القنوات الفضائية أسهمت بصورة كبيرة في عزوف الناس الروحانيات الدورات الرياضية تزدهر خلال الشهر، الصيام طريقنا نحو التقرب لله سبحانه وتعالى.
محمود الشافعي
يختلف شهر رمضان في مصر خاصة في القاهرة مختلف عن أية عاصمة إسلامية.. فهى مدينة الألف مئذنة وبها العديد من المعالم السياحية والدينية.. فالقاهري يعيش أجواء يتمناها كل من هو خارجها، فمع ليل القاهرة الساحر، والأضواء الخلابة التي تُزين شوارعها، يلتزم المصريون بأدية العبادات أولا، قبل أن يعايشوا أجواء المدينة في الشهر الكريم من خلال تبادل الزيارات العائلية، والخروج للتنزه، أو الجلوس في المقاهي الشهيرة والاستمتاع ببرامج الخيم الرمضانية على اختلافها.
وفي نفس السياق نجد أن هناك أسرا أخرى تقضي لياليها وسط المناطق التاريخية الإسلامية، كمسجد الحسين، أو السيدة زينب، والسيدة نفيسة، ومسجد عمرو بن العاص، والاستمتاع بحضور الندوات واللقاءات الدينية لكبار الشيوخ والعلماء.
إنها عادات تتخللها حكايات في معظمها تشويق وإثارة. لكن يبقى رمضان حالة مختلفة يعيشها المصريون وتحديدا في فترة ما بعد الإفطار وحتى موعد السحور، إلا أن هناك بعض الناس يفضلون قضاء ساعات الليل داخل المنزل ووسط الأسرة، واستقبال الزوار من الأهل والأقارب أوالجيران والاستمتاع بما تبثه الفضائيات من مسلسلات وبرامج متنوعة.
ومن خلال جولة لنا في العديد من هذه الأماكن الدينية نجد أن آراء المواطنين من خلال الاستطلاع المعرفي لها:
يقول الحاج أحمد عبدالله "62 سنة" للشهر الكريم خصوصية وطقوسه المختلفة التي تتمثل في الزيارات وتبادل العزائم والاستمتاع بالجو العائلي؛ لذلك فأنا غالبًا ما أقضي ليالي الشهر الفضيل داخل المنزل مع الأسرة، نشاهد المسلسلات التليفزيونية ونتبادل النقاش والحوار .
ولم يختلف معه الحاج ربيع السيد "60 عامًا"، إذ أكد أنه يفضل البقاء في منزله للراحة واستقبال الضيوف، سواء كانوا من الأهل أو من الأصدقاء، مؤكدًا أن التليفزيون والكم الكبير والهائل من القنوات الفضائية، وما تعرضه الشاشات من دراما وبرامج متنوعة خاصة خلال رمضان أسهم بصورة كبيرة في عزوف الناس عن الخروج والتنزه، وخاصة كبار السن والسيدات.
وبالتجول في منطقة الحسين، ووسط زحام شديد من الناس، يتحدث سيد إبراهيم "35 سنة" عن الليالي الرمضانية الدينية قائلاً: لا أحد يستطيع أن يُنكر ما تحمله هذه المناطق التاريخية من روحانيات، وأجواء جميلة تمنح الراحة للنفس، بعد التخلص من عناء الصيام، كما تدفع نحو التقرب لله سبحانه وتعالى.
وبعد مدفع الإفطار وأداء صلاة المغرب، وسط الأسرة، أتجه بعدها إلى إحدى المناطق التاريخية الإسلامية التي تكون عادة ممتلئة العدد، فأقضي ساعات قليلة، مستمتعًا بروحانيات ونفحات إيمانية عطرة، وأحرص على أداء صلاة العشاء والتراويح وأحضر إحدى جلسات العلم من أحد كبار المشايخ، ثم أعود للمنزل، للجلوس مع أبنائي، وقراءة بعض آيات القرآن الكريم، حتى وقت السحور وصلاة الفجر.
الشباب وصغار السن يختلفون عن الكبار في قضائهم لليالي رمضان، حيث يقول طارق عبد الفتاح (27 عامًا): أحرص على تناول وجبة الإفطار داخل المنزل مع الأسرة قبل أن أتوجه لملاقاة الأصدقاء في إحدى المقاهي بوسط البلد لتدخين الشيشة، ثم أذهب بعد ذلك لأداء بعض الألعاب الحديثة على الكمبيوتر في أحد المحلات المخصصة لذلك. ويرى عبد الرحمن فتحي "19 سنة"أن لعب كرة القدم والمشاركة في الدورات الرياضية الليلية، من أكثر الأمور التي أحرص عليها خلال رمضان، ودائما ما أشارك الأصدقاء لعب الكرة والجلسات والسير في المتنزهات.
خاصة أن الدورات الرياضية تزدهر خلال الشهر، وكثيرًا ما يقوم الشباب بجمع مبالغ للاشتراك في تلك الدورات، ويمنح الفريق صاحب المركز الأول كأس المنطقة، وهي عادة منتشرة في مصر كل عام. وتشير هدير محمود "22 سنة" إلى أن الخيام الرمضانية المنتشرة في العديد من الفنادق من أكثر الأماكن التي تقضي خلالها ساعات الليل، حيث تقوم الخيام بتنظيم حفلات غنائية وموسيقية، بالإضافة إلى التواشيح الدينية والعادات الرمضانية الجميلة.
وهناك فئة اعتادت السفر في رمضان، خارج مناطقهم السكنية التي يقطنونها إلى مناطق أخرى، سيّما الساحلية، وخاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة، وحالة الازدحام الشديد داخل العاصمة، وهو ما تؤكده مها نور الدين "30 سنة"، مُشيرة إلى أنها تحرص على قضاء شهر رمضان بمدينة الإسكندرية، للاستمتاع بجو البحر وما يحمله من هدوء، فضلا عن الابتعاد عن الضوضاء، والزحام والحرارة، التي تعيشها القاهرة حاليًا. ويؤكد حسن عبد العظيم "32 سنة" أنه يحرص على قضاء شهر رمضان بمسقط رأسه بمحافظة المنيا، وهي إحدى محافظات صعيد مصر، حيث الذكريات الجميلة والجو الهادئ والأصدقاء القدامى وبعض الأهل والأقارب.