" ولي أمر : لجأنا للدروس الخصوصية لأن المدرسين لا يشرحون داخل الفصول
ولي أمر لتلميذين بالابتدائية : الدروس الخصوصية تكلفني 2000 جنيه شهرياً
ولية أمر : " المعلمين أصبحوا أغنى من لاعبي كرة القدم بسبب الدروس الخصوصية"
ناشط تعليمي : السياسات التعليمية سبب ظهور السوق السوداء
استقلال التعليم : "السيسي ووزير التعليم" شجعوا المدرسين على الدروس الخصوصية
اعتدنا منذ زمن ليس ببعيد أن تكون الدروس الخصوصية من خلال اتفاق سري بين التلميذ ومُدرسه حتى لا يتسبب الاعلان عن ذلك في أزمة للاثنين معاً مع إدارة المدرسة، لكن الجديد في هذا الأمر وما يحدث الآن هو أن تُصبح تلك الدروس الخصوصية مادة دعائية على أسوار المدارس والمنشآت في جميع الشوارع فنرى منها :" ملك الفيزياء، قرش الكيمياء، عبقري الإنجليزية، فارس الرياضيات"، فكلها أسماء دعائية غريبة يكتبها المدرسين وألقاب يلقبونها لأنفسهم حتى يُعرف اسمهم بين تلاميذ المدارس.
وأصبحت الإعلانات على أسوار المدارس بالحجز والسباق وكذلك "مزاد علني" يتسابق فيه المعلمون لعرض أسعار حصصهم، وأسماء المراكز التعليمية التي يعطون الدروس خلالها، كوسيلة لجذب أكبر عدد من طلاب المدارس.
وقامت "الفجر" بجولة حول عدد من المدارس لرصد هذه الظاهرة التي انتشرت بشكل كبير مؤخراً، ومعرفة آراء أولياء الأمور حولها.
فمن جانبه قال " أحمد على "، ولى أمر طالبة في الصف الثالث الإعدادي، أن الدروس الخصوصية تستهلك أكثر من نصف مُرتبه، موضحاً أن ابنته تدفع من 50 حتى 70 جنيهاً قيمة الحصة الواحدة في بعض المواد.
وأوضح أن المواد العلمية عادة ما يكون سعر الحصص فيها أعلى من المواد الأدبية، لافتاً إلى أن سعر الدرس يكون بخلاف المُذكرات، وأن المُذكرة الواحدة يتراوح سعرها ما بين 15 إلى 20 جنيهاً، مؤكداً أن المدرسين يجبرون الطلاب على الدفع قائلين " مش ها تدفع مش ها تحضر".
وأرجع ولي الأمر، سبب لجوء أولياء الأمور إلى وسيلة الدروس الخصوصية إلى أن المعلمين لا يشرحون شرح وافي داخل فصول المدرسة، وعدم وجود رقابة عليهم من وزارة التربية والتعليم، لتعاقبهم على ذلك، مشدداً على ضرورة أن يؤدي المعلم واجبه وحتى وإن كان لديه في الفصل طالب واحد فقط، مستنكراً ما يقوله بعض المدرسين للطلبة " أنتو بتيجوا المدرسة ليه .. أنتو مش بتاخدوا دروس".
وقال" محمود حسين "، ولى أمر لطالبين في الصف السادس الابتدائي، أنه يعمل سائق على تاكسي ودخله في اليوم لا يتراوح ال200 جنيه، وأن تكلفة الدروس الخصوصية لأولاده تتعدى ال 2000 جنيه في الشهر الواحد، مما جعله يعمل في مهنة أخرى إلى جانب مهنته.
وأضاف : "المدرسين لم يشرحوا داخل الفصول إلا من رحم ربي"، مناشداً محمود أبو النصر، وزير التربية والتعليم بوضع قانون يعاقب من يقوم بإعطاء دروس خصوصية ويُلزمه بالشرح داخل الفصول مع العمل على زيادة راتبه حتى لا يلجأ إلى هذه الدروس .
أما "منى أحمد"، ولية أمر لتلميذين في المرحلة الابتدائية، فأوضحت أنها تعتمد على مرتبها الخاص بها ومعاش زوجها من أجل تعليمهم، مؤكدة أنها ليس لديها حل آخر حتى يتعلموا جيداً.
وقالت ساخرة :"المدرسين أصبحوا أغنياء أكثر من لاعبي الكُرة، بسبب الدروس الخصوصية"، مستنكرة عدم أداء المدرسين عملهم بضمير وبخلهم على تلاميذهم في الشرح، وتبريرهم بأن ذلك بسبب قصر وقت الحصة.
وأضافت : " بخلاف الدروس الخصوصية، فإن المدرسين يطلبون أيضاً من التلاميذ شراء الكتب الخارجية، لسهولتها عن الكتاب المدرسي، وهو ما يكلفنا مصاريف أكثر ويزيد من الأعباء".
وفى السياق ذاته قال الناشط التعليمي "أيمن البيلي" أن الدروس الخصوصية هي نتاج طبيعي ومنطقي لسياسات التعليم، والتي من بينها السياسات الاقتصادية وخاصة منظومة الاجور للمعلمين، مما دفع المعلم إلى اللجوء لإعطاء الدروس الخصوصية، ومع مرور الوقت توجهت الدولة إلى تشجيع القطاع الخاص في الاستثمار بالتعليم، وبالتالي دخول التعليم الحكومي منافسة غير متكافئة مع القطاع الخاص، من حيث جودة تقديم الخدمة التعليمية، مما ساعد على ظهور الطرف الاسود او السوق السوداء في التعليم أو التعليم الاسود ( الدروس الخصوصية).
وأوضح البيلي أن التعليم الأسود هو نوع من التعليم الموازي الغير خاضع لأي قيم تربوية او تعليمية، بالإضافة إلى كونه عملية تجارية ( سلعة بائع ومستهلك )، فلابد ان تكتمل شروط المنافسة وفقا لقواعد السوق .
وأضاف أن أي مدرس يعتبر الدروس الخصوصية سلعة ويروج لسلعته وفق ما يراه مناسباً من أساليب الدعاية، ليحقق أكبر نسبة من الارباح وبأقل تكلفة ممكنه .
وقال إن المدرسين يروجون للدروس من خلال الدعاية بأشكال مختلفة وبمسميات متعددة تواكب ما هو رائج من مفردات وعبارات لها صدى إعلامي عند الزبون ( الطالب) مثل فلان " قرش الجغرافيا " على وزن " رامز قرش البحر " أو " رامبو الرياضيات " أو " زويل الفيزياء " او " امبراطور اللغة العربية " وغيرهم من مسميات.
وأشار إلى أن تلك الاعلانات وهذه الدعايات في كل الأماكن على اسوار المدارس وعلى جدران المنازل خاصة في المناطق الفقيرة، اما الاماكن ذات المستوى المعيشي المرتفع فيعلق بها بنرات بلاستيكية مكتوب عليه باللغة الانجليزية اسم المعلم والمادة .
وقال "محمد زهران"، مؤسس تيار استقلال التعليم ، أن أزمة الدروس الخصوصية ليست وليدة اللحظة بل هي أزمة يعانى منها المجتمع المصري من فترة بعيدة، لافتاً إلى أن المعلمين تشجعوا على ذلك بعد سماح الرئيس عد الفتاح السيسي ووزير التربية والتعليم لهم بممارسة إعطاء الدروس الخصوصية أثناء احتفالية عيد المعلم .
وطالب زهران، الدولة ب وضع بدائل للمعلم حتى لا يلجأ إلى هذه الدروس، مشدداً على أن أقل حق له هو زيادة مرتبه، مقترحاً استخراج تصريحات للمعلمين لعمل اعلانات لهم على أسوار المدارس حتى يكون الأمر في شكل قانوني .