقبرص واليونان وتركيا سيظل محل نزاع لان الدول الاخرى تطمع في حصة مصر .