في محاولة لخلق هوية عربية مرئية جديدة، تقوم بهية شهاب، أستاذ الممارسة المساعد بقسم الفنون بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، بجمع أمثلة للخطوط العربية القديمة، تمهيدا لإعداد موسوعة عن الخط العربي. فبالرغم من التاريخ الفني الثري، فإن الخط العربي عانى من صعوبة التحول إلى تصميم رقمي. تأمل شهاب أن تعد موسوعة تحتوى على 1000 شكل من كل حرف عربي من ال 1400 سنة الماضية، وذلك عن طريق دراسة الخط العربي على الخزف، و نصوص القرآن و المعمار. "يحتاج المصمم مرجعية مرئية لتصميم خط جيد ، لذا فمن خلال هذه الموسوعة سيتمكن المصمم من تصفح تاريخ الخط العربي ليتمكن من التخطيط لطريقة عمله. في كتابها "لا الف مرة،" قامت شهاب بجمع 1000 مثال من حروف اللام والألف التي كتبها المصممين و الخطاطين عبر التاريخ في محاولة منهم لحل نفس المشكلة وهي كيف ترسم حرفا. يوجد حاليا 500 خط عربي بالمقارنة بأكثر من 27,000 خط في الكتابة اللاتينية. تقول بهية شهاب، "إن اللغة العربية، مثلها مثل اللغات الشرقية لها تاريخ ثري بالخطوط وتواجهها نفس مشكلات الترقيم . عندما تنظر لتاريخ الخطوط تجد أمثلة هائلة لنماذج من المخطوطات والكتابات على المباني والوسائل الأخرى، لكن عندما تنظر لأي عمل عربي مطور على الكمبيوتر، ستجده أقل من المتوسط."
تقول شهاب أن الخطوط العربية الموجودة الأن، مستنسخة بشكل سيء من مخطوطات تعود لألف عام، "كان ابن خلدون و ابن مقله هم أخر الخطاطين الذين حاولوا أن يقوموا بالتجديد، وأن يجمعوا الخطوط و يعيدوا من تصميم الخط العربي، ولكنهم توفوا منذ أكثر من 1000 عام."
على الرغم من أهمية الخطوط، فإن معظم المصممين اكتشفوا حجم المشكلة في ال 10 أو ال15 سنة الأخيرة فقط. تقول شهاب، "إن99 بالمائة مما نصممه يحتاج إلى الطباعة، لأننا لو صممنا علبة، فلابد أن نضع ملصق باسم المنتج و مكوناته. إذا صممنا إعلان، فسيحتاج إلى عنوان رئيسي وعنوان أصغر و محتوى. ولكن المشكلة ليست أن اللغة العربية هي الأكثر صعوبة في الاستخدام، لكن كل حرف له عدة أشكال تعتمد على طريقة استخدامه في الكلمة، مما يعني أن تصميم الخط العربي يحتاج إلى مجهود أكبر ثلاث أو أربع مرات من تصميم الخط اللاتيني."
تقول شهاب أن عملية تصميم الخطوط عملية مرهقة، "و لذا لا يستثمر المصممين وقتهم فيها ولا يهتم بها الكثيرون، فمن الممكن أن يقضي المصمم عاما في تصميم خط جيد." وتضيف شهاب أن الكثير من الخطوط العربية تم تصميمها على يد أشخاص لا يتحدثون العربية أو عن طريق شركات أجنبية كبيرة، توظف مصممين عرب، و ترى في ذلك فرصة تجارية."
ترى شهاب أنه من المنطقي أن تستفيد الشركات الأجنبية من تلك الفرصة، لأنه إن لم نطور الشيء بأنفسنا، فسيطوره شخص اخر و يقدمه لنا. إن اللغة العربية ثالث لغة مستخدمة في العالم بعد اللغتين اللاتينية و الصينية، ويستخدمها نحو 380 مليون شخص حول العالم، مما يجعلها تجارة جيدة جدا."
و لكن بالرغم من ذلك يزداد اهتمام المصممين بتطور الخط العربي مع الوقت، فتقول شهاب أنه من الرائع أن بعض المصممين و الخطاطين من العالم العربي بدأوا في التعاون مع الشركات الكبرى، "إن مثل هذا التعاون ساعدنا في أن نمضي للأمام وساعد في خلق وعي بالمشكلة الحالية."
كما أن التطورات التكنولوجية تساهم في إصدار فرص جديدة لتصميمات منظمة، بوجود برمجيات ذكية مطورة لتصميم خطوط. تأمل شهاب في أن تجد معادلة تمكنها من أن تنتج خطوط من الاف الصور التي تقوم بتجميعها، "قد نصل إلى مرحلة لا نحتاج فيه المصممين ليصمموا خطوطا."
تعتقد شهاب ان ثراء و تنوع الخط العربي سيسهم في تمكين المصممين و إلهامهم بابتكارات جديدة، "ان كتاب "لا الف مرة" كان بمثابة نقطة تحول في حياتي، فرؤية هذه الحروف أمامي على الحائط كل يوم منحني احساسا بالتمكين، ان العمل بحرف واحد كان رائعا، وثريا، ومتنوعا ومبتكرا. لابد لنا كمصممين عرب أن نتواصل مع تراثنا، فلن نستطيع أن نمضي إلى الأمام بدون معرفة من أين أتينا." .