تجلس جينا بوتيس إلى جانب نساء أخريات في عيادة للجراحة التجميلية لكن حالتها تلفت الانظار أكثر من غيرها... فهذه الشابة التي تسكن في بوغوتا تأمل أن تخفف آثار الاعتداء بالحمض الكاوي الذي تعرضت له والذي بات شائعا أكثر فأكثر في كولومبيا. وتنتظر بوتيس الخضوع لجراحتها الرابعة والعشرين منذ الليلة التي عمدت فيها امرأة مجهولة ولسبب غير معروف إلى تشويهها برمي حمض كاو على وجهها أمام عتبة منزلها قبل 15 سنة. وتقول المرأة السمراء التي تبلغ من العمر 35 عاما والتي عاشت في عزلة لبعض الوقت قبل أن تجرؤ على مغادرة منزلها لاستعادة نشاطها "الآثار التي يخلفها اعتداء بالحمص الكاوي ليست جسدية فحسب بل نفسية أيضا". وتضيف بأسى "لا أحد يوافق على توظيفي عندما يراني"، مشتكية من العقوبة المفروضة على هذا النوع من الاعتداء والتي تقتصر على أربع سنوات من السجن كحد أقصى. وغالبا ما تكون الاعتداءات بالحمض الكاوي بعيدة كل البعد عن اوساط الجريمة. فمعظمها يعزى إلى خلافات زوجية أو مشاكل عاطفية. وتتذكر الجراحة التجميلية ليندا غيريرو أنها عالجت قبل 15 سنة مريضتها الأولى التي وقعت ضحية اعتداء بالحمض الكاوي. ومذاك الوقت، عالجت ثلاثين مريضة أخرى. وبين العامين 2010 و2011، أحصى معهد الطب الشرعي في بوغوتا نحو مئة امرأة تعرضت لاعتداء متعمد بالحمض الكاوي. وتعرب غيريرو عن أسفها لأن نساء كثيرات لا يدخلن المستشفى فورا بعد تعرضهن للاعتداء، مشيرة إلى إن "الثقافة الذكورية كما في كولومبيا هي السبب في أن تكون غالبية الضحايا نساء شابات لا يتمتعن بتحصيل علمي كاف ويتعرضن للاعتداء عادة بسبب خلافات عاطفية". نوبيا إسبيتا هي ضحية أخرى من فنزويلا تبلغ من العمر 33 عاما وتقول إن "الغيرة" المفرطة هي التي تسببت بتشويه وجهها الجميل. ففي عيد الميلاد قبل خمس سنوات، رمت عليها جارتها الحمض الكاوي ولم تنجح 15 جراحة مذاك في تصحيح أضرار هذا الاعتداء. لكن حالات عدة تعزى أيضا إلى "أعمال عنف عائلية"، على حد قول النائبة الكولومبية غلوريا استيلا دياز التي تشير إلى أن معظم الحالات "تفلت من العقاب بسبب الصعوبة في تحديد الفاعل". وبينما تلفت النائبة إلى ارتفاع "مثير للقلق" في نسبة هذه الاعتداءات، توضح أنها تعتزم أن تقدم في منتصف آذار/مارس مشروع قانون يهدف إلى اعتبار هذا النوع من الاعتداءت جنحة يعاقب عليها بالسجن لفترة تراوح بين 8 و30 سنة من دون إمكانية إعفاء الفاعل من العقوبة. وفيفيانا هرناندز هي من ضحايا سوء المعاملة العائلية لأن زوجها وأب أولادها الثلاثة هو الذي أحرق وجهها لأنه رفض الانفصال عنها ولم يشأ أن "تكون لشخص آخر". وتشتكي هرناندز بدورها من إفلات الفاعلين من العقاب، قائلة "طلبت مني السلطات أن أثبت أنه المعتدي. فاضطررت إلى الهرب إلى مدينة أخرى كي لا يعاود الكرة". وتستنكر الشابة البالغة من العمر 28 عاما "عدم تضامن المجتمع والدولة" وتقول "نحمل هذه المأساة معنا كل يوم"، مشيرة إلى أنها بحاجة إلى ثلاثة آلاف دولار تقريبا لاستعادة عينها اليسرى. وبغية مكافحة هذه الظاهرة، اقترحت أولغا فيكتوريا روبيو وهي عضو في بلدية بوغوتا الحد من بيع الأحماض في المتاجر، ولا سيما أن ثمنها المتندي قد يشكل حافزا للمعتدين. وتقول "سوف نحد من بيع الأحماض الفوسفورية والكبريتية وحمض النتريك الأكثر استعمالا في هذه الاعتداءات، علما أن البعض يلجأ إلى الوقود".