عند الحديث عن جماعة الإخوان المسلمين يقف المحامى «ثروت الخرباوي» كأحد القلائل الذين يعرفون الكثير عن الجماعة التى شغلت مصر منذ أن أنشأها الشيخ حسن البنا حتى الآن، فهو كان قيادياً فيها وخرج منها باختياره، لاعتراضه على تحولها إلى السياسة ولممارساتها التى خرجت عن مبادئها الأساسية، «صوت الأمة» حاورت الخرباوى بعد أن وصل الإخوان إلى الحكم، فتحدث بكل جرأة عن الكثير من الملفات الساخنة حول الجماعة والثورة، وكشف العديد من الأسرار عن الجماعة التى تحولت إلى تنظيم سرى كما يقول، وحلل العلاقة بينها وبين المجلس العسكرى،ولماذا اختارت الجماعة محمد مرسى مرشحاً لها بعد استبعاد الشاطر، ومادور الشاطر فى هذا، ومن هو المرشد الحقيقى، وحجم ثروات الجماعة . وغيرها من القضايا . ■ هل تفاجأت بفوز محمد مرسى بالانتخابات الرئاسية ؟ لا، لكن المفاجأة أن الفارق كان ضئيلاً جداً . ■ إلى ماذا ترجع هذا الفارق ؟ لو افترضنا أن الإعادة كانت بين مرشح من المحسوبين على الثورة كان سيكتسح مرسي، لأن المتحمسين له هى شرائح الإخوان والإسلام السياسى التى تصل إلى 5 ملايين زاد عليهم أكثر من 7 ملايين ذهبوا إليه نكاية فى شفيق، وهنا يجب أن يدرك مرسى وجماعة الإخوان أن سلوكها الحقيقى الذى كان يختلف عن شعاراتها المعلنة أدى إلى انسحاب جزء كبير من المتعاطفين، فشعبية الإخوان تضاءلت بشكل كبير . ■ ماذا عن حكاية المطابع الأميرية. وهل يمكن أن يلجأ الإخوان إلى هذه الطريقة بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة ؟ المعنى عند الإخوان ليس الغاية تبرر الوسيلة، لكن يوضع له معنى إسلامى فهم يستخدمون مصطلحات فقهية فى غير موضعها، منها أن الضرورات تبيح المحظورات، فوصول الإخوان إلى الحكم ضرورة، والتزوير محظور، إلا أن الضرورات تبيح المحظورات،وبحسب أن الإسلام هو الذى سيصل إلى الحكم،وفى سبيل ذلك من الممكن ارتكاب المعاصى . ■ كانت الانتخابات الرئاسية بمثابة المعركة الأخيرة ومعركة البقاء للإخوان أليس كذلك ؟ هذا صحيح، لكنهم وهم فى سبيل الوصول إلى كرسى الرئاسة نسوا كلمة قالها الشيخ محمد الغزالى فى إحدى خطبه منذ أكثر من عشرين عاماً، وكان النظام بدأ يقبض على بعض الإخوان فى قضية «سلسبيل»، حيث قال: « والله أنى لا أخشى عليكم فتنة الاستضعاف ولكنى أخشى عليكم فتنة التمكين». فالإخوان الآن فى فتنة التمكين وهم لا يبصرون ولا يعلمون أنهم فى قلب الفتنة، وهذا أمر فى غاية الخطورة، الإخوان ينسون وهم فى غرور الكثرة قول الله : «ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم من الله شيئاً» . فالكثرة أغرت الجماعة بالمضى نحو استعجال التمكين، واستعجال قطف الثمار، حتى حسن البنا كان قد حذرهم أيضاً من الاستعجال فى قطف الثمار، ولكن الاخوان عندما لاحت لهم بعض الثمار التى لم تنضج بعد حاولوا قطفها لأنفسهم، فهم فى الحقيقة يخالفون الدروس التى تربوا عليها . ■ هل الجماعة استعدت وعملت لهذا اليوم ؟ على الإطلاق، لأنه لم يكن فى خاطرهم، والحقيقة أن الثورة فاجأتهم ،وقد خرجت بعض التصريحات الساذجة من عصام العريان قال فيها «نحن نستعد للثورة منذ 5 سنوات « هذا الكلام كان العريان يكذب فيه، وأستطيع أن أقول أنه كان يرى نفسه يرتكب ما يسمى فضيلة الكذب، لأن أحياناً الكذب عند الجماعة يكون فضيلة ! والعريان كان يكذب لأن فقه الثورة نفسه مرفوض من الجماعة، ورسالة البنا فى المؤتمر الخامس قال فيها إن الثورة مرفوضة من الإخوان، وأن مصر لن تجنى منها إلا الدمار، ونحن نرفض الثورات، فهذا هو الفكر الذى تربت عليه الجماعة، والجماعة بتركيبتها أصلاً إصلاحية وليست ثورية، فبالتالى هى لم تفكر فى الثورة ولم تكن صاحبة ثورة على الإطلاق، لكنها تحاول أن تقترب من الذين صنعوا الثورات . وفيما يتعلق بالحكم فقد قال المستشار مأمون الهضيبى فى جلسة معه أنا ومجموعة من الإخوان، وكنا نتحدث عن انتخابات مجلس الشعب، فبعض الجالسين سأله : ماذا لو وصلنا إلى الحكم ؟ ضحك وقال : «تبقى مصيبة» ! وأضاف «هو احنا عندنا حد ينفع يحكم ؟ ■ يعنى ألم يكن الوصول للحكم من ضمن أهداف الجماعة عند إنشائها؟ آه، ولكن ليس عن طريق ثورة، وهذا هو الخلاف بين الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد، فالإخوان جماعة إصلاحية بشكل تدريجى من أسفل إلى أعلى، لكن الجماعة الإسلامية والجهاد كانت فكرتهما أن يتم القضاء على رموز الحكم وقيادات الدولة، ثم فرض الشريعة الإسلامية على الناس، فبالتالى فكر الجماعة الإسلامية والجهاد «ثوري»، وهناك مجموعة من شباب الإخوان فى زمن حسن البنا وجدوا أن هذا الطريق قد يكون طويلاً وصعباً، فاعترضوا وقالوا للبنا إن هذا الطريق طويل جداً فكيف سنصبر عليه ؟ فقال لهم : هذا هو الطريق الذى لن نحيد عنه. فانفصلوا عن الجماعة وأنشأوا جمعية اسمها جمعية شباب محمد،هدفها هو الفكر الذى تبنته الجماعة الإسلامية فيما بعد بفرض ما يظنون أنه هو الإسلام . ■ ما مدى نحاج الإخوان فى حكم مصر فى ظل الأوضاع الحالية وبهذا الذى قلته عن الجماعة ؟ أود أن أفرق بين مرسى والجماعة، فهو أصبح رئيساً وفى حضن الجهاز الإدارى للدولة بكامله، والجماعة تحاول أن تجعله فى حضنها لا يغادره. ■ من معرفتك لطبيعة شخصية مرسى كيف ستكون النتيجة ؟ مرسى فلاح بمعنى الكلمة، لا يبحث عن «تزويق» الكلمات، إنما «يطس» الكلام فى «الوش»، على سجيته، لكن طبعاً ثقافته تخفف من حدة طبيعته الريفية، وهو إنسان معتد بنفسه لا يقبل أن توجه إليه إهانة، لكن فى المقابل هو ظل فى الجماعة أكثر من ثلاثين عاماً وتربى على أخلاقها وسلوكياتها وأفكارها والتى من ضمن أهمها «السمع والطاعة» والثقة فى القيادة، وهو له قيادة والكلام الذى قيل عن أنه خرج من الإخوان غير صحيح ولا يحترم عقولنا لأن الذى يملك أن يترك الجماعة هو العضو الذى يملك أن يقول للجماعة وللمرشد ليس لك فى رقبتى بيعة، بهذا يكون هو الذى فسخ العقد، أو أن الجماعة هى التى تصدر قراراً بفصله . إنما يأتى المرشد ويقول أحليتك من البيعة، فهو بهذا يضحك على المصريين، فالذى يقنعنى والذى لم يحدث ولن يحدث والذى أتحدى أن يحدث أن يقول مرسى ليس للإخوان بيعة فى رقبتى . ■ مرسى فى خطابه بميدان التحرير أخرج ما بداخله وقال «الستينات وما أدراك ما الستينات» ونحن فى ذكرى ثورة يوليو وبعدها بشهرين ذكرى وفاة عبد الناصر فماذا سيفعل مرسى ؟ هذا سيكشف أموراً كثيرة، وأرى أنه مضطر أن يحتفل بثورة يوليو، وهنا لجماعة الإخوان خياراتها ولموقع الرئاسة ضروراته التى تضطره للاحتفال بثورة يوليو، والستينات ترتب عليها أن حصلت عائلة مرسى على 5 أفدنة من عبد الناصر سمحت له بالتعليم والسفر لأمريكا للدراسات العليا . ■ كيف تحلل العلاقة بين «العسكر» والإخوان بعد ثورة يناير؟ بعد الثورة كتبت دراسة بعنوان «دراسة فى فقه الثورة» قلت فى نهايتها: «كان من الجيد أن تقوم القوات المسلحة باستدعاء الإخوان أو الموافقة على ظهورهم والجلوس معهم والسماع منهم ومد يد المساعدة لهم، كى يكونوا من فصائل الحركة الوطنية، ولكن بعد عام أو أكثر سيتضح للجميع أن من استدعاهم لم يكن حباً فيهم ولكن ليحرقهم» . وبالتالى ظهور الجماعة أرى من خلال معرفتى بها أنها الآن فى حالة احتراق، هى تحترق منذ الثورة حتى الآن . ■ إذن أنت ترى أن المجلس العسكرى استدعى الإخوان لإحراقهم وليس لقوتهم ؟ الثورة كان لها سقف عالى فى المطالب، والمجلس كان موافقاً على الثورة لأنها تقضى على التوريث، ولم يوافق على سقفها، والجماعة كانت الطرف الثانى الذى هو أيضاً له سقفه، فهى لم تكن تستهدف تغيير النظام بدليل أن عمر سليمان عندما أشار لها وقت مبارك هرولوا إليه وجلسوا معه، وقالوا عن اللقاء تحدثنا حديثاً طيباً، وكانوا موافقين على كلام سليمان بأن يستمر مبارك فى الحكم إلى سبتمبر، فالجماعة كان هدفها من الثورة أن تحصل على شرعية العمل، وعمر سليمان والمجلس العسكرى بعد ذلك تحدث معهم عن ذلك، فأصبح لدينا سقفان متقاربان، الإخوان بالحصول على شرعية العمل والمجلس بالقضاء على التوريث، الاثنان واجها سقفاً أعلى للثوار، ولكن الجماعة بدأت مع المجلس فى تخفيض سقف الثوار . ■ هل انتهى شهر العسل بين المجلس والإخوان؟ المجلس كانت لديه رغبة ألا يكون خيرت الشاطر مرشحاً رئاسياً وربما رئيساً بعد ذلك، لأنه شخصية زعامية وشخص عنيد ويرغب فى السيطرة والاستحواذ كما أنه ديكتاتور، فمن الصعب ادارته، وبالتالى المجلس خطط للإطاحة بالشاطر فوضعه فى دائرة الطمع للوصول لكرسى الرئاسة بأن أعطاه عفواً بقرار فى حين أن العفو ينبغى أن يكون بقانون، وكان العفو لإعطاء حبل وهمى للشاطر فأمسك به فوقع، وعندما أدركت الجماعة أنها خدعت فكرت سريعاً فى وضع بديل عنه، ولم يكن مرسى مطروحاً، كان عصام العريان والكتاتنى، لكن الشاطر هو الذى اختار مرسى، لأنه فى تقديره يستطيع إدارته، وهنا أقول إذا أنت وضعت شخصاً تعتقد أن بمقدروك ادارته فلماذا أغفلت أنه قد يدار من غيرك ؟ ■ هل ستظل حالة الصراع والصدام قائمة بينهما حتى بعد تسليم السلطة؟ الصراع سيكون ناعماً وليس خشناً دموياً كما كان فى عهد عبد الناصر، فالظروف تغيرت فالمجلس ليس هو عبد الناصر والإخوان الآن ليسوا كما كانوا أيام عبد الناصر . ■ ما القرار الذى تريده من الرئيس مرسى ؟ حل جماعة الإخوان المسلمين لأنها غير شرعية . ■ الأجهزة السيادية وفى مقدمتها المخابرات العامة كيف سيكون شكل تعاملها مع الرئيس «مرسي» بعد 60 عاماً من عدم الوئام مع الإخوان؟ يسئل فى ذلك الجهاز نفسه، والمخابرات عموماً لا تستطيع فجأة أن تواجه الإخوان، فكما يقولون الطعام مازال ساخنا،وأعتقد أنه سيكون بينهما صراع ناعم . ■ مؤخراً ظهر مصطلح «أخونة» مصر فهل الإخوان سينفذوا ذلك ؟ ثم هل سيخترقون الجيش والشرطة والقضاء ؟ قلت من قبل إن الإخوان فيها قسم اسمه قسم القضاة،والحقيقة أن هناك قضاة كثيرين فى الجماعة، ومرسى قال إنه اتصل به قضاة ليطمئنوه على سير الانتخابات بما يعنى أن الجماعة كان لها عدد كبير من القضاة فى اللجان الانتخابية ويتصلون أولاً بأول بالمرشح مرسى لطمأنته على سير العملية الانتخابية، ومن الواضح أن بعضهم تدخل فى العملية الانتخابية وإلا فلماذا اتصلوا به لطمأنته . وهناك قسم آخر باسم الوحدات ويضم أفراداً عسكريين، وهو قسم قديم فى الجماعة، وفى السنوات الاخيرة كان مستتراً، وقد كشف عنه أبو العلا ماضى منذ 4 سنوات، عندما قال له أحد قيادات الجماعة إن لديها تنظيم عسكرى وقسم للوحدات فيه عسكريون وأنه سيساعدهم فى الوصول للحكم، فقسم الوحدات أصلاً يضم أعضاء من ضباط الجيش والشرطة . ■ إذا كانت الجماعة مخترقة أجهزة كهذه فالأخيرة لابد أنها اخترقت الجماعة .علاوة على اختراق أجهزة مخابراتية خارجية للإخوان ألا يشكل هذا خطراً على الجماعة ثم على مصر وأمنها القومى ؟ لا أخشى أن يكون أحد مخترقاً الجماعة أو العكس، لكنى أخشى أن يكون ذلك على حساب مصر، لأن الجماعة لها طموح مجنون، يمكن أن يجر على مصر الكثير من المهالك، وأعتقد أن الذين يقودون الجماعة الآن يقودونها برعونة شديدة ولذلك أخشى على مصر . ■ ماذا عن علاقة الإخوان والأمريكان ؟ وهل أمريكا ألقت بثقلها لدعم الإخوان ومارست كما قيل ضغوطاً على المجلس العسكرى لإنجاح الإخوان؟ هذا أمر طبيعى فأمريكا تفكر بعقلية الشركة، وهى لا علاقة لها بالناحية العقائدية، فالعلاقة هى من سيحقق مصالحها، وحيثما كانت المصلحة فثم وجه أمريكا، ولذلك قالت كلينتون لا مانع لدينا من التعامل مع الإخوان المسلمين، واعترفت بوجود اتصالات مع الإخوان منذ 5 سنوات والذى أقام العلاقة بين الطرفين هو سعد الدين إبراهيم عندما تقابل فى السجن مع مختار نوح فى عام 2011، فمختار نوح أوصل سعد الدين ابراهيم لقيادات بالجماعة مثل عصام العريان الذى بدأ بعد ذلك الاتصال بأمريكا. وبعد ثورة يناير هناك زيارات متتالية لمسئولين أمريكان بهدف الحصول على تطمينات من الجماعة، ومنهم وليام برنز ممثل الصهيونية فى الإدارة الأمريكية،وكل هذه اللقاءات لم يكن يقول الإخوان ما الذى دار فيها، بينما الامريكان كانوا يقولون ما حدث فيها، فينكر الإخوان ما قاله الأمريكان ولا يقولون لنا ما حدث، وهذا من شأنه أن يضع ظلالاً من الشبهات حول الإخوان وعلاقتهم بأمريكا، خاصة مع التصريحات الأخيرة لقيادات الإخوان ومنها أنهم أصبحوا يوافقون على اتفاقية كامب ديفيد، وكانوا ضد تصدير الغاز لإسرائيل والآن يوافقون. ولعبة المصالح هى التى توجه الطرفين . ■ فى الأيام هل سيحافظ الإخوان على علاقتهم مع الثوار والسلفيين ؟ النخب السياسية فى مصر دائماً تحب أن تخدع، والإخوان لا يذهبون إلى القوى الوطنية إلا إذا كانوا فى احتياج إليها، فإذا ما احتاجتهم القوى الوطنية يقولون لها إن لنا خياراتنا، وللأسف النخب عندنا «تستخدم» . و«مكنسة» الإخوان جاهزة لكنس الذين وقفوا معهم . ■ والسلفيون ؟ الإخوان سيعطونهم مساحة وهم سيرضون بها، والفارق بينهم صار قليل، وأذكر تصريحاً لعبد المنعم الشحات بعد انتخابات مكتب الارشاد 2009، قال فيه : الآن أصبحت جماعة الإخوان جزء من الحركة السلفية، بعد ابعاد عبد المنعم أبو الفتوح ومحمد حبيب وادخال شخصيات أخرى، وسيطرة التيار القطبي «سيد قطب» الذى تأثر بالفكر الوهابى عندما سافر إلى السعودية . ■ ما مفهوم هذه الكلمات عند جماعة الإخوان . الديمقراطية، الرأى الآخر،المواطنة والعنف ؟ الديمقراطية عند الإخوان بمثابة كفر، بمعنى أنها تستخدم لمرة واحدة لكى يصل الإخوان من خلالها إلى الحكم،ثم لا تستخدم بعد ذلك أبداً، فاستخدامها من باب الضرورات تبيح المحظورات . أما الرأى الآخر عند الإخوان فإذا كان معى فأهلاً به وإذا كان ضدى فهو ضد الإسلام، وجماعة الإخوان لم تربى على تنوع وتعدد الآراء. ■ وإعمال العقل ؟ الجماعة ليست فكرية أو فقهية، لكنها جماعة عسكرية تحولت بكاملها إلى نظام خاص لا تنظر إلا إلى الجندية، فإذا حسنت جندية الفرد حسنت إخوانيته،وإذا ساءت ساءت إخوانيته، ولأنها جماعة تقوم على الجندية فقد تم إعلاء قيمة السمع والطاعة والثقة فى القيادة، تماماً كما يتم تربية أفراد الأمن المركزى،ويمكن أن نقول أن أعضاء الجماعة هم عساكر أمن مركزى الطبعة الإسلامية. ■ ألا يساعد ذلك فى عدم حدوث انشقاقات داخل الجماعة ؟ الذى يخرج من الجماعة أفراد وليس مجموعات كبيرة، وكل فرد يخرج لأسباب خاصة به،إنما صعب أن تجد فى الجسد الذى فيه جندية أن تخرج مجموعة كبيرة . ■ هل من الممكن أن نشهد ظهور «الإخوان الجدد» مثلاً من الخارجين عن الجماعة ؟ كان من المفترض أن ينتهى عمر تنظيم الإخوان المسلمين ليتحول من إطار التنظيم إلى إطار التيار، وهذا ما قال به أحد قيادات الإخوان التاريخية أصحاب العقل والفكر وهو الأستاذ محمود عبد الحليم. ■ هل يمكن أن نشهد اقبالاً من المواطنين على الانضمام للإخوان ؟ جماعة الإخوان لا يدخلها من يريد وإنما من تريد هى، بمعنى أنه لا ينفع أن يقدم شخص طلباً للانضمام إلى الجماعة، فالجماعة شأن غيرها من الجماعات ذات الطابع السرى، مثل الماسونية العالمية ونفس الأمر يصدق على عضوية حزب الحرية والعدالة . ■ ما حقيقة ثروات الجماعة وثقلها الاقتصادى؟ الجماعة لها ميزانية ضخمة لا يعرفها قيادات بالجماعة،تقوم على الاشتراكات الشهرية التى تبلغ 8% من اجمالى الدخل، وعدد من يسددون الاشتراكات شهرياً لا يقل عن نصف مليون شخص، وبحسبة بسيطة إذا بلغ الاشتراك مائة جنيه يكون الإجمالى نحو 50 مليون جنيه شهرياً،أى 600 مليون جنيه فى العام يضاف إليها أموال الصدقات وما شابه والتبرعات وغيرها، أما نفقات الجماعة فهى قليلة جداً حتى عقب الثورة وإنشاء الكثير من الشعب فى أنحاء الجمهورية،ولا ننسى أن هذا الإيراد له سنوات طويلة يتراكم ويتم استثماره فى كثير من الدول . فالأموال أصبحت لا حصر لها والجماعة تمتلك «مغارة على بابا»،ولا يستطيع أحد حصر ما فى المغارة، ويستطيع أى أحد منهم أن يغترف ما يشاء، والاغتراف للكبار فقط، ويمكن أن يتم لصالح الجماعة، وهل تظن أن الحملة الانتخابية لمحمد مرسى تم الالتزام فيها بمبلغ 10 ملايين جنيه، فأقل شئ هو انفاق 500 مليون جنيه . وهناك مرتبات تعطى للقيادات وفيلات تبنى لهم وشقق تشترى ليسكنوا فيها وسيارات ليركبوها، ورغم ذلك كله فهو لايساوى شيئاً من مغارة على بابا التى تشبه أموال قارون . ■ ومن هو «قارون» الإخوان المسلمين ؟ بالطبع هو خيرت الشاطر . ■ وهل يقبل قارون الإخوان أن يبقى فى الكواليس ؟ بكل تأكيد لأن الذى يهمه إدارة النظام. ■ فهل سينجح فى الإدارة، وهل يمكن أن يدير محمد مرسي؟ - الله أعلم . ■ وماذا عن محمد بديع مرشد الجماعة ؟ بديع رجل «قطبي» لم يكن من أفراد الجماعة أصلاً، اتهم فى قضية سيد قطب عام 1965، وعندما خرج من السجن عام 1975 لم يكن من الإخوان المسلمين هو ومحمود عزت، حذر منهم الأستاذ عمر التلمسانى لما سافروا دول عربية وقال احذورا هؤلاء ليسوا من جماعة الإخوان المسلمين ، ثم عادوا إلى مصر بعد ذلك وتبناهم الحاج مصطفى مشهور ووضعهم فى مواضع فى الجماعة، إنما هم ينتمون فكرياً للفكر التكفيرى القطبي، فهم قطبيون وليسوا على أفكار حسن البنا ولا يحبوذها ويرون أنهم تلاميذ سيد قطب، وهو شخصية شديدة الضعف . ■ إذن هذا يؤكد أن بديع هو المرشد العلنى للجماعة بينما «الشاطر» هو المرشد الحقيقي؟ طبعاً . فالشاطر هو المرشد الحقيقى ومحمد بديع هو «الاستبن» الظاهر، إنما الإدارة الحقيقية فى الجماعة المسيطرة عليها، وأقوى شخصين بها هما محمود عزت وخيرت الشاطر، ولا أحد يعلم قوة عزت التى هى فى أنه مستتر لا يعلم عنه أحد شيئاً، وهو الذى قلب الجماعة كلها الآن على وجهها الدعوى الذى كان منهج حسن البنا إلى منهجها التكفيرى . فالادارة المالية للشاطر وهو المنفذ لأفكار عزت، ويمكن القول أن الرجلين وجهان لعملة واحدة. ■ ألا يضر هذا الفكر التكفيرى الذى يتزعمه الشاطر وبديع وعزت، الجماعة ويقلبها ؟ هذا كان عنوان كتابى «قلب الإخوان» أى أنها انقلبت إلى وجهة أخرى، فليست هذه جماعة الإخوان المسلمين على الإطلاق، وفى الجزء الثانى من كتابى الذى سيصدر قريباً سأكشف بالأدلة والبراهين كيف أن الجماعة ليست كما كانت، وإنما هناك مجموعة استغلت الجماعة لتفعل ما تريد، لكن ليست هى جماعة الإخوان المسلمين نشر بالعدد 607 تاريخ 30/7/2012