من ارتفاع يربو على 300 كيلومتر فوق سطح الأرض، يشارك أول إنسان آلي متحدث في أول محادثة له من الفضاء. وإذا كانت روسيا هي أول من أرسلت إنسانا إلى الفضاء، والولايات المتحدة هي أول من أرسل رجلا إلى سطح القمر، فإن اليابان هي أول من أرسل إنسانا آليا ناطقا إلى الفضاء. وجرى إرسال الإنسان الآلي، الذي يعرف باسم "كيروبو"، إلى الفضاء في شهر أغسطس الماضي.
ويستقر كيروبو حاليا على متن المحطة الفضائية الدولية، حيث يقضي القائد الياباني في المحطة كويجي واكاتا بعض وقته في الحديث معه.
وتتمثل المهمة الأساسية لهذا الإنسان الآلي صغير الحجم في التحدث وإجراء الحوارات مع رائد الفضاء الياباني، إذ تظهر مقاطع الفيديو التي وردت من المحطة الفضائية الدولية أولى محاولاته للقيام بذلك في وقت سابق من هذا الشهر. ويظهر في ذلك المقطع تجاوبه في الحديث مع رائد الفضاء الياباني واكاتا إذ قال له هذا الأخير إنه كان "يترقب أن يلتقي به"، فرد عليه "كيروبو" قائلا: "وأنا أيضا كنت أنتظر لقاءك منذ زمن." وقال رائد الفضاء كويشي واكاتا الذي وصل إلى متن المحطة المدارية في مطلع شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، متوجهاً بالقول إلى كيروبو: «هل أتيت وحيداً إلى هنا؟ إنه أمر مذهل». فأجاب الروبوت وهو يحاول أن يقف في ظروف انعدام الجاذبية: «طبعاً، لأنني رجل آلي».
ثم سأل الرائد الياباني: «كيف كان الأمر حين أقلع بك الصاروخ من الأرض؟».
فأجاب: «كان مثيراً». واستغرقت هذه المحادثة دقائق عدة، والأسئلة التي طرحها الرائد على الرجل الآلي لم تكن مبرمجة مسبقاً.
وتابع الرائد الياباني حواره مع رفيقه الآلي فسأله، مع اقتراب عيد الميلاد إن كان ممكناً إن يجري سانتا كلوز رحلة في الفضاء، فأجاب «بكل تأكيد».
ثم سأله الرائد: «ماذا ستطلب منه؟». فأجاب: «لعبة على شكل صاروخ».
والجديد في كل ذلك هو أن الإنسان الآلي يشارك في حوارات لم يجر الإعداد لها مسبقا، حيث إنه أُعِد ليتحدث بطريقة تلقائية تحاكي طريقة الحديث البشرية، وأن يكتسب مهارات أعلى في الحديث بمرور الوقت. ويرى مصمموا هذا الآلي أن هناك مستقبلا كبيرا لمثل هذا النوع من الروبوتات، التي يمكن إرسالها لمرافقة رواد الفضاء في الرحلات الفضائية الطويلة، إلى جانب إمكانية الاعتماد عليها أيضا في رعاية المسنين ومرافقة من يعيشون وحيدين. وتجاذب رائد الفضاء أطراف الحديث مع الريبوت على متن محطة الفضاء الدولية التي تسبح في مدار حول كوكب الأرض، لأول مرة في التاريخ.
وحتى الآن، جرت الأمور خلال المحداثة بين الرائد الياباني والرجل الآلي على ما يرام، وكانت نتائجها أفضل من تلك المحادثة التي تخيلها مخرج فيلم «أوديسا الفضاء 2001» بين رائد فضاء ورجل آلي سرعان ما تتدهور العلاقة بينهما. فذلك الفيلم الخيالي الذي أخرجه الأميركي ستانلي كوبريك في عام 1968، يصور الهذيان الذي يصاب به رجل آلي مكلف بالإشراف على رحلة إلى كوكب المشتري، دافعاً رائد الفضاء إلى فصله عن التيار الكهربائي حتى يتمكن من إعادة الإمساك بزمام الأمور.