تركيا هى أول الخاسرين من تقسيم سوريا فهى الدولة الاولى التى ستدخل دوامة التقسيم بعد سوريا مباشرة وليس السعودية أو ليبيا كما نشرت أحدى وسائل الاعلام الامريكية , هذا ما قد تسير اليه الامور اذا تم تقسيم سوريا الى ثلاث دويلات , سنية وعلوية وكردية , فهذه الاخيرة ان قامت سوف تتحد مع أكراد العراق وتحرك حلم الدولة الكردية الكبرى لدى أتراك تركيا , وتدخل تركيا دوامة الاضطرابات الدامية المؤدية الى التقسيم . أما ليبيا فهى من الناحية العملية قد تم تقسيمها بالفعل ولكنها ستتحد يوماً ما مرة أخرى بصورة أو أخرى طالت المدة أو قصرت , هكذا هو التاريخ يعيد أحداثه مرات عديدة ونحن العرب كعادتنا منذ سنوات نقف كل مرة فى صفوف المشاهدين لا فى صفوف الفاعلين على مسرح الاحداث .
وثانى الخاسرين من تقسيم سوريا هى مصر , لأننا سوف نفقد حليف لنا منذ ألاف السنين , حاربنا طوال تاريخنا المشترك معاً كل من عادانا معاً , وستبقى البوابة الشرقية لمصر مفتوحة على مصراعيها لكل الطامعين حتى يأتى صلاح الدين مرة أخرى ليلم شمل السوريين ثم يجمعهم بالمصريين كما فعل منذ مئات السنين .
وثالث الخاسرين من تقسيم سوريا هو لبنان المقسم أصلاً سياسياً وطائفياً , فتقسيم سوريا سوف يغير تركيبة السكان على الحدود المشتركة بينهم , مما سيشجع على تحويل التقسم السياسى والطائفى فى لبنان الى تقسيم جغرافى على الارض وبخاصة على جانبى الحدود .
ورابع الخاسرين هو العراق , فالدويلة السنية السورية القادمة سيحرص مهندسى انشاؤها على ان تكون موازية للمثلث السنى فى العراق كى يتم فيما بعد صناعة زعيم سنى يطالب بتوحيد السنة فى كلا البلدين , وبالتالى تنتهى دولة العراق الى دويلة الشيعة فى الجنوب عسى ان يستطيعوا دمجهم فى ايران , بعدما يندمج الشمال الكردى فى دولة الاكراد الكبرى والسنة فى دويلة سوريا السنية .
وخامس الخاسرين هى السعودية , لأن محاولة دمج شيعة العراق فى أيران قد لا تنجح نظراً للحساسية الشديدة بين الشيعة ذو الاصول العربية والشيعة ذو الاصول الفارسية , وبالتالى سيكون حل دولة شيعية عربية تضم شيعة المنطقة الشرقية فى السعودية مع شيعة البحرين والعراق هو الحل الامثل لمهندسى أعادة تقسيم المنطقة العربية من جديد.
وسادس الخاسرين وسابعهم وحتى عاشرهم كلهم دول عربية , دول منحها الله كل أسباب الوحدة والاتفاق فلم يصونوا نعم الله عليهم , وتفننوا فى وضع الحواجز والحدود بين شعوبهم , ولا أعرف ماذا كان سيضير الحكام العرب لو أزالوا الحواجز بين الافراد ومنحوا مواطنى الدول العربية حرية التنقل والحركة والاستثمار والتجارة عبر الحدود ؟ لو كانوا فعلوا ذلك لكانوا وحدودا بلدانهم جميعاً وحموها من كل مخططات التقسيم .
رغم كل ذلك مازالت لدينا فرصة للحفاظ على ما تبقى لدينا , مازال بالامكان الحفاظ على الدول العرية بحدودها القائمة حالياً , فمازال الوضع فى سوريا قابل للحل رغم كل المآسى على الارض , مازال لدى كل الشعوب العربية القدرة على الوحدة الحقيقية , فمقومات الوحدة مازالت باقية , المطلوب فقط هو ان يدرك كل العرب انهم أمام خياران لا ثالث لهما أما الوحدة وأما التشرذم .