يجري الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ما بين 17 و19 الجاري «زيارة دولة» إلى إسرائيل و«زيارة رسمية» ل«لأراضي الفلسطينية»، هي في الحالتين الأولى من نوعها. ويمضي هولاند الاثنين المقبل بضع ساعات في الضفة الغربية حيث سيستقبله رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ويجري معه جولة من المحادثات قبل أن يلتقي الوفدان الفرنسي والفلسطيني في إطار غداء عمل. ويسبق ذلك توقيع مجموعة من الاتفاقيات الثنائية. واللافت أن هولاند سيضع باقة من الزهور على ضريح الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات كما سيزور مؤسسة محمود درويش والمتحف ويجتمع هناك بمجموعة من وجوه المجتمع المدني الفلسطيني.
وتعد الزيارة بشقيها من بين الأطول التي يجريها هولاند الذي قسمها إلى ثلاثة أجزاء تبدأ في إسرائيل ينتقل بعدها إلى الضفة ليعود بعدها إلى إسرائيل. وشرحت مصادر الرئاسة الفرنسية وجه الغرابة فيها بالتأكيد أن الرئيس الفلسطيني لن يكون في رام الله الثلاثاء المقبل الأمر الذي دفع بالبروتوكول الفرنسي إلى هذا الخيار.
وتشمل زيارة إسرائيل كل المحطات البروتوكولية بما فيها زرع شجرة في «حديقة السلام» ووضع باقة من الزهور على ضريح تيودور هيرتزل، أب الصهيونية، وأخرى على ضريح إسحاق رابين فضلا عن زيارة لمتحف ياد فاشم.
وبعد الجدل الذي أثاره رئيس الكنيست الإسرائيلي الذي هاجم هولاند لعدم رغبته بداية في إلقاء كلمة بالكنيست، بين برنامج الرئيس أنه سيفعل ذلك غروب يوم الثلاثاء. وحرصت أوساط الإليزيه على وضع حد للجدل بتأكيدها أن البرنامج لم يكن أقر تماما عندما حصل اللغط بشأن الكنيست وبالإشارة إلى أن مواقف يولي أدلشتاين، رئيس الكنيست، لاقت انتقادات شديدة في إسرائيل نفسها.
وتعتبر باريس أن الزيارة بشقيها تأتي في «لحظة سياسية مهمة» حيث يرى كثيرون أن المحادثات الجارية حاليا بين الفلسطينيين والإسرائيليين هي محادثات «الفرصة الأخيرة». ولذا، فإن الرسالة الأولى التي سيحملها هولاند إلى الطرفين هي دعوتهما «للتحلي بالشجاعة السياسية» من أجل التوصل إلى حل مقبول محدداته معروفة سلفا. وبحسب مصادر الرئاسة، فإن فرنسا والاتحاد الأوروبي «يمكنهما لعب دور مهم ومؤثر» وأن العملية «ليست حصرا على الأميركيين ومن الخطأ تأكيد ذلك». ومن هذه الزاوية، فإن فرنسا ترى أنه سيكون لها وللآخرين دور في ضمان اتفاق السلام الذي سيكون بحاجة لكل الدعم الدولي وليس فقط للرعاية الأميركية. ومن العوامل المؤثرة وفق باريس إمكانية تنمية العلاقات الاقتصادية والصناعية والتكنولوجية مع إسرائيل وزيادة الدعم للجانب الفلسطيني لتمكينه من بناء دولة على أسس مكينة ليس فقط مع فرنسا وحدها بل مع كافة بلدان الاتحاد الأوروبي.
وشددت المصادر الفرنسية على ضرورة «الوقف التام» للاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية لأنه «شرط ضروري» للوصول إلى اتفاق سياسي.
بيد أن هذا الكلام يخفي مواضع الاحتكاك الكثيرة التي حصلت في الأسابيع والأشهر الأخيرة بين فرنسا وإسرائيل من جهة وبين الاتحاد الأوروبي والدولة العبرية من جهة أخرى، وذلك بعد إهانة القوات الإسرائيلية لدبلوماسية فرنسية على حاجز أمني، ورد الفعل الإسرائيلي على تقرير أعده القناصل الأوروبيون في القدسالشرقية وفيه ينددون بالممارسات الإسرائيلية وخصوصا بالاستيطان الذي تسارع بوتيرة لم تعرفها الأراضي الفلسطينية بتاتا.
وستناقش خلال الزيارة بمحطتيها المواضيع السياسية إن كانت الثنائية أو ما يتناول أوضاع المنطقة. وفي هذا الخصوص، فإن موقف باريس المتشدد من ملف إيران النووي حظي بإشادة إسرائيلية تتناقض تماما مع ما لحق بالموقف الأميركي من انتقادات. وشددت المصادر الفرنسية على أن المطلوب «ليس التوصل إلى اتفاق بأي ثمن بل نريد اتفاقا يضمن وضع حد للجانب العسكري في برنامج إيران النووي تحصنه ضمانات موثوق بها».
ولم تبخل المصادر الرئاسية في الإشادة ب«حميمية» العلاقات الفرنسية - الإسرائيلية وبعدد الفرنسيين المقيمين في إسرائيل (ما بين 100 و150 ألفا) وبدور الجالية اليهودية في فرنسا وهي الأكبر في أوروبا الغربية في توثيق العلاقات الثنائية.
ويرافق هولاند وفد حكومي كبير يضم وزراء الخارجية والاقتصاد والبحث العلمي، لكن وزير الدفاع سيغيب عنه، كما سيرافقه وفد نيابي وآخر من رؤساء عدد من الشركات الفرنسية الكبرى فضلا عن مجموعة من الشخصيات المدنية ومن وجهاء الجالية اليهودية في فرنسا.