«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منال لاشين تكتب : ساويرس..عائلة لكل العصور
نشر في الفجر يوم 16 - 07 - 2014

■ نجيب تراجع عن صفقة هيرمس بعد أن ملأ الدنيا بأنها استثمار من أجل عيون مصر.. فماذا تغير فى مصر
حتى تموت الصفقة بالسكتة القلبية؟! ■
ناصف ساويرس فاجأ محاميه بموافقته على دفع 8 مليارات جنيه أيام مرسى.. ولما اعترض المحامى الشهير قال ناصف: أنا بادفع لمصر ودعمها مش لمرسى.. فلماذا لم يتبرع ناصف ساويرس لصندوق «تحيا مصر»؟!

■ نجيب تردد فى دخول السياسة أيام مبارك وبعد ثورة 25 يناير أسس حزب المصريين الأحرار للتواجد المشرف فى مجلس الشعب وبعد 30 يونيو يخطط للاستيلاء على الحكومة


هى عائلة تحولت إلى إمبراطورية، وأسرة من أربعة أفراد عابرة للعصور والأنظمة لديها خيوط وسياسات وطرق للتعامل مع كل نظام. حتى بداية التسعينيات لم تكن عائلة ساويرس من كبرى عائلات البيزنس، فالعائلة التى بلغت ثروتها بحسب قائمة فوربس لهذا العام 13,2 مليار دولار بدأت مشوارها لنادى المليارديرات متأخراً وأحيانا كانت خطواتها متعثرة. تعرف العائلة جيدا متى تبتعد عن السياسة وتخاصمها، وتدرك ايضا متى وأين وكيف تتفرغ للبيزنس. رب الأسرة وعميدها هو أنسى ساويرس «2,4 مليار دولار»، وأبناؤه الثلاثة هم نجيب وسميح وناصف. الابن الأكبر نجيب هو الأكثر شهرة وتقاطعا مع السياسة والإعلام والمشاكل، بينما يفضل ناصف الابتعاد تماما عن الاضواء والإعلام ويقيم بشكل شبه دائم فى لندن، والمفاجأة أن ناصف وليس نجيب هو الأكثر ثروة، وقد احتل بحسب فوربس المركز الاول فى المليارديرات بمصر، وحصد اللقب بثروة قدرها 6,7 مليار دولار، فى مقابل 2,8 مليار دولار لنجيب أما سميح «1,3 مليار دولار» فهو يتحرك فى المنطقة الوسطى بين الأخوين.. يتعامل أحيانا مع الإعلام، يدلى بحوارات أجنبية ومحلية، وقبل الثورة تسبب تصريح لسميح فى الصحافة الأجنبية فى ازمة كبرى، فقد اشتكى سميح من أن الجيش ينافس القطاع الخاص بمشروعاته. حين قال سميح هذا التصريح كانت الأسرة أو بالأحرى مشروعاتها تمثل ربع المال السوقى فى البورصة المصرية، وكانت مشروعات الأسرة تمتد فى كل مجالات البيزنس ومعظم محافظات مصر، ولذلك كان أبرز تعليق على تصريح سميح «امال لو كان الجيش ما بيعملش مشروعات كانت أسرة ساويرس هيبقى حجمها أكبر من كده هتملك مصر ولا ايه».

باستثناء تجربة الأم يسرية لوزة فى مجلس الشعب كنائبة معينة قبل ثورة 25 يناير. لم يكن للأسرة نشاط سياسى يذكر، وانغمست الأسرة فى البيزنس وكانت من خلال نجيب تبنى مواقفها السياسية بناء على علاقة البيزنس بالحكومة أو الدولة. الدكتور كمال الجنزورى رئيس وزراء محترم ومن أفضل رؤساء الحكومة، وبالطبع الجنزروى هو من منح نجيب ساويرس 80% من أسهم شركة المحمول الاولى التى أصبحت فيما بعد موبينيل. وخصص أراضى شائعة لمشروعات الأسرة وهاجم نجيب محافظ البنك المركزى الأسبق فاروق العقدة لأنه رفض أن يسمح له ولعائلته بتملك بنك. وفى عهد عاطف عبيد قاطع نجيب الاستثمار الجديد فى مصر، وقال فى افتتاح أحد المؤتمرات إنه لم يستثمر أى جنيه جديد فى البلد منذ أربع سنوات، وكان الغضب من عبيد أنه رفض أن يبيع آخر شركة أسمنت تملكها الدولة لإمبراطورية آل ساويرس. وإذا كان لعبيد حسنة فهى هذا الموقف، ففيما بعد فاجأ ناصف ساويرس الجميع ببيع حصته فى سوق الأسمنت كاملة لشركة لارفاج مقابل 6 مليارات و10% من أسهم الشركة الفرنسية ومقعد بمجلس إدارة الشركة، فيما بعد تقاطعت هذه الصفقة مع علاقة الأسرة والإخوان وشكلت مدخلاً مهماً لسياسة الأسرة.

كل الناس تعرف الآن أن الملياردير ناصف ساويرس قد تصالح مع الحكومة أيام مرسى وإخوانه، ولكن القصة الحقيقية وأسرارها وتفاصيلها مثيرة جدا. خاصة عندما تسمع تفاصيل القصة من الطرف الإخوانى فيها. فخلال تفجر الازمة حكى مستشار وزير المالية الدكتور عبدالله شحاتة القصة كما جرى أهم فصل فيها. وكانت حكومة قنديل قد طالبت ناصف ساويرس بدفع 14 مليار جنيه (2 مليار دولار) ضرائب عن صفقة بيع شركات الأسمنت التى يملكها ناصف ساويرس للشركة الفرنسية لارفاج، وذلك على الرغم من مرور سنوات على إتمام الصفقة التى تمت قبل ثورة 25 يناير من ناحية، وعدم وجود سند قانونى للمطالبة بالصفقة التى تمت فى البورصة من ناحية أخرى، واعتبر الجميع أن هذه المطالبة تحرش إخوانى بآل ساويرس، وحتى الذين كانوا ضد الصفقة التى نقلت نسبة كبيرة من حصة الأسمنت للشركة الفرنسية، حتى أوائل المعارضين رأوا فى تصرف حكومة مرسى بلطجة قانونية. وأكدت عائلة ساويرس أنها لن تدفع ولن تخضع للابتزاز. وخلال المفاوضات حكى مستشار وزير المالية الدكتور عبد الله شحاتة لبعض زملائه بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية الفصل الأخير من صفقة ضرائب ناصف ساويرس، وكان الدكتور شحاتة يبدأ القصة دوما بجملة «عشان تعرفوا أن الدكتور مرسى هيأخذ من كل كبار رجال الأعمال اموال الدولة بال (....) وما حدش هيقدر يفتح بقه».

وبعد هذه الجملة الافتتاحية حكى عبد الله شحاتة أنه حضر الاجتماع بين محامى ناصف ساويرس ورئيس مصلحة الضرائب، وكان محامى ناصف ساويرس منفعلا وواثقا من موقف موكله، ولذلك تمسك المحامى إما بإلغاء المطالبة الضريبية من الأساس، أو إحالة القضية للمحكمة لأن أى محكمة ستحكم برفض الدعوى، وأضاف المحامى أن القانون لا يطبق بأثر رجعى، ومطالبة موكله بهذه الضرائب بناء على تعديل حدث فى القانون بعد إتمام الصفقة بسنوات غير قانونى. هنا قاطع عبدالله شحاتة المحامى الشهير وقال له بمنتهى العجرفة «يامتر حضرتك ما كلمتش موكلك ولا ايه» وأضاف شحاتة أن ناصف وافق على الدفع للدولة، وأول شيك ب 2,5 مليار جنيه. وأسقط فى يد المحامى، وغضب هو والكثيرون من أصدقاء ناصف. ولكن الملياردير ناصف برر قبوله الجدولة بمقولة غريبة جدا. فقد قال ناصف «إن الفلوس مش هتدخل جيب مرسى ولا الإخوان، ولكنها فى النهاية هتروح للموازنة وتساند الاقتصاد وتدعم مصر».. المثير أن الملياردير ناصف ساويرس لم يتبرع بنص ولا ربع ولا حتى 100 مليون جنيه لصندوق 306306. وذلك بعد ثورة 30 يونيو التى أطاحت بالإخوان. وبالمثل لم يتبرع الملياردير ناصف ساويرس بنص أو ربع مليار جنيه لصندوق أو حساب 037037. من البديهى أن أى مواطن من حقه أن يسأل الملياردير ناصف ساويرس لماذا كان مستعداً ومتحمساً لمساندة الاقتصاد المصرى ودعم مصر أيام الإخوان ودفع الدفعة الاولى 2,5 مليار جنيه، ولماذا فقد حماسه لدعم مصر الآن؟.. هل حماس ناصف ساويرس مرتبط بالقضايا الضريبية؟ هل إنزيمات الوطنية والجدعنة تكون فى أعلى مستوياتها عندما يكون رجل الأعمال تحت ضغط القضايا والمحاكم؟

أما نجيب قد برر قبول الصفقة مع الحكومة بسبب عاطفى رومانسى، وهو أن مرسى وضع والده على قوائم الانتظار. وأضاف أن والده يعشق مصر، ولا يستطيع أن يقضى بقية عمره خارج أراضيها. وأنا لا أشكك فى صدق رواية نجيب، ولكن أليس من حق أى مواطن أن يسأل نجيب ووالده لماذا يكون دفع المليارات أسهل تحت سيف التهديد فقط؟ ولماذا إذا دعا السيسى كبار رجال الأعمال للتبرع ودعم اقتصاد مصر بجزء من ثرواتهم لايستجيب ساويرس الأب أو الأبناء؟ أليس هذا الوضع مثيرا للدهشة ويحتاج إلى تحليل نفسى واجتماعى واقتصادى؟

على المستوى النظرى أو الكلام فإن نجيب ساويرس لم يدخر وسعا ولا كلمة لم يقلها لدعم مصر. بعد ثورة 30 يونيو قال لرويترز إنه سيضخ مليار دولار فى مشروعات بمصر، ولكنه ربط ذلك بإقرار الدستور. وعلى الرغم من اعتراض البعض على هذا الربط فإنه لم ينفذ حتى كلامه بعد إقرار الدستور بكام شهر. خلال هذه الفترة جرت محاولات لدفع نجيب بمساندة الاقتصاد وربما لإحراجه لدعم مصر، وعندما شكلت الحكومة مجلس أمناء صندوق 306306 اختير نجيب عضوا بالمجلس، ولكنه لم يقدم تبرعاً يليق بثروته ولا بكلامه عن دعم مصر. وخلال الانتخابات الرئاسية تبرع نجيب بحصة الإعلانات التى صاحبت الحوار الاول للسيسى على قناتى «اون تى فى» و«سى بى سى». واعتقد أن صاحب فكرة التبرع كان صاحب قنوات «سى بى سى» المهندس محمد الامين وليس ساويرس. على مستوى المشروعات فإن الصفقة الوحيدة التى تحمس ساويرس لها كانت صفقة شراء حصة من هيرمس. وتصنف هيرمس كبنك استثمار إقليمى، وروج للصفقة بأنها عودة لساويرس للاستثمار فى مصر وأن يقود الاستثمار ويعطى رسالة طمأنة وحماسة للمستثمرين الاجانب، ولكن فجأة أعلن عن توقف أو فشل الصفقة. فهل فقد نجيب حماسه لمساندة الاقتصاد المصرى والاستثمار فيه أم أنه رأى أن الصفقة لم تحقق أحلامه فى السيطرة على أهم بنك استثمار إقليمى فى المنطقة، قبل الإعلان عن فشل الصفقة صرح نجيب ساويرس للصحافة الأجنبية بثقة شديدة فى النفس أن إتمام الصفقة شىء سهل، ولكن أحد المحللين الأجانب البارزين تنبأ بفشل الصفقة، وأكد أن هيرمس لا تزال متماسكة وقوية. بعيدا عن أسباب فشل الصفقة فإن السؤال الأكثر أهمية وخطورة هو لماذا اختار نجيب الاستثمار فى القطاع المالى وهيرمس تحديدا لدعم مصر؟ وهل دعم مصر مغلق على السيطرة على هيرمس؟.. لماذا لم يبن نجيب مصانع أو استثمار زراعى أو عقارات لمحدودى الدخل؟ والسؤال الذى لم أمل من طرحه وماذا لو تبرع مباشرة لدعم مصر؟ إذا كان نجيب معجباً بنموذج وعبقرية الملياردير الأمريكى بيل جيتس فلماذا لم يتبرع مثله باكثر من 2 مليار دولار للأعمال الخيرية ؟ ولماذا لم يقلد نجيب ساويرس الملياردير الامريكى براون بافت الذى تبرع فى 2005 باسهم قيمتها 30 مليار دولار. والمثير أن أصحاب هذه التبرعات لم يحصلوا على أى نوع من الدعم من أمريكا لمشروعاتهم لا أرض بكام جنيه، ولا غاز وكهرباء مدعومة من الدولة ولا تسهيلات وإعفاءات ضريبية. الأكثر إثارة أن بافت استعاد سريعا مكانته فى قائمة أغنى أثرياء العالم، لأن رجل الأعمال العبقرى يستطيع أن يعوض خسائره بسرعة، ولكن رجال الأعمال الذين بنوا ثرواتهم من خلال منظومة دعم متكاملة يتمسكون بثرواتهم، لأنهم لا يستطيعون العمل والتوسع بدون هذه الثروة. وهذا بالضبط ما حدث مع أبناء ساويرس وبقية كبار رجال الأعمال.

كل كبار رجال الأعمال فى مصر يروجون عن أنفسهم أنهم عباقرة، وأن ما حققوه من ثروات نتيجة ذكاء خارق لا يتمتع به بقية الشعب المصرى من أمثالنا، وبالتأكيد يصدق أهل البيزنس هذه المقولة. ولكن إذا أخذنا أسرة ساويرس كمثال فسوف تكتشف بسهولة أن النقلة أو بالاحرى القفزات فى ثروات الأسرة جاءت عبر شبكة دعم جنونى من الدولة المصرية.

أول مشروع كبير عرفت الأسرة من خلاله رقم المليار جنيه والمليار دولار كان صفقة المحمول الأولى. حصل نجيب على 80% من أسهم الشركة الاولى للمحمول التى أنشأتها الدولة المصرية والشركة المصرية للاتصالات، وكانت هذه الاسهم ملك صناديق المعاشات وبنكى مصر والأهلى، وكل هذه المؤسسات ثرية ولا تحتاج إلى ثمن بيع الاسهم. وبلغ من درجة التدليل أن هذه المؤسسات أجبرت على بيع أسهمها بنفس الثمن التى اشترت الاسهم به. أى أنها حرمت من الأرباح. وحصلت شركات الأسرة على نسبة كبيرة جدا من عقود ترميم الآثار والمتاحف فى عهد فاروق حسنى وهى أعمال حكومية صرفة. وارتبط بهذا البيزنس قصة مثيرة بطلها الأب أنسى ساويرس. فقد كان الرجل يجرى حواراً صحفيا فى مكتبه، ولاحظ المحرر أن هناك لوحات على جدران المكتب، فسأل أنسى عما إذا كان محبا للفنون.. فاجأب «دى لوحات فاروق حسنى» وأضاف جملاً أخرى تربط بين عمل المجموعة فى وزارة الثقافة وشراء لوحات الوزير.

مملكة الأسمنت التى باعها ناصف للفرنسيين مكونة من مصنع قطاع عام اشترته المجموعة من الدولة ومصانع أخرى انشأتها المجموعة بغاز وأرض وكهرباء مدعمة جدا جدا. وكمان تسهيلات ضريبية جبارة. ونفس الامر تكرر فى شركات السياحة والعقارات. تخصيص أراض شاسعة للمجموعة لإنشاء منتجعات الجونة. مساحة تقترب من مساحة مدينة الغردقة. وفى مدينة 6أكتوبر تتكرر الأمر، ودخلت المجموعة شراكة مع الحكومة لبناء 1000 مدرسة بنظام (بى أو تى) ومن عباءة أو عب المليارات الاولى فى مصر وبخيرها انطلق كل ابن من الثلاثة الى العالمية نجيب فى مجال الاتصالات. وناصف فى التشييد والصناعة من خلال لافارج، وسميح من خلال تسجيل أسهم شركاته فى بورصة ميونيخ.

ولا يمكن التأكد من أن حقوق صغار المساهمين أو رغباتهم مصانة فى كل عمليات البيع. حدث جدل كبير حول حقوق صغار المساهمين فى صفقة لافارج وصفقة تغيير حصة الشريك الفرنسى فى شركة موبينيل للمحمول، ولكن الأسرة نجحت فى تحقيق أهدافها من الصفقتين.. مثلما نجحت خلال عهد مبارك فى تحقيق وبناء أكبر امبراطورية اقتصادية بمصر.

المثير أن نجيب ساويرس الذى كان من أكبر المستفدين هو وعائلته من نظام مبارك، سرعان ما خلع عباءة البيزنس مان وارتدى عباءة السياسى بعد ثورة 25 يناير، أو بالاحرى خلال الثورة. فأصبح أحد أعضاء ما سمى مجلس الحكماء. وهو مجلس ضم فى عضويته نجوماً من عصر مبارك مثل عمرو موسى والدكتور أحمد كمال ابو المجد ونجيب. ونسى نجيب أن بعضا من شعارات الثورة وأهدافها موجهة ضد نموذج رجل الأعمال نجيب ساويرس وأقرانه من كبار رجال الأعمال أيام مبارك.

وسرعان ما أن انغمس نجيب فى السياسة وأعلن عن تشكيل حزب. وبحسب بعض المحللين الخبثاء فإن دخول نجيب السياسة كان خطوة ذكية للاندماج فى المجتمع الجديد بصفة مناضل، لا بيزنس مان. ولكننى كنت أعرف رغبة نجيب لدخول عالم السياسة أيام مبارك، ولكن الأسرة ضغطت عليه من ناحية، ولم يتقبل نجيب أن يصبح مجرد نائب فى مجلس الشعب عن السويس. فنجيب لم يكن يريد أن يتحول الى «نفر» فى شلة الوطنى، ولكنه كان يريد أن يحتل موقع القائد أو الزعيم السياسى. ولذلك فإن إطلاق حزب هو الخطوة الاكثر ملاءمة لطموحه السياسى. وكان حزب المصريين الأحرار.

ولكن نجيب دخل عالم السياسة بنفس عقلية البيزنس.. من يملك يحكم. وخلال انتخابات مجلس الشعب اليتيمة التى أجريت فى 2011. رفض نجيب تدعيم بعض النشطاء والسياسيين لمجرد أنه مقتنع بآخرين، وربما النموذج الاشهر كان دائرة قصر النيل. فقد رفض ساويرس أن يدعم جميلة اسماعيل، ودعم بكل قوته وماله مرشحاً آخر سرعان ما انقلب عليه وخرج من الحزب. ولكن يذكر لنجيب أن حزبه حصد 19 مقعدا فى اول انتخابات يخوضها.

وخلال فترة الإخوان هدأ ساويرس اللعب السياسى واكتفى من المواقف بالحوارات. ولكن بعد 30 يونيو أصيب نجيب بشراهة سياسية. فلم يعد التمثيل المشرف للحزب فى البرلمان يرضيه، هو يرغب فى أن يحصل حزبه على قيادة مجلس النواب، ولذلك يلعب نجيب الآن على أغلبية البرلمان وهى مهمة شاقة ومكلفة. ولا اقصد أنها مهمة شاقة ومكلفة لنجيب ساويرس فقط، ولكن لنظام 30 يونيو كله، ولأهداف ثورة 25 يناير و30 يونيو. آراء وتوجهات نجيب السياسية والاقتصادية عكس معظم أهداف الثورة. هو من محبى وأثرياء الخصخصة. ومع ترك القطاع الخاص وحيداً فى السوق يلعب بنا كما يشاء. بصراحة ربما يكون الدور السياسى لنجيب أخطر وأكثر كلفة على النظام من الربح الاقتصادى والمالى الذى حققه هو وعائلته فى عهد مبارك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.