رأى مختار نوح، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين، أن السباق الرئاسي في مصر يمثل معركة شرسة. وقال إن مصر كادت أن تغرق، وكل المرشحين إلى انتخابات الرئاسة السابقة ساهموا في ذلك، بحسن أو سوء نية، لا فرق، بعد أن وقفوا جميعا ضد بعضهم وتركوا النصر يكتب للأسوأ فيهم وهو محمد مرسي.
أكد العضو السباق في جماعة الإخوان المسلمين، مختار نوح، في حوار مع “العرب اللندنية” أن تنافس المرشحين السابقين للرئاسة أدى إلى تفتيت الأصوات وكأنهم تصارعوا ليخرج هذا الإطار الأميركي، أي شفيق ضد مرسي في جولة الإعادة، وتتدخل واشنطن لنصرة الثاني، وبالتالي جاءنا أكثر الناس ديكتاتورية، وظن مرسي أنه حاز على ثقة الناس بالفعل، وعاش هذه الكذبة التي افتعلها.
وبدأ في ظلم نفسه لأنه لا يمتلك قدرات وظلم المصريين لأنه عمل لصالح جماعة وظلم الشريعة لأنه لم يكن يستهدفها في الأساس، وظلم مصر لأنه قسّمها إلى مجتمعات ومعسكرات، وضرب أمن المواطن البسيط لأنه استجلب أصحاب الطلقات والرصاص. وأشار إلى أن تلك الجرائم يتحمل مسؤوليتها كل من ساهم في الانتخابات السابقة، ما يقلل من فرص حظوظهم في الانتخابات القادمة.
وتساءل القانوني مختار نوح: ترى هل ستغير الأيام الكفة؟، ثم أجاب على سؤاله قائلا إن المشير عبد الفتّاح السيسي شعبيته أكثر، خصوصا عند الشعب البسيط، ولغة الثورة أصبحت مرفوضة، لأن الناس رأت من الثورة من العذاب ما لم تره على يد النظام السابق، فوضى وجوع وتمزق، ويتابع المصريون ما يجري اليوم في ليبيا – الأقرب لحدودنا- فعلموا أن ما يقال عليه ثورة هو دمار. وعندما رأوا سوريا أيقنوا أن التيارات الدينية تقاتل بعضها هناك، فعلموا أن حظ من يتحدث عن الثورة سيكون قليلا، بغض النظر عن إيماني بالثورة التي تحدثت عنها قبل أن تساعد أميركا من وصلوا للسلطة.
وأكد مختار نوح أن الاستدعاء الشعبي للمشير، مرده نظرية الضرورة، لافتا إلى أنه أول من أعلن أن السيسي مرشح الضرورة ثم جرى تداوله، والناس لا تتعامل معه بحب فقط، لكن بضرورة، وتتساءل إن لم يكن فمن يكون؟ لأنها جربت، إن لم يكن رجل يستطيع أن يحمل السلاح للمقاومة فمن يكون، وقال هل يجوز أن يكون مرسي أو آخر مثله الرئيس الأعلى للقوات المسلحة، وهو لا يعرف كيف يحمل السلاح؟
ولأن العدو تعدد وتنوع، سواء في الداخل أو الخارج، فأصبح حمل الجيش للسلاح الفريضة الغائبة التي يجب أن نستحضرها، ولابد من رئيس يعرف من أين يأتي خصمه وكيف يهزمه، لذا ارتفعت أسهم السيسي.
ردا على سؤال حول فرص المرشح الرئاسي المحتمل مرتضى منصور وهل كان يرغب في أن يخوض عبد المنعم أبو الفتوح السابق الرئاسي، قال نوح إن “مرتضى دخل الانتخابات لأسباب أخرى لا أحب أن أخوض فيها، وهو شخصية محترمة وعلاقتي به عميقة. أما أبو الفتوح فلو قرر خوض الانتخابات فلن تقبل أوراق ترشحه، لأن هناك نصا سخيفا في قانون الانتخابات يعتبر أنه لا يجوز قبول أوراق من حكم عليه في جناية حتى لو تم رد الاعتبار له، وهذا نص ضد البشرية والإنسانية والشريعة”، لافتا إلى أنه طالب الرئيس منصور بتغييره.
وحول إمكانية مشاركة الإخوان في الانتخابات الرئاسية المقبلة أوضح أن الإخوان أكدوا أنهم لن يشاركوا في انتخابات نقابة المهندسين، لكنهم أيدوا بعض المرشحين ولم ينجحوا، ولا نستطيع أن نأخذ كلمة من الإخوان لأنه لا تتوفر لديهم عقلية تدير المعركة ومازالوا يديرون الأزمة بطريقة المقامرة وهي طريقة انتحارية.
وقال إنه لا وجود لمستقبل للجماعة، وكل الفكر الإخواني سينتهي خلال سنوات وأنا قلت منذ 4 سنوات أن نهاية الإخوان في غضون 10 سنوات، مضى منهم 4 وتبقى 6 سنوات. وتابع “أقول الآن مقولة أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة، إن المعركة بدأت ولم تنته بعد. وهو أعلن أن المعركة بدأت والجيش المصري أعلن المعركة أيضا، ترى هل سيكون النصر لمن يستحلون الأعراض والدماء ويقتلون الأبرياء أم سيكون لمن يدافعون عن الدولة ومدنيتها المتحضرة التي تحافظ على النسل وعلى الأفراد والمال، هذا ما ستجيب عنه الأيام وأثق تماما أن مصر قادمة بقوة وستنتصر على هؤلاء”. ولفت نوح إلى أنه لا يثق في الإعلانات البريطانية أو الكندية أو غير ذلك بشأن الإخوان لأنها إعلانات وفقا للمصالح، وقد تكون هذه الدول تضغط على تنظيم الإخوان للحصول على مكاسب، وليس لأنها تنتمي إلى الحق والعدالة والحرية كما يقولون لكنهم يبحثون عن المصلحة. وأشار إلى أنه عندما ساهمت الولاياتالمتحدة في إنشاء وتمويل منظمة “هيومان رايتس ووتش” كمنظمة حقوقية بدأت في استخدامها للضغط على الدول الأخرى، وأكد أن أوروبا وأميركا لا تعرف شيئا اسمه العدالة إنما تعرف المصلحة وعلينا أن نفكر في المصلحة التي ستعود عليهم.
كان مختار نوح قد صرح أكثر من مرة أن 13 شخصا في تنظيم الإخوان الخاص يديرون الجماعة ليس منهم المرشد الحالي محمد بديع أو السابق مهدي عاكف، ولا الدكتور محمد علي بشر، لأنه ليس من التنظيم الخاص وعن هذا يقول: “مع وجود مصطفى مشهور بدأ التنظيم الخاص القطبي يسيطر على الجماعة وبدأوا في إبعاد كل من لا ينتمي إليهم والإبقاء على رجالهم حتى سيطروا عام 2005 على التنظيم بأكمله، وعندها توالت الاستقالات وبدأ التنبؤ بسقوط الجماعة، لأنه حينما يقود فكر التكفير واقع الإخوان لا يحسن التصرف، لأن التكفير لا يملك استراتيجية عمل وسط مجتمعات مدنية، وبالتالي حدث انفصال بين الإخوان وبين الواقع أدى إلى فشلهم”.
وقال إن مرسي دفع ثمن تعاونه في مخطط تقسيم المنطقة، لافتا إلى أن الإخوان جرى استخدامهم في مخطط تقسيم المنطقة لأن الجماعة لا تريد إلا الحكم، والاتفاق بينها وأميركا تلخص في أن “أعطيك ما تريد وتعطيني ما أريد”، وليس بالضرورة أن يصرح كل طرف بحقيقة نواياه. وأميركا أعطتهم الحكم كما أرادوا وظنوا أن المسألة حسمت لهم، لذلك كان التحدي الأكبر بالنسبة إلى أميركا هو وجود السيسي وسيظل هو التحدي الأكبر لها.
وأكد نوح أن مرسي كان الأسوأ منذ بداية حكمه، وهذا لم يحدث في التاريخ، أن يكون الرئيس سيئا في بداياته، إنما يصبح سيئا بعد أن يفتنه الناس ويغتر، حتى نابليون لم يكن بهذا السوء أو الديكتاتورية في بداياته، لكن مرسي بدأ ديكتاتوريته من اليوم ال 17 لحكمه، كما أنه لم يكن يستشير أحدا، عكس جميع الرؤساء. واستنكر نوح ما يثار من حين لآخر من دعوات للمصالحة مع الإخوان وقال: “ليس هناك شيء في السياسة اسمه المصالحة، هذا كلام غير مقبول، الدولة التي تتصالح مع أفراد إنما تسقط هيبتها بنفسها، وتضرب دولة القانون في مقتل، لكن هناك ما يسمى عفو من الدولة بصيغة حديث الأعلى للأدنى، لكن حوار الأنداد الذي يرجوه الإخوان تضيع معه هيبة الدولة ومقدراتها تماما.
وردا على سؤال هل من الممكن أن يتبنى مبادرة لتهدئة الشارع في المنظور القريب قال عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان: “أنا لا أريد مبادرة ولا تهدئة، ولكن أريد قانونا يطبق على الجميع، ومن يطرح مبادرات تهدئة عليه أن يذهب ليعمل في مهنة شيخ حارة أو ينظم جلسات عرفية، المطلوب أن يطبق القانون على الإخوان وعلى الحكومة، ما يجب أن يحصل هو احترام الدولة للأفراد واحترام الأفراد للدولة”. ورأى أن من يفعل ذلك إنما يبحث عن مصلحته الشخصية من خلال عروض المصالحة، وهذا ليس في صالح الدولة القانونية. وأوضح نوح أن أكثر من 16 ألف عضو استقالوا من الإخوان. وأضاف: “جيل السبعينات بالكامل غير موجود الآن ومن لا يصدقني عليه أن يراجع جميع فيديوهات المظاهرات في السنوات الثلاث الأخيرة. وأتحدى أن يعثر أحد على فرد واحد من جيل السبعينيات، وأوضح أن تلك الاستقالات حدثت بعد ثورة 25 يناير 2011 وازدادت تورما بعد حكم مرسي والجهل والعنف الذي طغى على سياسات الإخوان”. وعاد نوح ليؤكد أن ليس جيل السبعينات فقط ولكن جيل الثمانينيات أيضا غير موجود ويقل تدريجيا إلى درجة أنه سيختفي تماما، وحتى وقت الضرب في رابعة لم يكن هناك أحد من جيل السبعينيات، خاصة من استفادوا من حكم الإخوان وتمت مكافأتهم وتولوا مناصب كل هؤلاء لم يذهبوا يوما إلى رابعة.
وشدد القيادي الإخواني السابق أن الدولة قادرة على القضاء على الإرهاب لأنها ما زالت تمسك بزمام الأمور حتى الآن، عكس الوضع في ليبيا وسوريا، والآخر- الإرهابيون- لا يجيد سوى زرع قنبلة في لوحة إعلانات، وهي وسيلة تدل على ضعف شديد، بينما الدولة تشن حملات أمنية تعكس قوة شديدة، وعنصر الوقت في صالح الدولة المنظمة، وهذا متوفر الآن. وأوصى وزير الداخلية محمد إبراهيم أن يعيد استيراد بعض القيادات القديمة من الكفاءات التي كانت تحترم حقوق الإنسان، وأن يتخلى عن حماسه للقيادات الجديدة، وأكد أن ذلك لن يتسبب في سخط الناس لأن الشعب يريد القضاء على الإرهاب بأي ثمن. أكد نوح أن تنظيم القاعدة استغل الإخوان، وإدارة الجماعة احتمت بالقاعدة وأصبحا مزيجا يصعب التفريق بينهما. وأشار إلى أن عنف الجامعات سينتهي مع الوقت وقوة القانون ستتغلب عليه. وأوضح أن من تتظاهر في الجامعات عناصر إخوانية ومعها عدد قليل من الطلبة، ودلل على ذلك بأنهم يتجمعون من كل المناطق أمام كلية واحدة أو بقعة صغيرة داخل الجامعة ويتظاهرون ولا ينظمون فاعلياتهم أمام كل الكليات أو في مناطق متفرقة داخل الجامعة مثل عين شمس أو مدينة نصر وهذا دليل على ضعفهم. أوضح نوح أن قطر لم تنكر يوما أنها قاعدة عسكرية أميركية فلماذا نحاول أن نصعد بها إلى مرتبة غير التي أعلنتها لنفسها، وقد أقرت مرارا أنها قاعدة أميركية فلماذا نطالبها أن تكون دولة لها سلطان وقيادة حرة، الحقيقة هذه سذاجة في التفكير حينما نتحدث عن ذلك، والواجب أن يتعامل العرب معها على أنها ليست سوى قاعدة أميركية، وحينما تخفف أميركا من حدة الحرب سنجد قطر سمنا على عسل مع كل الدول العربية. وأشار إلى أن مشكلة قطر لا حل لها لأنها متعلقة بأميركا.