رغم إعلان د.فاروق العقدة محافظ البنك المركزى، عن انخفاض فائض السيولة فى البنوك، نتيجة حالة عدم الاستقرار السياسى التى تمر بها البلاد، وهروب رءوس الأموال الأجنبية، وانخفاض تحويلات المصريين العاملين فى الخارج، مع تخفيض التصنيف الائتمانى لأكبر 5 بنوك مصرية ، وهى كلها تبدو مبررات أو مقدمات لخفض قيمة الجنيه المصرى فى مواجهة العملات الأجنبية، إلا أن الكثير من الخبراء يؤكدون أن القطاع المصرفى مازال قادرا على الصمود، وأن الجدل الدائر حول تخفيض قيمة العملة ليس له ما يبرره. وكان مجلس إدارة البنك المركزى قد اتخذ عدة قرارات فى محاولة لإنعاش الجهاز المصرفى، على خلفية أزمات انخفاض السيولة فى البنوك، التى أعلن عنها العقدة، وجاء أول هذه القرارات بتخفيض الاحتياطى الإلزامى بواقع 200 نقطة، لإتاحة سيولة إضافية فى السوق، وتيسير الأوضاع الائتمانية فى السوق، أما القرار الثانى فيتعلق بإتاحة فرصة للعملاء المتأخرين عن سداد مديونياتهم، لرفع أسمائهم من القوائم السوداء، بعد ثلاث سنوات من تاريخ التسوية، وليس 5 سنوات كما كان متبعا فى السابق، ومن المقرر أن يبدأ تنفيذ القرارات فى جميع البنوك من يونيه القادم. وبالإضافة إلى القرارات الأخيرة للبنك المركزى، تدرس البنوك حاليا تسوية مديونيات رجل الأعمال عمرو النشرتى، الهارب إلى لندن منذ عام 2002، الذى عاد إلى القاهرة مؤخرا، ويصل حجم مديونياته للبنك الأهلى إلى 310 ملايين جنيه، بالإضافة إلى 67 مليونا لبنك قناة السويس، وهو ما يفتح مجددا ملف التسويات مع رجال الأعمال الهاربين. ويشير السفير جمال بيومى مدير برنامج اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية، بوزارة التعاون الدولى، إلى أن القطاع المصرفى فى مصر مازال مستقرا، رغم ما يعانيه من أزمات، وذلك بسبب التوأمة الموقعة بين البنكين المركزيين المصرى والأوروبى، و7 بنوك مركزية أوروبية، بهدف رفع قدرات القطاع المصرفى المصرى، من خلال تطبيق معايير السلامة المصرفية «بازل 1 و2»، التى تحدد معايير واضحة لتصرفات البنك، وهى الاتفاقية التى بدأ تنفيذها فى نهاية عام 2009، وهو ما يطمئن المستثمرين، مضيفا أن قرض ال3.2 مليار دولار الذى طلبته الحكومة من صندوق النقد الدولى، مهم بالنسبة للاقتصاد المصرى، لأنه يعطى شهادة صلاحية له، خاصة أن الحكومة لا يمكنها تطبيق خطة تقشف بحد أكثر من ال20 مليار جنيه، التى أعلنتها، مشددا على خطورة تخفيض قيمة الجنيه، نتيجة الضغوط التى يتعرض لها، بسبب أزمة السيولة، فالمطلوب، بحسب بيومى، هو أن تستقر قيمة الجنيه، مع المحافظة على أسعار الصرف. ويعلق محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، على قرارات البنك المركزى الأخيرة، بتخفيض نسبة الاحتياطى القانونى على الودائع بالعملة المحلية فى البنوك، من 14% إلى 12%، قائلا إن «القرار يهدف إلى معالجة مشاكل السيولة التى تعانيها مصر، من خلال إتاحة سيولة إضافية لدى البنوك، فى ظل تراجع طلبات الحصول على قروض فى الوقت الحالى، وهو قرار كان من المفترض أن يصدر منذ فترة، بسبب معاناة البنوك من ضعف السيولة». ورغم ترحيب عادل بالقرار، إلا أنه يشير إلى أن له آثاراً غير مباشرة على الائتمان، من خلال تراجع التكلفة التى ستطلبها البنوك على السيولة المتاحة للإقراض، خاصة أن بعض البنوك تفضل الاستفادة بهذه النسبة فى الربحية، إذا ما ظلت أسعار الاستثمار فى أدوات الدين عند مستوياتها الحالية، مؤكدا أن القرار سيخفض تكلفة الأموال، بما يساعد على التوسع فى الائتمان بتكلفة أقل، كما سيساعد على تدبير سيولة إضافية لدى البنوك، وهو ما يشجعها على التوسع فى منح الائتمان بمعدلات أكبر، وتنويع أوجه توظيف الأموال، كما يحذر من تخفيض قيمة الجنيه، لما قد يتسبب فيه من رفع تكلفة الواردات، وارتفاع عجز الموازنة، ومعدل التضخم، لتزيد الأسعار عندها بصورة جنونية.