وكالات اعتبرت مجلة إيكونوميست البريطانية خلال افتتاحيتها اليوم الأحد، إعلان أوباما في خطابه بتاريخ 10 سبتِمبرعن استعداد أمريكا شن حملة مفتوحة ضد الدولة الإسلامية في العراقوسوريا (داعش)، بأنه تحول مذهل لرئيس حذر وجمهور متحفز نتيجة قطع رأس اثنيْن من الصحافيين الأمريكيين، بعد تجاهل ارتفاع عدد القتلى في العالم العربي.
ولفتت الافتتاحية إلى أن رئاسة أوباما باتت على المحك، في حين يتساءل النقاد عما إذا كان يعرف كيف يحافظ على أمن الأمريكيين.
عندما أعلن أوباما بفخر في عام 2011 أن حرب أمريكا في العراق ستنتهي قريباً، لم يكن يتصور أن الرأي العام سيجبره، بعد 3 سنوات، على تقديم خطاب يؤكد فيه إرسال ما يقرب من 500 جندي أمريكي إلى العراق للانضمام للمئات هناك بالفعل، حيث سيدعمون القوات العراقية والكردية بالمشورة والتدريب والاستخبارات والمعدات، كما سيقدمون الدعم لوحدات الحرس الوطني العراقية الجديدة في المدن السُنيّة.
وستتلقى قوات الحلفاء البرية الدعم أيضاً من الضربات الجوية "المنهجية" الأمريكية في سورياوالعراق، ووعد أوباما بأن لا تقاتل القوات الأمريكية على الأرض في بلد أجنبي.
وأوضحت المجلة أن الرئيس أوباما، منذ اندلاع الانتفاضة ضد النظام السوري بشار الأسد، رفض دعوات من مساعديه، وأبرزهم وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون، لتسليح المتمردين المعتدلين نسبياً على نطاق واسع.
واستبعد أوباما، في 8 أغسطس (آب)، أن يسقط النظام على أيدي مجموعة وصفهم بأنهم "معارضة من الأطباء والمزارعين والصيادلة السابقين".
وبعد شهر، أعلن أوباما في خطاب تلفزيوني توسيع المساعدات للمتمردين السوريين، مؤكداً "عدم إمكانية الاعتماد على نظام الأسد الذي يرهب شعبه" في خطته للحرب على داعش، وشبّه هذه الاستراتيجية، التي تنطوي على استخدام القوة الجوية وتقديم الدعم لقوات الحلفاء الإقليميين البرية، بالحملات التي وصفها بالناجحة في الصومال واليمن.
وعلى الرغم من أن الرئيس الأمريكي يعتقد أن لديه السلطة القانونية لشن الضربات الجوية، ويحظى بدعم الحزبين الديمقراطي والجمهوري لتطبيق استراتيجية أكبر، جدد الدعوة إلى الكونغرس للمصادقة على الأموال اللازمة لتدريب وتجهيز أعداد كبيرة من المقاتلين السوريين، وكان طلب الحصول على 500 مليون دولار لمساعدة المتمردين السوريين توقف في الكونغرس منذ يونيو (حزيران).
ورأت المجلة أن مطالبة الكونغرس بالموافقة على متابعة الحملة الأمريكية لمكافحة الإرهاب، ترد فيما يبدو على شكاوى من جانب أعضاء الكونغرس الذين انتقدوا أوباما ووصفوه بالمتردد وطالبوه باستشارتهم.
وقبل ساعات من خطاب أوباما الأربعاء الماضي، انقسم قادة مجلس النواب ومجلس الشيوخ، وسعد كثير من الجمهوريين بإعادة اكتشاف دورهم المتشدد، متهمين أوباما بإدارة سياسة خارجية عاجزة.
ولكن على بعد شهرين من الانتخابات، يخشى الكثيرون في الكونغرس المشاركة في تصويت يُؤخذ بعد ذلك ضدهم، وكما صرح عضو جمهوري بالكونغرس للصحافيين، كثير من زملائه يفضلون نهجاً بسيطاً، سيدينون أوباما إذا فشلت خطته، وسيتساءلون "لماذا تأخر وقتاً طويلاً" إذا نجح.
وأشارت المجلة إلى أن دعم سياسة أوباما الخارجية في أدنى مستوياته، لكن المزاج العام متقلب، فبعد استخدام سوريا للأسلحة الكيماوية ضد شعبها العام الماضي، اعتقد واحد فقط من كل خمسة أمريكيين أن توجيه ضربة لنظام الأسد يصب في مصلحتهم الوطنية، وغمر الناخبون الكونغرس بدعوات تعارض حتى الضربات الصاروخية ضيقة النطاق.
والآن، تظهر استطلاعات الرأي أن ما يقرب من ثلاثة أرباع الأمريكيين يؤيدون شن غارات جوية على العراق، ويؤيد الثلثيْن شن غارات على سوريا، ويعتقد 61٪ أن العمل العسكري ضد داعش يصب في مصلحة أمريكا.
ويرتبط الطابع التصعيدي الجديد للرأي العام بلقطات ذبح الصحفيين الأمريكان، إذ أبدى الأمريكيون اهتماماً بهذه الجرائم أكثر من أي حدث إخباري آخر في السنوات الخمس الماضية، كما أكد أحد الاستطلاعات.
واختتمت المجلة تقريرها بالقول: "ما تزال أمريكا متعبة من الحرب، لكنها تريد أن تشعر بالأمان".