انتقد الناشط القبطى "شريف رمزى" تناول البعض ثورة 30 يونيو بوصفها موجة غضب جديدة من موجات ثورة يناير، مُعتبراً ذلك تعمُد للحط من قدرها الذى فاق كل التصورات. وقال "رمزى": "صحيح أن ثورة يناير أسقطت جدار الخوف من قلوب المصريين، وفتحت الباب أمام التغيير، لكن الواقع أن التغيير لم يتحقق إبان ثورة يناير أو بعدها، بل إن الأوضاع السياسية والاقتصادية تدهورت وازدادت سوءاً عما كانت عليه قبل اندلاع ثورة يناير، وتمكن فصيل واحد من اعتلاء السُلطة وحاول فرض أجندته الخاصة بالهيمنة والاستحواذ وقمع المُعارضين فى استنساخ جديد للنظام السابق".
واعتبر "رمزى" أن أى مُقارنة بين خروج المصريين فى يناير وخروجهم مُجدداً فى 30 يونيو لن تكون عادلة، وآضاف: "فى 25 يناير خرج المصريين من أجل مطالب مُحددة ارتفع سقفها على غير المتوقع إلى حد المُطالبة بإسقاط النظام بسبب سخونة الأحداث وسقوط شُهداء، وأيضاً بسبب وجود جماعة طموحة شاركت بحشد آنصارها فى الميدان وعينها على السُلطة، فى حين أن الدعوى ل 30 يونيو كانت دعوى صريحة للتمرد على حُكم الإخوان وإسقاط النظام".
وتابع: "وتظل المُقارنة غير عادلة حين نتحدث عن الأعداد والحشود التى انتفضت فى يناير ثم فى يونيو، ومعلوم للكافة أن ميدان التحرير كان الوجهة الرئيسية لثوار يناير، وكانت الأعداد بمئات الآلاف وبحسب الكثيرين كان لفظ "مليونية" مجازاً يُقصد به الإشارة لكثافة الحشود المُشاركة فى التظاهُرات، لكن فى 30 يونيو أصبح لفظ مليونية غير مُعبر وغير دقيق ليوصف به ذلك الطوفان البشرى الهادر الذى غمر وجه الأرض وغطى كل ميادين وشوارع العاصمة، وهكذا فى كل أقاليم صعيد مصر ودلتاها".
وأكمل "رمزى": "والمقارنة تكون غير عادلة أيضاً عند الحديث عن آطياف وفئات الشعب التى شاركت فى كلا الانتفاضتين.. فالأولى (25 يناير) شهدت إقبالاً من فئة الشباب الثائر والمُتحمس والمُتطلع إلى مُستقبل أفضل لوطنه، ثم انضم إليهم الشباب المُنتمى للتيارات الإسلامية وفى مقدمتهم الإخوان والذين شكلوا كتلة ضخمة داخل الميدان ظهر دورها التنظيمي فى الاشتباكات المعروفة بأسم "موقعة الجمل"، وشهدت أيضاً عزوفاً من فئات كثيرة لم تتحمس للمُشاركة إما رغبة فى الاستقرار أو تعاطفاً مع النظام أو بسبب المخاوف من وصول تيارات الإسلام السياسي للسُلطة.. أما الثانية (30 يونيو) فشملت كل آطياف الشعب المصرى على اختلاف مِللهم ونِحلهم، بما فى ذلك "حزب الكنبة"، ولا يُمكن القول أن ثمة عزوف عن المُشاركة لأياً من فئات الشعب عدا ذلك التيار الذى أعلن ولاءه صراحة للنظام وخرج يُعلن تأييده للمخلوع، وقد ظهر حجم أولئك الأنصار والتابعين بوضوح وثبت أنهم آقلية عددية وفكرية لا تُعبر عن الشعب المصرى".
وتابع "رمزى": "وتبقى المُقارنة غير عادلة عند تقييم النتائج المترتبة على خروج المصريين فى 25 يناير ثم خروجهم فى 30 يونيو.. فالأولى (25 يناير) أتت بمجلس عسكرى إلى سُدة الحُكم لا عهد لقياداته بالسياسة فارتكبوا حماقات كادت أن تعصف بالعلاقة الأزلية بين الشعب وقواته المُسلحة، وتلطخت مدرعاته بدماء الأبرياء من أبناء الشعب المصرى فى ساحة ماسبيرو وفى شارعى محمد محمود وقصر العينى"، وسرعان ما أحكم الإخوان قبضتهم على السُلطة عبر عملية سياسية لا يمكن أن توصف بالنزاهة، وفى مناخ سياسى غير مُستقر لا تحكمه أى قواعد ديمقراطية فى ظل حالة غير مسبوقة من الاستقطاب الديني والمذهبى المقيت.. أما الثانية (30 يونيو) فأتت برئيس المحكمة الدستورية العليا رئيساً مؤقتاً لمصر، ضمن خارطة طريق آجمع عليها ممثلى كل التيارات السياسية والأزهر والكنيسة، تشمل دستور جديد يُعبر عن الروح المصرية ويُرسخ للمساواة والعدالة الاجتماعية، وانتخابات رئاسية وبرلمانية فى إطار من المُنافسة الشريفة بعيداً عن الاستقطاب ودعاوى الفُرقة ونبذ الآخر".
واختتم "رمزى": "بعد هذا الاستعراض لأوجه الشبه والاختلاف بين "25 يناير" و "30 يونيو"، هل يُعقل أو يُقبل أن يرى البعض فى خروج المصريين الأخير مُجرد موجة ثانية تابعة لثورة يناير؟!.. المنطق يقول أن 25 يناير مهدت الطريق لثورة شعبية حقيقية شاملة وجامعة لكل المصريين، تلك هى ثورة 30 يونيو التى يُحاول بعض المُتحزلقين الذين لم يكن لهم دوراً فيها أن يسفهوها ويُحطوا من شأنها بأن يُصنفوها كتابع لسابقتها.. وقطعاً لن يُفلحوا".