قال الكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل أن مصر الآن تعانى من مأزق حقيقى يتمثل فى الانتخابات الرئاسية , فالعالم يتحدث عن رئيس مدنى , والرأى العام المصرى لا يريد عسكرى , مؤكدا أن القوات المسلحة لاترغب فى السلطة حتى لا تعزز فكرة الإنقلاب العسكرى ,كما أن فرصة المرشحين السابقين أصبحت محدودة .
وأكد هيكل فى حواره الممتد مع الإعلامية لميس الحديدى ببرنامج مصر إين ؟ ومصر إلى إين؟ عبر فضائية سى بى سى على أن العسكرى الوحيد الذى يمكن أن يتقبله الشعب هو من استجاب لإرادة الشعب بإسقاط الإخوان فالقوة الحقيقية موجودة فى القوات المسلحة إلا أن "السيسي" يواجه ضغوط شعبية للترشح للرئاسة .
وفى الوقت نفسه كشف أن "السيسى" يواجه محاذير دولية لعدم ترشحه , وأثنى على حمدين صباحى ووصفه بأنه رجل مخلص ومؤهل, لكن هل يصلح لهذه المرحلة , ولا أعتقد أن أبو الفتوح هو الرجل المناسب لهذه المرحلة.
وأوضح هيكل أنه لا بد من التوافق بين القوى السياسية حتى لا نعانى من إذواجية السلطة.
وحول تعليقه على الإنتخابات البرلمانية , أكد أن مجلس الشعب خطوة هامة لإعطاء شرعية للأوضاع الانتقالية , مشيراً إلى أن أخطاء الإخوان أدت إلى كراهية شديدة لهم فى الشارع , وبالتالى فإن الاسلام السياسي لن يحصل على نسبة مؤثرة فى الانتخابات .
وأضاف هيكل بالرغم من إننى اختلف مع التيار السلفى لكنى لا أؤيد إقصاءه سياسياً فلابد أن يترك للتعبير عن نفسه .
ورأى أن أخطر ماحدث بمصر, هوالسماح للإخوان بإحتكار الخطاب الدينى ,والتحدث بإسم الاسلام لفترة طويلة ,كما أن دور الأزهر فى حاجة إلى مراجعة ليكون للدين مرجعية واضحة . وأكد أن خارطة الطريق تمثل قفص حديدى يراقبها الداخل والخارج فلايجب تغييرها والنصوص الدستورية إذا لم تكن معبرة عن الحياة فهى ميتة ولا داعى لإعتبار نصوص الدستور مسألة حياة أو موت.
عن وجود مؤامرة بين مرسى وإسرائيل وأمريكا لتوطين الفلسطينيين فى سيناء ,أشار إلى إن فكرة توطين الفلسطينيين فى سيناء وراء تأخر تنميتها حتى الآن , مشيرا إالى أنه جرت مفاوضات مع مرسى لتوطين الفلسطينيين فى سيناء ,كما أن بقاء سيناء بلا تنمية يعطى مؤشر لأمريكا لتنفيذ مشروع التوطين , إضافة أن حكومة حماس تتصور أن هناك امتداد لها فى أراضى سيناء.
وأوضح هيكل أن قوة أى دولة تكمن فى مدى تأثيرها فى العالم , مدللا ذلك بأننا نحن من نمارس عملية هدم لتاريخنا والإخوان ساهموا فى ذلك بقوة ,وتمت الإساءة بقوة لفترة حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر, رغم أن أهم رجلان فى تاريخ مصر الحديث هما محمد على وعبد الناصر.
واستطرد قائلاً "كيف يمكننا ترميم حالة الانكشاف الموجودة فى مصر يقلقنى غياب الحقيقة عن الناس وممارسة الحرية بقسوة فمصر تنتحر بالحرية وأخشى أن ننتقل من الحرية إلى الفوضى إلى العدم كما إنى قلق من تلويح أمريكا بالمعونة فى ظل واجبات عسكرية ثقيلة فى البلاد ولا مفر من محاولة كسر القفص الحديدى الذى صنعته أمريكا ".
وتابع "وصلنا إلى عدم القدرة على اتخاذ القرار فكان يجب محاكمة مبارك سياسياً على ما فعله فى البلاد وليس محاكمته جنائياً بتهمة قتل المتظاهرين " مشيراً إلى أن أكبر أخطاء المجلس العسكرى تمثلت فى طريقة تعامله مع قضية التمويل الأجنبى كما أن طريقة إطلاق سراح الأمريكان المتهمين فى قضية المنظمات أساءت لمصر بشكل كبير .
وحول سؤاله عن كيفية الخروج من المأزق قال هيكل إنه لا بد من ترميم علاقة مصر مع روسيا وأوربا والصين وألا سيحتكرنا الأمريكان ,وهناك أولويات ضرورية , أولها الاصلاح الاقتصادى, ومعالجة الأوضاع الاجتماعية وليس المطلوب الآن الكمال , وإنما محاولة سد الثغرات, كما أن البلاد فى حاجة لمرحلة طوارئ للخروج من المأزق السياسي الحالى.