دنيا الوطن فى الوقت الذى أعلن متحدث باسم حركة "حماس" أن الحركة أبلغت مصر رسميا برفضها مبادرة وقف إطلاق النار فى غزة، وقال سامى أبو زهرى المتحدث باسم الحركة إن نتيجة المحادثات داخل الحركة هى رفض المبادرة ومن ثم أبلغت حماس مصر الليلة الماضية باعتذارها عن عدم قبولها.. أكد سامح شكرى وزير الخارجية أنه يتم الآن إجراء اتصالات مكثفة لاستقطاب حماس وفصائل أخرى إلى قبول المبادرة المصرية، حفاظا على أرواح الشعب الفلسطينى، مؤكدا على أن مصر قادرة على أن تتلقى وترسل ما تحتاجه من تفاعل وتشاور حتى تؤدى إلى تحقيق الغرض وهو حماية الشعب الفلسطينى.
وأكد شكرى خلال مؤتمر صحفى مشترك مع تونى بلير، مبعوث اللجنة الرباعية لعملية السلام فى الشرق الأوسط، أن المبادرة المصرية لوقف العدوان الإسرائيلى على الفلسطينيين بقطاع غزة تأتى لحماية الشعب الفلسطينى من استمرار العملية العسكرية والقصف المستمر وإراقة الدماء وسقوط الضحايا، لافتا إلى أن مصر تهتم وتعطى هذا الموضوع أولوية بالغة حماية لأرواح الأبرياء من سكان الأراضى الفلسطينية المحتلة وخاصة غزة، مؤكدا أن الأزمة لها انعكاسات سلبية على الشعب الفلسطينى على كل الأراضى الفلسطينية ولابد أن يعود الاستقرار والهدوء حتى يتم رفع المعاناة والأضرار التى يتعرض لها فى الوقت الراهن .
وأضاف أنه خلال الاتصالات التى تلقاها تعرف على نية الاتحاد الأوروبى من خلال القمة الأوروبية بأن يصدر موقف من الاتحاد الأوروبى مشترك وداعم للمبادرة ويدعو الأطراف لقبولها والتفاعل معها ويدعو باقى أطراف المجتمع الدولى لتكثيف الجهود مع طرفى النزاع والأطراف الدولية الأخرى بأن تكثف من الجهود لإقناع كافة الأطراف للتفاعل وقبول المبادرة لحماية الشعب الفلسطينى .
وفى السياق ذاته، أعلن مبعوث اللجنة الرباعية لعملية السلام فى الشرق الأوسط تونى بلير الذى اجتمع ظهر اليوم مع وزير الخارجية عن دعمه الكامل وتضامنه مع المبادرة المصرية، قائلا "إن هذه المبادرة صحيحة تلقى دعما إقليميا ودوليا، وكل المجتمع الدولى يقف خلفها وهى مبادرة مصممة لتقييد العمليات العسكرية حماية من المدنيين الذين يعانون فى غزة".
وقال وزير الخارجية فى مؤتمر صحفى مشترك مع بلير عقب الاجتماع إن المبادرة المصرية جاءت لتجنب التطورات والتصعيد الخطير الذى كان على وشك أن يؤدى إلى انزلاق الوضع والمزيد من الأضرار التى ستلحق بالشعب الفلسطينى الشقيق، مشيرا إلى أن المبادرة المصرية جاءت أيضا للتعامل مع العمليات العسكرية ووقفها تماماً لإتاحة الفرصة لصياغة الأوضاع فى قطاع غزة وإتاحة الفرصة لاستئناف عملية السلام ليحقق الشعب الفلسطينى طموحاته وإقامة دولته على كامل ترابه الوطنى وعاصمتها القدسالشرقية .
وأضاف الوزير أن تلقى العديد من الاتصالات التليفونية منها وزراء خارجية فرنسا وألمانيا واليونان وأمريكا وكندا وغيرهم والجميع أعلن دعمه للمبادرة المصرية ومطالبين باستمرار الجهد المصرى لتشجيع كافة الأطراف على التفاعل الإيجابى مع المبادرة وأن تبدأ مرحلة التفاوض بين الطرفين من خلال الوساطة المصرية من الوصول لنقاط تفاهم لتثبت الهدنة وتوفير الرعاية اللازمة للشعب الفلسطينى فى غزة والوفاء باحتياجاته الإنسانية واستقرار الأوضاع فى كل الأراضى الفلسطينية .
وأكد الوزير أنه ناقش مع تونى بلير آخر التطورات وكيفية الخروج من الأزمة والمبادرة المصرية التى تم إطلاقها منذ يومين وشرح عناصرها والتى كانت وستظل فرصة مواتية للأطراف للخروج من الأزمة، لافتا إلى أن المبادرة المصرية تحتوى على فرص للطرفين لتناول القضايا ذات الاهتمام لهما فى إطار المشاورات التى ستتم بواسطة مصر والقدرة من خلال هذه الاتصالات والوساطة المصرية فى إقامة المشاورات وطرح القضايا، موضحا أن صياغة المبادرة المصرية جاءت بعد مشاورات أولية والتعرف على القضايا ذات الاهتمام للطرفيين وتم صياغتها بحيت تتيح لهما الوصول إلى نقطة تواصل وتفاهم .
وقال سامح شكرى إن مصر تدرك أن هذه الخطوة للتعامل مع العمليات العسكرية والتوصل إلى وقفها تماماً لإتاحة الفرصة لصياغة أوضاع قطاع غزة فى الوقت القريب وإتاحة الفرصة لاستئناف عملية السلام .
ومن جانبه، قال تونى بلير إنه التقى مع الرئيس عبد الفتاح السيسى صباح اليوم مؤكدا دعمه المبادرة المصرية والتى تهدف الى وقف معاناة الشعب الفلسطينى فى غزه وتقليل العمليات العسكرية، لافتا إلى أن المبادرة مصممة لتسمح لكل الجهود للتعامل مع المشاكل سواء على المدى القصير أو الطويل.
وقال بلير إن هناك مطالب لحماس وإسرائيل والمهم أن يعمل الطرفان على وقف العنف منهما، ومن المهم التأكيد ليس على الرغبة فى المفاوضات وإنما تحقيق السلام الدائم والسماح بربط غزة والضفة، قائلا "ندعم شيئين بقوة كمجتمع دولى أولا ندعم المصالحة فلا سلام بدونها، ونريد أن نرى الشعب الفلسطينى تحت سلطة واحدة، كما ندعم البنية التحتية فى غزة وتلبية احتياجات شعب غزة، وذلك لن يكون إلا بقبول المبادرة المصرية، ونريد السلام ووقف العنف".
وتابع بلير: هناك ضرورة لتوفير الرعاية للشعب فى غزة والاستقرار، فهذه الأزمة كان لها انعكاسات على الشعب الفلسطينى كله ويجب العمل لرفع الأضرار التى يتعرض لها الشعب، معربا عن نية أوروبية لموقف مشترك داعم للمبادرة وداعى الأطراف للتفاعل معها وتشجيع الأطراف الأخرى لتكثف من جهودها لإقناع الأطراف بقبولها".
ومن جانبه، أكد بلير على الالتزام بحل الدولتين كممثل للرباعية الدولية، وقال: المجتمع الدولى ملتزم بذلك تماما، وتوحيد غزة والضفة فى سلطة واحدة مهم جدا والمجتمع الدولى وراء ذلك".
وفي السياق أكد مصدر دبلوماسي لصحيفة العرب اللندنية أن إرجاء زيارة جون كيري وزير الخارجية الأمريكي إلى القاهرة أمس يعبر عن غضب واشنطن من طرح المبادرة المصرية للتهدئة في غزة قبيل وصوله،حيث كانت الإدارة الأمريكية تفضل طرحها بعد مغادرته، خاصة أنها علمت بتفاصيلها، وأبدت موافقة صريحة على بنودها. وأوضح المصدر ل”العرب” اللندنية،أن استباق طرح المبادرة قبل حضور كيرى ينطوي على رسالة مهمة،تصب في صالح استقلالية القرار المصري، الذي يحرص عليه الرئيس عبدالفتاح السيسي، ويشير إلى استمرار المناكفات بين القاهرةوواشنطن، وتتطلب الأمور وقتا حتى تعود إلى طبيعتها السابقة، خاصة أن الولاياتالمتحدة لا تزال لم تأخذ مواقف حاسمة من استئناف المساعدات العسكرية لمصر، وتعطل وصول طائرات الأباتشي إليها. وأشار المصدر إلى أن طرح المبادرة المصرية في هذا التوقيت، معناه أن القاهرة قادرة على الإمساك بزمام الأمور، وأن من راهنوا على إحراجها قد فشلوا، فقد نجحت في استثمار الأجواء الضاغطة على الأطراف المباشرة، وقدمت مبادرة دعمها عربيا، ولاقت قبولا إسرائيليا، وستقبلها حماس، لأنها لا تزال حلقة ضعيفة، عكس ما تروجه عن نفسها. وكان بدر عبدالعاطي المتحدث باسم الخارجية المصرية نفى الثلاثاء قيام كيري بزيارة القاهرة، بعد أن بثت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية أمس الأول (الاثنين) خبرا أفاد بتأكيد هذه الزيارة، وبينما زعمت شبكة سي إن إن الأميركية أن الزيارة تأجلت لمنح الولاياتالمتحدة مصر فرصة لإعادة تأكيد نفسها باعتبارها وسيطا قويا في الشرق الأوسط. وقال محمد مجاهد الزيات مدير المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط إن المبادرة تعبر عن فهم واضح من القاهرة لطبيعة الصراع بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، ومنحت لكل طرف جزءا من طموحاته، فعلى سبيل المثال تضمنت المبادرة ضرورة وقف إسرائيل للأعمال العدائية على قطاع غزة، برا وبحرا وجوا ووقف أي تهديدات للقيام بعمليات برية، وفي الوقت نفسه أشارت إلى ضرورة أن يلتزم الجانب الفلسطيني بوقف إطلاق الصواريخ. وأشار الزيات الذي عمل سابقا في جهاز المخابرات المصرية، إلى أن المبادرة جرى التفاوض بخصوصها مع أطراف أخرى، والدليل على ذلك التصريحات الأميركية الإيجابية التى صدرت مبكرا. يذكر أن حركة حماس أعلنت مواقف متباينة، عقب طرح المبادرة مباشرة، فهناك كلام عن قبولها وآخر عن رفضها، لكن المحصلة تصب في صالح القبول، فهي لم تعد تمتلك الكثير من الأوراق للمناورة، وفق ما يقول المراقبون. وذهب طارق فهمي، خبير الشؤون الإسرائيلية والمقرب من دوائر صناع القرار في مصر، إلى التأكيد على أنه من المبكر الحديث عن رفض حماس للمبادرة، مشيرا إلى أنه ليست لها شروط سوى منح تسهيلات اقتصادية وفتح معبر رفح، والأمور الخاصة بإدارة القطاع. وأضاف أن ما يقال عن أن حماس ستطلب شروطا وستتم الاستجابة لها، كلام عبثي وغير صحيح، لافتا إلى أن حماس أنهت الرسالة التي أرادت إبلاغها إلى تل أبيب من خلال صواريخها التي وصلت إلى العمق الإسرائيلي، وأصبح بأكمله مهددا من فصائل المقاومة، بعد أن وصلت الصواريخ إلى منطقة مفاعل ديمونة ونحال سورين والمدن الاستراتيجية في إسرائيل شمال نهاريا. وأوضح اللواء مجاهد الزيات أن حماس لن تعرقل المبادرة المصرية وستقبل بها في النهاية، لأنها حركة براجماتية، وافقت قبل ذلك على شروط مماثلة لوقف النار، وهذه ليست أول مرة تتم فيها مفاوضات على هذا النحو، وإذا لم توافق ستعري موقفها أمام الداخل الفلسطيني، وستضع نفسها في موقف صعب، لأن المبادرة المصرية، توفر الحماية للمدنيين. أما سمير غطاس رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات فأكد أن الحركة لن تذهب بموقفها بعيدا، لأنها تعيش أزمة داخلية، ولم يعد لها ظهير شعبي في غزة، وحاولت أن تهرب إلى الأمام من أزمتها، عبر العملية العسكرية الأخيرة، وتدرك أن رفع سقف مطالبها سيؤدي إلى نكسة عسكرية لها.