أظهر مقطع فيديو مسرب يُظهر استخدام طائرة من دون طيار لمهاجمة أحد مواقع المسلحين السوريين المتمركزين في منطقة جرود عرسال الحدودية شرقي لبنان، ما يوحي بأنها تعود ل«حزب الله» اللبناني، الذي استخدم بوقت سابق طائرات من دون طيار بعمليات استطلاعية فوق الأراضي الإسرائيلية في عامي 2004 و2012، ما يعني أنه كشف إحدى أوراقه الاستراتيجية أخيرا باستخدام طائرة متطورة من دون طيار تطلق الصواريخ. وبحسب الشرق الأوسط، لم يصدر أي إعلان أو تعليق رسمي من الحزب حول الموضوع، إلا أن تبني وسائل إعلام لبنانية تابعة له المعلومة أكّد صحتها. وكانت صحيفة «الأخبار» المقربة منه أول من أعلن الخبر متحدثة عن إدخال الحزب في معركة جرود عرسال «سلاحا نوعيا، وهو عبارة عن طائرات من دون طيار قادرة على قصف أهداف بصواريخ دقيقة».
ونقلت قناة «المنار» وموقعها التابعين لحزب الله الخبر، فيما فضّل مقربون من الحزب عدم تبني موضوع الطائرة لما لمعركة عرسال وجرودها من خلفيات مذهبية وسياسية قد تؤدي لارتدادات سلبية داخلية.
وكان ناشطون تداولوا على مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين مقطع فيديو يُظهر موقعا في منطقة جردية قالوا إنه للمسلحين في جرود عرسال، مع خلفية أصوات عنصرين أو 3 الأرجح أنّهم لبنانيون، قبل أن تنفذ طائرة غارة جوية على الموقع ما أدّى لتدميره بشكل كامل، وتلا ذلك صيحات تكبير.
واستخدمت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي مقطع الفيديو المذكور، وضجّت، بحسب «الأخبار»، مواقع إلكترونية عبرية بخبر الفيديو المسرّب، لافتة إلى أن الجيش الإسرائيلي يعرف أن إيران تملك نوعين من طائرات من دون طيار تطلق صواريخ دقيقة، وكان لديه تقدير ومعطيات بأن حزب الله بات يملك هذه الطائرات، «لكنها المرة الأولى التي يكشف فيها الحزب عن استخدامها».
وبينما شكك الخبير الاستراتيجي المقرب من الحزب العميد المتقاعد أمين حطيط بأن يكون الحزب من استخدم الطائرة، وصف رئيس مركز «الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة» العميد المتقاعد هشام جابر التطور ب«النوعي والمهم بالقوة العسكرية للحزب، باعتبار أن الجيش اللبناني لا يمتلك سلاحا مماثلا ولو فعل لكان أعلن عن ذلك».
وشدّد حطيط في تصريح ل«الشرق الأوسط» على أن الجيش اللبناني هو من يقود العمليات في عرسال وجرودها حاليا، «كما أنّه ليس بحاجة للمؤازرة باعتبار أن عملياته دقيقة ومخططة جدا»»، وقال: «وجود طائرات من دون طيار بالمنطقة لغير الجيش يعرقل العملية».
ولفت حطيط إلى أن الجيش اللبناني يمتلك طائرات «سيسنا» للمراقبة، «وقد يكون أدخل عليها تعديلات كي تطلق صواريخ أو ترمي براميل متفجرة كما حصل في معارك مخيم نهر البارد في عام 2007».
ونفى حطيط أن يكون حزب الله يشارك الجيش اللبناني بالمعارك في جرود عرسال نظرا للحساسية الكبيرة المذهبية في المنطقة. وقال: «دخول الحزب بشكل مباشر يُفشل العملية، والحزب ذكي كفاية كي لا يقع في خطأ كهذا».
وتحدث حطيط عن «تنسيق أمر واقع ميداني بين الحزب والجيشين اللبناني والسوري»، لافتا إلى أن «تكامل العمليات العسكرية أوقع أكثر من 400 قتيل في صفوف المسلحين في منطقة القلمون وجرود عرسال في الأيام ال6 الماضية».
ونقل موقع «المنار» الإلكتروني عن مصادر مطلعة أن سلاح الجو السوري أغار أمس على «مواقع للمسلحين عند الحدود السورية اللبنانية في معبر الزمراني، وقضى على عدد منهم».
وقالت «الوكالة الوطنية للإعلام» إن الطيران الحربي السوري أغار على تجمعات للمسلحين في جرود عرسال، «ما أدى إلى وقوع عدد من الإصابات بين قتيل وجريح».
وعد العميد المتقاعد هشام جابر أن عدم تبني حزب الله للطائرة يندرج في إطار سياسته المتبعة التي تقضي «بعدم تقديم لوائح بالأسلحة التي يمتلكها لاستخدامها لاحقا كعنصر مفاجأة بمواجهته مع العدو الإسرائيلي»، لافتا إلى أن حزب الله دخل ومنذ نحو 4 أشهر في المعركة مع المجموعات المسلحة في سلسلة جبال لبنان الشرقية وعند السفح الغربي المطل على منطقة البقاع شرقا، «وهو يتجنب الاقتراب من بلدة عرسال نظرا لحساسيات مذهبية وسياسية».
وقال جابر ل«الشرق الأوسط»: «الجيش اللبناني قادر إذا نسّق مع الجيش السوري أن يستكمل الحصار على المجموعات المسلحة وتأمين مساندة جوية ما يؤدي للضغط على المسلحين لتسليم الرهائن العسكريين وتأمين ممر آمن لخروجهم لشمالي سوريا كما حصل بوقت سابق في حمص ومعضمية الشام، وفي حال لم يوافق الجيش السوري على هذا السيناريو كان العمل العسكري».
ورجّح جابر أن يكون المركز الذي استهدفته إحدى الطائرات التي قيل إنها لحزب الله، في منطقة عند الحدود تماما وبالتحديد عند سفح تلة موسى التي تعد الأعلى بالسلسلة الشرقية ويبلغ ارتفاعها 3 آلاف و80 مترا. وأضاف: «عسكريا، لا يمكن احتلال هذه التلة إلا نتيجة حصار محكم لمنع اللوجيستية مترافق مع قصف جوي على مدى أسابيع.. وبعد أن يجري إرهاق المسلحين يمكن القيام بعملية عسكرية مجوقلة لاستعادة السيطرة عليها».