دشن أول متحف للفن الإسلامي في تورنتو بكندا ويضم أكثر من ألف قطعة فنية نادرة بمبادرة من مؤسسة الأغا خان المرشد الروحي للاسماعليين. وتضم القطع المعروضة نصوصا نادرة من القرآن الكريم تعود إلى القرنين السابع والثامن وقطعة رخامية محفورة في أسبانيا تعود إلى القرن العاشر، ونص إعلان في الصين يعود الى القرن الحادي عشر مكتوب باللغة العربية.
ويحتوي المتحف البالغة تكلفته 300 مليون دولار مركزا ثقافيا، وبني على مساحة 10500 متر مربع محاطا بمتنزه، ويأمل القائمون على المشروع أن يستقطب المتحف 250 ألف زائر سنويا.
وقال الأمير كريم أغا خان الزعيم الروحي للمسلمين الإسماعيليين في بيان "نأمل أن يساهم هذا المتحف في فهم أفضل للمسلمين في تنوعهم الديني والاجتماعي، وأن يتعرف المشهَدُ الثقافي في أميركا الشمالية على عنصر جديد عليه".
وتأتي غالبية قطع المتحف من مجموعة الأغا خان والمتحف واجهة للابداع الفني وانجازات الحضارات الاسلامية على فترة تمتد أكثر من 1400 سنة من أسبانيا إلى الصين.
وأتت قطع المتحف من جميع أنحاء العالم القديم، من أقصى شرق آسيا إلى أقصى غرب أوروبا.
ويعد هذا المتحف هو الوحيد المتخصص للفنون الإسلامية في الأميركتين، وبين معروضاته قطع نادرة تشير إلى عمق الإنتاج الثقافي والإبداع الفني الذي قدمته الحضارة الإسلامية عبر التاريخ، ومن بينها مخطوطات شديدة الندرة، وأوان فخارية ونحاسيات، وقطع للزينة، ولوحات وزخارف.
وتقول ربا كنعان، مسؤولة قسم التعليم والبرامج البحثية في متحف الآغا خان "أن مقتنيات المتحف تعد مجتمعة دليلاً على المساهمات الجمالية والعلمية والتعليمية التي قدمتها الحضارة الإسلامية للعالم خلال أكثر من ألف سنة".
وتضيف قائلة "أن من أهم مقتنيات المتحف نسخة نادرة جدا من كتاب القانون في الطب لابن سينا، تعود للقرن الحادي عشر الميلادي. وهو كتاب كان يعتبر مرجعاً في مجال الطب، وظل يُدرّس في جامعات أوروبية حتى نهاية القرن الثامن عشر".
كما يحتوي المتحف على نافورة، وبركة مياه أُبدِعت في القاهرة في القرن الخامس عشر الميلادي، مصنعة من المرمر المحروق والحجر الرملي المقطع إلى قطع هندسية دقيقة تشكل إلى جانب بعضها البعض أشكالاً هندسية زخرفية تعتبر نموذجاً لدور الهندسة في الفن البصري الإسلامي.
وتؤكد ربا كنعان "أن لكل قطعة بالمتحف قصة ورسالة، وكلها متاحة لمن يرغب في دراستها والتعلم منها، إذ إن الدور التعليمي للمتحف، وسعيه لتوفير فرص للمؤسسات التعليمية والأكاديمية، أمور أساسية لوجوده".
ويبدأ المتحف قريبا تنظيم زيارات لتلاميذ المدارس وطلاب الجامعات، كما أنه سيطلق برنامجا يقدم الدعم المباشر للباحثين المتخصصين في الفن الإسلامي.
ويوجد بالمتحف مكتبة متخصصة في الكتب والمراجع المتعلقة بالفن والتاريخ الإسلاميين، إلى جانب برنامج دائم من المحاضرات والمؤتمرات التي سيكون أولها مؤتمر يستمر ثلاثة أيام منتصف أكتوبر/تشرين الأول بحضور 200 باحث ومتخصص من العالم.
ويقول هنري كِم "أن المهمة الرئيسية للمتحف كانت وستظل تعليمية، واختيار كندا تم بعد بحث كبير لأفضل مكان في العالم، ووجدنا أن معظم سكان أميركا الشمالية لا يعرفون عن العالم المسلم غير ما يشاهدون على شاشات التلفزيون، والذي تغلب عليه السلبية معظم الوقت".
وأضاف كِم "أن التنوع الثقافي هو ما يمكن للمرء أن يراه في تصميم المتحف ذاته، فهو ليس إسلامي المعمار على الإطلاق، لكنه ليس غربياً أيضا".
صَمم متحفَ الآغا خان المهندس الياباني المخضرم فوميهيكو ماكي، المعروف بهوسه بدمج أنماط معمارية مختلفة في نمط واحد، والذي يُقصد عادة لتصميم مراكز ثقافية ومتاحف ومؤسسات دولية، فهو من أبرز المعماريين في قدرته على إعطاء الأبنية عدة هويات.
وفي تصميم هذا المتحف استخدم الضوء الطبيعي بطريقة ملفتة واستخدمت مواد بناء طبيعية مختلفة، كل منها تقدم انعكاساً مميزاً للضوء بلون مختلف.
ويأتي افتتاح المتحف في وقت يتحدث فيه كثير من المهتمين بالتاريخ والحضارة، خصوصاً في البقاع التي كانت جزءاً من الامبراطوريات الإسلامية، عن قلقهم على ضياع النتاج الفكري والفني الملموس لتلك الحضارات.
وتعد هذه هي المرة الأولى التي تسكن فيها هذه الآثار الإسلامية معا في مكان واحد، ضمن مدينة وقارة لا علاقة لهما أبدا بأي منها ولا بأي من مبدعيها عبر التاريخ.