نشرت صحيفة الجارديان مقالا اوردت فيه ان مصر شهدت يوم الجمعة المزيد من المظاهرات الحاشدة مرة أخرى التي من شأنها أن تؤكد من جديد انقسامات عميقة وخطيرة. وقال الجيش انه سيتم نشر قوات النخبة للتعامل مع العنف ومثيري الشغب المسلحين. مع النقاش بين بعض أنصار مرسي ، دعونا نأمل ان يمارس الجنود أقصى درجات ضبط النفس لتجنب تكرار الأحداث الدامية خارج مجمع الحرس الجمهوري في مصر الجديدة يوم الاثنين.
بعزل مرسي، دخلت مصر فترة انتقالية ثانية. الهدف الذي استعصى عليها منذ سقوط مبارك، و لا يزال الحكم الديمقراطي الحقيقي أملا بعيد المنال. الأشباح التي اعاقت انتقالها الأول (اعتبارا من فبراير 2011 إلى يونيو 2013) لم تذهب بعيدا. و يفاقم الازمة الان شبح جديد: تجدد العنف الإسلامي.
و الأسوأ لجماعة الإخوان المسلمين، الخطاب الجهادي والعنف الذي ادي إلى دعوات متزايدة أن المنظمة إرهابية و يجب حلها. إنه من الصعب أن نتصور كيف يمكن لمصر إعادة إدماج الاخوان المسلمون في العملية السياسية – و هذا دون شك واحدا من أصعب التحديات التي تواجه البلد في الوقت الراهن.
و قد اعتقلت الشرطة العديد من قادتها بتهمة التحريض على العنف. وهناك آخرون هاربين. قد رفضت جماعة الإخوان المسلمين عروض ليتم تضمينها في الإدارة المؤقتة الجديدة. و قد كانت إحدى النتائج الهامة لموجة الاضطرابات الثانية في مصر التركيز الشديد على مسألة التوافق بين القيم الإسلامية والديمقراطية .
أصبح من الواضح جدا للجميع أن الديمقراطية بالنسبة لجماعة الاخوان لا تعني شيئا أكثر من صناديق الاقتراع، و ان الفائز يحصل على كل شيء. هذا هو سبب فشلهم في بناء الجسور مع المعارضة وخلق توافق في الآراء - الطريقة الوحيدة لادارة مجتمع منقسم مثل مصر.
و يواجه الاخوان خيارين: إما البحث عن الذات، أو الاستمرار في إلقاء اللوم على المؤامرات الخارجية و "الغرب الصليبي". يمكن للخيار الاول تمهيد الطريق أمام التسوية وتقاسم السلطة، بينما يؤدي الثاني إلى الموت البطيء والمؤلم. وأضافت الصحيفة أن جماعة الإخوان المسلمين أتقنت فن ازدواجية الخطاب، حيث تخاطب الغرب بلغة الديمقراطية وحقوق الإنسان، بينما تخاطب الجماهير من الفقراء بلغة الجهاد والكراهية لإشعال حماستهم. و لكن يجب أن تغير من أسلوبها إذا ما أرادت أن يصدق الشعب مجاهرتها باحترام القيم الديمقراطية، و لكننا لا نعتقد أن الجماعة على وشك القيام بذلك في الوقت الحالي.
يجب علي مصر الا تتسرع في تحولها مرة أخرى. تسبب التسرع خلال الفترة الانتقالية الأولى في اغراق البلاد في سلسلة من الأزمات التي لا تنتهي وبلغت ذروتها في أحدث الاضطرابات. قبل الاندفاع إلى صناديق الاقتراع، مصر في حاجة ماسة إلى الحقيقة الخاصة بها وعملية المصالحة. وقد عززت الخلافات الايديولوجية الكراهية الشخصية التي كثيرا ما أدت إلى العنف. بمرارة شديدة جدا، من الصعب أن نتصور كيف يمكن لمصر رأب الصدع بها دون نيلسون مانديلا أو حركة شعبية غير عنيفة ملتزمة بهذا الهدف. اذا ما تحقق ذلك، فإنه سيكون انتصارا للثقافة الديمقراطية على الغرائز الاستبدادية المتأصلة بعمق بين الطبقة السياسية.