كتائب القسام تنشر أسماء 20 أسيرا إسرائيليًا مقرر الإفراج عنهم ضمن صفقة التبادل    بكام الطن اليوم؟.. أسعار الأرز الشعير والأبيض الإثنين 13-10-2025 ب أسواق الشرقية    ارتفاع أسعار الذهب اليوم الإثنين 13-10-2025 عالميًا.. وعيار 21 بالمصنعية    حدث ليلا.. تنبيه عاجل للأرصاد.. وقصة مقتل صالح الجعفراوى (فيديو)    المغرب يتأهل للمرة الثانية فى تاريخه لنصف نهائي كأس العالم للشباب    إعلام عبري: إطلاق سراح الرهائن في الثامنة صباحا من منطقة نتساريم    «في ناس نواياها مش كويسة وعايزة تهد أي نجاح».. رسائل نارية من إبراهيم حسن بعد التأهل لكأس العالم    أجواء خريفية الآن.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الإثنين 13 أكتوبر 2025    في مشهد مهيب.. الأهالي يشيّعون 6 من أسرة واحدة ضحايا حادث طريق قفط – القصير    اليوم.. محاكمة 64 متهما ب الانضمام لجماعة إرهابية في التجمع الخامس    محمد صبحي: المنافسة في منتخب مصر صعبة بكل المراكز    الأمل فى شرم الشيخ    سعد خلف يكتب: السلاح الروسى الجديد.. رسالة للردع أم تجديد لدعوة التفاوض؟    تحرك عاجل من نقابة المعلمين بعد واقعة تعدي ولي أمر على مدرسين في أسيوط    طريقة تحميل صحيفة أحوال المعلمين 2025 بصيغة PDF من موقع الوزارة (رابط مباشر)    الدرندلي بعد فوز المنتخب: «أول مرة أشوف جمهور مصر بالكثافة دي»    قرارات جديدة بشأن مد الخدمة للمعلمين المحالين إلى المعاش 2025    سعر طن الحديد يقفز 2000 جنيه.. أسعار مواد البناء والأسمنت الإثنين 13 أكتوبر 2025    رئيس وزراء بريطانيا من القاهرة: مستعدون لدعم إعادة إعمار غزة    موعد ومقررات امتحانات شهر أكتوبر 2025.. أول اختبار رسمي في العام الدراسي الجديد    موعد عرض مسلسل ورود وذنوب الحلقة 2 والقنوات الناقلة وأبطال العمل    هل يجوز الدعاء للميت عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟.. «الإفتاء» توضح    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 13 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الاثنين 13 أكتوبر    صلاح عبد الله: محمد صلاح يستحق أن تُدرّس قصته في المدارس    أسماء مرشحي القائمة الوطنية بانتخابات مجلس النواب في عدد من المحافظات    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 13 أكتوبر    مصر تعلن قائمة الدول المشاركة في قمة شرم الشيخ    بدون محصل.. 9 طرق لسداد فاتورة كهرباء شهر أكتوبر 2025    مقتل شاب دهسه أحد أقاربه بسيارة في فرح بالبحيرة    إعانة وسكن كريم للأطفال.. استجابة إنسانية من محافظ قنا لأسرة الزوجين المتوفيين    إسرائيل تجري تعديلا عاجلا على قائمة الأسرى المشمولين في صفقة التبادل    قبل عرضه بمهرجان الجونة.. طرح البوستر الرسمى لفيلم «50 متر»    انطلاق تصوير فيلم «شمشون ودليلة» ل أحمد العوضي ومي عمر    سلوكيات تدمر أقوى الصداقات.. تجنبها قبل فوات الأوان    وائل جسار يُشعل ليالي لبنان بحفل طربي قبل لقائه جمهور بغداد    حضور إعلامي دولي واسع لنقل قمة شرم الشيخ للعالم.. 88 وسيلة إعلامية كبرى    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الاثنين 13102025    أخو صالح الجعفراوى يكشف وصية أخيه الأخيرة: لا تبكوا عليّ وأكملوا طريق الحرية    عاجل- رئيس هيئة الرعاية الصحية يراجع جاهزية المستشفيات والمخزون الدوائي لقمة السلام بشرم الشيخ    طريقة مبتكرة تعتمد على جزيئات الذهب لعلاج أمراض دماغية خطيرة    خبراء التغذية يحددون أفضل الأطعمة لصحة المفاصل والوقاية من الالتهابات    زيزو: التأهل للمونديال لحظة تاريخية.. وأتمنى تحقيق حلم المشاركة في كأس العالم    حسام حسن: صلاح مثل أخي الصغير أو ابني الكبير.. إنه نجم العالم    إبراهيم حسن: اكتشفنا إن صلاح في حتة تانية.. وسننتحر في المغرب للفوز بكأس الأمم    حصيلة ممتلكات سوزي الأردنية.. 3 وحدات سكنية ومحافظ وحسابات بنكية.. إنفوجراف    مياه الشرب بدمياط تعلن فصل خدمات المياه عن قرية السنانية 8 ساعات    على أغانى أحمد سعد.. تريزيجيه يرقص مع ابنه فى احتفالية التأهل للمونديال    محمود حميدة وشيرين يشاركان فى مهرجان القاهرة بفيلم شكوى رقم 713317    غريب في بيتك.. خد بالك لو ولادك بعتوا الصور والرسايل دي ليك    محمد الشرقاوي لليوم السابع: عروض فرقة المواجهة والتجوال في رفح 18 أكتوبر    أنواع الأنيميا عند الأطفال وأسبابها وطرق العلاج    نائب محافظ قنا يتفقد عددًا من الوحدات الصحية لمتابعة جودة الخدمات المقدمة للمواطنين    القائمة الكاملة لأسعار برامج حج الطبقات البسيطة ومحدودي الدخل    حبس رجل أعمال متهم بغسل 50 مليون جنيه في تجارة غير مشروعة    عاجل| بدء صرف حافز 1000 جنيه شهريًا للمعلمين بعد أيام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 12-10-2025 في محافظة الأقصر    رئيس منطقة مطروح الأزهرية يكرم الطالبة هاجر إيهاب فهمي لتفوقها في القرآن والخريدة البهية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف نحقق الاستجابة لله ورسوله في حياتنا
نشر في الفجر يوم 05 - 04 - 2014


" كيف نحقق الاستجابة لله ورسوله في حياتنا "
لقد كانت حياة الصحابة رضوان الله عليهم تمثل حقيقة الاستجابة الكاملة لله وللرسول، قولاً وعملاً ، وفكراً وسلوكاً، فاستجابتهم كانت علمية عملية وليست مجرد نظريات لا تطبيق لها في الواقع وهذا ما نفتقده في حياتنا المعاصرة؛ وهو الامتثال العلمي العملي. ولنا أن نسأل كيف حقق الصحابة الكرام هذه الاستجابة؟
إننا لو نظرنا لحياة الصحابة قبل مجيء الإسلام لوجدنا أهم كانوا يعيشون في جاهلية جهلاء، وفي تخبط فكري حتى أن أحدهم يصنع إلهه بيده ثم يعبده ويدعوه من دون الله، فلا يعقل يرشدهم، ولا دين يهديهم، ولا عادات تقوّمهم، ولا أمم صالحة يقتدون بها أو يقتبسون من ضيائها؛ بل كان العالم برمته يعيش في دهاليز الظلام، حتى "إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ" إذ انقلبت الموازين، وتبدلت المفاهيم، فأصبح الشرك قربة، والخمر مكرمة، وانتشرت المعاصي بجميع أنواعها، فهذا حالهم قبل مجيء الإسلام فهم لم يهتدوا بنور النبوة كما قال الله تعالى :" لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ" فلهم بهذا عذر.
وعندما أتاهم النذير تبدلت حياتهم كلياً، فتغيرت مفاهيمهم وتصوراتهم ونظرتهم للحياة والكون والإنسان فأحدث هناك تغير نوعي في سلوكهم وتصرفاتهم فقد استقامت سيرتهم، وحسنت أخلاقهم، وأصبحوا كما وصفهم الله تعالى:" كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ " فلا تكاد ترى في حياتهم المنكر، فرفع الله من شأنهم فأصبحوا قادة للعالم، في فترة وجيزة لا تقاس في عمر الأمم، وهنا نسأل مرة أخرى، كيف حدث هذا؟
يمكن أن نلحظ أن السلف تميزوا بالتالي:
أولاً : تعظيم أمر الله تعالى:
وهذه من ما يتميز به الصحابة الكرام رضوان الله تعالى أنهم يعظمون الله تعالى في أسمائه وصفاته وأفعاله وفي أمره ونهيه. فتوقير الله تعالى وتعظيمه وحبه قد تخلل في أفئدتهم وأشرأبته قلوبهم وأمتثلته جوارحهم فهم يرون حكم الله تعالى في كل مسألة.
فلتعظيمهم لله تعالى جعلوا حكم الله وشرعه هو الحاكم عليهم في كل صغيرة وكبيرة، وهذه هي حقيقة العبادة المتمثلة في تعظيم الله تعالى وإظهار الخضوع والذل له.
وما نراه يحدث الآن من استهزاء بالدين وتلاعب بأحكام الله تعالى هو نتيجة غياب تعظيم الله في قلوب الناس.
فأصبح تعظيم الحياة الدنيا وتجيلها هو ديدن حياة الناس إلا ما رحم ربك.
فرق إيمان الناس وافتقدوا اتخاذ الموعظة من القرآن لأنه "تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى" والخشية نتيجة للتعظيم، وتعظيم الله تعالى نتيجة لمعرفته بأسمائه وصفاته فهم قد عرفوا الله وعظموه فخشوه.
ثانياً : وحدة المصدر:
فكان كتاب الله تعالى هو المصدر الوحيد للتلقي، فأفكارهم وتصوراتهم وقيمهم وسلوكهم كلها منبثقة من وحي الله تعالى. فالقرآن الكريم كان هو النبع الذي يستقون منه معارفهم وأفكارهم وتوجهاتهم ولهذا نرى كيف غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما جاءه عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه رسول الله في يد عمر بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه على النبي صلى الله عليه وسلم فغضب النبي وقال : « أمتهوكون[1] فيها يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية ، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به ، أو بباطل فتصدقوا ، والذي نفسي بيده ، لو أن موسى كان حيا ، ما وسعه إلا أن يتبعني[2] » وذلك لكي لا يكون هناك أكثر من مصدر للتلقي وأن يكون القرآن المبارك هو المرتكز والمصدر الذي ينطلق منه المؤمن في بناء تصوراته.
وحالنا اليوم يجد أننا قد جعلنا هناك مصادر متنوعة غير القرآن الكريم نتلقى منها تصوراتنا وقيمنا، فالتلقي لدينا من الغرب لم يقتصر في القضايا العلمية المادية؛ بل أنسحب ذلك على مبادئنا وقيمنا وتصوراتنا لهذا كثر النزاع بيننا في قضايا لم يكن يتنازع فيها السلف كمسألة تحكيم شرع الله تعالى وكتطبيق الاقتصاد الإسلامي وغيرها من المسائل التي يظهر فيها التلقي من الآخر الكافر المخالف لشرع الله تعالى.
ثالثاً : تطبيق ما تعلموه:
وهذه من أشد ما يتميز به خير القرون، أنهم يقبلون على كتاب بقصد العمل، فيتعلمون من أجل أن يمارسون ما تعلمهم عملياً. فالعلم بلا عمل عارية وغير منتفع به.
فإذا لم يعمل المرء بالنور الذي أُنزل فلن يكون لهذا النور أثر، فروح العلم هو العمل، والعلم وسيلة لا يصح فضله حتى يصدّق بمقتضاه، فإن كثيراً من المستشرقين والعلمانيين يعلمون دين الإسلام، ويعرفون أصوله وفروعه، ولم يكن ذلك نافعاً لهم لبقائهم على الكفر.
فالصحابة الكرام تعلموا القرآن والعلم والعمل جميعاً، فإذا جاء أمر الله امتثلوه دون تلكؤ أو تباطؤ أو تردد، فمن ذلك عندما نزل قول الله تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[3]" جاء في صحيح البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كُنْتُ سَاقِيَ الْقَوْمِ فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ وَكَانَ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الْفَضِيخَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَادِيًا يُنَادِي أَلَا إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ قَالَ فَقَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ اخْرُجْ فَأَهْرِقْهَا فَخَرَجْتُ فَهَرَقْتُهَا" وهذا شيء عجيب في تحقيق الامتثال والإتباع، فترك الخمر لمن أدمن عليها بمجرد هذا القول يدل على قوة الإيمان وصدق الامتثال لأمر الله ورسوله.
رابعاً : سلامتهم من كثير من البدع والمفاهيم المغلوطة:
لم يعاني جيل خير القرون من كثير من المفاهيم المغلوطة، *** تكن هناك أزمات فكرية أو عقدية، فسلموا من أزمة الثنائيات، من ثنائية الأنا والآخر، ونظرية تصادم العقل والنقل، والأصالة والمعاصرة وغيرها من الثنائيات التي أدت إلى تشطير الإنسان وتدمير بعضه، *** يعيشوا تناقضات تحول بينهم وبين تحقيق الاستجابة الصادقة لله وللرسول.
فعندما طغت المفاهيم المستوردة وأخذ الناس بأشيائها، ارتكست الأمة، وعاشت نوعاً من التصادم الحضاري أرداهم في ذيل الأمم، وتخلت استجابتهم لله وللرسول، واستجابوا لقيم وتصورات لا تتفق مع الإسلام وقيمه، فأصبحت الأمة تعيش فاقدة لهويتها، مسلوبة إرادتها تعيش على فتات الآخرين .
خامساً : عاشوا مرحلة الدعوة الأولى:
فأي دعوة تمر بثلاث مراحل، المرحلة الأولى وهي مرحلة الإيمان بالهدف، الذي يملاْ على الإنسان نفسه، ويشكّل له هاجساً دائماً، ويدفعه للعطاء غير المتناهي، والتضحية في سبيل ذلك ، فمن سمات هذه المرحلة بروز إنسان الواجب، الذي لا يرى إلا ما عليه، ويقبل على فعله بوازع داخلي، بإيمان، واحتساب، دون أن يخاطر عقله، ماله من حقوق هو إنسان واجب، إنسان إنتاج، وليس إنسان حق فقط.
ثم تأتي بعد ذلك مرحلة العقل، وضمور الإيمان، وفتور الحماس نسبياً، مرحلة التوازن بين العمل والأجر، وبين الحق والواجب، وبين الإنتاج والاستهلاك، وهنا تصل الحضارة إلى قمتها وتبدأ مرحلة السقوط. ثم تأتي مرحلة غياب الإيمان والعقل، مرحلة حب الدنيا وكراهية الموت، وبروز الشهوة، والغريزة، وانكسار الموازين الاجتماعي، واستباحة كل شيء وبكل الأساليب، وعندها تسقط الأمة، ويتم الاستبدال[4].
سادساً : لم تمنعهم القيود الدنيوية من تحقيق الاستجابة لله ولرسوله:
مما يتميز به خير القرون أنهم لم يمنعهم الأهل والمال من السير في ركاب الدعوة وقوافل الجهاد؛ بل هذه صفات من لم يستجب أصلاً لدين الله، فهي من صفات المنافقين كما قال الله تعالى:" سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا[5]" وهذا لسوء ظنهم بالله تعالى، فلا تجد في حياة الصحابة النجوم شغل عن تكاليف العقيدة؛ بل يسارعون ويتنافسون ويبادرون لأمر الله ورسوله ولا يبحثون عن الأعذار للتخلف عن ركاب الدعوة. وتأمل قول الله تعالى في وصف هؤلاء الفقراء من الصحابة الذين لا يجدون ما يحملهم كيف كان ردة فعلهم :"وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ"
أثر الاستجابة:
* الاستجابة لله وللرسول فيها الحياة:
قال الله تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ " وعلى قدر الاستجابة تكون الحياة، فهي مراتب كلما زاد العبد في الاستجابة لله وطاعة أوامره كلما زاده الله هداية وتوفيقاً.
وقد شبه الله المستجيب لنداء الله ورسوله بالحي، والذي لا يستجيب بالميت " إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ " والحياة هنا حياة إنسانية كاملة، وليست حياة بهيمية لا تدرك من حقيقة وجودها في هذا الكون شهواتها وملذاتها، فلا تعيش إلا لجسدها، وإن سمعوا قول الحق فهم لا يستفيدون من سماعه ذلك فهم صم بكم عن كل ما يعارض شهواتهم وملذاتهم " إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ " فهم في سكرة الشهوة والهوى تحول بينهم عن إدراك قول الله وقول رسوله " مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ، لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ " فحياتهم ناقصة غير كاملة قد غابت عن سمائهم حياة القلوب وحياة الأرواح، فلا تسمى حياتهم وإن دبوا على الأرض حياة لأنها فقدت إنسانيتها وصارت أقرب إلى الحياة الحيوانية " لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ "
* الاستجابة سبب من أسباب إجابة الدعاء:
فهي طريق لرضا الله تعالى، فتحقيق الإيمان وامتثال أوامر الله تعالى جعلها الله تعالى من شروط إجابة الدعاء فقال تعالى " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي " بفعل أوامره واجتناب نواهيه، عندها تكون إجابة دعوة الداع أرجى. وفي باب استجابة الدعاء هناك نصوص أخرى تبين أنه قد تتخلف الإجابة مطلقاً وقد تتخلف إلى بدل ، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :" مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا قَالُوا إِذًا نُكْثِرُ قَالَ اللَّهُ أَكْثَرُ" وهذا مبحث آخر ولكن ليعلم هنا أن الاستجابة من أسباب إجابة الدعاء.
* المستجيب جزاه الجنة:
فالناس على قسمين:
مستجيب لربه، وجزاؤه الحسنى.
وغير مستجيب، فجزاؤه النار
كما قال الله تعالى: " لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ "
* الاستجابة فيها كمال العقل :
كما قال الله تعالى :" فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ " فيهم من الآية أن المستجيب يجعل هواه وشهواته تتحكم فيه وتوجه بل هو متبع للحق محكماً عقله في ذلك.
ولذلك هؤلاء الذين لا يسيطرون على أهواءهم ورغباتهم سرعان ما يضلهم الشيطان كما قال الله تعالى:" وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ[6]" فالرشد والهداية هي في الاستجابة لله تعالى:" فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [7]"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.