يترقب المصريون اليوم (الأحد) بحذر الاحتفال بالذكرى ال40 للحرب المصرية الإسرائيلية في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973، بعد أن دعت حملة تمرد التي قادت مظاهرات انتهت بعزل الرئيس السابق محمد مرسي في 3 يوليو (تموز) الماضي، أنصارها إلى الاحتشاد في ميدان التحرير، ردا على دعوة جماعة الإخوان المسلمين أنصارها للتظاهر في ميادين البلاد لإسقاط ما يعدونه «انقلابا عسكريا»، بينما جدد محمد البرادعي نائب الرئيس المصري المستقيل دعوته إلى إجراء مصالحة وطنية. يأتي هذا في وقت اجتمع فيه للمرة الأولى الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور بأعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بمقر الأمانة للعامة لوزارة الدفاع بحضور الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة وأعضاء المجلس.
وقالت مصادر مطلعة إن الاجتماع استمر لمدة ساعة ونصف الساعة، حيث وجه منصور التهنئة والتحية لقادة القوات المسلحة بمناسبة مرور 40 عاما على نصر أكتوبر، في حين أكد أعضاء المجلس العسكري استمرار القوات المسلحة في أداء دورها الوطني تجاه أفراد الشعب.
وفي أول تحرك جماهيري لها منذ دعوتها إلى التظاهر في 30 يونيو (حزيران) الماضي لإسقاط مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، دعا محمد عبد العزيز أحد مؤسسي حركة تمرد، في مؤتمر صحافي أمس، جموع الشعب للاحتشاد في ميدان التحرير، وقصر الاتحادية (شرق القاهرة) للاحتفال بنصر أكتوبر والتأكيد على مطالب الثورة.
من جانبه، قال محمود بدر مؤسس تمرد، إن النزول في ذكرى انتصارات أكتوبر، يؤكد دعم الشعب للمرحلة الانتقالية، ودعم لجنة كتابة الدستور التي تعكف حاليا على تعديل دستور معطل وضعته جمعية تأسيسية هيمن عليها الإسلاميون عام 2012.
واعتبر بدر أن ذكرى أكتوبر هي «المتمم لثورة 30 يونيو»، لفرض إرادة المصريين ومطالبة الحكومة باستكمال مطالب العدالة الاجتماعية، مقللا من المخاوف من صدام بين مؤيدي الإخوان ومعارضيهم، قائلا: إن «نزول الشعب بالملايين في الشوارع يعد الحصانة لعدم وجود اشتباكات بين الطرفين».
وفي تصعيد مقابل، دعت جماعة الإخوان المسلمين أنصارها بالتمسك بدخول ميدان التحرير اليوم الأحد، قائلة في مؤتمر صحافي عقد أمس، في مقر حزب العمل: «تمسكوا بإصراركم على دخول ميدان التحرير».. «استعدوا فلن نسمح لعرباتهم ومدرعاتهم أن تدهس فينا، ولن نقف مكتوفي الأيدي ورصاصهم يقتل فينا».
وفي غضون ذلك، جدد تحالف إسلامي مؤيد لجماعة الإخوان أمس، دعوته إلى التظاهر اليوم الأحد ضد ما وصفه التحالف ب«الانقلاب العسكري»، غداة سقوط أربعة قتلى إثر اشتباك بين أنصار الإخوان مع قوات الأمن ومواطنين في عدة مدن مصرية.
وقال التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب في بيان له أمس: «ميدان التحرير ونصر أكتوبر ملك كل المصريين ولن نتسامح مع أي أحد يمنعنا من الاحتفال بالنصر أو التظاهر في كل ميادين مصر».
ورغم الهدوء النسبي الذي شهدته البلاد أمس، باستثناء اشتباكات محدودة في محيط ميدان رابعة العدوية (مقر اعتصام أنصار الرئيس المعزول شرق البلاد)، حيث حاول أنصار الإخوان الوصول للموقع الذي شهد فض اعتصامهم منتصف أغسطس (آب) الماضي، قال مراقبون إن التجاذب بين أنصار الإخوان ومعارضيهم يعكس قدر الاحتقان السياسي الذي تعاني منه البلاد بعد أكثر من عامين ونصف العام من التوترات السياسية.
وشهدت مصر أول من أمس (الجمعة) مظاهرات واسعة لأنصار الإخوان الذين حاولوا اقتحام ميدان التحرير. وأغلقت قوات الأمن أمس الميدان الذي يعد رمز الثورة المصرية، كما أغلقت محيط قصر الاتحادية ورابعة العدوية بمدينة نصر (شرق القاهرة) أمام حركة المرور. وقالت مصادر أمنية إن «وزارة الداخلية ملتزمة بقرار إغلاق ميدان التحرير والميادين الحيوية في القاهرة حتى يوم غد (الاثنين)، رغم دعوة حملة تمرد للتظاهر دعما لخارطة المستقبل التي وضعها الجيش مع القوى السياسية عقب عزل مرسي».
لكن الفرق الموسيقية العسكرية بدأت أمس في إحياء احتفالات أكتوبر في ميدان التحرير من خلال عزف السلام الوطني، فيما تجمع حولها عدد من المواطنين الموجودين في الميدان رغم التشديدات الأمنية.
وبينما تزايدت حدة الاستقطاب في مصر أمس، مع إصرار فرقاء المشهد السياسي على التمترس خلف مواقفهم، تساءل البرادعي، نائب الرئيس المصري السابق للعلاقات الدولية، بشأن إمكانية تحقيق المصالحة في البلاد.
واستقال البرادعي من منصبه غداة فض اعتصام لمؤيدي مرسي خلف مئات القتلى. وقال صاحب نوبل للسلام في تغريده له على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أمس: «هل يمكن أن نشارك معا في ذكرى نصر أكتوبر (كمصريين)، وتكون لدينا شجاعة المصالحة بعد محاسبة من أجرم، كما كانت لدينا شجاعة المواجهة؟ الخيار لنا».
وبينما بات تحقيق المصالحة السياسية أمرا عسير المنال بحسب مراقبين، حذرت وزارة الداخلية مما وصفته ب«محاولات لتعكير أجواء احتفالات شعب مصر بذكرى انتصار حرب أكتوبر»، مؤكدة تصديها «بكل حسم لمظاهر الخروج على القانون، والعنف الذي ينتهجه أنصار جماعة الإخوان المسلمين خلال مسيراتهم».
وأضحت وزارة الداخلية في بيان لها أمس، أن أجهزتها تكثف متابعاتها الأمنية من خلال انتشار الدوريات الأمنية بالطرق السريعة، وداخل المدن، وتأمين المنشآت الهامة والحيوية والشرطية. وأضافت أن ذلك يأتي في إطار المتابعات الأمنية لتداعيات الاشتباكات التي شهدها عدد من المناطق بمحافظة القاهرة، الجمعة، خلال بعض المسيرات المحدودة التي نظمتها جماعة الإخوان بعدة مناطق في القاهرة.
ودخلت مؤسسة الأزهر الشريف في مصر على خط التجاذبات، واعتبرت أن أي أحداث تتعمد إفساد احتفالات أكتوبر خروجا على روح الوطنية المصرية، وعقوقا للوطن، لافتة إلى أن ذلك يتنافى مع تعاليم الإسلام والأديان كلها. وأوضح الأزهر الشريف، في بيان له أمس، أن احتفالات السادس من أكتوبر إحياء لذكرى عظيمة، أعاد فيها الشعب المصري ببسالة قواته المسلحة العزة والكرامة للأمة العربية والإسلامية كلها، وألقى على العالم درسا حضاريا في الفداء والتضحية والإبداع.