سليم العوا «الرجل الغامض بسلامته» كما يطلق عليه فى الأوساط السياسية وأوساط المحامين، يبدو أنه معجب بدور المحامى «فريد الديب» الذى تولى الدفاع عن الرئيس الأسبق مبارك، وأراد أن يقتضى به ويتولى الدفاع عن الرئيس السابق «محمد مرسى» والقضية واحدة «قتل المتظاهرين». ملف الدكتور «محمد سليم العوا» المفكر الإسلامى والذى كان مرشحا رئاسيا فى الانتخابات الرئاسية الماضية، فى جهاز مباحث أمن الدولة يقول إنه كان صديقا مقربا من اللواء «حسن عبد الرحمن» رئيس جهاز أمن الدولة الأسبق» والذى كان متهما مع «مبارك» فى قضية قتل المتظاهرين، وقد بدأت علاقتهما عام 2006 عندما تم استدعاء «العوا» بشكل غير رسمى لمناقشته فى أحد الموضوعات المتعلقة بالتيار الإسلامى، وتقابل مع «حسن عبدالرحمن» ونشأت علاقة صداقة قوية بينهما منذ ذلك الوقت واستمرت حتى ثورة 25 يناير.
كان «العوا» صديقا مقربا من رئيس أمن الدولة فى ذلك الوقت وكان دائم التردد على مكتبه فى جهاز أمن الدولة بمدينة نصر، وكان اللواء «حسن عبدالرحمن» يخصص للعوا سيارة فارهة بسائق ترافقه فى كل تنقلاته تقديرا لصداقتهما.. ويناديه دائما «بصديقى» ويقول الملف الخاص بالعوا إن «عبدالرحمن» كان يثق فيه بشدة فى حين أنه كان من الصعب جدا أن يثق بأى شخص وهى بشكل عام طبيعة الضباط الذين يعملون بأمن الدولة، وكان «عبدالرحمن» يؤجل كل أعماله ويطلب من مدير مكتبه ألا يدخل عليه أحد طوال فترة زيارة «العوا» له وكان ضباط الجهاز فى مدينة نصر يعرفون ذلك جيدا فلا يقترب أحد من مكتب «عبدالرحمن» طالما العوا عنده.
ويتضمن ملف العوا أيضا معلومة أن «سليم العوا» كان إحدى حلقات الوصل بين الجهاز وجماعة الإخوان، فى بعض الأوقات وكذلك تيارات وشخصيات إسلامية أخرى، وأنه كان دائما يوفق ويقرب وجهات النظر بين الطرفين وقد نجح بالفعل فى حل أزمات كثيرة بين الجهاز وجماعة الإخوان والتيارات الإسلامية، لأنه كان شخصية محبوبة ومحل ثقة للجميع سواء فى جهاز أمن الدولة أو عند الإخوان والتيارات والشخصيات الإسلامية، وكان «عبدالرحمن» يقول لضباطه المقربين أنه والعوا يتحدثان دائما فى القضايا العامة وأحوال البلد، وكذلك الموضوعات الشخصية بحكم الصداقة التى تجمعهما، ويتضمن أيضا ملف الدكتور «العوا» فى أمن الدولة أنه شخصية يحب التقرب من السلطة ويهوى صداقة الكبار وكذلك الوزراء والمسئولين فى المواقع المهمة.
وكان «العوا» مرشحا فى الانتخابات الرئاسية الماضية بالتنسيق مع جماعة الإخوان المسلمين، وكان الغرض من ذلك أن يحصل على أصوات من الدكتور «عبدالمنعم أبوالفتوح» القيادى السابق بالجماعة والذى كان مرشحا أيضا، وكانت وجهة نظر الجماعة أن العوا يستطيع ذلك لأنه مفكر إسلامى مقنع كثيرا لأصوات ليبرالية حيث إنه يقدم نفسه دائما على أنه محام مثقف وإسلامى معتدل. وبعد ثورة 25 يناير كان العوا محامى رجل الأعمال «غبور» وأحد أفراد عائلة «أحمد المغربى» وزير الإسكان الأسبق فى عهد مبارك فى بعض قضايا الفساد، وبعد فوز الرئيس المعزول «محمد مرسى» بالرئاسة التقى به «سليم العوا» لمدة ساعة لإقناعه بإصدار قانون المصالحة مع رجال الأعمال والذى كان على رأس المستفيدين منه موكلو «العوا»، وبعد ذلك تدخل «عصام سلطان» و»محمد محسوب» القياديان بحزب الوسط للحصول على ملف التصالح من العوا، وبالفعل سافر بعدها «محسوب» إلى لندن والتقى عدداً من رجال الأعمال.
انتهت فرصة العوا تماما بدخول «حسن مالك» رجل الأعمال والقيادى بجماعة الإخوان المسلمين على خط المصالحات، والذى عقد فى لندن لقاءات مع «حامد شتا» وعائلة «ساويرس».. وفى هذا التوقيت تردد أن الشراكة التى كانت بين «عصام سلطان» و»العوا» قد انتهت وكان يتردد فى أوساط المحامين أن «العوا» يرسل قضايا رجال الأعمال لمكتب «عصام سلطان» لأنه شريكه الخفى ولأن العوا كان لا يريد أن يظهر علاقاته برجال الأعمال.
بعد 30 يونيو قدم «سليم العوا» ثلاث مبادرات سياسية كلها فى صالح الإخوان وكان على رأس بنود المصالحة التى تم رفضها الإفراج فورا عن «محمد مرسى» وسفره للخارج.
وكان الدكتور «أحمد كمال أبوالمجد» الفقيه الدستورى صاحب اقتراح أن يتولى «العوا» الدفاع عن «مرسى» فى قضية قتل المتظاهرين والتى عقدت أولى جلساتها هذا الأسبوع، حتى لايترك للمحكمة ندب محام من كشوف محامى الاستئناف للدفاع عنه طبقا للقانون، وكان الرئيس المعزول قد طلب أن يقابل «العوا» ليلة المحاكمة، وقبل ترحيله للمحكمة ولكن السلطات رفضت ذلك، وفى الجلسة طلب العوا من القاضى أن يجلس مع «مرسى» على انفراد ليقنعه بتولى مهمة الدفاع عنه.. وصحيح أن «مرسى» لم يوكله رسميا بالدفاع عنه ولكن مجرد عدم اعتراضه فى المحكمة على دفاع العوا عنه فهو يعد توكيلا كما يقول خبراء القانون.. وهو ما حدث فعلا فقد تحدث العوا فى الجلسة عن رفضه لمحاكمة «مرسى» أمام الجنايات بزعم أنه «رئيس» وطبقا للقانون فيجب أن يحاكم أمام محكمة خاصة، وصمت مرسى ولم يعترض ولم يقل إنه لم يوكل «العوا»، ولكن طبقا للقانون أيضا فإنه لو أراد العوا زيارة «مرسى» فى السجن فهنا لابد من توكيل رسمى من الرئيس المعزول له..