ثمن مفتي الديار المصرية الدكتور شوقي علام، مبادرة خادم الحرمين الشريفين في إنشاء مركز لمكافحة الإرهاب، مؤكدا أن دار الإفتاء تضع كافة إمكاناتها لإنجاح المبادرة. وفي تصريحات ل«الشرق الأوسط» ببروكسل، حذر من أن الخطاب المتطرف يؤجج الصراع، مشددا على أن جرائم الجماعات الإرهابية، التي تدعي زورا أنها تتحدث باسم الإسلام، ترسل برسائل سلبية للعالم.
وأكد مفتي مصر في تصريحاته ل«الشرق الأوسط»، على هامش مشاركته في مؤتمر حول حوار الأديان استضافته بلجيكا، على ضرورة تكاتف جهود المسلمين عامة والعلماء والدعاة خاصة لاستعادة الصورة الحقيقية للدين الإسلامي من قوى الظلام والإرهاب والتطرف، محذرا من أن الخطر الحقيقي يتمثل في انتشار أفكار هذه التنظيمات المنحرفة عن تعاليم الإسلام ومبادئه وسط بعض الشباب المسلم الذي يعيش في الغرب، وهو ما يفسر اهتمام الحكومات الغربية بظاهرة انضمام مقاتلين مسلمين في صفوف «منشقي القاعدة»..
وأعلن المفتي عن انتهاء دار الإفتاء المصرية من مشروع علمي يعرض لتعاليم الإسلام الصحيحة باللغة الإنجليزية في خمس مجلدات توزع على الجاليات المسلمة في أوروبا وأميركا وأستراليا وغرب أفريقيا وشرق آسيا، مشيرا أن هذه الموسوعة تمثل دليلا إرشاديا للمسلم المعاصر في جميع مناحي الحياة المختلفة وتسعى لتصحيح المفاهيم ومحاربة الفكر المتطرف.
وأضاف المفتي أن دار الإفتاء المصرية إدراكا منها بأهمية تعظيم الاستفادة من التقنيات الحديثة في نشر الخطاب الشرعي الوسطي فقد قررت نشر هذه الموسوعة باللغة الإنجليزية كتطبيق على أنظمة الأندرويد والآب ستور قريبا، إسهاما منها بنشر تعاليم الدين الصحيح وقياما بواجب الوقت في وأد الخطاب المتطرف. وكان علام التقى برئيس مجلس الاتحاد الأوروبي هرمان فان رومبوي، وعقب ذلك شارك في نقاش داخل لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الأوروبي. وفي مداخلته، عبر مفتي مصر، عن قناعته بضرورة تكثيف التعاون بين الحكومات ومختلف أطراف المجتمع ورجال الدين المؤهلين من أجل إيصال صورة الإسلام الحقيقي ومنع بعض الأقليات من الترويج للتطرف والعنف الذي هو بعيد عن الإسلام. وتطرق المفتي إلى ممارسات تنظيم داعش؛ حيث قال: «أنا لا أحبذ تسمية خليفة أو تسمية دولة إسلامية، فإذا نظرنا لأعمال جماعة داعش، نراها خارجة تماما عن النصوص الإسلامية».
ومضى قائلا: «لا يمكن توصيف ما تقوم به هذه الجماعة على أنه تطبيق للنصوص الإسلامية، فالإسلام دعا للبناء والتعارف وأقر حماية المدنيين والضعفاء ورجال الدين في حال وقعت الحرب». ودعا إلى ملاحقة المسؤولين في هذه الجماعة، مشيرا إلى ضرورة اعتبارهم مجرمين يجب أن يحاكموا على جرائمهم.
وشدد المفتي على ضرورة أن يتقاسم الجميع المسؤولية في العمل على نشر الاعتدال وعدم السماح لأقليات متطرفة أن تفرض رؤيتها؛ ف«جميعنا شركاء في المسؤولية ولا بد من التواصل من أجل نشر ثقافة الاعتدال». أما بخصوص الوضع في مصر، فوصفه المفتي ب«المطمئن»، مشيرا إلى أن البلاد اجتازت استحقاقات دستورية وأن الدستور المصري الجديد، الذي تمت الموافقة عليه بنسبة عالية «يحفظ حقوق المرأة وكافة مكونات المجتمع» المصري. وركز مفتي مصر على ضرورة نشر ثقافة سيادة القانون ليس فقط في المجتمع المصري، بل في مختلف المجتمعات الأخرى. كما رد الشيخ شوقي علام على تساؤلات النواب الأوروبيين التي تمحورت بشكل رئيس حول أحكام الإعدام التي صدرت بحق مئات من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في بلاده، فشرح مجريات المحاكمات ودور المفتي. وقال: «دورنا استشاري ويتعلق بالرأي الشرعي فقط ولا نتدخل في العمل القانوني للمحكمة». ولكنه أكد أن المحاكمات الطويلة تصب غالبا في صالح المتهم وغالبا ما يجري تخفيف العقوبة. وأوضح أن الإسلام أقر الإعدام كوسيلة ردع في المجتمع.
وقال: «لو فكرنا باللحظة التي ارتكبت فيها الجريمة، لخفت حالة الذعر التي نشعر بها عند إصدار عقوبة الإعدام». وفي تصريحاته للإعلام البلجيكي شدد المفتي على أن وظيفة الفتوى في الإسلام تكمن في توضيح القواعد الإسلامية وإعطاء الرأي الشرعي وتفسير الشريعة الإسلامية. وفيما يتعلق بزيارته لبلجيكا فتأتي لحضور مؤتمر حول السلام والأديان.