في هذه الأيام، ومع حلول فصل الصيف وتهافت المصرين على الشواطئ، بغية الحصول على بشرة برونزية، لا بد من إعادة النظر بطريقة ومدة التعرض لأشعة الشمس خلال هذا الموسم، وخصوصا بالنسبة لاولئك الذين يتمتعون بصفات: الشعر الاشقر، الكستنائي ام أحمر والبشرة البيضاء، العيون: زرقاء، خضراء ام رمادية، والعمر: ما بين العشرين والستين. اما مختلف الأوشام، البقع الملونة، والشاميات والنمش فهي بكل بساطة، نقاط الضعف لدى شريحة لا بأس بها من اللبنانيين الذين ينعمون بشمس لا تحرمهم فوائد أشعتها الذهبية، ولكن في الوقت عينه، قد يكون سعيهم المبالغ فيه للحصول على هذه الأشعة سببا رئيسيا لاصابتهم بسرطان البشرة، وفي هذه الحال تتحول هذه النعمة الى نقمة. لقد أثبتت الدراسات العلمية، ان أشعة الشمس، وعلى الرغم من فوائدها الكثيرة، ولعل ابرزها انها مصدر اساسي وطبيعي للفيتامين "د" الذي يحمي الجسم من خطر الإصابة بداء السرطان، هي في الوقت عينه سبب رئيسي للاصابة بسرطان البشرة. كلنا نحتاج الى نورها وكلنا ننعم بدفء اشعتها، ولكن هل كلنا يعلم ان هذه الاشعة الذهبية عندما تتحول ما بين ال11 ولغاية الرابعة من بعد الظهر الى أشعة ما فوق البنفسجية uv تصبح عدوا يهدد صحتنا وسلامة بشرتنا. وفي هذا السياق، يوضح الطبيب المتخصص في علاج البشرة ورئيس قسم الجلد في مستشفى جبل لبنان الدكتور روي مطران ان "خطر التعرض للاصابة بسرطان البشرة اصبح عالي النسبة في مجتمعاتنا، وذلك بسبب رغبة الكثيرين في الحصول على بشرة سمراء برونزية والافراط في التعرض لأشعة الشمس ما فوق البنفسجية المؤذية وخصوصا في موسم البحر، وفي الاوقات الممتدة من 11 ظهرا لغاية الرابعة من بعد الظهر. كما ان البعض يلجأ الى استعمال اجهزة السولاريوم التي تؤمن اسمرار البشرة في وقت قياسي قد لا يتجاوز الدقائق الثلاث حيث تنبعث منها الأشعة فوق البنفسجية بنسب عالية جدا". وأوضح ان "بشرة الإنسان تعكس جزءا من هذه الأشعة، فيما يتغلغل الجزء المتبقي منها داخل النسيج الجلدي ويتلف عددا من الخلايا الحية، فتصاب البشرة على المدى البعيد بآفات جلدية منها الحروق القوية والتقرحات، وتظهر عليها علامات الشيخوخة المبكرة من تلون وترهل وخطوط وتجاعيد، اما الآفة الأخطر فتتمثل باصابة البشرة بأحد انواع السرطانات الجلدية". وللتنبيه، هل تعلم ان استخدام السولاريوم يزيد من خطر الإصابة بسرطان البشرة بنسبة تتراوح ما بين ال20 وال75 في المئة، وخصوصا في عمر الشباب قبل سن ال35، وان قوة الاشعة ما فوق البنفسجية التي تبعثها تفوق قوة اشعة شمس الظهيرة في دول البحر المتوسط بنحو 15 مرة اكثر. وحاليا تسعى عدد من الدول المتقدمة لفرض الضرائب على استعمال هذه الأجهزة، تماما كما تفعل الولاياتالمتحدة الأميركية التي يقدر عدد المصابين فيها بسرطان البشرة بنحو 170000 شخص سنويا، نتيجة استخدامهم للسولاريوم. واشار مطران الى ان السرطانات الجلدية التي تسببها اشعة الشمس الضارة هي ثلاثة: - سرطان الخلايا القاعدية carcinome basocellulaire وهو الأكثر انتشارا، يصيب الأماكن التي تتعرض بشكل يومي الى اشعة الشمس المؤذية (الجبين، فروة الرأس، الجفون، الخدود، الاذنين، الأنف والشفاه) ويتمثل بظهور جروح بارزة وقاسية، حمراء اللون او رمادية، ولكن علاجها سهل وشفاؤها يكون تاما. اما تعرض المريض بعد شفائه الى المزيد من اشعة الشمس الضارة، قد يؤدي الى ظهور المرض مجددا بعد اقل من سنتين. - سرطان الحرشفية carcinome spinocellulaire وهو يشبه الى حد كبير داء الصدفية او الأكزيما وغالبا ما يظهر على شكل تقرحات جلدية لا تلتئم تصيب المناطق التي تتعرض بصورة دائمة لأشعة الشمس الضارة (الجبين، اعلى الاذن، الشفة السفلى، الخدود والأنف) والمناطق المغطاة بالنمش او الندوب. ان اكتشافه في وقت مبكر يسهل عملية الشفاء منه. - اما النوع الثالث وهو الmelanome او القتامى هو اكثر هذه الأنواع خطورة وفتكا على الرغم من قلة نسبة الإصابة به، يظهر على شكل شامية او بقعة ملونة تنزف فجأة ويتغير لونها وشكلها وحتى تركيبتها. تشخيص هذا المرض في مرحلة مبكرة يساعد على الشفاء منه بشكل تام، بينما اكتشافه في مراحله المتقدمة يؤدي الى موت حتمي. مع الإشارة الى ان القروح الجلدية التي لا تطيب هي دليل اكيد على الإصابة بسرطان البشرة. وعلى الرغم من ان التعرض لاشعة الشمس يغذي الجسم بالفيتامين "د" الفعال بشكل كبير في مقاومة عدد من انواع السرطان، الا انه يعتبر المسبب الرئيسي لإصابة البشرة بأحد انواع السرطان. ويؤكد الدكتور مطران ان شعوب حوض البحر المتوسط محمية بدرجة معينة من خطر الإصابة بهذه الانواع من سرطان البشرة نظرا لتمتعها بسحنة متوسطة الى داكنة في غالبيتها ولكن هذه الصفة لا تحميها بشكل كلي، ولكنه يشير الى عوامل عدة قد تؤدي الى اصابة الإنسان بهذه الأنواع من السرطان ومن ابرزها لون السحنة وقدرتها على الإسمرار، عامل الوراثة، ومدة وتوقيت التعرض لأشعة الشمس.
وتتنوع السحنات من فرد الى آخر، وهي تنقسم الى ستة انواع، لكل واحدة منها ردة فعل مختلفة عن الأخرى اثر تعرضها للاشعة ما فوق البنفسجية، وهي وفقا لمدى تأثرها بهذه الأشعة تكون عرضة للإصابة بسرطان البشرة. - ان البشرة البيضاء الفاتحة جدا، ذات النسبة الكبيرة من النمش، التي تحترق دائما ولا تسمر ابدا، هي الأكثر عرضة للإصابة بسرطان البشرة. - تليها البشرة البيضاء الفاتحة والحساسة، التي تحترق بسهولة وتسمر بشكل بسيط جدا، ونسبة اصابتها بسرطان البشرة مرتفعة جدا. - ثم البشرة البنية الفاتحة وهي حساسة تحترق بشكل معتدل وتسمر عموما وهي ايضا عرضة بشكل كبير لخطر الإصابة. - اما البشرة البنية المتوسطة فهي اقل حساسية، تحترق بشكل بسيط ولكنها تسمر بسهولة وهي معرضة ايضا للإصابة بسرطان البشرة. - واخيرا ان البشرة البنية الداكنة والداكنة جدا التي لا تحترق الا نادرا واحيانا لا تحترق ابدا، من النادر ان تصاب بسرطان البشرة الا انه في حال اكتشاف اصابتها فهذا يعني ان المرض بات في مرحلة متقدمة. اشارة الى ان اصحاب هذه البشرة يفتقدون بنسبة كبيرة الى الفيتامين "د". باختصار يمكن القول ان اصحاب السحنة الداكنة هم الأقل عرضة لخطر الإصابة بالسرطان الذي تسببه اشعة الشمس، في المقابل ترتفع نسبة الخطر الى حدها الأقصى عند اصحاب السحنات الفاتحة التي تحترق بدلا من ان تسمر. كما ان تعرض الأطفال الذين يتمتعون بسحنة بيضاء فاتحة يعلوها النمش لأشعة الشمس المؤذية تجعلهم عرضة وبنسبة مرتفعة جدا للإصابة بأخطر انواع سرطان البشرة عندما يبلغون مرحلة المراهقة والشباب. ولعامل الوراثة تأثيره ايضا. فهناك من يحمل جينات تجعله اكثر عرضة للإصابة. وعلى سبيل المثال، ان المصابين بالبهق هم معرضون بشكل كبير للإصابة بسرطان البشرة بسبب حساسية بشرتهم الخالية من التصبغات المقاومة لأشعة الشمس الضارة.