مفارقات ومفاجآت كثيرة شهدتها لجنة الانتخابات الرئاسية في يومها الثاني لاستقبال المرشحين لانتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة والمقرر إجراؤها في 23 و 24 مايو المقبل.. حيث تواصل توافد راغبي الترشيح على الحضور إلى مقر اللجنة بضاحية مصر الجديدة، بصورة بدت أقرب إلى محاولة الظهور الإعلامي أكثر من كونها تعبر عن رغبة حقيقة لخوض غمار المنافسة على المنصب الأول في مصر.. وعلى الرغم من انخفاض نسبة الحضور من جانب المرشحين على مقر اللجنة لسحب ملف الترشيح والذي يتضمن استمارة الترشيح وقانون الانتخابات الرئاسية واللائحة المنظمة له والقرارات السبعة التي أصدرتها اللجنة قبل عدة أيام بصورة ملحوظة عن الأمس الذي انتهى بتقدم 207 مرشحين، إلا أن تصرفات طالبي الترشيح والمواقف التي يقدمون عليها كانت مدعاة لحشد إعلامي وتغطية إخبارية موسعة وكبيرة أمام مقر اللجنة، وتوقف حركة المرور من جانب السيارات لمتابعة ما يجري ويدور.. وبينما قرر الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الاكتفاء بإرسال مدير مكتبه ممثلا عنه بتوكيل رسمي لحسب ملف الترشيح في اليوم الثاني لعمل اللجنة، شهدت عملية التقديم حضورا لافتا من جانب أشخاص من مهن وحرف مختلفة، يحدو بعضهم الأمل في النجاح سعيا لتغيير واقع مرير ومعيشة صعبة يلقاها، والبعض الآخر بدا بصورة جلية أنه حضر للظهور الإعلامي في ظل التواجد المكثف لكاميرات القنوات الفضائية المحلية والأجنبية.. فمن مدير المستشفى الذي كشف قضية نائب مجلس الشعب أنور البلكيمي، مرورا بصحفيين، ومحامين، ومهندسين، وضباط متقاعدون، وليس انتهاء بأصحاب الحرف المتواضعة الذين قالوا/ إن الهموم وشظف العيش دفعهم لدخول معترك الانتخابات سعيا وراء تغيير الواقع الذي يعيشونه وتشاركهم فيه قطاعات ليست بالقليلة.. ومنذ ساعات الصباح الباكر بدأ "المرشحون المحتملون" في الحضور بصورة متوالية،وحرصوا على الوقوف للتحدث مع الصحفيين المتواجدين أمام أبواب اللجنة، وأمام عدسات كاميرات الفضائيات والمصورين، يتبارون في الحديث عن "حلولهم الفورية" لكافة المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية لمصر والحياة اليومية والمعيشية للمصريين.. عدا شخص في أواخرالثلاثينيات من العمر، انزوى جانبا انتظارا للسماح له بالدخول لمقر اللجنة، وعندما سألناه عن هويته وسبب مجيئه أجاب في هدوء أنه مدير مكتب الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وأنه حضر ممثلا له بتوكيل لسحب ملف الترشيح.. البداية كانت بأحد المهندسين الذين يعملون في مجال الكهرباء، والذي حرص على تعريف نفسه للإعلاميين المتواجدين، وتقديم نفسه على أنه "قبطي متبحر في علوم الديانتين المسيحية والإسلامية" وقال إنه لديه مشروعات متعددة للنهوض بمصر في كافة المجالات خاصة العلمية، مقللا من صعوبة جمع 30 ألف توقيع من المواطنين لتأييد ترشيحه، كما ينص القانون ، مؤكدا أن جموع الشعب ستلتف وراءه باعتباره "واحدا منهم"..مرشحون آخرون حضروا، منهم من ارتدى جلبابا، ومنهم من ارتدى "الجينز" و"الشبشب" وآخرون أطلقوا اللحية، وسط نظرات استغراب من المتواجدين هي أقرب للاستنكار بين المرشحين وبعضهم البعض..آخرون وقفوا في حالة تردد أمام أبواب اللجنة، متسائلين: "ما هي قيمة رسوم الترشيح؟" وحينما علموا أن ملف الترشيح يقدم مجانا، وأنه لا توجد أية رسوم تأمين أو أية رسوم من أي نوع نظير التقديم، تبدد لديهم التردد، وحرصوا على الدخول للحصول على الملف، ورفعه عاليا أمام كاميرات التصوير.. أحد المرشحين بعد أن تقدم لسحب ملف الترشيح وغادر مقر اللجنة، عاد بعدها بدقائق قليلة ليسأل المتواجدين حول الرسوم وقيمة التأمين قائلا إن أحد الأشخاص أبلغه بوجود رسوم قدرها 10 آلاف جنيه كي يستوفي الترشيح، وحينما علم من الحضور بعدم صحة ذلك وانه لا توجد أية رسوم مالية، تنهد في ارتياح "الحمد لله.. دانا قلبي وقع في رجلي عندما علمت بمسألة العشرة آلاف جنيه.. الحمد لله إنها طلعت مش صح"!!..مرشح آخر حينما سألناه عن الطريقة التي سيتبعها لاستيفاء متطلبات الترشيح، أجاب انه سيلجأ إلى جمع 30 توقيعا من النواب البرلمانيين لتزكيته مرشحا للانتخابات الرئاسية باعتبار أنها الطريق الأسهل بالنسبة له. وحينما سألناه مجددا عن سبيله لجمع تلك التوقيعات، جاءت إجابته : "أنا بلديات الدكتور أحمد فهمي رئيس مجلس الشورى وأعطيته صوتي الانتخابي في الانتخابات الأخيرة التي أسفرت عن فوزه.. فهل من المعقول أن يبخل(فهمي) علي (المرشح) بثلاثين عضوا فقط من البرلمان للسماح لي بخوض الانتخابات المضمون نجاحها بالنسبة لي " على حد قوله..آخرون استرسلوا في سرد وقائع تعرضوا فيها للظلم من رب العمل، والقضايا المتبادلة التي أقاموها ضد أعمالهم نتيجة الإجحاف الذي تعرضوا له.. مشيرين أن "هذا الظلم والإجحاف" دفهم للترشح لانتخابات الرئاسة سعيا وراء استرداد حقوقهم المسلوبة..ووسط هدوء نسبي، فوجىء الحضور بسيارتي دفع رباعي تتوقفان بصورة ملفتة أمام مقر اللجنة، يخرج منها شباب أحاطوا بأحدهم حتى مدخل مقر اللجنة، وتبين انه محمد البديوي صاحب إحدى المستشفيات التي كشفت عن واقعة عضو مجلس الشعب أنور البلكيمي والتي قال فيها إنه لم تقع للنائب حادثة سطو أو تعد وإنما كانت أجريت له عملية جراحية في أنفه . البديوي خرج بعد استلام ملف الترشيح ليقف أمام كاميرات الفضائيات ويعلن عن مؤتمر صحفي له بعد أيام في المستشفى التي يمتلكها، ويؤكد أن برنامجه الانتخابي من شأنه أن يوفر وظائف لكافة الشباب بمرتبات مجزية وتخفيض الضرائب وزيادة نسبة السياحة.. أيضا كانت هناك الإعلامية بثينة كامل، والتي حضرت ترتدي عباءة زرقاء، ووقفت وسط الإعلاميين لتؤكد استطاعتها جمع 30 ألف توقيع من المواطنين حتى تستطيع خوض الانتخابات بوصفها ممثلة "للمرأة والمجتمع وثورة 25 يناير".. وقالت إنها ستخوض الانتخابات الرئاسية "إيمانا منها بأحقية المرأة في تقلد هذا المنصب الرفيع، وتشجيعا للسيدات للإقدام على تلك الخطوة"..