كان يا مكان يا سعد يا إكرام ولا يحلى الكلام إلا بذكر النبي عليه الصلاة والسلام.. كان فى بلد جميلة فيها خير كتير، عيونها السود وقع فى غرامها العشاق على مر السنين ومن فوق جبينها نسج الشعرا والزجالين أبيات من نور.. بلد شعبها طيب وجدع بيحب الأرض اللى حضنته وغزلت له من شعرها مراكب تضمه فى عز سنين الخوف.. شعبها كان بيدور على ريس أو حاكم أو حتى زعيم يضمه ويطلع بيه لأدام..لكن يا ويله من كل اللى طمعوا فى خير الوطن ده وحاولوا يخطفوا حلمه الكبير أجيال ورا أجيال.. جاله المستعمر الدجال، والريس المحتال، والحاكم البطال.. كلهم نهشوا فى لحم الوطن ونبشوا فى جسمه بأظافر الطمع والإنتقام..نزف الوطن وسالت دمعته أنهار..وقعد على الشط حزين مستنى يمكن يجي له خيال..خيال ينحنى يشد إيده ويقومه من كبوته..وطال الإنتظار.... وفى عز حزنه وقهرته جت له جماعة فتية، لبست له توب الحنية، مدت إيدها بخنجر مسموم وقالت له ده كتاب ربنا..وفى صباح يوم غابت شمسه وكست سماه الغيوم، قلعوا القناع وهجموا عليه بالسيوف..ولما الشعب حس إن وطنه إتخطف وهويته بقت فى مهب الريح..نزل الشعب رجال ونساء وعيال ووقفوا صف واحد وهتفوا بصوت زلزل الوجود: " مش حنسلم ولا حنبيع..هى بلدنا ومش حتضيع " ولما طلع الصبح سقطت الجماعة فى بير الكُره ومالقتش حد يمد لها إيد.. ونزف الوطن دم، روى فى كل ركن وردة وسنبلة ويوم جديد.. فى المسا رجع الشعب من تانى يدور على ريس ياخده فى حضنه ويطير.. ظهر على الساحة إتنين..كل واحد فيهم قرب كفه من الشعب العطشان وقدم له شربة ميه. وانقسم الشعب فريقين..فريق قال للفارس الأول: إحنا عايزينك ومسكوا فى طرف ثوبه وطلبوا منه ياخدهم فى مركبه للبر التانى على الرغم من إنه فى الأصل مش مراكبي!.. وفريق مسك فى التانى على حد السمع عن بطولاته القديمة وقالوا: "إحنا وراك".. إحتار الشعب بين الأتنين..شويه صمموا يتكلموا وينزلوا يختاروا ودول إنقسموا فريقين..وشوية سكتوا واتكمموا وقالوا: "واحنا مالنا ومال الأتنين ". وزى ما قال المثل: نقسم البلد نصين!..لأ دول بجد قسموها اتنين!..كل شوية ركبوا فى مركب، وفضل عالشط شوية مالهمش صوت ولا كيان ولا حتى إرادة ..دول إتولدوا من قلب الصمت وعاشوا فى بلاد الخُرس وماتوا من غير ما يلاقوا وطن يواريهم ترابه.. ودى كانت حكاية النُصالأولانى: خلصت الهوجة وقعد الحاكم الأولانى على كرسيه..واتلم حواليه حرافيشه وبطانته.. قالوا له: " ناوى تعمل إيه؟". رد وقال لهم: " ناوى أبنى وأزرع وأقف مع الغلابة وأرجع لهم أراضيهم وحقوقهم، ناوى أخد من الغنى أدى الفقير، ناوى أخلى التعليم فرض على اللى معاه واللى مايمتلكش التغيير، ناوى أخرج كل اللى جوه السجون، ناوى أحط إيدى فى إيد كل واحد إتظلم وإيد كل من كان له صوت وخايف يطلعه أو حتى عنده فكرة خايف يصرح بيها" سألوه: "وبتعرف تعمل إيه؟" قالهم: "باعرف أعارض وأتكلم وأصرخ وأواجه وأنزل الميدان، أخلى الأرض سريرى والسما لحافى..أعرف أكتب على حيطان القصر أن دولة الظلم ليها ألف سجان" سكتوا شوية وبصوا لبعض وسألوه بإستغراب شديد: " حتعارض مين؟ إذا كنت أنت دلوقتى الحُكم والحاكم!..وتكتب على حيطان أى قصر وأنت النهاردة اللى جواه ". ومرت الأيام..حاول فيها الحاكم المُعارض إنه يلم حواليه كل الرجال.. فتح أبواب السجون لأصحاب الدقون فخرجوا وبدأوا يهللوا له ويطبلوا وراه..شالوا صورته على أكتافهم ونزلوا جنبه فى الميدان، لكن لما طلب منهم يشاركوه ويساندوه بعمل أو براس مال، رفضوا وقالوا له: " إحنا إتعودنا لما نركب السفينة نرمى كل الحمولة الزايدة اللى عليها فى البحر، دى المركب اللى ليها ريسين تغرق..وأنت وناسك بالنسبة لنا حمولة زايدة!" مال على الدول اللى حواليه يطلب منهم صُرة مال تساعده يبدأ فى البُنا..سكتواوقالوا له: " وكنت فين لما اللصوص هجموا علينا وسرقوا بيوتنا وقتلونا..كنت فين لما قلنا نتحد ونبقى حاجة واحدة..ساعتها إديتنا ضهرك واترميت فى حضن عصابة الأخوان ". ولما قربت جيوش الأعداء من حدود البلد..جري على جنود المكان وقالهم إحمونى، قالوا له: " مش حناخد أوامرنا إلا من قائد لابس زي ميرى وشايل سلاح يدافع بيه عننا ".. وانفتحت حدود البلاد لكل طامع وقرصان.. بدأت دفة المركب تختل بالرجل اللى إكتشف حرافيشه إن الزعامة مش صوت عالى وصور على الكبارى..وجرى يدور على كل واحد قاله إحنا معاك وجنبك يا ريسنا..لقى اللى باع واللى هجر واللى راح واللى فجر...وانفض المولد وخلص الكلام.... ودى بقت حكاية النُص التانى: وفى المركب التانى قعد على الكُرسي زعيم بس زعيم بجد، بعد ما أشهر سيفه فى وش كل من قال أنا ضد الحق.. طير رؤوس الظالم والمتآمر والإرهابى والفسدان.. إتلم حواليه كل اللى عايزين يبنوا بجد واللى قادرين يجروا بجد واللى عايزين يفوزوا بجد.. سألوه بإستغراب شديد: " أنت خلصت من اللى كانوا واقفين حواليك بالطُبل والمزمار إزاى؟" قالهم: " عمرى ماوعدت حد فيهم..هما اللى إتلموا يطبلوا وكانوا فاكرين إنى لازم أرد الجميل" سألوه: " وحتعمل إيه؟" قال وعينيه بتلمع بنبرة الحلم: " ماعرفش أبنى لوحدى..قوموا من حواليا يالا وإنزلوا الغيطان، إزرعوا واقلعوا ولموا خير البلد دى علشان ماياخدهاش مُريب..قيدوا أنوار المصانع ودوروا المكن وانتجوا علشان مانمدش إيدنا للغريب..كل واحد يمسك فاسه وقلمه وكتابه ومنجله ومصباحه.. وينزل يكتب وينتج ويبنى ويعلى وينور لبُكرة طريق". الناس بحُب سمعته ومن طلعة الفجر نزلت له..ووقفت معاه.. بقى ينزل بنفسه يخبط على الببان..يسأل على التعبان والجعان والزعلان.. ولما جيوش الأعداء وصلت على الحدود..كانت المسافة بجد (فركة كعب) من غير كلام!..جري على جيشه ورفاقه وصحاهم وسط الليل وقالهم: " دى بلدنا بتضيع مننا وقرب من حدودها الغربان..حتقوموا معايا لاجل عيون الجميلة أمُ كُحلة والا حتسيبوا العدو الجبان يخطف نسمة الهوا من بين رموشها الهدباء" إستنى الرد ومجاش..والقلق سكن ضلوعه وقبل ما يقوم..لقى كل جنوده جاهزين على خيولهم وفى إيديهم الدروع وقالوا له: " كنا معاك وأنت قائدنا..واحنا معاك وانت حبيبنا..وبكرة معاكوانت فى قلوبنا " مرت أيام وليالى..ودارت عجلة الإنتاج والخير عم البلاد..واتبدل حال الوطن اللى الزرع كان فيه مات..ورجعت عصافيره عالشجر تغنى غنوة الحياة.. هى دى حكاية الوطن..الوطن اللى إختار ناسه ريس من إتنين.... الحكاية ماينفعش تفضل كلام فى سطور وبس..لكن لازم تبقى حكاية عمل وسواعد بتتحد وهمم بتحدد مصيرها..والوطن ماينفعش ينقسم نصين لأن للوطن معنى واحد بس.. الوطن حلم وسكن..الوطن حُضن وأمل..الوطن هو مصر وبس.. وعلشان مصر ماتتقسمش أتنين حننزل كلنا ندى صوتنا لمرشح واحد قادر يحقق حلمنا وياخدنا لبكرة أحسن..المهم ننزل علشان مصر تكبر بإرادتنا إحنا وبس.. ولما نادانا الوطن، قلنا له لبيك..حاضر يا مصر..تأمرينا..بكرة أكيد حننزل ونشارك فى حلمك الجميل...ونقول لبكرة "نعم"..