قناة رابعة ظهرت لمدة ساعتين فقط للخداع.. و«أحرار 25» تنقل شفرات المظاهرات والاعتصامات والاشتباكات إلى شباب الجماعة القناتان فى حيز ترددى واحد على القمر الصناعى... واحتمال وجودهما على فرانس تليكوم ضعيف.. والأقرب أنهما على النايل سات.. فمن نسأله عن هذا الاختراق؟
اترك قليلا كل ما يقال عن دور المخابرات القطرية وشقيقتها التركية فى الحرب الإعلامية والنفسية على الثورة المصرية، لا تلتفت إلى ما يقال عن ملايين الدولارات التى ينفقها خصوم مصر قى الدوحة ولا أعدائها فى أنقرة من أجل تمكين الإخوان المسلمين من العودة مرة أخرى إلى حكم مصر، وهو الوهم الذى يراود الجميع.. ركز قليلا فيما يحدث داخل مصر، هؤلاء الذين يساندون الإخوان فى إرهابهم ضد الشعب المصرى، تواطؤاً ربما.. فسادا ربما، لكنهم فى كل الحالات يساهمون فى مؤامرة كبرى.. هذه بعض فصولها.
خلال الأيام الماضية ظهرت قناة فضائية التقطها كثير من المصريين المتابعين للقنوات الفضائية، القناة كانت عليها إشارة رابعة.. لم تستمر القناة فى البث التجريبى الذى لم يقدم إلا الكف الرباعى الكريه سوى ساعتين فقط، وبعدها تم رفع الشارة واختفت القناة.
كان الاهتمام بشعار رابعة والقناة التى تحمل اسمها كبيرا، لكن ما جرى فعلا أن بث قناة رابعة كان للتغطية على قناة أخرى أكثر خطورة وهى قناة «أحرار 25» وكأننا بمن يدير الأمور الإعلامية ويدبر للحرب النفسية ضد الشعب المصرى كله، أراد أن يتم الاهتمام بقناة رابعة لأن الشعار نفسه أصبح مستفزا جدا، وفى الوقت نفسه يتم تمرير قناة أحرار 25 التى هى بالفعل ليست مجرد قناة، بل جهاز شائعات ونشر أكاذيب ومغالطات وتحريض.
قناة أحرار 25 ترفع شعار تبثه بين فقراتها وهو «نشكركم لحسن تفويضكم» فى إشارة واضحة إلى التفويض الذى منحه الشعب المصرى للشعب والشرطة، لمواجهة الإرهاب والعنف، القناة تشير بوضوح إلى أن التفويض هو سبب ما جرى للإخوان فى رابعة والنهضة، وعليه فهذه دعوة صريحة للتحريض على القتل والانتقام من أى مصرى لا ينتمى إلى الجماعة، وتقريبا هذا ما يفعله الإخوان الآن فى الشوارع، فخلال مظاهراتهم ومسيراتهم لا يتورعون عن الهجوم على أى مواطن حتى لو يعترض طريقهم.
الدور التحريضى المباشر الذى تقوم به أحرار 25 يمكن أن ترصده بسهولة، يمكن أن تضع يديك عليه من خلال التنويهات وخلال اللغة الغاضبة التى يتحدث بها الجميع، لكن ما لا يمكن رصده بسهولة، أن القناة تقوم بدور أمنى ومخابراتى فى إدارة مسيرات ومظاهرات الإخوان المسلمين، فعبرها تنتقل الشفرات وكلمات السر، التى من خلالها يتحرك الإخوان المسلمون ويجتمعون فى أماكن بعينها، ويرددون شعارات معينة.. وعليه فالقناة لها دور كبير فى التواصل بين قيادات الجماعة وقواعدها بعد أن استطاعت الأجهزة الأمنية شل حركة الجماعة على الأرض بدرجة كبيرة، درجة أعجزت الجميع عن التواصل والتخطيط والتنفيذ.. وقد يكون أخطر ما تفعله القناة الآن أنها تقوم بنقل الرسائل إلى طلاب الجامعات.. لتنفيذ خطة الإخوان الكبرى فى احتلال كل جامعات مصر، وهو الأمر المتاح بالنسبة لها، فالطلاب لا يزالون هم القوة الأساسية التى تعتمد عليها الجماعة.
حتى الآن قد تقول أن ما حدث طبيعى، فهؤلاء يريدون الدفاع عن أنفسهم، ويرغبون فى مقاومة ما يتعاملون معه على أنه انقلاب.. لكن المشكلة أن هناك من يتواطأ بشكل مستفز.. وهنا أشير تحديدا إلى شركة النايل سات.
قناة رابعة ومن ورائها قناة أحرار 25 تقعان فى حيز ترددى واحد، نزلت قناة رابعة باسم 27 ثم تم رفع الاسم ونزلت إشارة رابعة ثم رفعت مرة أخرى.
طبقا لخبراء الأقمار الصناعية والترددات معدلات الترميز، فإن تردد أحرار 25 يمكن أن يكون على القمر الصناعى « فرانس تليكوم» وهو ما تحجج به المسئولون عن النايل سات، وعليه فهم ليسوا مسئولين عن القناة ولا عن بثها، لكن فى الحقيقة المصيبة أكبر من ذلك.
فهناك احتمال بالفعل أن تكون أحرار 25 على فرانس تليكوم، وهو قمر صناعى تم إنشاؤه بالأساس من أجل قنوات أوربيت حتى تتم مشاهدتها فى أوروبا، ولم يكن القمر يستخدم فى مصر على الإطلاق، وعندما كانت قنوات الأوربيت على نفس التردد على القمر فرانس تليكوم والنايل سات كان يحدث أن تتم مشاهد القنوات فى الدول العربية من على النايل سات، وتتم مشاهدتها فى أوروبا عبر فرانس تليكوم.
الواقع فعلا أنه لا يوجد قمر صناعى فى المنطقة كلها على تردد النايل سات إلا القمر فرانس تليكوم، ولو كانت قناة أحرار 25 عليه بالفعل فإنه من السهل على النايل سات من خلال نفس التردد أن يحجب هذه القناة المسمومة.. أو بمعنى أدق، فلأن تردد القنوات رابعة وأحرار 25 وغيرها من نفس حيز النايل سات، فالشركة المصرية للأقمار الصناعية تستطيع أن توقف نفس تردد الفرانس تليكوم الذى عليه رابعة وأخواتها، لكن المشكلة أن هذ القنوات فى الغالب كانت على النايل سات، ولما تبدت الفضيحة سارع المسئولون للنفى فقط، دون أن ندرى من هو المسئول عن هذه المهزلة.
قبل أن تقول أن هذا كلام يتعارض تماما مع حرية الإعلام، فليس من المفروض أن يتم حجب أى صوت، وهو كلام محترم بالفعل، لكنه لا ينطبق على الحالة التى نحن أمامها، فأحرار 25 مثال كامل على التخريب والإرهاب الإعلامى – إذا جاز التعبير – وكان من المفروض أن يتحرك المسئولون عن النايل سات للتعامل معها، بدلا من أن يتركوا الأمر حتى يتم بث القنوات وتصبح الجريمة بين أيدينا لا نستطيع أن نتصرف فيها.
الملفت للانتباه أيضا أن شركات الاتصالات الكبرى وعلى رأسها فودافون واتصالات منحت أرقاماً لتلقى الرسائل القصيرة، وقد يكون أن هذا بيزنس والبيزنس لا دين له.. لكن نحن فى مواجهة ولابد أن يتحمل كل طرف مسئوليته.
إننا أمام قناة يتم استخدامها فى الحرب – أقصد أحرار 25 – بكل دلالات الحرب وأدواتها، فالقناة تمارس نوعا من الخداع السياسى الكامل، حيث تستخدم كل أغانى ثورة يناير، وتصر على إذاعتها فى إشارة على أنها قناة الثورة، وأنها تكمل ما بدأه الثوار، رغم أن الإخوان كانوا أول من خانوا الثورة.. بل ودفنوها دون أن يأخذوا فيها العزاء.
الخداع لا تمارسه القناة من أجل استقطاب مؤيدين للإخوان فقط، ولكنها تمارس نوعا من الخداع الكامل لكل أنصار الإخوان الذين يخرجون الآن فى مسيرات ومظاهرات ويصرون على الاعتصام، فعبر الرسائل التى تبثها القناة هناك رسالة متكررة، تشير إلى أن الرئيس محمد مرسى سيعود إلى الحكم يوم 28 فبراير القادم، وهو يوافق يوم جمعة بالمناسبة.
ليس لتحديد هذا الموعد إلا معنى واحد، فالإخوان لا يزالون يدغدغون مشاعر حلفائهم بأنهم قادرون على إعادة مرسى إلى الحكم مرة أخرى، وقد تعلموا الدرس جيدا، فعندما أعلن صفوت حجازى فى رابعة العدوية أن الرئيس مرسى سيعود يوم الأحد، وكان صفوت يتحدث على المنصة يوم الجمعة مدعيا أن هناك معجزة كبيرة ستحدث يعود بعدها الرئيس مرسى إلى القصر، تحول الأمر إلى سخرية طاغية عندما لم يعد مرسى.
كانت السخرية من نصيب مخالفى الإخوان، لكن مؤيدى الجماعة أصيبوا بحالة إحباط شديدة، وهو ما تحاول الجماعة أن تتحاشاه الآن فهم يضعون موعدا بعيدا بعض الشىء، حتى يحافظوا على الحشد فى الشوارع والجامعات، فلو أنهم وضعوا موعدا قريبا وادعوا أن مرسى يمكن أن يعود فيه إلى الحكم، ومر الموعد فسوف يؤثر هذا بشكل كبير على حالة الحشد التى تعمل الإخوان من أجلها.. أما أن يكون الموعد بعد حوالى ثلاثة شهور، فالجماعة ترغب فى أن يظل الشارع مشتعلا بالمظاهرات أطول فترة ممكنة، حتى تستطيع أن تحقق أقصى حد من المكاسب.. التى فى الغالب لا يعرف عنها من يموتون فى الشوارع شيئا.
يمكن أن تتفهم حالة السعار التى أصيب بها الإخوان المسلمون.. ويمكن أن تستوعب كذلك حالة الغضب العارمة التى تنتاب كل من يتحدث الآن من الإخوان، بل يمكن أن تستوعب حالة الفوضى التى يقومون بها فى الشوارع، فهم يعتقدون أنهم أصحاب حق، وأن هذا الحق نزع منهم نزعا، ولابد أن يعود إليهم، لكن ما الذى يمكن أن نقوله على من يساعدون الإخوان فى مؤسسات الدولة الكبرى.. فى شركة مثل النايل سات، سواء كانت الشركة أجرت الترددات، أو سكتت على خروج القنوات من الأساس دون أن تتعامل مع الأمر بجدية، فهو بالفعل ودون أدنى مبالغة أمر يخص الأمن القومى، إلا إذا كان هناك من يعتبر الحرب على الإرهاب أمراً هيناً.. وأن التفريط فيه أو التهاون معه لن يجر الخراب على الجميع.